أثار موقف حكيم زياش، لاعب المنتخب المغربي الأول لكرة القدم، حول ما يجري في الأراضي الفلسطينية وحول "مسؤولية" بعض الدول والحكومات، منها المغرب، في "دعم الإبادة الجماعية" ردود فعل متباينة على مواقع التواصل الاجتماعي؛ بين من عبر عن تأييده لهذا الموقف معتبرا أن دعم المشاهير لقضية الشعب الفلسطيني يسهم في تسليط الأضواء على المعاناة التي يعيشها هذا الشعب ويخدم إشعاع قضيته على المستوى الدولي، وبين رافض لاتهام الرباط بدعم العمليات الإسرائيلية في فلسطين، خاصة مع استغلال جهات معادية لهذا الموقف من أجل شيطنة المغرب وتزكية أطروحة تورطه "في دعم الاحتلال". ونشر لاعب نادي غلطة سراي التركي، عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي "إنستغرام"، مقطع فيديو يوثق لجنود في جيش الدفاع الإسرائيلي وهم يُنكلون ويركلون جثثا لفلسطينيين من سطح بناية في بلدة قباطية في الضفة الغربية، مرفوقا بتعليق: "لتكن الأمور واضحة، تبا لإسرائيل ولكل دولة تدعم هذا الأمر"، قبل أن يعود في منشور ثان ليضيف :"منشوري الأخير، موجه أيضا إلى حكومة بلدي (المغرب) التي تدعم الإبادة الجماعية وكل البلدان الأخرى التي تدعم ذلك.. عيب عليكم، كفى"، قبل أن يستدرك زياش الأمر ويقوم بعد ذلك بحذف منشوره المثير للجدل. حرية رأي وتعبير تفاعلا مع هذا الموضوع، قال سعيد بركنان، إعلامي ومحلل سياسي، ضمن تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، إن "منشور زياش تم إخراجه من سياقه الخاص الذي يخص اللاعب وتم تركيبه في سياقات تركت قائد المنتخب الوطني لكرة القدم وأحد صناع المجد الكروي للمغرب بكأس العالم قطر 2022 في مرمى الانتقادات". وأضاف بركنان أن "السياق الأول سياق رياضي داخلي برز فيه مؤخرا نوع من الانتقادات لقائد الفريق وصلت درجة أنه لم يعد له ما يضيفه للمنتخب المغربي رياضيا، حيث وجد أصحاب هذه الانتقادات في تدوينة زياش الفرصة المناسبة لإلباسها اللباس السياسي، إذ لم تضع هذه الانتقادات في الاعتبار أن الأساس في التعبير عن المواقف هو الحرية أولا؛ كما لم تضع في الاعتبار أن ما صرح به زياش صرح به العديد من الشخصيات العامة والمعروفة داخل المغرب، كما يصرح به العديد من المواطنين المغاربة علانية". وأوضح المتحدث أن "منتقدي لاعب المنتخب الوطني لم يضعوا أيضا في الاعتبار ما كتبه قبل تدوينته التي انتقد فيها الحكومة، وهي لقطة ركل جنود إسرائيليين لجثث فلسطينيين وإسقاطهم من فوق سطح عمارة؛ وهو تصرف أغاظ إنسانية العالم وفتحت إسرائيل نفسها تحقيقا في حق للجنود الذين قاموا بهذا التصرف"، معتبرا أن "السياق الأول هذا اختلط عليه الرياضي بالسياسي وسلب زياش حق التعبير عن موقفه مما يقع في فلسطين والذي يرى فيه أن حكومة المغرب تساهم فيه؛ ولو بصمتها عن الانتهاكات". أما السياق الثاني، سجل المصرح ذاته، فهو "سياق خارجي كون تدوينة زياش كانت مادة دسمة لمواقع جزائرية تتصيد للمغرب كل ما يسيء إلى سمعته واستغلالها في البروباغاندا التي تصرف عليها ملايين الدولارات للنيل من السيادة الرقمية للمغرب، بعد أن فشلت في النيل من سيادته الجغرافية ووحدة ترابه الوطني". ولفت الإعلامي والمحلل السياسي إلى أن "الأخذ بهذا الاعتبار يضع مسألة التعبير عن المواقف من السياسات العمومية وسياسة