أعزائي القراء أسعد الله أسبوعكم "" أشكر لكم متابعتكم واهتمامكم بهذه السلسلة .. لكنني أشكر أكثر أولائك الذين يقتطعون من وقتهم أثمنه للتعليق على ما أطرحه من أفكار متواضعة وينورون حوارنا هذا بكم لا يستهان به من المعلومات والأفكار القيمة .. ففي هسبريس لسنا كتاب عمود بالمعنى الكلاسيكي للتسمية بل نحن مجرد مشاركين بأفكار قد تصيب بعض الوقت وقد تجانب الصواب أحيانا أخرى, لتظل بذلك رؤى ووجهات نظر قابلة للنقاش والحوار وإن الاختلاف حولها لا يعدو يكون خلافا في الأفكار يحكمه ما يحكم أي نقاش متحضر بين أناس يؤمنون بالتعدد والتنوع. قد يسود الانطباع بأن هذه السلسلة هي مقتصرة على موضوع الصحراء وقد يعتقد البعض أنني لن أتناول في هذا الركن قضايا تمس في العمق الإنسان المغربي بكل تفرعاتها .. قطعا الجواب هو لا. لأنني عندما فكرت في الكتابة تحت ركن يحمل عنوان من أجلهم لم أحصر دائرة من أكتب من أجلهم فأنا أكتب للمظلومين وواقع الحال أن إخواننا المحتجزين في تندوف هم ضحايا ظلم واستبداد وتعدي على أبسط حقوقهم كبشر.. لكنني أكتب كذلك لأجل الشعب المغربي الذي ارتكب النظام الجزائري في حقه أكبر وأفظع الجرائم , فهو الشعب الذي فرضت عليه حرب استنزافية اقتطعت من ميزانية بلده الأموال الطائلة أموال كان أولى بها أن توجه للتنمية والبنى التحتية وخلق فرص العمل.أكتب لشعب لا نفط له لكن طاقته في إيمانه بعظمته وشموخه أكبر مصدر للطاقة. إن الكتابة فعل لا يقبل التلون والتكيف مع المعطى الزمني والمتغير الظرفي اللهم بالنسبة لمن يمارسها كحرفة دون إحساس وكعادة دون انصهار في مفعولها على الذات قبل الغير على الكاتب قبل القارئ , أعتذر منكم لأنني تأخرت في العودة لهذا الركن لكنني أبدا لم أبتعد طوعا أو هروبا بل هي الوقفة التي نحتاجها لإعادة قراءة ما سلف والتريث بحثا عن مكامن الخطأ بين ثنايا ما سطره القلم من حروف وجمل. أعود اليوم لأطرح قيد الدرس مفهوم حق تقرير المصير أو بالأحرى شعار حق تقرير المصير الذي يتشدق به بعض عسكر الجزائر. فما أجمل الشعار عندما نفصله عن إطاره السياسي وما أعظم هذا الحق عندما نزدرده كطعم مسموم الهدف منه هو استلاب إرادة أناس مغلوب على أمرهم لا يملكون من الحياة غير خيم في العراء وأمل كاذب بدولة خيالية وشعارات قد لا يستوعبون مفردات أغلبها . هل تصدقوني لو قلت لكم ان كاتب هذه الحروف عاش في العيون فترة من عمره شرب الشاي من ماء الغدير وسهر مع أبناء الصحراء الكرام على وقع موسيقى الجاكوار وتمتع بسماع الشعر الحساني العميق في معانيه , الغني بمفرداته. وأنا ابن طنجة البعيدة عن العيون بعد القطب عن القطب .. ولا تزال ذاكرتي تحفظ أسماء أناس أكرموني وأحسنوا ضيافتي .. أحسنت بهم الظن فكانوا نعم الأخوة والأشقاء. أنا اليوم سأكتب عنهم وعن زيف كذبة سوقت لهم في علب كتب عليها صنع في الجزائر. من منا لا يوافق على حق تقرير المصير لكل شعوب الأرض.. نقرره بانتخابات حرة ونزيهة نقرره بطرح مسودة حقوق مدنية تضمن لشعبنا حق العمل وحق العيش الكريم, حق التعبير وحق متابعة اللصوص والمرتشين .. نعم لحق تقرير مصير