قبل أن أشرع في كتابة هذا الركن .. وقبل أنأ نستوضح جميعا دلالة عنوانه.. لابد أن أعترف لكم أعزائي القراء أنني ومهما أرهقت نفسي وأجهدتها بحثا عن توازن واستقلالية في قراءة المشهد المغاربي ، تراني أنجرف نحو إلقاء اللآئمة على النظام العسكري الجزائري كلما كان الموضوع هو ملف الصحراء.. وقد سألت نفسي مرارا : "" - كيف تكون صحفيا محترفا وأنت تفرط في خاصية الحياد التي يفترض أن تكون لصيقة بك كالجلد على الجسد ؟. كيف تكون خصما وحكما ؟ كيف تنقل للقراء رؤية..مهما كانت درجة صدقها .. محشوة بشعور شخصي مغرض.؟ هنا.. وعند حدود هذا القلق أرشدني ذهني لجواب مقنع .. أو هكذا أعتقد ولكم حرية الحكم عليه، ويتمثل في الرؤية الشاملة لماهية الأنظمة العربية، بجزائرها ومغربها ومصرها .. وبنظرة اكثر جرأة وجدت نفسي ارتفع فوق الأنظمة وأسلم قلمي لشريحة الشعب.. لقد أقبلت على انتقاد الحكومة المغربية في الكثير من قراراتها بل وطالبت ابناء الشعب المغربي الوقوف صدا منيعا في وجه الفساد ايا كان مصدره .. فهل أنا أتخلى عن وطنيتي عندما أفعل ذلك ؟.. قطعا لا. بل تراني أزداد إلتصاقا وعشقا بوطني الصغير .. المغرب .. لكنني وبمجرد الإنطلاق نحو الأفق الأوسع وأتجاوز الحدود نحو الجارة الشرقية ألتحم مجبرا مع الشقيق الجزائري .. فتندثر الحدود ونعود لنعتمد أنا وهو رؤية موحدة لمشاكل عديدة تواجهنا كاشقاء حكم الدهر على أخوتنا بالإستمرار والديمومة.. فلست أحمله مسؤولية إغلاق الحدود ولا هو يحملني مسؤولية منعه من زيارة أقاربه بالمغرب .. بل تجدنا أنا وهو ضحية اللعبة السياسية وقرارات جائرة. وما يصدق على الأخ الجزائري يصدق كذلك على الشقيق الصحراوي في تندوف .. مع إضافة جرعة أكبر من الحسرة والألم. هل بمعارضتي سياسة نظام العسكر في الجزائر أعتبر عدوا لشعبه العظيم ..؟ بالطبع لا.. كما لا أعتبر نفسي خائنا لبلدي بانتقادي لحكومة عباس الفاسي او غيره .. والقياس بالأولى على الثانية. هنا إذن أستطيع أن أتنفس الصعداء واقول لنفسي ولكم أنه لا فرق بين معارضتي لسياسة الجنرالات في الجزائر ومعارضة أي صحفي جزائري لهم.. كما لا فرق بيننا في انتقاد أي نظام عربي آخر. ولأن الإشكال بين المغرب والجزائر مصدره الأساس هو قضية الصحراء .. ولأن النظام الجزائري بدعمه لمشروع تقسيم المنطقة وتفتيتها إلى دويلات وكيانات مختلقه يكون قد وضع نفسه في خانة العداوة مع المغاربة وانا من بينهم قبل الحكومة المغربية، ومع العرب قبل المغاربة، ومع المسلمين قبل العرب، ومع المشررع الحضاري الإنساني قبل المسلمين .. إنني بالفعل أعارض من يشهر في وجهي سيف العداوة.. أعارض من أعتبره السبب في تعثر المشروع الحضاري الشعبي المغاربي ، أعارض من يزور الانتخابات ليمكث سيفا على رقبة الأشقاء في الجزائر وحجرة عثرة في طريق الوحدة بيننا وبينهم. ولن أقبل على نفسي معاداة الشعب الصحراوي الغالي أو الأشقاء الجزائريين الأبطال.. وأدعو القراء الكرام إلى عدم الإنجراف وراء بعض التعليقات الشوفينية الماجورة والتي تنشد زرع الحقد بين الشعبين واستكمال مخطط مخابراتي كشفنا تفاصيله منذ سنين. ولأن أسهل الطرق للوصول إلى قلوب المغاربة والجزائريين هي كرة القدم .. لابأس أن أذكركم بأن كل الشعب المغربي انتفض فرحا للانتصار الجزائري على ألمانيا سنة 1982 يومها صاح الكل مدجر مدجر.. كما هلل إخواننا الجزائريون بعدها بأربع سنوات لانتصارات الأسود في المكسيك وصاحوا تيمومي تيمومي.. يومها فهمت أن الدم لا يمكن أن يصبح ماء .لأن ما يجمعنا بهذا الشعب الكبير هو رابطة الأخوة والدم فإن اية عداوة أو خصام لنظامه لا يجب أن تلقي بظلالها على علاقتنا بالجزائر الشعب والتاريخ والكرامة. تعالوا جميعا لنفترض ان جنرالات الجزائر قرروا فتح الحدود .. وفي لحظة يقظة للضمير رفعوا يدهم الخفية من ملف الصحراء .. وفي غمرة النشوة يعلن المغرب والجزائر وحدة إقتصادية وسوقا المفتوحا .. تصوروا معي كم هي فرص العمل التي ستتاح للملايين من ابناء الشعبين، كم هم أولائك اللذين يغامرون بأرواحهم من أجل الهجرة إلى دول الجنوب الأوروبي سيفضلون العمل في الجزائر أو المغرب والعودة في عطلة نهاية الأسبوع إلى أهلهم وأسرهم. وكم ستتغير حالة الشعب الصحراوي الذي سينتقل حتما من الحياة في عراء المخيمات إلى نعيم الأهل والأحبة في السمارة والداخلة والعيون ..