قال محمد المهدي بنسعيد، وزير الثقافة والشباب والتواصل، إن فترات الأزمات التي عاشها المغاربة، سواء خلال فترة كوفيد-19 أو مِن بعدها في "زلزال الحوز"، "أثبتت مناعة المواطنات والمواطنين المغاربة تجاه الأخبار الزائفة أو الكاذبة، التي تعد إشكالية ومرضا عالميا لم تسلَم منه بلادنا التي تعمل على تقوية التواصل المؤسساتي". بنسعيد، الذي كان يتحدث من منصة مجلس النواب جواباً عن أسئلة موحدة في موضوع "الأخبار الزائفة أو المضللة"، خلال "جلسة الأسئلة الشفهية"، مساء الإثنين، أكد أن "المغاربة لديهم ما يكفي من الذكاء للتمييز بين الأخبار الصحيحة والأخبار الكاذبة؛ وهذا موضوع مهمّ جداً لدى عموم المواطنات والمواطنين بسبب التطور التكنولوجي الحالي والمتسارع"، وزاد شارحا: "هذا ما عشناه جميعاً عندما كان المغاربة يبحثون عن الأخبار الصحيحة والمعلومة الدّقيقة"، موردا في المثال أن ذلك البحث غالبا ما تمّ "لدى القنوات الوطنية الرسمية، ووكالة المغرب العربي للأنباء". وفي معرض جوابه، لم يفُت وزير التواصل أن يشيد بمجهودات الصحافة الوطنية "الخاصة"، التي قال إنها "تعمل من جانبها خصوصا الصحافة الجادّة والمسؤولة على تقديم الخبر الصحيح للمواطنات والمواطنين"، موردا بهذا الشأن: "ندعم جهودها في توضيح الأخبار ومحاربة الزائف منها، إذ نشتغل على مرسوم جديد لدعم وتحديث المقاولة الصحافية، باعتمادات مالية جديدة تمكّنها من تكوين الصحافيين، وتعزيز مواردها البشرية بصحافيين قادرين على جلب المعلومة الصحيحة من المصدر". "الهدف هو أن تصبح الجريدة أو الموقع الإلكتروني يضمان صحافيات وصحافيين يشتغلون بمهنية عالية"، يشدد بنسعيد في الجواب ذاته، مردفا: "لا بدّ من الإشارة إلى أن هناك مؤسسات إعلامية وطنية تضم كفاءات وتقوم بعمل كبير". "الجهود متواصلة" "الجهود متواصلة لمحاربة الأخبار الكاذبة، مثلا من قِبل الوزارة عبر نشرها الأخبار الصحيحة في مواقعها الرسمية؛ خصوصا موقع 'maroc.ma'، وكذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي"، يورد وزير الثقافة والشباب والتواصل، مؤكدا أن "هناك أيضا بثاً للبلاغات والأخبار الصحيحة عبر النشرات الإخبارية للقنوات الوطنية، مع تخصيص قسم خاص ب'SNRT NEWS' لمحاربة الأخبار الزائفة وخدمة 'Fake News SOS' لوكالة المغرب العربي للأنباء التي اشتغلَت بشكل كبير خلال فترة الجائحة، وطيلة فترة زلزال الحوز". وكشف المسؤول الحكومي ذاته في معرض حديثه عن عمل وزارته على "التفكير في إستراتجيات جديدة لمحاربة الأخبار الزائفة، سواء تلك المتناسلة عبر مواقع التواصل الاجتماعي أو المنشورة في وسائل الإعلام"، معلناً عن "تنسيق واتفاق قائم في الآونة الأخيرة بين وزراء الإعلام والاتصال العرب لتوحيد النقاش والرؤية قصد التباحث الجاد بشأن موضوع مكافحة نشر الأخبار المضللة مع المقاولات الكبرى المالكة لوسائل ومنصات وشبكات التواصل الاجتماعي (GAFA)"، وهو ما سيضمن -حسبه – "تجاوبها إيجابياً كما هو الحال بالنسبة لتشريعات تكتل الاتحاد الأوروبي". "قسم خاص بالتواصل الرقمي" وقال وزير التواصل معددا "المجهودات على مستوى وزارة