كل شعوب الأرض لكن بشرط أن يبدأ حكام الجزائر بتطبيق هذا الحق على شعبهم المظلوم .. كيف تريدون تقرير مصير الشعب الصحراوي وأنتم من سرق حق الشعب الجزائري بانتخابات أفرزت فوز الجبهة الإسلامية للإنقاذ .. ألم يكن أولى بكم أن تطبقوا الشعار فوق ترابكم قبل تصديره سلعة سياسية لغيركم. فقط أردت أن أنبه أبناء المخيمات أن ما تسميه الجزائر بحق تقرير المصير لا يتوافق مع منطقها في التعاطي السياسي وطبخ القرارات في أقبية مكاتب المخابرات. ألم تك الانتخابات الرئاسية الجزائرية الأخيرة فرصة للشعب الجزائري ليقرر مصيره .. فماذا كانت النتيجة .. لقد شاهد العالم بأسره كيف كانت صناديق الاقتراع تحشى برزم الأوراق المزورة لأصوات لا وجود لها لصالح رئيس لا يحكم بل لصالح فصيل وجناح عسكري يسيطر على خيرات البلد ويستعبد شعبها ويخوفهم بخطر المغرب وكأن المغرب والمغاربة لا شغل يشغلهم غير محاربة الجزائر. لقد ابيض شعر رأسي واستقر المخ واعتدل ولم يعد عندي ما أخسره في هذه الحياة .. وصدقوني أنني لا أجني من وراء كلمة حق أقولها سوى إرضاء ضميري أمام الله وأمام الشعب وأمام التاريخ. إخواني وأحبائي في مخيمات تندوف .. اسألوا حكامكم عن أي مصير يتحدثون واستفسروا ضباط المخابرات الجزائرية عن شكل هذا الحق ومعناه .. هل سيكون بالاقتراع على الطريقة البوتفليقية أم بالتصفية الجسدية على الطريقة التي أزهقت روح بوضياف رحمه الله أم هي بأسلوب الكاوبوي كما حدث في الانتخابات البلدية سنة 1992 اسألوهم هل سيوفرون لكم حق التظاهر والاحتجاج كما هو حالكم اليوم ليس في العيون فقط بل وفي كل ركن من أركان المغرب العظيم .. صحيح اننا كلنا في الديموقراطية عرب أو بمعنى آخر كلنا في الديموقراطية نحبو. لكن الفرق بين حالكم اليوم في مخيمات الاحتجاز بتندوف وحال إخوانكم في العيون والسمارة والداخلة وبوجدور فرق شاسع لا يحتاج لدليل أو برهان. لكن وما دامت الشعارات كلام لا يدفع عليه مال حبذا لو تطوع عسكر الجزائر لدعم الشعب الفلسطيني من أجل تقرير مصيره .. بل إننا لا نكاد نسمع منهم كلمة واحدة تجاه ما تعرفه الساحة الفلسطينية ولماذا نذهب بعيدا إلى الشرق الأوسط إن الشعب المغربي سيكون شاكرا لهم معروفهم لو قاموا بقطع علاقاتهم مع إسبانيا حتى تمنح سبتة ومليلية استقلالها .. لماذا لا يتطوع عسكر الجزائر ذوي القلوب الحنينة على " شعوب الأرض " من أجل شعب الطوارق جنوبالجزائر .. ثم أين ذهبت شعاراتهم عندما دخل بوش إلى عاصمة الرشيد ودكها على بكرة أبيها. إنهم يتحدثون بكلام لا يناسب مستواهم الفكري والمهني والأخلاقي إنهم يزرعون في قلوب الصحراويين الحقد على إخوانهم ويجيشون الشعب الجزائري للاغتناء من وراءه لا أقل ولا أكثر وإنني أتحدى أكبرهم مرتبة وأعلاهم رتبة أن يثبت للشعب الجزائري أن مشكلتهم مع المغرب هي أبعد وأعمق من قضية الصحراء. إنها قميص عثمان الذي يمنحهم حق الفعل دون رقيب وما تقرير المصير سوى حق تريد به الجزائر باطلا. أسعد الله يومكم .. وللأخوة الجزائريين أقول .. مبروك الانتصار على مصر .. على أمل أن تنتصروا على الطغمة الجاثمة على صدوركم.