تناسلت شكايات على النيابة العامة بالمحكمة الزجرية للدار البيضاء حول وقائع نصب على تجار جملة من سوقي "درب عمر" و"القريعة" الشهيرين بواسطة "شيكات منقوشة"، أي شيكات مدون على ظهرها أرقام بمبالغ مؤداة من إجمالي قيمتها، تراوحت بين الثلث والنصف، بعدما عمد تجار بالتقسيط إلى وضع شيكات على سبيل الضمان مقابل سلع، قبل أن يقنعوا حامليها بعدم إيداعها من أجل الصرف لدى البنوك، على أساس سداد جزء من قيمتها، وتدوين الباقي على ظهر الشيك، ما أفقده ميزة الاستحقاق عند الاطلاع. وعلمت هسبريس من مصادر مطلعة أن عملية النصب بواسطة "الشيكات المنقوشة" ركزت على إيهام تجار الجملة (حاملي الشيكات) بأداء مقابلها نقدا قبل إيداعها من أجل صرفها لدى الوكالات البنكية، حيث يستغل المدينون موضوع اتهامات بالنصب حاجة الدائنين إلى "الكاش" من أجل تغطية معاملاتهم المالية مع الموردين، ليسددوا جزءا من قيمة هذه الشيكات نقدا على أساس أداء الباقي فيما بعد، مع تمكينهم من الاحتفاظ بالشيكات، إلا أنه يجري تدوين قيمة المبلغ المسدد وطرحه من إجمالي قيمة الدين المدونة في الشيك، وتسجيل الباقي كتابة على ظهر الورقة، ما حول وسيلة الأداء المالي المنظمة بموجب مدونة التجارة إلى شبه "اعتراف بدين". وأضافت المصادر ذاتها أن جهل الضحايا بتبعات التدوين على ظهر الشيكات، دون احترام ضوابط التظهير المنصوص عليها في مدونة التجارة، أضعف موقفهم القانوني عند اللجوء إلى القضاء، موضحة أنهم تورطوا في قبول شيكات على سبيل الضمان، في الوقت الذي كان من المفترض أن يطلبوا شيكات معتمدة (chèques certifiés)، مؤكدة أن المطالبة بما تبقى من مبالغ "الشيكات المنقوشة" أوقع هؤلاء الضحايا تحت طائلة الفصل 316 من مدونة التجارة، التي تعاقب كل شخص قام عن علم بقبول أو تظهير شيك شرط ألا يستخلصه فورا وأن يحتفظ به على سبيل الضمان بعقوبة حبسية تتراوح بين سنة وخمس سنوات وغرامة مالية بين ألفي درهم و10 آلاف درهم. وفي السياق نفسه، حذر بنك المغرب، في تقرير سنوي سابق حول البنيات التحتية للأسواق المالية ووسائل الأداء ومراقبتها والشمول المالي، من بلوغ عدد حالات رفض الشيكات من قبل البنوك 560 ألف حالة خلال سنة واحدة فقط، بزيادة سنوية نسبتها 11.8%، فيما قفزت قيمة هذه الشيكات بنسبة 18.3%، حيث وصل عدد الشيكات المرفوضة من قبل البنوك إلى 50 ألف شيك شهريا، رغم تصريحات عبد الرحيم بوعزة، المدير العام للبنك المركزي، الذي أكد انخفاض حصة الشيكات ضمن معاملات الأداء من 40 في المائة إلى 6 في المائة خلال 10 سنوات، لصالح التحويلات، خصوصا التحويلات الفورية، والبطاقات البنكية، التي ارتفعت حصصها إلى 45 في المائة و34 في المائة على التوالي. يشار إلى أنه أصبح بإمكان التجار والمقاولات، حاليا، الاطلاع مسبقا على المعطيات الكاملة عن الشيك المتوصل به، وذلك بعدما فوض بنك المغرب تدبير مصلحة مركزة الشيكات غير الصحيحة لشركة خاصة تتكفل بتجميع المعطيات المتعلقة بالحسابات المقفلة والبيانات البنكية للأشخاص الصادر في حقهم منع بنكي أو قضائي، والاعتراضات على الشيكات، والشيكات غير الصحيحة.