مستمرة في "إرهاق توازنات السياسة النقدية" للمملكة لم تغب "إشكالية تداول النقد" (الكاش) في المغرب عن اهتمام وشغْل بال والي بنك المغرب، الذي عاد إليها مجددا في معرض تعليقه على مرور عيد الأضحى قبل أيام في "ظروف جيدة"، بحسبه. وقال الجواهري: "عله أوّل عيد يمرّ بالمغرب دون أن تُسجّل لدينا أيّ إشكاليات أو شكاوى بخصوص السيولة النقدية في شبابيك السحب بمختلف الوكالات البنكية"، قبل أن يبعث "رسائل إشادة وتنويه" ب"مجهودات الأبناك التي عملت على ضمان هذه النتيجة"، مؤكدا أن بنك المغرب "لم يتوصّل بأي احتجاج أو شكايات خلال فترة العيد". "لو كانت التعاملات رقميًا لتفاديْنا مجموعة من الصعوبات والمشاكل"، يورد المسؤول ذاته، عادّاً هذه المسائل من أبرز ما يواجه عمل اللجنة المشكَّلة لتدارس هذه الإشكالية بهدف "ضبط المعطيات المتعلقة بالتعاملات المالية التي لا تتوفر بشكل دقيق دوماً في ظل القطاع غير المهيكل". الجواهري بسَط، خلال لقائه الصحافي مساء الثلاثاء، بعد اجتماع هو الثاني لمجلس البنك المركزي هذه السنة، معطيات ومؤشرات "مازالت مقلقة" عن هيمنة التعامل بالنقود بين المغاربة، خصوصا خلال رواج موسمي مناسباتي، قبل أن يدعو إلى ضرورة "ترجيح التعاملات المالية الرقمية، خصوصا التجارية"، لافتا إلى "أهمية التربية والثقافة المالية". "جزء من الحل" مجيباً عن سؤال طرحتْه جريدة هسبريس الإلكترونية، خلال اللقاء الصحافي ذاته، أكد المسؤول المالي الأول أن "الدرهم الإلكتروني، الذي بدأ العمل عليه عبر لجنة مختصة منذ ما يزيد عن السنة، قد يمثل أبرز الحلول لأزمة سيولة نقدية متفاقمة بين المغاربة"، موضحا أنه "مشروعٌ ممتد في الزمن، والأجْرأة على المدييْن المتوسط والبعيد... والبنك المركزي يعمل عليه". ولفت المتحدث ذاته إلى أن "النقاش داخل بنك المغرب واللجنة مُنصبٌ على الكيفية والهدف المتوخّى من طرح هذه العملة: هل هو محاربة تداول 'الكاش' أو الشمول المالي أو غيره...". "بنك المغرب شرع في تجربة داخلية، تم عرضها من الناحية التقنية، متعلقة بالتعامل ب'الدرهم الإلكتروني'"، يكشف الوالي مستجدات هذا المشروع الواعد، مشددا على أن "الأصعب مرتبط بما هو قادم في علاقة مباشرة بالجوانب القانونية والتنظيمية، وانعكاساتها على السياسة النقدية"، وفق تقديره. "تجاوزنا أكثر من 430 مليارا من التعاملات التي تتم نقداً"، يقول الجواهري، معتبرا أن "نسبة تمثيلية هذا التعامل إلى الناتج الداخلي الخام تكشف أنه يمثل نحو 30%"، وهي بحسبه "مِن بين النسب الأعلى في العالم"؛ كما تجدد على لسانه معطى كشف عنه في مارس الماضي، وهو "إنشاء لجنة تضم البنوك والقطاعات الوزارية المعنية والباحثين من أجل إنجاز تقرير لا يكتفي بتحليل الأسباب فقط، بل لنجدَ الحلول التي يمكن تطبيقها". وضرب الجواهري المثال ب"دول مثل كينيا والأردن تقدمت في هذا المجال، فضلا عن الهند أو الصين، حيث الشراء عبر البطائق البنكية حتى في محلات القرب"، موصيا ب"وجوب تضافر جهود الجميع ليتم تدريجيا تعميم رقمنة التعاملات المالية وتعزيز الثقافة المالية"؛ كما كشف عن خلاصات اجتماع عقدَهُ مع المجموعة المهنية للأبناك المغربية يوم 12 يونيو الجاري، قائلا: "طلبْنا منها ضرورة تحسين المعاملة مع الزبائن عبر نظرة إيجابية، إذ لا ينبغي الاهتمام فقط بمصلحة البنوك". وتابع المتحدث ذاته: "وضَعنا منصة خاصة بالتعريفات وأيضا تدابير استرجاع الضّمانات بعد انتهاء عمليات الاقتراض البنكي... كما شرعْنا فعليا في تطبيق الذعائر على بعض الأبناك". تراخيص "التمويل التعاوني" في سياق متصل بكشفِه مستجدات مشاريع يشتغل بنك المغرب على تفعيلها وأجرأتها منذ مدة لفت عبد اللطيف الجواهري إلى أن "مَنح ثلاثة تراخيص" لفائدة مقاولات/شركات تنتهج التمويل التعاوني، المعروف دوليا باسم Crowdfunding ، مفصّلا بأنها تتعلق بخدمات "الهبة" و"الائتمان (الإقراض). "التمويل التعاوني تجربة مهمّة بالنسبة للمغرب، لكن يَلزمُها وقت أكبر كي نستطيع رؤية أثرها أو إجراء تقييم لها"، يورد والي بنك المغرب، مشددا على "عمَلِ مقدَّر من البنك المركزي وأطُره ومسؤوليه متمثل في مجهود إخراج دورية التطبيق وجميع القرارات التي خرجت في وقتها". كما لفت المسؤول ذاته، في سياق إجابته عن سؤال في الموضوع، إلى استمرار بنك المغرب في إجراء "دراسة التتبع" لاستخلاص مكامن الضعف والتطوير الممكنة، خاتما: "بكل أمانة فأنا متفائلٌ بآفاق واعدة يتيحها هذا الصنف من جمع التمويلات في المغرب لفائدة شركات ومقاولات ناشئة".