أثار إطلاق النار المتكرّر على قوات الأممالمتحدة العاملة في جنوبلبنان ردود فعل قوية مندّدة، ما دفع إسرائيل الى الإعلان أنها تجري "مراجعة شاملة" للمسألة، في وقت طالب رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي الأممالمتحدة بالعمل على "وقف فوري لإطلاق النار" في بلده. ويأتي ذلك بعد ثلاثة أسابيع من دخول إسرائيل وحزب الله في حرب مفتوحة، وغداة غارتين عنيفتين طالتا وسط بيروت واستهدفتا رئيس الجهاز الأمني في الحزب وفيق صفا. وأكدت قوة الأممالمتحدة الموقتة في جنوبلبنان (يونيفيل) الجمعة إصابة اثنين من عناصرها من الكتيبة السيرلانكية في انفجارين قرب نقطة مراقبة حدودية، في حادث هو الثاني من نوع خلال يومين، محذّرة من أن قواتها تواجه "خطرا شديدا". وكانت اليونيفيل أعلنت الخميس إصابة جنديين إندونيسيين من القبعات الزرق بجروح بإطلاق نار إسرائيلي على مقر اليونيفيل في جنوبلبنان، مشيرة الى إطلاق نار قبل ذلك على موقع آخر لهذه القوات وعلى كاميرات مراقبة تابعة لها. وأعلن الجيش الإسرائيلي الجمعة إجراء "مراجعة شاملة" بشأن إطلاق النار على اليونيفيل، معبرا عن "قلقه" إزاء ما حصل. وأكّد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الجمعة أنّ على إسرائيل عدم تكرار إطلاق النار على قوة اليونيفيل في جنوبلبنان، مشدّدا أن ذلك "غير مقبول". واستدعت فرنسا الجمعة سفير إسرائيل في باريس، وقالت وزارة خارجيتها إن "هذه الهجمات تشكل انتهاكات خطيرة للقانون الدولي وينبغي أن تتوقف فورا"، مضيفة "على السلطات الإسرائيلية ان تقدم تفسيرا". ورأى وزير الدفاع الإيطالي غويدو كروسيتو الخميس أنّ "الأعمال العدائية المتكررة التي ترتكبها القوات الإسرائيلية ضد مقر اليونيفيل يمكن أن ترقى إلى جرائم حرب وتمثّل بالتأكيد انتهاكات خطرة للغاية لقواعد القانون الإنساني الدولي". ورأت وزارة الخارجية الإسبانية أن إطلاق النار "انتهاك خطر للقانون الدولي"، مطالبة الدولة العبرية "بضمان" أمن القبعات الزرق. وتعتزم باريس وروما عقد اجتماع للدول الأوروبية الأربع المساهمة في اليونيفيل، وهي فرنسا وإيطاليا وإسبانيا وإيرلندا، وفق ما أفادت وزارة الجيوش الفرنسية الخميس. وندّد ميقاتي بإطلاق النار الإسرائيلي على اليونيفيل، ووصفها بأنها "جريمة". كما أعلن الجيش اللبناني بعد ظهر الجمعة مقتل جنديين منه في استهداف إسرائيلي لأحد مواقعه في جنوبلبنان. وقف للنار وقال ميقاتي بعد اجتماع حكومته اليوم إن مجلس الوزراء قرّر "الطلب من وزارة الخارجية تقديم طلب الى مجلس الأمن الدولي ندعوه فيه لاتخاذ قرار لوقف تام وفوري لإطلاق النار". وشدّد على "التزام الحكومة اللبنانية تنفيذ القرار 1701 الصادر عن مجلس الأمن... لا سيما بشقّه المتعلق بنشر الجيش في جنوبلبنان وتعزيز حضوره على الحدود اللبنانية"، مشيرا الى "موافقة" حزب الله على ذلك. وأرسى القرار 1701 وقفا للأعمال الحربية بين إسرائيل وحزب الله بعد حرب مدمّرة خاضاها صيف 2006. وينصّ القرار كذلك على انسحاب إسرائيل الكامل من لبنان، وتعزيز انتشار قوة اليونيفيل في جنوبلبنان وحصر الوجود العسكري في المنطقة الحدودية بالجيش اللبناني والقوات الدولية. وأفاد مصدر حكومي لبناني وكالة فرانس برس الأربعاء أن حزب الله أبلغ السلطات اللبنانية موافقته على وقف لإطلاق النار مع إسرائيل في اليوم الذي قتل فيه زعيمه حسن نصرالله بغارات إسرائيلية في 27 سبتمبر. وكان الحزب المدعوم من إيران يربط منذ سنة موافقته على وقف إطلاق نار مع إسرائيل بوقف إطلاق النار في قطاع غزة حيث تتواصل الحرب المدمّرة بين حركة حماس وإسرائيل. وأفاد مصدر مقرّب من حزب الله وكالة فرانس برس الجمعة بأنّ الغارتين اللتين نفّذتهما إسرائيل على بيروت مساء الخميس، استهدفتا رئيس الجهاز الأمني في