يبدو أن (أمغار ) الصحراء ، وملك ملوك أفريقيا وإمامها الجسور وقائد الثورة في الجماهيرية الليبية الشعبية الإشتراكية العظمى التقدمية الديمقراطية المناضلة قد قرر خوض الحرب بجدية هذه المرة ليس في سوح الوغى ولا في مناطق الصراع الدولية الساخنة بل على بلاط صاحبة الجلالة ( الصحافة )! "" واختار ميدان المعركة ليس في ميادين الصحف الأمريكية أو الأوروبية التي تمضغ في سيرته ليل نهار ! وقالت في نظامه مالم يقله مالك في الخمر!! فهو في الحقيقة لا يستطيع أبدا التقرب من أرصفة الشوارع التي تقع عليها مكاتب تلك الصحف! بل اختار أهداف سهلة و نتخبة ويمكن إزعاجها و إرهاقها بسلسلة من الدعاوي القضائية المتتابعة المطالبة ليس بالتعويض الأدبي عن تعديات يراها على نظامه بل بتعويضات مادية مهولة و باهظة! وقد إختار من بين كم الصحف الدولية الهائل المنتقدة له ثلاثة صحف مغربية متواضعة لتصبح هي ميدان القصف الجماهيري المركز! وتلك الصحف هي الأحداث المغربية ، الجريدة الأولى ، وصحيفة المساء! وجميعها صحف ناجحة وشابة ولها حضورها الفاعل في الساحة الإعلامية المغربية ، فقد تقدم إمام المسلمين في بوركينا فاسو وضواحيها و ملك الملوك الأفارقة بدعوى مستعجلة للمطالبة بتعويض وقدره تسعة ملايين درهم مغربي مجتمعة أي بواقع ثلاثة ملايين درهم لكل صحيفة من الصحف المذكورة أعلاه على خلفية إتهامها بالحط من كرامته و إنتقاد سياساته!! . وهي سابقة نادرة في تاريخ الصحافة العربية والمغربية خصوصا في أن يتقدم حاكم دولة بمثل تلك الدعوى و أمام القضاء المحلي بمثل تلك المطالبة خصوصا و أن العقيد القذافي لا يطرح نفسه أساسا بصفة رئيس دولة بل بصفة ( قائد ثورة )!! أي أن الحصانة مفتقدة في صفته الوظيفية ألأخيرة!! ، فقادة الثورات من غاندي و حتى مانديلا مرورا بالرفيق ماوتسي تونغ عرضة للانتقاد و لا حصانة لهم ، ثم أن العقيد يفتح بفعلته تلك أبوابا كبيرة وواسعة كانت موصدة في السابق ، فالصحافة الليبية ذاتها التي تنطق بإسم الدولة وأجهزتها ألأمنية و الإستخبارية تتعرض دائما بالسب والشتم والقذف لكل الحكام العرب و بأوصاف بشعة وتوصيفات فاقدة للأدب و المنطق و الحصافة و لا أرى داعيا لإيراد نماذج من شتائم الصحافة الليبية ضد الحكام العرب لأنهم لن يسمحون بنشرها أبدا لمخالفتها لكل فنون و أدبيات العمل الإعلامي و الصحفي! وحتى العقيد ذاته فإن شتائمه المسجلة و المؤرشفة ضد الحكام العرب معروفة و شهيرة و التي كان آخرها في مؤتمر الدوحة الأخير!! ، و التسجيلات موجودة لمن ينكر الأمر!! ، و إختيار الساحة الإعلامية المغربية لإلقاء تلك القنبلة الإعلامية أمر يخلو من الحصافة بالكامل ، فحرية الصحافة المغربية هي واحدة من ضمن أهم إيجابيات ذلك البلد رغم قوائم الممنوعات و المحرمات!! ، ثم أن إمكانيات الصحف المغربية المادية لا تسمح أبدا بتغطية مطالبات العقيد الجماهيري المادية المرهقة إضافة لحقيقة تاريخية تتمثل في كون السياسة الليبية في الماضي قد ساهمت في إيذاء المغرب و الشعب المغربي و النظام المغربي من خلال دعم المعارضة المسلحة التي كانت تهدف لتغيير نظام الحكم و دعم المحاولات الإنقلابية بل و العمل ضد الوحدة الترابية المغربية من خلال دعم جماعة البوليساريو و مدها بالأموال و الأسلحة . وهنا أقترح على الأخوة والزملاء في الصحافة المغربية قبول تحدي ملك الملوك الأفارقة و رفع دعوى قضائية مضادة ضده بالتهم السابقة ليس أمام المحاكم المغربية غير المختصة ولائيا بالأمر ل،كونها لا تملك سلطة إجبار السلطات الليبية على تنفيذ الأحكام الصادرة أو التي ستصدر ، بل أمام محكمة العدل الدولية في لاهاي أو أي محكمة دولية مختصة أخرى و المطالبة بتعويضات مجزية يدفعها ملك الملوك للمستضعفين المغاربة كما دفع من قبل للمستكبرين الكواسر في قضية لوكيربي أو البلاوي الأخرى التي تورط بها نظامه وهي لا تعد و لا تحصى!، لا يضير الصحافة المغربية أبدا تلك المطالبات المادية المهولة فالشاة المذبوحة لا يهمها السلخ كما قالت السيدة أسماء بنت أبي بكر الصديق ( رض ) حينما أبلغوها بمصرع إبنها عبد الله بن الزبير على يد الحجاج الثقفي ، و لا أدري لماذا تخاف صلال الفلا.. أيسلب منها نعيم الهجير و لفح الرياح كما قال شاعر العرب ألأكبر محمد مهدي الجواهري!! . الغريب في تصرف ملك الملوك هو المطالبة المادية الكبيرة بالتعويض وهي سابقة لم تحدث بهذا الشكل فقد سبق للملك المغربي الراحل الحسن الثاني أن رفع دعوى ضد صحيفة لوموند الفرنسية الشهيرة متهما إياها بالتعريض بشخصه و طالب في عريضة الدعوى بتعويض رمزي قدره درهم مغربي واحد!! لأن كرامة رؤساء الدول لا تقاس بالأموال أبدا...!.. دعوى العقيد و ملك الملوك ضد الصحافة المغربية ينبغي أن تكون الفرصة الجامعة و الموحدة لكل أجهزة الإعلام المغربي لكي تتضامن و تقف موقفا موحدا ضد كل من يحاول إسكات الأصوات الحرة و التطاول على المؤسسات الإعلامية الحرة التي تقود الرأي العام و تفتح أبواب وشبابيك الحرية للجماهير ، فالصحافة المغربية لا تمارس الإرهاب و لا تحرض عليه أو تدعمه بل أنها تشق معاناتها في الصخر و تحاول فرض و بناء واقع إعلامي و قيمي حر و ملتزم بمصالح الناس و البسطاء والأحرار و تقف مواقفا صلبة ضد التطرف و كل صيغ الإرهاب رغم قلة ذات اليد التي لم تمنع الإرادة والإصرار من الصمود و التألق ، فأقبلوا أيها الزملاء في المغرب الأقصى بذلك التحدي فإنكم و الله المنتصرون و حيث سينقلب السحر على الساحر ، فقد علمنا التاريخ بأن إرادة الأحرار لن يقهرها أي شاهنشاه و تحت أي لبوس جاء ، و الحرية رهن بإرادة الأحرار. [email protected]