بين الإشراف اليومي على مكتب متخصص في المحاماة، بشقه المعاملاتي الإداري، وحضورها الدوري في الالتزامات المرتبطة بالعمل التطوعي، تتميز غيثة إخوان بطموح كبير على مستوى الحقل السياسي، وإن كانت تجاهر بالرغبة في البصم على أول تفوق انتخابي لها، من جهة، فإنها تؤكد استهداف التوعية بضرورة انخراط الجالية في السياسة للحصول على مكاسب ضمن الحياة العامة، من جهة ثانية. كما تعتبر غيثة أن خوض تجربة الهجرة في كندا يعني الانخراط، بكيفية أو بأخرى، في رحلة البحث عن تحقيق أحلام فردية وجماعية، ما يستدعي من الجالية البذل الصادق، كل حسب قدرته وفي الميدان الذي يتواجد فيه، مع الإيمان بقدرة المشاركة السياسية والتعابير الانتخابية على إحداث التغيير في الحياة العامة. تحقيق التميز الثقافي تضحك غيثة إخوان بملء شدقيها حين يتم ربط مسقط رأسها بمدينة مراكش، لكنها تصحح المعطى بقولها إن الازدياد قد تم في الدارالبيضاء، لكن دواعي أسرية دفعت إلى تسجيلها في أحد مكاتب الحالة المدنية ب''عاصمة النخيل''، التي تعد أرض الأصول، وتضيف أن الانتماء إلى مراكشوالدارالبيضاء ما هو إلا بروز لانتماء أكبر إلى المغرب ومصدر فخر طيلة السنوات ال35 الماضية. وتضيف غيثة: ''غادرت المغرب مع والدَي وإخوتي قبل الوصول إلى الربيع ال12 من حياتي، لكن ذكريات الطفولة ما تزال حاضرة في بالي، ويتعلق الأمر بأجواء الدراسة في إحدى مؤسسات التعليم الخصوصي، ومرور المناسبات والأعياد بابتهاج وسط الأقارب والأحباب، وكلها تواصل تحقيق الانجذاب الوجداني تجاه الوطن الأم''. وعن تواجد تعابير الثقافة المغربية بارزة في معاملاتها، رغم استيفاء 24 سنة من الاستقرار على التراب الكندي، تورد غيثة أن التربية التي ظفرت بها منذ نعومة الأظافر، والمواظبة على التواجد في المملكة لمدد متفاوتة خلال فترات العطل، قد أفضيا إلى التشبع بما هو معهود في أي أسرة تصون هويتها الأصلية، لكنها تشدد على أن هذا التجانس جعلها تلوح متميزة بعدما كسبت رهان الاندماج في البيئة الكندية. صورة كندية وردية قررت أسرة إخوان الاستقرار في أمريكا الشمالية سنة 1999، مبتغية افتتاح القرن الواحد والعشرين بطموحات عالية مرتبطة بالفرص المتاحة على أراضي كندا، خاصة أن مؤهلات الأب في ميدان الهندسة، مسنودة بخبرة الأم في العمل ضمن الميدان المصرفي، تجعل تسريع الارتقاء الاجتماعي والمالي متاحا للأبوين وصغارهما. تستحضر غيثة ذلك قائلة: ''جئنا بسبب حملات دعائية راغبة في استقطاب مهنيين من المغرب إلى كندا، وقد أفضى ذلك إلى إقناع أبي في بادئ الأمر، إلّا أنه انتظر 5 سنوات قبل أن يحين وقت التحرك لنا جميعا، وبعدها كنا مطالبين بإعادة ضبط إيقاع الحياة بما يضمن لنا انطلاقة جديدة تواكب السقف العالي للطموحات في تلك الفترة''. بعد مرور رُبع قرن على ما وقع، تشدد غيثة إخوان على أن الحملة التي قادت والديها إلى الهجرة لم تكن دقيقة فعلا، إذ لم تتطرق إلى ضمانات احتفاظ الناس بالإطار الاجتماعي نفسه، على الأقل، ولم تشر إلى وجوب الخضوع لتكوينات كندية للاعتراف بالشواهد المهنية والخبرات التي تمت مراكمتها، أي إن الدعاية عملت على ترويج صورة كندية وردية لا تعبر عن الحقيقة. تأثير الحقل الاجتماعي عمل التنوع الثقافي لغيثة إخوان على التأثير في شخصيتها وجعلها ذات ميول للتواجد بكثافة في الأعمال ذات الصبغة الاجتماعية، وتطوير هذا الحضور بالإقبال على الأداء التطوعي، ثم الوصول إلى الأخذ بهذه الجهود عند حسم التوجه في مرحلة التعليم العالي؛ إذ قررت الانخراط في دراسة التعاون الدولي. تقول ذات الأصل المغربي: ''راكمت سنوات طويلة في العمل مع الجاليات، ومن بينها الجالية المغربية، كما أن الصعوبات التي واجهت أبي وأمي كانت محددا لتوجهي نحو التكوين في التعاون الدولي، خاصة ما يرتبط بأدوار البلدان والمنظمات غير الحكومية في تجويد حياة الناس بالدول السائرة في طريق