الحكومة محطة تساؤل، خاصة من طرف الشخصيات العامة والمشهورة؛ ذلك أن استغلال الإعلام الجزائري لهذه التدوينة ليس لأنها صادرة عن حكيم زياش اللاعب المشهور وإنما لكونها تدخل في باب المادة الإعلامية التي تحاول أن تسيء بها إلى المغرب، كما كان استغلال أحداث الهجرة الجماعية في الفنيدق مؤخرا واستغلال أي تصريح ينتقد موقف المغرب مما يقع في فلسطين أو مواقف مناهضي التطبيع المغاربة الذين يتظاهرون كل مرة من أجل ذلك". وشدد المحلل السياسي ذاته أن "زياش من حقه التعبير عن رأيه؛ غير أن ما جرى هو تحميل موقفه لتراكمات الانتقادات الرياضية للاعب نفسه في السياق الداخلي للمغرب، وتحميلها أيضا لتراكمات الإرث العدائي الذي تمارسه بروباغندا النظام العسكري الجزائري تجاه المملكة المغربية". نقص في التكوين في سياق مماثل، أوضح البراق شادي عبد السلام، خبير دولي في إدارة الأزمات وتدبير المخاطر وتحليل الصراع، أن "حكيم زياش، من خلال موقفه الذي عبر عنه في لحظة انفعال أو تأثير من الوسط القريب له، يبرهن أنه هو ضحية عمى إيديولوجي نتيجة افتقاره إلى تكوين أكاديمي وعلمي يمكنه من الفهم العميق لطبيعة التحديات التي تخوضها المملكة المغربية في إدارة علاقاتها الخارجية بعيدا عن منطق الوصاية". في المقابل، سجل المصرح لهسبريس أن "من حق اللاعب أن يعبر عن رأيه بكل حرية واستقلالية؛ لكن مع واجب احترام الدولة المغربية واختياراتها الإستراتيجية.. وبالتالي الموقف الذي عبر عنه في سطوري "أنستغرام" هو موقف خاطئ وغير موفق، ولا يتناسب مع الدور الذي يلعبه كرياضي مؤثر في اختيارات جزء من الشباب في المجتمع ومن خلال موقعه كلاعب للمنتخب المغربي شارك باقتدار في كتابة التاريخ الرياضي بمداد من الذهب أثناء مونديال قطر 2022′′. وأشار الخبير الدولي ذاته إلى أن "التلميح إلى مسؤولة المغرب في دعم الجرائم التي ترتكبها إسرائيل في حق الفلسطينيين يخدم أجندة أعداء المملكة الذي يدفعون بهذا الطرح؛ على الرغم من وضوح المواقف الرسمية المغربية في هذا الصدد، والتي عبرت عنها القيادة المغربية أكثر ما من مرة على لسان الملك محمد السادس الذي دعا إلى الحزم والتحلي بالمسؤولية في مواجهة كل أشكال الاعتداءات الإسرائيلية.. وبالتالي، فإن الأمر ينطوي على نوع من المزايدة على مواقف الرباط التي تحظى بالإشادة من طرف الفلسطينيين أنفسهم". وتابع بأن "موقف اللاعب المغربي يضرب بعرض الحائط مجهودات الدولة المغربية في دعم نضالات الشعب الفلسطيني من أجل إقامته دولته"، لافتا إلى أن "سهام النقد كان الأحرى توجيهها أولا إلى تركيا التي يحترف بأحد نواديها الكروية، وتربطها علاقات تجارية كبيرة مع إسرائيل، أو هولندا التي تدافع بشراسة عن السياسات الإسرائيلية في فلسطين وتتهمها العديد من المنظمات بتزويد الجيش الإسرائيلي بقطع غيار لطائراتها من طراز "إف 35′′، وفي عز الحرب". وخلص الخبير عينه إلى أن "حرية الرأي والتعبير مكفولة لكل مواطن مغربي بموجب الوثيقة الدستورية، ومن حق أي كان إبداء موقفه تجاه سياسات البلد؛ لكن مع احترام التوجهات الاستراتيجية للمغرب ومع ضرورة الإلمام بطبيعة أي صراع والعوامل الجيو-سياسية المحيطة به قبل الإقدام على اتخاذ أي موقف مماثل، والسماح للمتربصين بالوطن للنيل منه وتجييش المشاعر ضده".