الشباب والثقافة والتواصل" إن "العمل بدأ على رصد الأخبار الزائفة وتصحيحها عبر مواقع الوزارة، كما أن هناك مشروع إحداث قسم خاص بالتواصل الرقمي (ضمن هيكلة الوزارة)، سيشتغل بأحدث التقنيات والتكنولوجيات لمواجهة ورصد الأخبار الكاذبة". وشدد بنسعيد على أن وزارته "عمِلت وستواصل العمل بخصوص محاربة الأخبار الزائفة المرتبطة بالتراث الثقافي"، مقرّاً بأنه "تم تسجيل عدد من الأخبار عبر مواقع التواصل الاجتماعي غير صحيحة، وفور تسجيلها يتم التوضيح بجميع الوسائل الممكنة". ولم يخلُ جواب الوزير من سردية "القانون" في المسألة، مستحضرا "تجريم القانون الجنائي هذه الأفعال حسب المادة 447-2 منه"، ثم "المادة 72 من القانون المتعلق بالصحافة والنشر"؛ وقال معلقاً ضمن تعقيبه على النواب: "هناك مواطنون ومؤسسات لجؤوا إلى القضاء الذي يظل حلاً في بعض الأحيان، وتم إنصافهم"، وسجل ختاماً أنه "يُمكن لأيّ مواطن أو مؤسسة (متضررة من الأخبار الزائفة) مراسَلة المجلس الوطني للصحافة في ما يخص الأخبار الزائفة المنشورة عبر المؤسسات الإعلامية الوطنية". "دعوات لردع أكبر" في تعقيباتها على جواب الوزير، أجمعت الفرق البرلمانية (طارحةُ السؤال) على أن "كثرة المواقع الإلكترونية وتعددية الوسائط (وفوضاها أحيانا) سببٌ حاسم في نشر سريع للأخبار الزائفة، لاسيما من طرف من يسمّون أنفسهم 'مؤثّرين'"، منددة بما وصل إليه البعض من "أنواع الابتزاز أو نشر أخبار مضللة تهدف إلى زعزعة ثقة الرأي العام والتأثير فيه". وبينما شدد النواب أنفسهم على أن "محدودية الوصول إلى المعلومات الرسمية، مع عدم تفعيل أمثل لقانون الوصول إلى المعلومات 31-13، سببان إضافيان يفاقمان الوضع"، انتقدوا "ضعف الإمكانيات المادية المسخرة لوسائل الإعلام الوطنية العمومية والخاصة التي تواجه أكاذيب استهداف بلادنا من الخارج، بل تطال التراث الثقافي والفني وتسطو عليه"، وفق تعبيرهم. ودعت الفرق النيابية إلى "زيادة تدابير ردعية تجاه مروّجي الأخبار الكاذبة، وتشديد القانون تجاههم"، موازاة مع "التدخل المناسب والفوري للتفاعل وتصحيح الأخبار الكاذبة المضرّة بسمعة المملكة". بدء ترميم المآثر التاريخية بعد الزلزال تفاعلاً مع موضوع "وضعية بعض المآثر التاريخية" بعد زلزال الحوز الذي خلّف أضرارا مادية في بعضها، جدد وزير الثقافة التأكيد أن "المرحلة الأولى، وهي تشخيص دقيق لوضعية المآثر التاريخية بجهة مراكش، قد تمت، مع تأمينها بنجاح"، كاشفا أن "دراسات حاليا تجرى لبدء عمليات الترميم في بعضها". وسجل الوزير في السياق نفسه نجاح وزارته ومصالحها الجهوية في مراكش "في تحدي فتح قصر الباهية وقصر البديع ومآثر مماثلة تزامناً مع دينامية استقبال اجتماعات سنوية للبنك وصندوق النقد الدوليين في الأسابيع الماضية"، وقال إن "70% في المائة من هذه المآثر كانت جاهزة لاستقبال زائريها المغاربة والأجانب". أما عن عمليات ترميم مسجد "تنمل" التاريخي، الذي تضرر بقوة جراء زلزال ثامن شتنبر، فأكد بنسعيد أن هناك "لجاناً مشتركة أحدثت لهذا الغرض مع قطاع وزارة الأوقاف وبتنسيق وثيق معه"، بحكم الاختصاص المشترك بين القطاعين.