في أول تفاعل مع القرار رقم 243/24 م.د في ملف عدد 285/24، الذي تضمّن وجهة نظر المحكمة الدستورية في مقتضيات النظام الداخلي لمجلس النواب، قال راشيد الطالبي العلمي، رئيس الغرفة الأولى من المؤسسة التشريعية، إن "القرار المتعلق بعدم مطابقة استدعاء الخواص للدستور كان متوقعا"، مضيفا أن "المجموعة النيابية للعدالة والتنمية تمسكت باستدعاء الشركات للبرلمان لمساءلتها، وهو الذي كان موضوع نقاشات طويلة بأن الأمر يتنافى مع وثيقة 2011". وأورد الطالبي العلمي، في تصريح لهسبريس، أن "العلاقة بين السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية هي علاقة بين السلطتين، ولا يمكن أن نسمح بدخول منطق البيع والشراء إلى القبة أو إلى العمل البرلماني بدعوى استدعاء المقاولات"، معتبرا أن "قرار القضاء الدستوري واضح وقد حسم هذا النقاش، والقرار الذي صدر غير قابل للطعن، لأنه ملزم بالنسبة لنا جميعا، فهو شدد على حذف هذه الفقرة المتعلقة باستدعاء الخواص". وتفاعلا مع سؤال بخصوص أن قرار "الدستورية" أدخل عمليا النظام الداخلي في مرحلة سريان المفعول خلال العطلة البرلمانية في انتظار صدوره في الجريدة الرسمية، لفت رئيس مجلس النواب إلى أنه "رغم ذلك يعتبر ساري المفعول منذ اليوم الذي أصدرت فيه المحكمة القرار"، منبها إلى أنه "لو حدث أي نقاش حاليا، ولو في فترة العطلة بين الدورتين، فستجتمع اللجان وفق هذه المقتضيات الجديدة". المحكمة الدستورية بعد اطلاعها على النظام الداخلي لمجلس النواب، المحال إليها رفقة كتاب رئيس المجلس والمسجل بأمانتها العامة في 16 يوليوز 2024، عملا بأحكام الفصلين 69 (الفقرة الأولى) و132 (الفقرة الثانية) من الدستور والمادة 22 (الفقرة الأولى) من القانون التنظيمي المتعلق بالمحكمة الدستورية، للبت في مطابقته للدستور، قضت بأن "المقتضى الأخير من المادة 130 فيما نص عليه من إمكانية الاستماع إلى آراء "... أو فاعلين من القطاع الخاص" غير مطابق للدستور". وأضافت المحكمة سالفة الذكر أنها "تصرح بفصل المقتضى الأخير الذي ورد فيه "أو فاعلين من القطاع الخاص" المصرح بعدم مطابقته للدستور عن باقي مقتضيات المادة 130، ويجوز بالتالي العمل بالنظام الداخلي لمجلس النواب بعد حذف المقتضى المذكور"، آمرة "بتبليغ نسخة من قرارها هذا إلى السيد رئيس مجلس النواب، وبنشره في الجريدة الرسمية". وعدت الجهة القضائية العليا المخول لها البت في ملاءمة النصوص للوثيقة الدستورية أن المادة 130 المستحدثة تتضمن مقتضيات غير مخالفة للدستور ومقتضى غير مطابق له، موضحة: مقتضيات المادة المعروضة تنص على أنه "يمكن للجان الدائمة بمبادرة من مكاتبها وضمن الاختصاصات الموكولة لها أن تطلب الاستماع إلى آراء خبراء أو ممثلين عن منظمات أو هيئات أو فاعلين من القطاع الخاص". وفيما يتعلق بمقتضيات المادة التي تنص على أنه: "يمكن للجان الدائمة، بمبادرة من مكاتبها وضمن الاختصاصات الموكولة إليها، أن تطلب الاستماع إلى آراء خبراء أو ممثلين عن منظمات أو هيئات"، ليس فيها ما يخالف الدستور شريطة، من جهة أولى، ألا يشمل طلب الاستماع إلى آراء ممثلي الهيئات المنصوص عليها في الفصول من 161 إلى 170 من الدستور، إلا في إطار القوانين المنظمة لها، لما تتمتع به من استقلالية. ومن جهة ثانية، "ألا تعقد اللجان الدائمة جلسة الاستماع المنصوص عليها في هذه المادة إلا بعد عرض طلب مكتب اللجنة المعنية على مكتب مجلس النواب الذي يعود إليه البت فيه قبل إحالته على الجهة المقصودة بالطلب". ومن جهة ثالثة، أن "تظل الاستجابة لطلب الاستماع رهينة بالموافقة المسبقة للمعنيين بالأمر". ومن جهة رابعة، أن "تكون آراء الخبراء وممثلي المنظمات أو الهيئات على سبيل الاستئناس والاستفادة مما اكتسبوه من تجربة، ليس إلا". ثم، ومن جهة خامسة، أن "يتقيد أعضاء اللجان الدائمة بالحياد والموضوعية والنزاهة وألا يستعملوا المعلومات التي يحصلون عليها أثناء جلسة الاستماع هاته إلا فيما يتصل بأداء مهامهم النيابية، طبقا لما هو منصوص عليه في المادة 393 من هذا النظام الداخلي والقوانين ذات الصلة". وعودة إلى المقتضى المخالف للدستور، المتعلق ب"... أو فاعلين من القطاع الخاص"، فقد قال قضاة المحكمة الدستورية إن "العلاقات بين مختلف السلط منظمة بموجب فصول الدستور، وأن اللجان الدائمة لمجلسي البرلمان لا تمارس اختصاصاتها إلا في نطاق أحكام الدستور والقوانين التنظيمية، كما هو الأمر عليه في الفصل 102 منه، الذي حصر طلب استماع هذه اللجان إلى مسؤولي الإدارات والمؤسسات والمقاولات العمومية، وذلك بحضور الوزراء المعنيين، وتحت مسؤوليتهم". وتابع القرار الذي اطلعت عليه هسبريس: "وحيث إنه لا يوجد في أحكام الدستور ولا في القوانين التنظيمية ذات الصلة باللجان البرلمانية الدائمة ما ينظم علاقة هذه الأخيرة بالقطاع الخاص، إلا في حدود ما خوله الدستور للبرلمان من صلاحيات، وأن هذا القطاع لا يندرج ضمن فئة الخبراء أو المنظمات أو الهيئات التي لا يمكن للجان البرلمانية الدائمة الاستماع إلى آرائهم إلا وفق الشروط المذكورة أعلاه، كما أنه لم يرد فيها ما يخول لهذه اللجان الدائمة حق طلب الاستماع إلى آراء الفاعلين من هذا القطاع". وجاء في القرار: "وحيث إن توسيع نطاق الاستماع إلى آراء ليشمل "فاعلين من القطاع الخاص" يمثل في حد ذاته وسيلة جديدة لا سند لها في الدستور، مما يكون معه ما نص عليه هذا المقتضى الأخير من هذه المادة من إمكانية الاستماع إلى آراء فاعلين من القطاع الخاص غير مطابق للدستور".