"خيْبةُ الأمل من تعاطي الدولة مع قضية محاربة الرشوة"؛ كان هذا هو العنوانَ العريضَ للتقرير الصادر عن الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة "ترانسبارانسي المغرب"، بمناسبة انعقاد جمعها العامّ الانتخابي، صباح اليوم بمدينة الرباط. الكاتب العامّ للجمعية، عبد الصمد صدوق، الذي قدم التقرير الأدبي لسنة 2013، لخّص مضمون التقرير في جملة واحدة مقتضبة: "سنة 2013 كانت بالنسبة إلينا سنةَ إحْباطٍ". الجمعية اعتبرت، في تقريرها، أنّ سنة 2011، وفي غمرة التحوّلات التي شهدتها المنطقة، والحَراك الاجتماعي المطالب بمحاربة الفساد، كانت سنة أمل، "غير أنّه، وبعد مرور سنتين، أصبحت خيبة الأمل أقوى بكثير من الانتظارات التي غذّاها ورعاها خطاب سياسي تبنّته الدولة والأحزاب السياسية المتنافسة"، وتسجّل الجمعية أنّ سنة 2013 تميّزت بتكريس تراجع الدولة في سعيها لمحاربة الرشوة. هذا التراجع، المسجّل، بعد مرور سنتين من إقرار دستور جديد، وتولّي حزب العدالة التنمية، الذي كان شعارُ محاربة الفساد من بين الشعارات الكبرى لبرنامجه الانتخابي، دفع بالجمعية المغربية لمحاربة الرشوة إلى اعتبار أنّ خطاب محاربة آفة الرشوة الذي تتبنّاه الدولة "هو خطاب فارغ، فقدَ مصداقيته كلّيا"؛ وتتمثّل أهمّ مؤاخذات الجمعية على الدولة في اقتصارها على إصلاحات بجرعات صغيرة، ومتابعات وعقوبات في حدّها الأدنى، وحماية الريع والتحكّم في الزمن القضائي والسياسي. ورغم إقرار دستور جديد، يرى المتتبّعون أنّه متقدم، مقارنة مع الدساتير الأخرى، سنة 2013، إلا أنّ "ترانسبارانسي المغرب" ترى، أنّ الإصلاحات التي جاء به الدستور تأخرّ تنفيذها، ولم يتمّ الإعلان عن أيّ إجراء ملموس ضدّ الرشوة، فيما استمرّ الخطاب ذو المضمون الذي يعمّق التفاوت بين القول وبين الواقع المعاش، وهو ما أدّى، يضيف تقرير الجمعية، إلى تراجع المغرب في مؤشّر إدراك الرشوة، ومؤشّر جاذبية الاستثمارات الأجنبية، وهو ما يكلّف الاقتصادي الوطنيّ الشيء الكثير. وصنّف التقرير الوضعية الحالية للمغرب على أنّها وضعية "تتميّز برشوة مزمنة ومعمَّمة"، تزكّيها المؤشرات الدولية الصادرة بهذا الشأن، وتقرّها السلطات العمومية؛ هذه المؤشرات، التي اتّسمت خلال السنة الماضية بتقهقر المغرب ثلاثَ رتب في الترتيب الدولي، حيث انتقل من الرتبة 88 سنة 2012، إلى الرتبة 91 خلال السنة الماضية، يضيف التقرير، تتجه صوب خلاصة مفادها "العجز المزمن للحكامة في بلدنا". الإحساس ب"خيْبةُ الأمل" التي سجّلتها الجمعية، في سياسة تعامل الدولة مع الرشوة، والتي انتهت على إيقاعه سنةُ 2012، بعدما تبخّرت الوعود المقدّمة للمواطنين بعد احتجاجات حركة 20 فبراير، سيتكرّس، خلال سنة 2013، إذ جاء في التقرير أنها تميزّت ب"شلل العمل الحكومي"، في هذا الصّدد، حيث انتقدت الجمعية تركيز الحكومة، على حملة تواصلية تدخل في باب "النصيحة الجيدة"، والتي توجّه أصبع الاتهام للمواطنين، وتركّز على الرشوة الصغيرة.