يقدم لنا ممثلو الإسلام السياسي بشكل متناقض أفكارهم . أحيانا ، يحاولون تزوير التاريخ بصفاقة وبشكل يخدم مصالحهم الإيديولوجية والسياسية . الغريب أن منظومتهم الفكرية المشيدة على السراب وعلى نوستالجيا لزمن لم يوجد يوما إلا في مخيلاتهم ، متناقضة من ألفها إلى يائها ، بينما يتصارخون أن ثمة مؤامرة تحاك ضدهم . هل نحن اليوم فعلا في حاجة إلى إسلام بروتيستانتي من أجل تصحيح مسار فكر التاريخ العربي الذي تلقى العديد من اللكمات تحت الحزام بواسطة الإسلام السياسي ؟ "" إن من بين الأساليب المعروفة المستعملة من طرف الإسلام السياسي هي تضليل الرأي العام وإبادة الرأي الآخر عن طرق تكفيره وتخوينه ومحاصرة المعرفة بشكل عام ، لأن المعرفة هي العدو الأول للحركات الإسلامية . وهذا طبيعي ، لأن الجهل والأمية وغياب الوعي النقدي يجعل مثل هذه الحركات تنتشر بسهولة وتحافظ على مكانتها . ولما كتبت سابقا عن أسطورة قداسة صحيح البخاري التي لا تختلف في نظري عن تأليه الأشخاص ، سارع البعض إلى أقلامهم بسذاجة ودون تفكير أو بحث أو تنقيب مدافعين عن شيخهم البخاري ، لذلك كانت ردودهم بعيدة جدا عن الأجوبة ، بل كانت مضحكة أحيانا وهي تغطي عورتها بالعلمية. ولأن صاحبنا البخاري أسال الكثير من المداد والنقاش حيا وميتا ، ولأن أيضا بعض أجنحة الإسلام السياسي تأكل الثوم بفمه ، وتدافع عن مشروعيتها بأن قدمت كتابه في هالة أسطورية لا توجد إلا في قصص الأطفال . ولأن بعض فقهاء الظلام يمارسون الكذب على الشعب " وأظنهم يدخلون هذا الكذب في باب الحلال " ، وجدت أنه من الضروري أن أقول لأتباعه : إنكم كذابون ، ودجالون لغويون ، ولا أخلاق لكم . تشطبون مجلدات ومصادر من التاريخ لأنها لا توافق رأيكم ، وتستغلون في ذلك أمية الشعوب وجهلهم . تقولون بإجماع الأمة على صحة البخاري وهذا افتراء جلي . وتقولون بأشياء كثيرة لم تحدث قط إلا في مخيلاتكم . لن أتحدث هنا عن رأيي الشخصي أو المناهج في العلوم الإنسانية أو نسبية الحقيقة أو استعمال العقل لأن كل ذلك كما تقولون بدعة ومن عمل الشيطان وإبليس لعنه الله ، ولما أصبح الإسلام السياسي يخلط بين ما يبرهن به وما يبرهن عليه ، حيث يبرهنون على مسائل بمقدمات يعتبرونها بديهية في حين هي أصلا تحتاج إلى برهنة ، وكان قد قال ابن سينا كلامه في المنطق منذ قرون : الموضوعات يبرهن فيها ، والمسائل يبرهن عليها ، والمقدمات يبرهن بها . فكيف يسوقون حججا ليست في المنطق من شيء ؟ ولأنني أعذر جهلهم وعيشهم في كهف قديم وعدم اطلاعهم على المعرفة وطريقة التفكير الحديثة فسأسوق لهم حججا على أسطورة صحة البخاري من داخل نسيجهم الفكري . سأوضح مسألة الجهل هنا أيضا لأنهم سيلتصقون بهذه الجملة ويدعون مطالعاتهم الواسعة من مطلع الفجر حتى قنوت الليل ، فأنا أقصد هنا أنهم ليس لهم الوقت للإطلاع على المعرفة الكونية ، فهم يمضون الكثير من ساعات النهار والليل في قراءة القرآن يوميا ، وكثيرون منهم قرأه أكثر من ألف مرة في حياته ولا زال يقرأه صباح مساء أعانهم الله عليه حتى