النمو، وأيضا الارتقاء بأوضاع الأقليات في البلدان المتقدمة''. كما أن تأثير الحضور في الحقل الجمعوي، حسب غيثة إخوان، دفعها إلى الوعي بضرورة تموقع الجالية وسط السياسات العمومية في كندا، لذلك قررت استثمار رصيد العمل 10 سنوات مع التنظيمات المدنية المختلفة في تجربة سياسية لاحقة، والبحث عن تموقعات انتخابية محلية لم تكلل بعد بالحصول على مهمة انتدابية حتى الحين. طموح سياسي جارف دلفت غيثة إلى العمل الحزبي باقتراح من أحد زملاء الدراسة، إذ كان يعرف أنشطتها الموازية خلال مرحلة الدراسة الإعدادية وأوصى بها في حزب بلدي جديد يمارس سياسة القرب، وسرعان ما حازت الموافقة على الترشح ضمن الانتخابات البلدية في منطقة ''كوط دي نيج''، حيث يتواجد عدد ملحوظ من المغاربة، لتخرج من التجربة بطموحات سياسية جارفة تبتغي النجاح الانتخابي مستقبلا. ''أندفع سياسيا بما أحمله من توجهات إنسانية، وهي محددات انتمائي الأساسية قبل أي ألوان حزبية، كما أحمل شعورا يلازمني بناء على تجربتي وأسرتي عند الوصول إلى كندا، خلاصته أن السياسات العمومية يجب أن تميل إلى استحضار المزيد من العدالة بين الناس، وسأواصل الاشتغال السياسي من هذه البوابة''، تورد إخوان. تحرص غيثة على تطوير عملها السياسي بالمزيد من التواصل المباشر مع الناس، والتقرب من الناخبين بإصغاء متواصل لهمومهم، ومواكبة المستجدات في صياغة انتظاراتهم، كما تضع نصب عينيها آخر تجربة انتخابية مع الحزب الليبرالي في كبيك، خلال الاستحقاقات البلدية، لتعلن أنها حصلت على تجربة مفيدة تؤهلها إلى المراهنة على الفوز بمقعد ضمن المحطة الانتخابية الموالية. تدبير مكتب للمحاماة بالموازاة مع الأداء التطوعي والحضور السياسي، تواصل غيثة إخوان مراكمة النجاح في الإشراف على مكتب للمحاماة بمدينة مونتريال، مراكمة بذلك 12 سنة من التواجد المهني في هذا المضمار، ومساهمة بفعالية في غدو المكتب واحدا من وجهات المعاملات القانونية التي تلقى الإقبال في المنطقة. تقول المزدادة في الدارالبيضاء: ''العمل يسير بشكل جيد مع شريكين في مكتب للمحاماة، إذ أتولى مهام المديرة بما يعنيه الأمر من تجهيز ومواكبة للملفات، وهذا العمل وصل إلى سنته ال12؛ إذ قبلت عرض عمل لم أدخر فيه أي جهد، وحاولت المساهمة في نجاح نقل فضاء الاشتغال من طابق تحت أرضي، وقت البداية، ليستقر في واحد من أرقى الأحياء بمونتريال وكبيك خلال المرحلة الحالية''. إلى جانب ذلك، اختارت البالغة سنتها ال34 من الاستقرار في كندا توسيع مداركها في العلوم القانونية بالإقبال على التكوين الأكاديمي، وذلك من أجل الارتقاء بكفاءتها في التعاطي مع التزاماتها المهنية الأساسية، باعتبارها مديرة مكتب للمحاماة، إضافة إلى ما يتيحه هذا التأطير الجامعي من جعل الأداء السياسي مستندا إلى دعامة قانونية أكثر صلابة. الحلم الأمريكي الشمالي ترى غيثة إخوان أن المقبلين على الهجرة إلى كندا يختارون البحث عن تحقيق ''الحلم الأمريكي'' بمعناه الواسع، ليس ارتباطا بالولايات المتحدةالأمريكية وإنما بقارة أمريكا الشمالية عموما، ما يعني كونهم مطالَبين بالمبادرة إلى البحث عن الموارد اللازمة لتحقيقهم النجاحات المرجوة دون انتظار من يقدمها لهم كهدية، لأن ذلك مستحيل تماما. وتعتبر الشابة نفسها، بناء على الخلاصات الحالية لتجربتها في كندا، أن كل وافد جديد عليه الحرص على استثمار الكفاءة التي يتمتع بها من أجل التطور، كما تشدد على أن المبادرة إلى العمل بصدق لا يمكن أن تلقى أي جزاء غير إدراك الخير، ويفضي ذلك إلى الاندماج في المجتمع الجديد. ''وطننا الأم لا نقاش فيه، لكن العيش في كندا يعني أيضا أنها بلدنا، ومن أجل خدمة مصالحنا ينبغي أن نحارب الأفكار التي لا تؤمن بالعمل السياسي، وأن نقدم الدعم الانتخابي لمن يحملون أفكارا كتلك التي لدينا، وأن نوصل من يشبهوننا إلى مراكز القرار كي تتم مراعاتنا في تدبير الحياة العامة''.