أنذاك لن يمنع مانع المساعدات الإقتصادية الجزائرية ( الرسمية ) للشعب الصحراوي في المغرب .. ولنسميها إستثمارات لرؤوس الأموال الجزائرية في مجالات السياحة والصناعة وغيرها. مادام النظام الجزائري عنده فائض في الحنان ولا طمع له في الصحراء كما يدعي. أين المشكل إذن ؟!! تصوروا معي من سيكون الخاسر الأكبر. قطعا هي الزمرة المستفيدة من خيرات الجزائر ومواردها الطبيعية والتي لن تستفيد من أي سلام سيقطع أبواب الرزق عليها . إنني وبكل صدق أتحدى أي رأي يقول أن الشعب الجزائري يريد الحرب ضد المغرب وأصعق قلقا من اي مغربي يدعي أنه يريد محاربة الجزائر او حتى سكان المخيمات من الصحراويين .. ففي فورة الدماء وغليانها يتفوه البعض بكلام قد لا يفسره المنطق .. لكننا عندما نسكن لسريرة أنفسنا نفتخر وبكل شغف بما يميزنا نحن أبناء شمال إفريقيا .. إعتزازنا بخصوصياتنا وانصهار شعوبنا في بوتقة التميز والريادة في كل الميادين. نحارب من ؟ أوليس بالجزائر عائلات لها جذور بل وروابط أسرية مع مثيلتها المغربية .. أوليس الشعب الصحراوي من رقيبات وإزرقيين واحد لا فصل بينه ..هل يعقل ان يفتح النار على أخيه بكل اريحية خدمة لمصلحة حاكم يفرض نفسه بالقوة والتزوير والتلاعب بأصوات الناخبين. ؟! لأجلهم إذن نكتب هذا الركن .. لأجل المستضعفين من شعوب المنطقة .. لأجل من حملوا في شاحنات واختطفوا من أمهاتهم وألقي بهم في العراء للمزايدة السياسية في زمن الحرب الإيديولوجية بين شرق الأرض وغربها.. لأجلهم نداء للبوح بما يختزن في النفس من أسى والم جراء مشروع استئصالي انفصالي يرمي فيما يرمي إليه، تمزيق الشعوب وتنويع المصدر المادي والربح السياسي.. كيف يعقل ان أنتقد بكل جرأة وصراحة الجلادين في تازمامرت ولا أحرك قلمي ليجهر بكلمة حق في وجه من يستبيحون شرف الشعب الصحراوي الأصيل .. كيف نكون مغاربة وجزائريين أحرارا ونحن نعلم علم اليقين أن عبد العزيز المراكشي يدعي تمثيل الشعب الصحراوي ظلما وزورا..؟! و ما الذي يمنعنا أن نعيد هذا الشعب إلى حضن أهله وننهي هذا الخلاف العقيم .. ونفتح الباب على مصراعيه للنهضة والرقي والبناء.. لأجلهم يجب أن نعترف بأننا مقصرين بل وازدردنا الطعم بكل غباء .. إن اللعبة السياسية الرسمية الجزائرية راهنت وتراهن على هزيمة النظام المغربي في الصحراء .. رغم أن النظام الجزائري يعلم يقينا أن مسالة الصحراء هي قضية الشعب المغربي والجزائري معا .. وان إستتباب السلام وحل هذا المشكل المفتعل سيعود بالنفع على ابناء وهرانووجدة وقسنطينة والدار البيضاء .. وان التلويح بالقوة العسكرية والتخمة المالية لغة لا تفهمها الشعوب وأن رابطة الدم لا تباع ولا تشترى. إن خطر استمرار كيان البولساريو في الجنوب الجزائري هو أكبر على الجزائر منه على المغرب .. فلنذكر جميعا كمية الأسلحة التي ضبطت بحوزة إحدى الجماعات التكفيرية واكتشف النظام الجزائري أن مصدرها كان هو تندوف وطالب يومها جبهة البوليساريو بتفسير حول الموضوع ...ولست هنا أعني جبهة الإنقاذ التي صوت لها الشعب الجزائري ديموقراطيا سنة 1991فسرقها الجنرالات في مؤامرة سيذكرها التاريخ إلى يوم يبعثون ( المرجو العودة إلى مذكرات الجنرال خالد نزار ). أرجو صادقا أن يقرأ الجنرال توفيق ورجال المخابرات الجزائرية ما بين كلماتي من معاني وأن يستخلصوا عبرة واحدة وهي أن الشعب المغربي والشعب الجزائري على حد سواء يعلم من هو عدوه ومن المستفيد ماديا من الوضع الحالي لكن الغالب الله هل تعلمون أن أي قطيعة بين النظام الجزائري وجبهة البوليساريو قد تدفع عبد العزيز المراكشي أو من ستضع المخابرات الجزائرية خلفا له , إلى إستحداث أوراق جديدة لربما تصل إلى درجة زعزعة الأمن الداخلي الجزائري عبر تحالفات مع جهات يصنفها النظام الجزائري نفسه في لائحة الإرهاب. فمن هو المستفيد من هذه القنبلة الموقوتة ؟ ومن يرى في زوال هذا الإشكال مع المغرب خطرا على إستثماراته وعمولاته في صفقات الأسلحة بكل أنواعها ؟ من هنا ستكون بداية حلقتنا المقبلة من سلسلة .. لأجلهم