رسمت ثلاثة أحزاب (الطليعة الديمقراطي الاشتراكي، والمؤتمر الوطني الاتحادي، والاشتراكي الموحد) أمامها مسارا موحدا، لتقوية صفوفها في الساحة السياسية التي تحمل مع قرب كل استحقاق مفاجآت جديدة. وأدى هذا التنسيق إلى خلق تحالف "اليسار الديمقراطي"، الذي يدخل انتخابات المجالس البلدية، المقرر إجراؤها في 12 يونيو المقبل، بأزيد 3 آلاف مرشح بألوان ثلاثة أحزاب. ورغم اختلاف ظروف النشأة والأبعاد الكامنة وراءها واستراتيجية كل مكون، إلا أنهما اجتمعوا على إكمال الطريق معا لتحقيق أهدافهم المشتركة. فالاشتراكي الموحد، الذي يقوده الأمين العام محمد مجاهد، يصنف كحزب يساري مستقل في اختياراته وتدبيره عن أجهزة الدولة، وكل مراكز النفوذ الاقتصادي داخل المغرب وخارجه، ويتبنى الاختيار الاشتراكي بكل اجتهاداته وأبعاده التحررية والديمقراطية والإنسانية. "" كما أنه يعتمد التعبئة والنضال الجماهيريين للدفاع عن مشروعه المجتمعي الديمقراطي وبرنامجه السياسي، وينحاز لمصالح الوطن العليا ولحقوق الكادحات والكادحين وكافة المتضررين من أوضاع الظلم المستمرة، ويدافع عن قيم الحداثة والمواطنة والتقدم العلمي والعقلانية، ويتمثل الهوية الوطنية على قاعدة الأسس المكونة لها، التي تعيش تفاعلا وتكاملا بين أبعادها المتنوعة والغنية الإسلامية والعربية والأمازيغية، كهوية منفتحة على قيم العصر التقدمية، ومبنية على التسامح والتعايش والحرية. وفيما يخص حزب الطليعة، الذي أسسه أحمد بن جلون، فإن انقطاعه عن "اللعبة السياسية دام ثلاثة عقود، قبل أن يقرر دخول غمار المنافسة في الانتخابات البرلمانية التي جرت في 7 شتنبر سنة 2007. وتأسس الحزب في الأصل نتيجة انقسام داخل الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، في ماي 1983، وظل يعمل تحت اسم "الاتحاد الاشتراكي.. اللجنة الإدارية"، إلى أن قرر أن يحمل اسم "حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي"، في أكتوبر من سنة 1991. وكان مرد ذلك الانقسام هو معارضة الذين يتحملون اليوم المسؤوليات القيادية في حزب "الطليعة" مشاركة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية في الانتخابات التي جرت عام 1984، وظل الحزب منذ ذلك التاريخ يقاطع جميع الانتخابات. أما بالنسبة للمؤتمر الوطني الاتحادي، الذي يوجد على رأس أمانته العامة عبد المجيد بوزوبع، فتأسس بناء على اجتماع عقدته "الحركة التصحيحية" المنسحبة من حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي كان يتزعم في تلك الفترة الائتلاف الحكومي في المغرب. وجاء عقد المؤتمر التأسيسي سنة 2001، بعد فشل كل مساعي المصالحة منذ انسحاب "الحركة التصحيحية" من المؤتمر السادس لحزب الاتحاد الاشتراكي، التي حاول فيها العديد من الشخصيات الوساطة بين عبد الرحمن اليوسفي، الأمين العام آنذاك لحزب الاتحاد، ومحمد نوبير الأموي، الأمين العام للكونفدرالية الديمقراطية للشغل، الذي تزعم حركة المنسحبين. ووضعت هذه الأحزاب مسطرة لبرنامجه الانتخابي، يركز على مجموعة من النقاط التي تهم المواطن وتعزيز الديمقراطية في المملكة. وقال محمد مجاهد، الأمين العام للاشتراكي الموحد، "لدينا تحالف سياسي يدخل في إطار تحالف اليسار الديمقراطي، وتمكنا من ترشيح ما يقارب 5300 مرشح، أما بخصوص النساء فليست لدينا إحصائيات دقيقة، لكن رشحنا عدد من المناضلات لخوض غمار هذه الاستحقاقات". وأضاف مجاهد، في تصريح ل "إيلاف"، "نحن نركز على معركة الديمقراطية أولا وأخيرا، وهذه الانتخابات جزء من هذا النضال الديمقراطي، إلى جانب مسألة محاربة الفساد لأن هناك فساد مستشري، كما أننا نريد أن تكون الجماعة وحدة قريبة من المواطن وتلبي حاجياته". وبخصوص التغييرات في الساحة السياسية، التي تعززت بحزب "الأصالة والمعاصرة"، الذي يقوده الشيخ بيد الله، أوضح مجاهد "هنا نريد أن نشير إلى أن المغرب، بعد 10 سنوات من التناوب التوافقي، كان أمامه خيارين إما الاستمرار في الإصلاحات الدستورية إلى أعلى الدرجات أو التراجع، ومع الآسف اعتمد الخيار الثاني، مع العلم أن التاريخ أثبت فشل هذا الخيار". يشار إلى أن عدد التصريحات بالترشيح المودعة برسم مجموع المقاعد المخصصة لمجالس الجماعات والمقاطعات، والبالغ عددها 27 ألف و795، بلغ ما مجموعه 130 ألف و223 ترشيحا، منها 114 ألف و939 ترشيحا برسم الدوائر الانتخابية العادية، و15 ألف و284 ترشيحا برسم الدوائر الانتخابية الإضافية الموجهة للنساء. ووصل المجموع الوطني للترشيحات في الدوائر الموجهة للنساء في انتخابات المجالس البلدية المقبلة 20 ألف و458 ترشيحا موزعة ما بين5187 من الترشيحات برسم الدوائر العادية، و15 ألف و280 برسم الدوائر الإضافية. (إيلاف)