تطالب عائلات 34 مواطنا مغربيا اختفوا بشكل جماعي في مدينة صفاقسالتونسية أواخر العام 2021 إثر محاولتهم الهجرة بطريقة غير نظامية صوب الضفة الأوروبية، بتدخل السلطات المغربية لدى نظيرتها التونسية من أجل الكشف عن مصير أبنائها الذي يلُفه الكثير من "الغموض"، كما تطالب بإعادة فتح هذا الملف والتحقيق مع متزعمي شبكة تهريب البشر المتورطة في اختفاء هؤلاء المغاربة. وحسب المعطيات المتوفرة لجريدة هسبريس الإلكترونية، فقد تم العثور على جثتي مواطنين مغربيين من المفقودين البالغ عددهم الأصلي 36 شخصا، إذ زعمت السلطات التونسية أن مياه البحر لفظتهما على الشاطئ، وهو ما تشكك فيه عائلات الضحايا والفعاليات المدنية المتتبعة لهذا الملف، متسائلة: "هل يعقل أن يرمي البحر جثتين فقط من أصل أكثر من ثلاثين إذا ما افترضنا أنهم بالفعل غرقوا في عرض البحر وفي المكان نفسه؟". في هذا الإطار، قالت فاطمة مسدار، أم أحد المفقودين، يسمى "أسامة العماري"، في تصريح لهسبريس، إن "تفاصيل القضية تعود إلى سنة 2021 لما سافر 36 مغربيا ينحدرون من حي واحد في الدارالبيضاء، ضمنهم ابني، إلى تونس تحضيرا للهجرة إلى أوروبا، بتنسيق مع شبكة للهجرة يتزعمها تونسيون وشخص مغربي هارب حاليا إلى إيطاليا كان مكلفا بالتوسط ما بين متزعمي الشبكة والمرشحين للهجرة"، مضيفة أن "مواطنين تونسيين لهما علاقة بهذه القضية حكم عليهما بعامين حبسا موقوف التنفيذ في المرحلة الابتدائية، والملف الآن في طور الاستئناف، إلا أنهما لم يكشفا عن أي معلومات حول المفقودين". وطالبت المتحدثة السلطات والجهات الرسمية المغربية ب"التدخل لدى نظيرتها التونسية من أجل إعادة تحريك هذا الملف الذي عمر طويلا، وبالتالي الكشف عن المصير المجهول للمفقودين"، كما طالبت ب"ترحيل الشخص المغربي الهارب إلى إيطاليا إلى المغرب الذي كانت له علاقة مباشرة بأبنائنا، من أجل التحقيق معه في هذا الملف ومعرفة مصير المفقودين"، مؤكدة في الوقت ذاته أنها قامت رفقة آخرين برفع دعوى أمام القضاء المغربي بخصوص مطلب الترحيل هذا. وتفاعلا مع سؤالٍ إن كانت تواصلت مع المصالح الدبلوماسية والقنصلية المغربية في تونس بهذا الصدد، أوضحت مسدار أنها سافرت إلى العاصمة التونسية حيث التقت بالقنصل العام المغربي الذي استمع إلى شكواها وأكد لها أن البحث ما زال جاريا عن المفقودين، وأن المصالح القنصلية لن تدخر جهدا في ذلك، بل وستضاعف جهودها من أجل الكشف عن مصيرهم في أقرب الآجال. من جهته، أوضح حسن حماني، رئيس جمعية التضامن للجالية المغربية المقيمة بتونس المتتبع لهذا الملف، أن "المفقودين سافروا إلى تونس على متن طائرة واحدة، ودخلوا التراب التونسي بطريقة قانونية تمهيدا للهجرة صوب أوروبا، قبل أن يتم فقدان أثرهم بشكل نهائي وغامض"، موضحا أن "متزعم الشبكة التي كانت ستشرف على تهريبهم إلى أوروبا، تونسي الجنسية، وقد فر هو الآخر إلى إحدى الدول الأوروبية". وأفاد حماني بأن "القصة الحقيقة لاختفاء هؤلاء المغاربة لا يعرفها إلا متزعم الشبكة الهارب، باعتباره الشخص الوحيد الذي يمكنه الإجابة عن الأسئلة المحيرة والغامضة المحيطة بهذا الملف"، معترفا في الوقت ذاته بأن "الأزمة الدبلوماسية ما بين الرباطوتونس والتدهور الذي عرفته العلاقات المغربية التونسية في الآونة الأخيرة، يُفرمل إلى حد ما جهود التنسيق ما بين البلدين في هذا الملف، كما توجد عوامل أخرى تعيق عملية الحصول على المعلومات بخصوصه، أبرزها تغول مافيات تهريب البشر ونفوذها الكبير في صفاقس". ودعا الفاعل الجمعوي ذاته "السلطات التونسية والمغربية للتعاون من أجل الكشف عن مصير المفقودين، أحياء كانوا أم أمواتا"، موردا أن "قضية الاختفاء هذه غريبة جدا؛ فحتى لو افترضنا أن بعضهم نجح في الوصول إلى الضفة الأوروبية، لا يعقل ألا يتصل واحد منهم على الأقل بعائلته. وإذا افترضنا غرقهم، فأين جثتهم؟ أو على الأقل جثت نصفهم، خاصة وأن السلطات التونسية كشفت عن جثتين فقط قالت إن البحر لفظهما".