حذّرت الشبكة المغربية لحماية المال العام من توجّه الخطاب الرسمي للدولة إلى حصْر نطاق الرشوة في الرشاوى الصغيرة التي تقدم داخل بعض المرافق العمومية ولبعض الموظفين؛ وقالت الهيأة، في بيان إلى الرأي العامّ بمناسبة اليوم العالمي لمحاربة الرشوة، إن حصْر آفة الرشوة في نطاق "الرشاوى الصغيرة"، يهدف إلى تمويه الرأي العامّ وصرْفه عن الفساد الحقيقي الذي يستنزف ملايير الدراهم والآلاف من هكتارات الأراضي من خلال الصفقات العمومية واقتصاد الريع وإعادة انتاج الريع. واعتبرت الشبكة المغربية لحماية المال العامّ أنّ تقييم جهود الدّولِ في محاربة آفة الرشوة يكون عبر سلّم التنقيط لمؤشر إدراك الفساد العالمي، الذي تضعه منظمة الشفافية العالمية "ترانسبارانسي"، والتي وضعت المغرب، في آخر تقرير صادر عنها، والذي يهم سنة 2013، في الرتبة 91، من بين 177 دولة، فيما كان المغرب يحتل، خلال السنة الماضية الرتبة 88، وهو ما يؤشر على تراجع المغرب في مسلسل محاربة الرشوة. الشبكة المغربية لحماية المال العامّ اعتبرت أنّ نتائج التقرير الأخير لمنظمة الشفافية العالمية، وتراجع المغرب في سلّم التنقيط، "يؤشّر على استمرار استفحال مظاهر الرشوة ببلادنا، وتزكي خلاصات تقارير الشبكة المغربية لحماية المال العام التي أكدت غير ما مرة غياب الإرادة السياسية والجُرأة الحقيقية لدى كل الحكومات المتعاقبة لمحاربة الفساد والرشوة". وأرجعت الشبكة المغربية لحماية المال العامّ تراجع المغرب في سلّم تنقيط محاربة الرشوة إلى "غياب الإرادة لمحاربة هذه الآفة"، كما أنّ التراجع "يضع كل أجهزة الدولة في قفص الاتهام ويفضح حقيقة الشعارات الرسمية الجوفاء حول محاربة الفساد وربط المحاسبة بالمسؤولية، والتي لم تكن إلا مجرد التفاف على مطالب الشعب المغربي التي عبّر عنها خلال حراك 20 فبراير ومضامين الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد التي صادق عليها المغرب سنة 2007". وفيما يخصّ مقترحاتها لمحاربة الرشوة، دعت الشبكة إلى التعجيل بوضع استراتيجية وطنية للنزاهة ومحاربة الفساد، والتعجيل بوضع مخطط تشريعي لحماية المال العام والثروات الوطنية بما يتلاءم والاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، وإجراء افتحاص شامل نزيه ومستقلّ بكل الإدارات العمومية والجماعات المحلية وكل المؤسسات والصناديق الموازية، واتخاذ التصحيحية والزجرية اللازمة، مع الانخراط الجدي والمسؤول في أجرأة المقتضيات القانونية اللازمة لتفعيل مضامين الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد التي صادق عليها المغرب وربط المسؤولية بالمحاسبة المنصوص عليها في الدستور، "والتي لن تكون لها أية جدوى دون القطع مع الاستمرار في تكريس سياسة الإفلات من العقاب". ومن ناحية المراقبة، دعت الشبكة المغربية لحماية المال العامّ إلى التعجيل بإخراج القانون التنظيمي الخاص بالهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة، والقانون المتعلق بالحق في الوصول للمعلومة "بعد الأخذ بمقترحات الهيئات والجمعيات الجادة المناضلة والمختصة في المجال"، كما طالبت بإلغاء شرْط إحالة الملفات ذات الطبيعة الجنائية إلى العدالة، والتي تتضمنها تقارير المجلس الأعلى للحسابات برسالة من طرف الوكيل العام للملك بالمجلس، لتصير المتابعة تلقائية بعد النشر بالجريدة الرسمية. وفي ما يتعلق بالأموال المختلسة، دعت الشبكة إلى إحداث هيئة مستقلة للحقيقة وإرجاع الأموال المنهوبة، والعمل على إيداعها في صندوق خاص لتمويل البرامج الاستراتيجية الوطنية للنزاهة ومحاربة الفساد والقضاء على آفة البطالة والفقر، وبناء المدارس والمستشفيات والتجهيزات الأساسية اللازمة لإعادة تأهيل الفئات الشعبية "والجهات التي عانت ولازالت تعاني من كل أشكال الإقصاء والتهميش".