أشعل انطلاق برنامج الدعم المباشر للسكن فتيل الصراع بين كبار المنعشين والمجموعات العقارية حول مخزونات الأراضي، التي تمثل الحصان الرابح في سباق المنافسة على زيادة حصص السوق في مختلف منتوجات السكن التي شملها دعم البرنامج المذكور، خصوصا السكن الاجتماعي والمتوسط. وأفادت مصادر مهنية بأن مجموعات عقارية كبرى لجأت إلى شركات مرموقة في الوساطة العقارية بالدارالبيضاء ومراكش لتعزيز رصيدها العقاري بأوعية جديدة في مدارات حضرية واعدة، خصوصا في المدن الكبرى، وذلك في سياق مخططات تجارية تستهدف التركيز على منتوجات السكن المدعومة، التي يتراوح سعرها بين 300 ألف درهم و700 ألف درهم، أي بين 30 مليون سنتيم و70 مليونا. وتراهن المجموعات العقارية على تكوين رصيد عقاري استراتيجي بتكاليف أقل، في سياق استثمارات بعيدة الأمد، من أجل تأمين الأوعية العقارية اللازمة لمشاريعها، حيث ستركز على عوامل جذب مهمة للزبائن، خصوصا طالبي الاستفادة من الدعم المباشر للسكن، مثل الموقع وسرعة تنفيذ الأوراش والتسليم، وكذا الجودة في البناء والأشغال النهائية، عبر الاستعانة بشركات بناء مهيكلة. أرصدة عقارية استراتيجية جاء برنامج الدعم المباشر للسكن من أجل تحفيز الطلب في السوق العقارية، بعدما دخلت في مرحلة ركود طويلة، أبان خلالها نموذج الدعم السابق عن محدوديته، إلا أنه حمل الإكراهات نفسها من الفترة الماضية، خصوصا ما يتعلق بندرة الوعاء العقاري من أجل إنتاج سكن مدعوم يقل أو يساوي سعره 300 ألف درهم. وبهذا الخصوص، تحدث محمد أمين بنيس، مسير شركة للاستشارة والاستثمار العقاري، عن مشكل كبير يواجه المنعشين والمجموعات العقارية الكبرى يتعلق بتوفير الوعاء العقاري، موضحا أن أغلب الفاعلين لا يتوفرون على أرصدة عقارية مهيكلة ومدبرة بطريقة احترافية، تضمن تطهيرها من الحجوزات والتقييدات والالتزامات الجبائية، وتحافظ على إمكانياتها الاستثمارية وجاذبيتها التجارية. وقال بنيس إن تكوين الرصيد العقاري يستغرق حيزا زمنيا مها، ويفرض التوفر على سيولة مالية كافية، مبرزا أن أغلب المجموعات العقارية عانت ظروفا مالية صعبة خلال الفترة الماضية، اضطرت بعضها إلى اللجوء إلى عمليات "كاش فلو" (cash flow) من أجل تقليص مديونيتها وتحفيز السيولة بخزائنها، خصوصا بعد تسجيل ارتفاع في تكاليف البناء جراء غلاء مواد البناء. مؤشرات مالية واعدة تشير أغلب التوصيات الصادرة عن بنوك الأعمال الناشطة في بورصة الدارالبيضاء إلى قدرات استثمارية واعدة لقيم الشركات العقارية المدرجة، بعلاقة مع النتائج المالية السنوية المعلنة من قبل مجموعتي "الضحى" و"أليانس"، وكذا المشاريع والفرص الاستثمارية المنتظرة في إطار برنامج الدعم المباشر للسكن. واعتبر نبيل مناصفي، مستشار محلل الأسواق المالية، أن مجموعة "أليانس" شكلت المفاجأة هذه السنة في بورصة الدارالبيضاء، من خلال قرارها توزيع ربيحات على المساهمين في حدود 3 دراهم للسهم، وهو ما يمثل أول عودة لتوزيع الربيحات بالنسبة إلى الشركة منذ 2013، موضحا أن مجموعتين بحجم "الضحى" و"أليانس" عرفا فترات صعود وهبوط بسبب تذبذب الطلب في السوق العقارية، قبل أن تعودا إلى مسار التطور بفضل مخزونهما العقاري الكبير. وأضاف مناصفي أن المداخيل الموطدة لمجموعة "أليانس" تجاوزت سقف ملياري درهم، فيما قفزت أرباحها بزائد 39 في المائة، لتصل إلى 242 مليون درهم، بينما انتقل حجم إنتاجها من 5224 وحدة إلى 5582 بين 2022 و2023، مؤكدا أن "الضحى" ركزت من جهتها على منتوجات السكن الراقي عبر فرعها "بريستيجيا" لترفع إجمالي رقم معاملاتها ب55 في المائة ليبلغ 2.134 مليارات درهم، وذلك بفضل التسليمات المنجزة أساسا بالدارالبيضاء ومراكش. وتجمع التوقعات على استمرار أسهم الشركات العقارية المدرجة في الارتفاع خلال الفترة الماضية، بارتباط مع الإعلانات الإيجابية المتواترة في السوق العقارية، خصوصا برامج ومشاريع الدعم وتعزيز الترسانة القانونية للتعمير، وإعادة هيكلة تصاميم التهيئة في مختلف جهات المملكة.