بالإمكان أن يتفتح العقل العربي ويخرج من مأزقه التاريخي رغم خطورة الزلزال الذي عليه مواجهته . ليس حلا ، مصادرة الرأي الآخر والتضييق على الحريات و دفن الرأس في الرمال مثل نعامة بانتظار كودو الذي لن يأتي . الأمر يبدأ بتكسير الطابوهات ومجابهة أسئلة متناسلة وامتلاك الجرأة والشجاعة الفكرية أمامها خارج هالة القداسة والخطوط الحمراء . إن ثقافة الشيخ والمريد التي تكرس الفقر والجهل التي سادت العالم العربي لقرون طويلة سوف تنكسر يوما . علينا امتلاك عين نقدية للأمور وقراءة الثرات والنصوص قراءة واعية ، وليس قراءة إيقاعية تعتمد الشطحات والغناء . إن تشريح الموروث بعقلانية بعيدا عن التعصب الديني والفكري والنظرة الشوفينية المتوجسة من الآخر هو الكفيل بنقلة نوعية للمجتمع العربي في اتجاه الديموقراطية والحرية . إن نسبية الحقيقة تفرض أن يوضع أي شيء تحت المجهر ومناولته بمنطق يفرض الصواب والخطأ ، وليس التحليل الأسطوري والخرافي هو الذي سيمنحنا إجابات شافية على هواجسنا . فتكميم الأفواه ومحاولة إقصاء الأفكار بطريقة قمعية لا تدل إلا على هشاشة الفكر والمعتقدات ، وأنه ثمة خوف من المناظرة المتبادلة . سأحاول هنا إلقاء بعض الضوء على صحيح البخاري ، وهذه ليست الكتابة الاولى في الموضوع ، فقد كان قبل ذلك الكثيرالذي تناول صحيح البخاري الذي يعتبره المسلمون السنة أصح كتاب ديني بعد القرآن . ويبدو أن الهالة الدينية والحماية السياسية قد حاولت إبقاءه بعيدا عن سهام النقد لأن سقوط بناءه سيوجه ضربة قاصمة للإسلام السياسي السني . لقد حاول البعض أيضا وهم جماعة القرآنيين أن لا يثقوا بسوى القرآن لما رأوه من التباس واضح وصارخ في تناقل السنة واستغلالها في السياسة، إلا أنه تم الهجوم عليهم بضراوة ، كما تم تكفيرهم كذلك . أورد البخاري في الحديث 15 في باب فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله ، وهذا الحديث هو ما يشكل العمود الفقري للإسلام السياسي ولكل للحركات الإرهابية في تبريرها للقتل . فبالإستناد على الحديث المذكور يكون الإسلام السياسي وضع نفسه في خانة اقتتال أبدي بعيدا عن الحوار والتسامح الديني . أي أن الأمر لا يتعلق بمواجهة الحجة بالحجة والإقناع السلمي ، بل يصل إلى قتال كل من هو غير مسلم - وهذا أمر إلهي هنا - . إذن ، فالموقف من العالم الغير إسلامي هو موقف قتال بأمر إلهي إلى أن يتخلوا عن معتقداتهم وأديانهم ، ليس طواعية ، ولكن عنوة . وتتباكى جماعات الإسلام السياسي زاعمة أن الآخر يريد إقصاءهم ، في حين هم من يؤمنون بضرورة قتال كل من هو ليس مسلما على شاكلة إسلامهم كواجب ديني . ويسقط الإسلام السياسي في أول تناقض بين التسامح والعنف الدموي . أورد في الحديث رقم 265 عن حديث أنس بن مالك قال كان النبي يدور على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار وهن إحدى عشر .قال قلت لأنس :أو كان يطيقه ؟ قال : كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاتين . فهذا التصوير الفيتيشتيزمي الذي يتحدث بشكل جنسي مريب يجعلنا نطرح أكثر من علامة استفهام على المغزى من إدراج هذا الحديث في كتاب البخاري وعن الهوس الجنسي للعرب ، وكذا وضعية المرأة في تصور الخط السياسي الذي كان له يد في إخراج هذا الكتاب إلى الوجود . وقد أورد البخاري في الإبراد بالظهر في شدة الحر حديث الرسول إن شدة الحر من فيح جهنم . ومن هنا تظهر هشاشة الكتاب المبني على الفانتازم والمتخيل الصحراوي ، حيث تم تضمين الكتاب بمعايير خاضعة للمنطق التاريخي ، إذ فسر الخط السياسي الحر خارج خطوط العرض الجغرافية والمناخ وعلاقة الأرض بالشمس ، وتم اختزالها في قدوم الحر من أماكن مجهولة أكثر حرارة التي لا يمكن أن تكون إلا جهنم . فالتطور العلمي والإنساني يفضي اليوم إلى مراجعات الموروث السياسي الديني وتشذيبها بشكل يتفاعل أكثر مع الواقع بشكل عام . الحديث 1001 الذي سيتمادى البخاري دون تمحيص فيما يكتب والذي سيرمي دلوه أيضا في الكسوف ،إذ أورد محدثه قول النبي أن الله يخوف بهما عباده . ثم سيتحامل الخط السياسي القادم منه البخاري أكثر على المرأة ، بل بشكل متناقض . إذ يورد حديثين متتالين للرسول ، الأول يختلف عن الثاني . ففي الأول 1037: لا تسافر المرأة ثلاتا إلا مع ذي محرم . أما في الحديث 1038 فيورد حديث النبي : لا يحل لامرأة تومن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة مسيرة يوم وليلة ليس معها حرمة . ونكون أمام تناقض مفجع ، ما المدة التي قالها الرسول حقا ؟ هل حدد ثلاثة ايام أم حددها في يوم وليلة ، أم حددهما معا ، أم لم يقل أيا منهما ؟؟؟؟ فمن المنطقي ، أن لا تحدد مسافة لأن تخرج المرأة بمحرم في عددين مختلفين . وهو تناقض لا يمكن تغطيته . بالإضافة ، إلى أن هذا الحديث لا يمكنه الاسترسال في الزمان وخاضع لشروط المجتمع الصحراوي العربي . فالمرأة اليوم الأستاذة الجامعية ، والربان التي تسوق الطائرة في أصقاع العالم والصحفية التي تغطي الحروب لن تنتظر أن يسافر معها محرمها كأنها أداة أو بضاعة وليس كائنا واعيا بذاتها ، فهل رائدة الفضاء عليها أن تأخذ معها محرما في رحلة فضائية تستمر أسابيعا ؟؟ هذا التناقض الصارخ مع العقل والمنطق والحجر على المرأة هو ما يرتكز عليه دعاة الرجوع إلى البخاري وكأنهم يريدون أن يجعلوا العالم العربي كهفا من قرون ما قبل التاريخ . كما أورد البخاري تناقضا آخر . فالحديث 1230 يروي أن النبي قال : الميت يعذب في قبره بما نيح عليه . بينما يورد القرآن صراحة في سورة الأنعام : ولا تزر وازرة وزر أخرى . لأنه ليس من المعقول أن يعذب شخص بأخطاء لم يقترفها . فلأي زاوية فكرية دينية كان يراد الترويج بمثل هذا الحديث . وقد تم تبرير أغراض غير دينية بل تنتهك كرامة الإنسان في العمليات الجهادية بحديث تسلل إلى كتاب البخاري : وهو الحديث 2404 عن أبي سعيد خرجنا مع رسول الله في غزوة بني المصطلق فأصبنا سبيا من سبي العرب فاشتهينا النساء . فاشتدت علينا العزبة وأحببنا العزل فسألنا رسول الله فقال : ما عليكم أن لا تفعلوا ... إذ يورد الحديث كيفية التعامل مع المناطق المفتوحة باسم الدين . فمن سيؤمن بعد أن يقرأ هذا الحديث بصدق الجهاد من أجل الله ، بل يبدو بشكل واضح ويبرر الجهاد من أجل المال والنساء ، إذ يوضح الحديث كيف أنه في فترة الفتح يتم اقتسام نساء البلاد المفتوحة وتوزع على المحاربين . كيف