لا ينساه ، أضف إليه بعض مؤلفات لعذاب وأهوال القبور وصحيح البخاري طبعا ، وبعض تفاسير القرآن ، ولو كان بعضهم يقضي وقته مع المؤلفات العالمية والعربية المتنوعة ربع ما يقضيه في قراءة القرآن لكان المجتمع الإسلامي اليوم يمتلك عينا نقدية فاحصة وبنية تفكير مختلفة ... بلا خجل يقول الأربعون حرامي أو فقهاء الظلام أن صحيح البخاري أجمع عليه السلف الصالح ، وهذه كذبة ومهزلة كبرى ، فالعديد من العلماء الذين عاشوا في زمن البخاري أو الذين أتوا بعده تعرضوا للكتاب وصاحبه بالنقد ، والبعض هاجمه بشكل صريح وبلا هوادة ، وإن كان استفاد البخاري من دعم السلطة السياسية له كما استفادت المذاهب الأربعة في حين انقرضت المذاهب الأخرى السنية ، فإنه لم يسلم رغم القداسة التي حاولت السلطة السياسية تلوينه بها من سهام النقد . لقد ذكر كتاب البخاري بين الرفض والقبول الكثير من المراجع التاريخية التي تحدثت بالأمر نذكر بعضها : فقد أورد الخطيب في مؤلفه المشهور " تاريخ بغداد " أن أبي حنيفة رد حديث رض رأس اليهودي بحجرين الذي أورده البخاري والمروي عن أنس بن مالك وقال عن الحديث أنه هذيان . ومن رأي أبي حنيفة أن الصحابة ليسوا بمعصومين من قلة الضبط الناشئة عن الأمية أو كبر السن كما أورده كتاب تأنيب الخطيب على ما ساقه في ترجمة أبي حنيفة من الأكاذيب للإمام محمد زاهد الكوثري . كما رد أبي حنيفة صحة حديث اليدين عند الركوع الذي أخرجه البخاري ، لأنه فضل رواية عبد الله بن مسعود على رواية عبد الله بن عمر ، ورد أيضا حديث الرسول من أدرك ماله بعينه عند رجل أو إنسان قد أفلس فهو أحق به من غيره وهو ما أورده البخاري كما جاء في كتاب الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار للحافظ بن عبد البر القرطبي . فأين إجماع الأمة ؟؟؟ ها هو ركيزة من أعمدة المذاهب مؤسس المذهب الحنفي يطعن في صحيح البخاري ويخرج أحاديثا منه . ولنر موقف إمام المذهب المالكي مالك بن أنس من صحيح البخاري ، قد أورد أبو إسحاق الشاطبي المالكي بالموافقات في أصول الشريعة أن مالك ضعف حديث غسل الإناء من ولوغ الكلب سبعا ويقول :" يؤكل صيده ، فكيف يكره لعابه ؟؟ " وهذا ليس قولي ، بل قول إمام المذهب المالكي الذي ضعف هذا الحديث ، والسؤال موجه هنا ليس إلى الأربعين حرامي أصحاب البخاري بابا بل أيضا لأصحاب الإعجاز العلمي . أما أحمد بن حنبل فقد استنكر الحديث الذي أخرجه البخاري بسنده عن عائشة من مات وعليه صيام صام عنه وليه ، كما جاء في كتاب سير أعلام النبلاء للإمام الحافظ الذهبي ... وها هو ابن حجر العسقلاني يقول في مقدمته هدى الساري أن البخاري لما ألف صحيحه عرضه على أحمد بن حنبل ويحيى بن معين وعلي بن المديني وغيرهم فاستحسنوه وشهدوا له بالصحة إلا في أربعة أحاديث ، والرواية وردت عن العقيلي ، ففي الوقت الذي حاول أن يدافع عن الكتاب المدعوم من السلطة الساسية الدينية ثبت على نفسه أنه ليس صحيحا بالكامل . وها هو الحافظ النووي يقول في مقدمة فتح الباري أن البخاري ومسلم لم يلتزما بالدقة في أحاديث كثيرة وأحال على مؤلف الإمام الحافظ أبو الحسن علي بن عمر الدارقطاني . أما الإمام تاج الدين السبكي الشافعي فقد أورد فصلا خاصا في مؤلفه طبقات الشافعية الكبرى بعنوان " أوهام البخاري " . فأين هذا الإجماع والعلمية التي يتحدث عنها فقهاء الظلام ؟؟؟ ولعل ما وقع مع المحدثين يمكن أن يشرح لتلك الرؤوس المتحجرة والكاذبة أن الإجماع لم يكن يوما لا في الماضي ولا في الحاضر .وأبرزها ما وقع مع ناصر الدين الألباني عندما أثارت تضعيفاته لبعض أحاديث مسلم زوبعة فرد أحد تلامذته علي حسن الحلبي الأثري بكتاب أثبت فيه أن ثمة انتقادات على الصحيحين سندا ومتنا منذ زمن تأليفهما إلى يومنا وأثبت أن دعوى الإجماع باطلة ... ويزيد صاحب كتاب البخاري بين الرفض والقبول في فضح صحيح البخاري ويسوق مجموعة من الكذابين والضعفاء لأنهم كانوا يلفقون الحديث ، كثابت بن محمد الكوفي الذي قال الدارقطاني عنه في الجرح والتعديل أنه يخطئ ، ومحمد بن أبي سعيد الكذاب الذي صلب بتهمة الزندقة ووضع الأحاديث ، وهو معروف في كل مصادر التاريخ ، ذكره الذهبي وغيره ، والعجيب أن البخاري أخرج عنه في صحيحه ؟؟؟؟ ولنذكر القليل ممن أورد أسماءهم البخاري في صحيحه والذين ذكروا بالكذب والتخليط في المراجع التاريخية : أسيد بن زيد قال عنه ابن حبان يروي عن الثقات المناكير ويسرق الحديث ، وكذبه ابن معين ، وقال النسائي متروك . أحمد بن صالح أبو جعفر المصري ، قال النسائي ليس بثقة وقال بن معين رأيته كذابا .اسماعيل بن أويس ، قال عنه الدولابي سمعت النظر بن سلمة المروزي يقول كذاب كما ورد في ميزان الاعتدال . خثيم بن عراك بن مالك ، قال بن حزم لا تجوز الرواية عنه كما جاء في تهذيب التهذيب . عمران بن حطان ، قال الدارقطاني متروك لسوء اعتقاده وخبث مذهبه ... ولقد ذكر أكثر من 55 راويا مشكوك في أمرهم بالرجوع إلى العديد من المصادر التاريخية ، إن لم نقل أغلبها . فأين هذه الصحة وأن البخاري ترك الرواية عن أحدهم لأنه كذب على دابته ؟؟؟ الغريب أن البخاري ذكر بعض الرواة بالضعف في كتابه الضعفاء ، لكنه روى عنهم في صحيحه وهم كثر كأيوب بن صالح بن عائد الذي اتهمه البخاري في كتابه الضعفاء أنه من المرجئة ولكنه أخرج عنه حديثا ؟؟؟؟ فبماذا ستجيبوننا هذه المرة أيضا؟؟؟ كما أورد كتاب البخاري بين الرفض والقبول تناقضات في صحيح البخاري نورد مثالا منها : متى حدث الإسراء والمعراج ؟؟؟ لقد أورد البخاري حديثا في صحيحه أن الرسول روى أنه جاء تلاثة نفر قبل أن يوحى الله ...حيث يتحدث أن الإسراء كان قبل الوحي ، وهذا تناقض سافر. فالمنطق والتاريخ وأحاديث كثيرة تروي أن حادثة الإسراء وقعت بعد الوحي حيث فرضت الصلاة . إذ لا يمكن أن تكون الصلاة قد فرضت قبل الوحي . إلا إذا كان صاحبنا البخاري يريد أن يقول أنه وقع الإسراء مرتين ، وهذا مستحيل ... وأتمنى قراءة هذا الكتاب الذي يحيل على مجمل المصادر والمراجع في التاريخ الإسلامي التي تكشف هلوسات فقهاء الظلام . إلا إذا أراد هؤلاء أن يشككونا في كل تلك المصادر