قال الدكتور عمرو خالد، الداعية الإسلامي، إن كل حنان في الدنيا هو من لدن الله سبحانه وتعالى، وهو ما يتجلى على وجه الخصوص في العشر الأواخر حيث يزداد حنان الله على عباده، وفي ليلة القدر "خير من ألف شهر" على وجه التحديد. وأضاف في الحلقة الرابعة والعشرين من برنامجه الرمضاني "الفهم عن الله – الجزء الثاني" أن "أول حب في حياتك هو حب الله لك، هو من أعطاك عطاءً لا يعد ولا يحصى منذ يوم مولدك وإلى اليوم، الذي يعطيك في ليلة أكثر من ألف شهر". وأوضح أن "هذا الكون تأسس على حنان الله على عباده. وفي الحديث: أن امرأةً كانت في السَّبي فقدت طفلًا لها، فوجدت طفلها في السَّبي فعرفت أنه ولدها، فأخذتهُ تُرضعه، فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم: أترون هذه طارحة ولدها في النار؟ قالوا: لا، قال: فالله أرحم بعباده من هذه بولدها". واستشهد خالد بقوله تعالى: "وَحَنَانًا مِنْ لَدُنَّا وَزَكَاةً وَكَانَ تَقِيًّا"، قائلاً: "هذه الآية في سورة مريم لأن أكثر من يحتاج إلى الحنان هو المرأة، وهي أكثر من يعطي الحنان". الله الحنان المنان وبين أن من أسماء الله الحسني الحنان المنان، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أزعجه أمر نادى: يا حنان، يا منان، وهو الذي بجبر خواطر عباده، "ما عبد الله بأحب إليه من جبر الخواطر"، وقد كان أحب خلق لرسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة: جبر الخواطر. وقص خالد موقفًا له أثناء زيارته إلى المدينةالمنورة يظهر مدى حنان الله عليه، قائلاً: "أنا في العمرة هذا العام، قررت ألا أدخل الروضة الشريفة بسبب الزحام الشديد، حيث يصطف الناس في طوابير طويلة، وبدلاً من ذلك قررت أن أجلس في المسجد النبوي أدعو وأصلي، وبخاصة أن الوقت قليل وأنا دخلت الروضة مرات عديدة". وتابع: "في آخر يوم لي من زيارتي للمدينة المنورة، ذهبت إلى المسجد النبوي لأؤدي صلاة المغرب قبل أن أغادر، فقابلت صديقًا، فقال لي: أنا متجه الآن لدخول الروضة الشريفة". وأردف: "بعدها قابلت مصريًا آخر، بعد الترحيب، قلت له: متى سأجلس معك فأنا لم أجلس معك منذ فترة، قال لي: والله أنا داخل الروضة حالاً. وفي طريقي، أوقفني شاب بسيط، قال لي: أنا أحب حضرتك، وكان نفسي أتصور معك لولا أنني داخل الروضة حالاً". يتذكر خالد: "صعبت عليّ نفسي، فكلهم في طريقهم لدخول الروضة إلا أنا، كلهم سيقابلون النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنا، فدخلت صلاة المغرب وأنا أبكي، ولما فرغت من الصلاة ظللت أدعو بتأثر شديد، وفجأة وجدت نفسي أدعو: يا رب دخلني الروضة اليوم، يا رب لا أغادر المدينة إلا لما تدخلني الروضة، واستجاب الله، وأديت صلاة العشاء في الروضة مع ولديّ علي وعمر، وعندما دخلت سجدت وبكيت، "وحنانًا من لدنا". حنانه في ليلة القدر وعدد خالد من مظاهر حنان الله على عباده في ليلة القدر، أن الحسنات فيها خير من ألف شهر حسنات، وقال: "إنما يفعل ذلك من أجل أن يردك بشيء غير عادي، حدث جلل يجعلك تستشعر بأن الله كريم فوق ما تتخيل وتتصور، لأنه لا يقدر أحد أن يعطيك الهدايا في ليلة إلا مالك الملك، فيعطيك في ليلة واحدة ما لا تحصل عليه في ألف شهر حسنات". وأوضح أن "أثر الليلة مختلف من شخص لآخر، لأن هناك من تعب بشدة السنة الماضية، هناك من فقد ابنًا أو ابنة له، هناك من يرقد في المستشفيات، هناك من انفصل أو انفصلت عن شريك حياتها، وهناك من يكد للحصول على لقمة العيش. فالعطاء في ليلة القدر على قدر الألم الذي تألمته السنة الماضية". بشريات جبر الخواطر وأردف خالد: "سبحانه أكرم الأكرمين على قدر الألم يكون جبر الخاطر، على قدر الهم يكون الفرج، على قدر المحنة يكون العطاء، على قدر الأذى من البشر يكون رفعة المقام عند الله، على قدر الكرب يكون العوض من الله، على قدر الابتلاء يكون جبر الخاطر، على قدر الألم يكون العوض، على قدر الإيذاء يكون التكريم، يعوضك في ليلة عن معاناة العمر كله". وبين خالد أن "كل شخص له خصوصية عند الله في هذه الليلة، كل واحد له عطاؤه على قدر ما تألم. سبحان الذي لا يشغله سمع عن سمع ولا حالة عن حالة، سبحان الذي يعطي كل واحد على حسب ألمه". وقال إن النبي صلي الله عليه وسلم تألم من أشياء كثيرة في حياته، لكن أكثر ما أوجعه هو يوم الطائف، عندما رماه السفهاء بالحجارة فكان العوض من الله رحلة الإسراء والمعراج. 3 علامات على أن الله يحبك في ليلة القدر أوضح خالد أن من حنان الله على عباده أنه يعطيهم علامات ليطمئنهم إلى حبه لهم في ليلة القدر، ثم يعينهم عليها، مشيرًا إلى ثلاث علامات على النحو التالي: العلامة الأولى: لو وفقك للعبادة وهيأ لك الفرصة للعبادة، وجعلك تستشعر حلاوتها في قلبك، فذلك دليل على أنه يحبك. العلامة الثانية: لو جرى لسانك بالدعاء وقلبك حاضر، فإنه يحبك وما دعوت به هو من ألهمك به، ويريد أن يحققه لك، وما أنطقك بهذه الأدعية إلا وهو يريد أن يحققها لك. العلامة الثالثة: إذا ألقى في قلبك معاني لمعرفته وحبه، مثلاً أن تشعر عند قولك: الله أكبر أنه أكبر شيء في حياتك، أو سجدت وشعرت أنك قريب منه بشدة، أو دعوت وشعرت أن دعوتك كأنها متعلقة عند العرش وتسمع صوت الملائكة تؤمن عليها. وعلق خالد: "لو شعرت بأي من هذه العلامات، فذلك دليل على أن الله تعالى يحبك في هذه الليلة: لو وفقك للعبادة وهيئها لك وجعلك تستشعر حلاوتها في قلبك، لو أجرى لسانك بالدعاء، لو ألقى في قلبك معاني من محبة الله أو من الفهم عن الله. إذا أردت أن تعرف مقامك عند الله في ليلة القدر، انظر فيما أقامك". قاعدة اليوم: ختم خالد بذكر القاعدة الرابعة والعشرين، قائلاً: "كل حنان في حياتك هو من عند الله، فإذا كسرتك الحياة اركض إلى الله فهو أحن عليك من أبيك وأمك".