الحزب وفيق صفا. وقال المصدر الذي فضل عدم الكشف عن هويته إنّ "استهداف وفيق صفا يعني الدخول في مرحلة جديدة من استهداف سياسيين" في الحزب. وتسبّبت الغارتان الجويتان الإسرائيليتان أمس على البسطة والنويري، وهما حيّان سكنيان مكتظّان في بيروت، بمقتل 22 شخصا وإصابة 117 آخرين بجروح، بحسب وزارة الصحة. ولم تعلّق إسرائيل وحزب الله على مصير صفا الذي يتمتع بنفوذ كبير في لبنان ويرأس "وحدة الاتصال والتنسيق" في الحزب. في الصباح، كان سكان البسطة يتفقّدون الأضرار في منطقتهم، فيما الدموع تغطّي بعض الوجوه. وقال بلال عثمان الذي كان واقفا وسط الركام، "عائلات كثيرة تعيش هنا". وتساءل "لماذا استهدفوا" المنطقة؟، مضيفا "هل يريدون أن يقولوا لنا إنّه لم يعد هناك مكان آمن في البلاد؟". ومنذ 23 سبتمبر، كثّفت إسرائيل ضرباتها على معاقل حزب الله وبنيته العسكرية والقيادية، وقتلت الأمين العام للحزب حسن نصرالله في ضربة جوية ضخمة في الضاحية الجنوبية في 27 سبتمبر. نزوح ميدانيا، أعلن حزب الله الخميس أنه استهدف بالمسيرات قاعدة عسكرية في حيفا في شمال إسرائيل. وأفادت خدمة الطوارئ الإسرائيلية عن مقتل عامل مزرعة تايلاندي بصاروخ مضاد للدروع في شمال إسرائيل، بينما أعلن الجيش إصابة مدنيَين بجروح. وأعلن المتحدث باسم الجيش أفيخاي أدرعي "مهاجمة وتصفية قائد في وحدة الصواريخ المضادة للدروع التابعة لقوة الرضوان" في حزب الله في منطقة ميس الجبل في جنوب البلاد. ومنذ بدء التصعيد الحدودي في أكتوبر 2023، قُتل أكثر من ألفي شخص في لبنان، من بينهم نحو 1200 منذ تكثيف القصف الإسرائيلي في 23 سبتمبر، بحسب تعداد لوكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية. وسجلت الأممالمتحدة حوالى من 700 ألف نازح داخل لبنان، مع فرار حوالى 400 ألف شخص، معظمهم سوريون، إلى سوريا. وحذّرت المنظمة الدولية للهجرة الجمعة بأنّ "لبنان بحاجة إلى المزيد من الدعم" في مواجهة هذا النزوح "الكارثي". الموت مستمر في غزة في قطاع غزة، أفاد المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل عن مقتل 140 شخصا على الأقل منذ نهاية الأسبوع الماضي، بعدما أعلن الجيش الإسرائيلي بدء عمليات جديدة في أجزاء من شمال القطاع حيث تقوم حماس، وفق قوله، بإعادة بناء قدراتها. ويحاصر الجيش جباليا. وأعلنت الأممالمتحدة أنّ "400 ألف شخص على الأقل محاصرون" في المنطقة. وحذّرت منظمة اليونيسيف الجمعة من أنّ حملة التطعيم الجديدة ضد شلل الأطفال في غزة، حيث تمّ الإبلاغ عن حالة واحدة في آب/أغسطس، معرّضة للتعقيد بسبب القتال المتجّدد. وأعلن الهلال الأحمر الفلسطيني الخميس أن ضربة إسرائيلية على مدرسة رفيدة في دير البلح في وسط القطاع أسفرت عن مقتل 28 شخصا على الأقل وإصابة 54 آخرين بجروح. وقال الجيش الإسرائيلي إنه نفذ ضربة جوية "دقيقة" على "إرهابيين (...) في مركز قيادة (...) في مبانٍ كانت تستخدم سابقا" مدرسة. كما أعلن الجيش الجمعة أنه قتل قائد حركة الجهاد الإسلامي في مخيم نور شمس للاجئين الفلسطينيين في طولكرم في الضفة الغربية، ومقاتلا فلسطينيا آخر. وتشهد الضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل منذ العام 1967 تصاعدا في وتيرة العنف منذ أكثر من عام. واندلعت الحرب في قطاع غزة إثر هجوم لحركة حماس على جنوب إسرائيل في السابع من أكتوبر 2023 أسفر عن مقتل 1206 أشخاص غالبيتهم من المدنيين، بحسب إحصاء لوكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام إسرائيلية رسمية تشمل الرهائن الذين ماتوا أو قتلوا في الأسر في غزة. وقُتل في الردّ الإسرائيلي في قطاع غزة ما لا يقل عن 42126 فلسطينيا، معظمهم من النساء والأطفال، وفق أحدث بيانات وزارة الصحة التي تديرها حماس. وتعتبر الأممالمتحدة هذه الأرقام موثوقة.