وأنها صنيعة الولاياتالمتحدةالأمريكية . حيث سيجدون أنفسهم بلا أي مرجع تاريخي أو كتاب تفسير للقرآن أو كتاب ديني لأنهم سيشطبون كل التاريخ . لقد اعتاد إرهابيو الإسلام السياسي أن يغطوا عوراتهم بحذف الجمل في طبعات الكتب ويكتبون عليها طبعة منقحة ، فأرجو من القارئ أن ينتبه للحذف إذا ما كانت ثمة نقط استرسال وضعتها المؤسسات الإرهابية كالأزهر أو المؤسسات المسؤولة عن تدجين الإرادة الشعبية لصالح التحالف القائم بين الإسلام السياسي والسلطة الاستبدادية . أما ما عدا ذلك فلا يملكون إلا مصادرة الكتب والمقالات التي تكشف عوراتهم ، فمن الصعب على القارئ العادي أن يتصفح عشرات المؤلفات التاريخية والدينية إذا لم يكن باحثا في الموضوع ويمتلك عينا نقدية ، ولذلك فهم يرتعبون من الكتابات التي توجه القارئ إلى أماكن محددة يمكن الوصول إليها بسهولة . إذ يكون من الصعب على القارئ مثلا أن يتصفح طبقات ابن سعد ويقارن أسماء الرواة وما قيل عنهم من كذب أو تزوير من طرف العلماء الذين عاصروهم ويتقفى أثرهم في كتاب البخاري ... والأمر طبيعي لن يقف عند ابن سعد ، بل يجب تقفي أثرهم في مؤلفات لشيوخ كثيرين ... لذلك أفهم لماذا يتعالى نباح إرهابيي الإسلام السياسي كلما اصطدموا مع مقالات على هذه الشاكلة ويكثر لغطهم ويفقدون صوابهم . لقد تقفى كتاب روايات المدلسين في صحيح البخاري للدكتور عواد الخلف أسماء المدلسين في صحيح البخاري فوجدهم سبعين راويا عبر مؤلفات ومراجع أحال عليها وقسمهم إلى طبقات . فأين رد البخاري للراوي لكذبه على دابة ؟؟؟ بينما أورد أبو الوليد الباجي سليمان بن خلف بن سعد المتوفى 474 في كتابه التعديل والتجريح لمن خرج له البخاري في الجامع الصحيح أسماء المدلسين والرواة المتهمين بالكذب وغيره ، ونورد أمثلة : روى سعيد بن المسيب أنه قال يا برد لا تكذب علي كما كذب عكرمة على بن عباس . وقال شعبة : لأن أزني أحب إلي من أن أروي عن أبان بن أبي عياش . وعن أحمد بن حنبل أنه قال المشهورون بالكذب على الرسول أربعة ، مقاتل بن سليمان وابراهيم بن أبي يحيى وأحمد بن عبد الله الجوباري ومحمد بن سعيد الشامي . فعن أي صحيح يتحدثون ؟؟؟؟؟ ويعتبر كتاب القول الصراح في البخاري وصحيحه الجماع للفقيه فتح الله بن محمد جواد الأصبهاني من الكتب التي فصلت بالمصادر والمراجع أساطير فقهاء الظلام عن صحيح البخاري ويحيل على الكثير من فقهاء السنة الذين طعنوا في صحة البخاري كالحافظ بن الجوزي 510-597 الذي ألف كتاب " مشكل الحديثين أو مشكل الصحاح " ، والحقيقة أنه لو أوردت بعض أمثلة مما أورد داخل الكتاب للزم الأمر مقالات عديدة ، وسأكتفي بأمثلة مما ورد يتساءل كيف للبخاري أن يحتج برواة في صحيحه ويورد أسماءهم في كتابه الضعفاء ؟؟ ويورد أمثلة عديدة لمدلسين وردت أسماءهم في ميزان الاعتدال . ويقول من وجوه الطعن في البخاري ما يدل على عدم ديانته ووثاقته وتدليسه وأنه تصرف في مال الغير بغير إذنه وارتكب الكذب الصحيح كما قال مسلمة بن قاسم في تاريخه وما مضمونه أن البخاري سرق كتاب العلل لعلي بن المديني وكيف نسخه بعدما تحايل على ابن علي المديني وأغراه بالمال ، فبقي أستاذ البخاري مغموما حتى مات لما تعرض له من سرقة تلميذه البخاري لمؤلفه ، أما البخاري فألف الصحيح عن ذلك الكتاب ، والقصة التي تثبت أن البخاري ارتكب السرقة الأدبية في حق أستاذه واردة أيضا بالاختصار في كتاب تهذيب التهذيب لابن حجر . فما رأيكم في ابن حجر وكتابه تهذيب التهذيب ؟؟؟ هل هو عميل لأمريكا أيضا ؟؟ ومما يدل على جهل البخاري ما كتبه السرخسي في كتابه المبسوط ، عندما أفتى البخاري بتبوث الحرمة بعدما سألوه عن رضاع الصبيان بلبن الشاة . وقد حاول الإسكندراني في المتوارى الدفاع عن هذه الحادثة التي تثبت بلادة البخاري عندما قال : يسلم البخاري في علم الحديث ولا يسلم في علم الفقه .كما ذكر أبو البركات في كتاب " كشف الأسرار" أن البخاري استفتى في صبيين شربا من لبن شاة فأفتى بثبوت الحرمة . وأورد الكاتب تناقضات كثيرة يصعب سوقها كاملة وتم التفصيل في ثبوت كذب العديد من رواة صحيح البخاري بأدلة تاريخية كما هو حال عبد الله بن الزبير الذي كذب على عائشة وشهد زورا في حادثة الحوأب المشهورة التي رواها أيضا ابن خلكان في تاريخه ، بل كان يريد أن يحجر على عائشة وأورد قصة الحجر البخاري أيضا في صحيحه . وروى ابن عبد البر في التمهيد عن عائشة أنها لما سمعت أبا هريرة يتحدث على أن الشؤم في ثلاثة في المرأة والفرس والدار قالت كذب والذي أنزل الفرقان على أبي قاسم ... وقالت أنه كان يقول كان أهل الجاهلية يقولون وهذا أورده العسقلاني في فتح الباري . فأين هؤلاء الذين كانوا يشرحون لي اللغة العربية عندما ذكرت الحديث ؟؟؟ هل سيشرحون اللغة العربية ومعاني الرسول لعائشة زوجته التي فهمت نفس ما فهمت ؟؟؟ ثمة مثل مغربي يساق هنا يقول : تعالي يا أمي أدلك على دار أخوالي . فإرهابيو الإسلام السياسي يريدون أن يشرحوا لعائشة ماذا أراد زوجها قوله من الحديث بعد 14 قرنا من التخلف والجهل . إن الإسلام السياسي الذي يقدم البخاري مقدسا هو نفسه الذي اعتمد أربعة مذاهب فقط بعدما حكم على المذاهب الأخرى بالإفناء لأنها لا تشاطره أراءه . فماذا يعرف المسلمون اليوم عن مذاهب سفيان بن عينية ، وسفيان الثوري ، والليث بن سعد ، وأبي ثور ...والذي ربما لا يعرفه الكثيرون هو أن المذاهب الأربعة تبثها السلطان بيبرس وحرم ماعاداها وهو ما قال به المقريزي وابن كثير والذهبي ...ولقد أورد التاريخ الكبير اتهام البخاري لأبي حنيفة بكونه مرجئا . وقال ابن الحجاج متفكها على تناقضات المذاهب : الشافعي من الأئمة قائل / اللعب بالشطرنج غير حرام وأبو حنيفة قال وهو مصدق / فيما يبلغه من الأحكام شرب المثلت والمنصف جائز / فاشرب على طرب من الأيام وأباح مالك الفقاع تطرقا / وبه قوام الدين والإسلام والحبر أحمد حل جلد عميرة / وبداك يستغني عن الأرحام فاشرب ولط وازن وقامر واحتجج / في كل مسألة بقول إمام ولعل أغرب الفتاوى هي فتوى مالك صاحب المذهب المالكي في تحليل زواج الابن بابنته من الزنا ومن أخته وبنت بنته مستدلا بأنها أجنبية ولا تنتسب له شرعا . فما جوابكم يا فقهاء الإسلام السياسي ؟؟ هل تنكرون هذه الفتوى ، وهي موثوقة في المراجع ، أم ستغطونها بعوراتكم ؟؟ اشرحوا للناس كل ما قال مالك ، ولا تقدموا فقط ما ترونه مناسبا للعصر وتخبئون الفضائح . أما الحديث الذي أوردته سالفا عن إتيان المرأة في دبرها ، واتهمني إرهابيو الإسلام السياسي بالشذوذ كما عادتهم دائما ، فأتمنى أن يبقوا على مواقفهم ويتهموا ابن كثير وابن عمر والنووي وابن حجر والسيوطي وغيرهم بالشذوذ الجنسي . الغريب أن إرهابيي الإسلام السياسي لا يقرؤون تفاسير القرآن في حين يتهمون الآخر بعدم قراءته . بل أن ثمة فتوى للشيخ صالح الكرباسي يقول أنه من الخطأ الفاحش عد هذا النوع من الممارسة لواطا ومن أعمال قوم لوط ، وهو نوع من المغالطة وذلك لأن اللواط هو الاتصال الجنسي بين ذكرين لا بين ذكر وأنثى . ويبدو لي فعلا أن فضيلة الشيخ بهذه الحماسة في الدفاع أنه مثلي جنسيا ويأتي زوجته من دبرها والله أعلم . أما السيوطي فبعدما أورد في باب النقول في أسباب النزول الرأي القائل بالتحريم ، احتج في الرأي الآخر بجوازه :" وأخرج البخاري عن ابن عمر قال انزلت هذه الآية في إتيان النساء في أدبارهن ، وأخرج الطبراني في الأوسط بسند جيد قال إنما أنزلت على رسول الله - نساؤكم حرث لكم رخصة- في اتيان الدبر ". وبنفس المسار أوردها ابن كثير في تفسير القرآن العظيم عندما أورد ابن عمر في المحتجين باتيان المرأة في الدبر . وأتمنى أن يركز إرهابيو الإسلام السياسي على "في أدبارهن " وليس " من أدبارهن " بشكل واضح . فهم رغم أنهم يلوكون القرآن صباح مساء فهم بلا عقول ورغم أن بعضهم يحفظ التفاسير . فهل يكذبون على المسلمين ؟؟؟ هل هم بهذه الحقارة ؟ أتمنى من القارئ أن يطالع تفسير الآية 223 من سورة البقرة في تفسير ابن كثير والسيوطي . والغريب أن السيد قطب في تفسير الآية في " في ظلال القرآن " تجنب شرحها وأحالها على ماقبلها ، وهذه عادة معروفة للتمويه والتعتيم ... فالحديث الذي ورد عن ابن عمر جاء مناقضا مع ما ورد عن آخرين ، لذلك البعض يحرمه ، والآخر يحلله ، والآخر يضعه في باب الكراهة ... ولكن الأكيد أن ثمة من هو مثلي جنسيا من هؤلاء المفسرين والصحابة والذي دافع عن إتيان المرأة في دبرها .... إن هذا الكلام لم نقله من اختلاقنا ، إننا لا نفعل سوى إلقاء الضوء على المناطق المظلمة في تاريخ الإسلام السياسي التي يحاولون جاهدين إبعاد المسلمين عنها لأنها تكشف عوراتهم ، وبيننا وبينكم المراجع والمصادر التاريخية يا أصحاب العلمية البهلوانية . ولا أظن أنهم سيتجاهلون ابن كثير وابن عمر وابن حجر العسقلاني وطبقات بن سعد وتاريخ بغداد وتهذيب التهذيب ووو .... ثمة مثل عربي يقول : من أينما ترمي الأقرع تجشه . فإن تحدثنا معهم بلغتنا ستظهر هلوساتهم وأساطيرهم ، وإن تكلمنا معهم بلغتهم سينفضح أمرهم وسراب أفكارهم . لذلك لا يملكون إلا الشتائم والتكفير . مع كامل تحياتي للبخاري بابا والأربعين إرهابي . [email protected]