سيتم إقناع العالم بسماحة هذا الإسلام السياسي الذي يقول أن نساءهم جواري للمسلمين يتم اقتسامهن كالغنم ، والأكثر مرارة هو وجود مثل هذا الحديث في كتاب مليء بأحلام اليقظة يمينا وشمالا ، وتمت إحاطته بقدسية عالية للتحكم في السياسة وصناعة إسلام على مقاس السلطة الحاكمة . بل يتمادى البخاري في وضع صورة مخالفة لما جاء من عدل بين الزوجات في القرآن . وها هو الحديث 2442 يورد : أن نساء رسول الله كن حزبين . حزب فيه عائشة وحفصة وسودة . والحزب الآخر أم سلمة والأخريات ...وكان المسلمون علموا بحبه لعائشة حتى إذا كان في بيت عائشة بعث صاحب الهدية إلى رسول الله . فقالت زوجات النبي لأم سلمة أن يقول للمسلمين أن يهدوه في أي بيت كان . لم يجبها وبعد أن ألححن عليها ألحت عليه السؤال فقال : لا تؤذني في عائشة فإن الوحي لم يأتني وأنا في ثوب امرأة إلا عائشة . فأخبرت النساء فاطمة فقال لها : يا بنية ألا تحبين ما أحب ؟ فأرسلن له زينب بنت جحش فأتت إليه فأغلظت وقالت : إن نساءك ينشدنك العدل في بنت إبن أبي قحافة ، فسبت عائشة . فردت عليها عائشة حتى أسكتتها . فنظر إلى عائشة وقال : إنها بنت أبي بكر . لست شيعيا ، ولا علاقة لي بالشيعة ، لكنهم ليسوا مخطئين في كثير مما قالوه ومما كتبت فيه كتب كثيرة . فها هو البخاري يسوق بيديه الحرب التي كانت دائرة بين عائشة والأخريات . لكن الحديث كان يصب في نقطة معينة ، كان يتجه إليها كالسهم ، وكان مدفوعا بنية مبيتة ولغرض محدد انتصارا لفئة ضد أخرى . هل يريدون الدفاع عن كتاب البخاري كأقدس كتاب بعد القرآن ؟ رغم أن كل شخص يمتلك ولو نقطة عقل سيقول أنه يتناقض مع بعضه البعض ومع النصوص الأخرى . يورد البخاري في الحديث 2707 أن الرسول قال : إنما الشؤم في ثلاتة في الفرس والمرأة والدار . ولا داعي لأن أضيف تعليقا هنا . فالإسفاف من الحط من كرامة المرأة التي كان يحملها فكر البخاري كممثل لفكر سلطة كانت سائدة واضح جدا . ويتماهى البخاري مع حكايات ألف ليلة وليلة في الحديث 2821 حين قال جابر : خرجنا ونحن 300 نحمل زادنا حتى كان الرجل منا يأكل في كل يوم ثمرة . قال الرجل يا أبا عبد الله وأين كانت الثمرة تقع من الرجل ... حتى أتينا البحر فإذا حوت قد قذفه البحر فأكلنا منه 18 يوما ما أحببنا . فها هي المخيلة تطلق العنان في كتاب البخاري حين يحدثه أحد الصحابة أنهم ذهبوا لغزوة ويأكلون فقط ثمرة في يوم ، لكن المسألة ستأخد طابعا أكثر من مغامرات السندباد في ألف ليلة وليلة ، سيجدون حوتا قدفه البحر ليأكله 300 رجلا خلال 18 يوما . هل هذه حكاية يصدقها عاقل ؟؟؟ هذه ليست أسطورة ، هذا حديث أورده صحابي للبخاري في صحيحه . ولكم أن تتخيلوا حجم هذا الحوت الذي سيفي بالغرض . وأترك لمخيلة القارئ أن يتصور هذا الحوت الذي لا يوجد إلا في كتب الأطفال والحكايات الخرافية التي ترويها الجدات . وربما خلق حوت واحد من هذا النوع فقط أو سيقول البعض إننا لا نعرف ما يوجد في البحر من كائنات غريبة عجيبة كعائشة قنديشة وملوك يعيشون تحت البحر .. ويأتي التضييق على حرية العقيدة بقتل المرتد في الحديث 2854 :من بدل دينه فاقتلوه . فلماذا تم تجاوز الآية القرآنية لا إكراه في الدين من طرف البخاري ، أو أن الأمر حسمه الإستبداد السياسي وقمع السلطة السائدة . ويأتي البخاري ليطالعنا خصام فاطمة وأبي بكر في الحديث 2908 حيث يورد : سألت فاطمة نصيبها من تركة الوالد فرفض أبي بكر فاعتزلته وماتت بعد ستة أشهر . فأرجو ممن كذب خبري سابقا على هذه الحادثة أن لا يغير موقفه وأن يأخد موقفا من صحيح البخاري كما أخذه ضدي من قبل . يعاودنا السيد البخاري بتصورات ناقلي الأخبار له ، ويبدو أن حرارة الصحراء وأوقات الفراغ كان لها دور في مثل هذه التهيؤات حين يقول في الحديث 3027بدون خجل يقول النبي لأبي ذر حين غربت الشمس . تدري أين تذهب ؟ قلت الله ورسوله أعلم . قال فإنها تذهب حتى تسجد تحت العرش . فتستأذن فيؤذن لها ويوشك أن تسجد فلا يقبل منها . وتستأذن فلا يؤدن لها . يقال لها : ارجعي من حيث جئت . فتطلع من مغربها فذلك قوله : الشمس تجري لمستقر لها . فها هو البخاري ومحدثوه يتصورون أن الشمس تشرق وتغرب بالمفهوم التقليدي ، وأن الأرض ثابتة في مكانها ، فلسوء حظهم لم تكن العلوم وصلت لما وصلت إليه الآن . مرة أخرى تشتغل مخيلة الصحراء في حديث 3060 حين يقول : حدثنا ابن مسعود أنه رأى جبريل له 600 جناح . فهل يريدنا أن نصدق هذه الرواية مثل رواية الحوت . لقد وقف ابن مسعود يحصي عدد أجنحة جبريل دونما ذعر ؟؟؟ وأكيد انه رآه كما يرى أتاع عبد السلام ياسين الرسول يوزع عليهم التمر . وتخون العلوم الطبيعية مرات كثيرة المحقق البخاري حين يقول في الحديث 3151 أن النبي أجاب عن أسئلة من بينها شبه الولد بالأب والأخوال . فقال : إن الرجل إذا غشي المرأة فسبقها ماءه كان الشبه له ، وإذا سبق ماءها كان الشبه لها . فهل سيدافعون عن صحة هذا الكتاب بعد الخريطة الجينية والدي إن أي . ويقول في الحديث 3154 أن الرضيع ينفخ فيه الروح بعد أربعة أشهر . وما أتبتته العلوم أن الجنين يحمل الحياة قبل ذلك بكثير. وتعود سلطة الإسلام السياسي التي تحاول رسم صورة مشرقة عن نفسها للظهور في الحديث 3230 كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا أسية إمرأة فرعون ، ومريم بنت عمران ، وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام . فهل هي مصادفة أن تكون كذلك لأنها بنت أول خليفة بعد الرسول وأنها في الحلف ضد آل البيت . فلماذا ستفوق عائشة مريم التي نفخ الله فيها من روحه ؟ ولماذا هي سيدة نساء الكون ؟ ألا يتعلق الأمر بتصفية حسابات مع الشيعة الذين اتهموها بالزنى ، وتصفية حسابات مباشرة تاريخية مع علي بن أبي طالب الذي أشار على النبي بتطليقها في حادثة الإفك . إذ لم تتم محاصرته فقط وتحريض عائشة للمؤمنين بقتال علي في واقعة الجمل . بل امتد الصراع لإبداء التفوق لعائشة ليس على فاطمة بنت الرسول فقط ، بل على كل نساء العالم . فما رأي إخواننا الشيعة في هذه المزحة . الغريب في الأمر أن البخاري سيتناقض مع نفسه وكأنها مسألة كاميرا خفية ليورد في الحديث 3426 فاطمة سيدة نساء أهل الجنة . ولكي نظل بلا عقل خانعين لدغمائية دينية ليست في حاجة لتبرير تناقضاتها أورد البخاري في الحديث 3260 أن الرسول قال : رأى عيسى ابن مريم رجلا يسرق فقال له أسرقت ؟ قال كلا والله الذي لا إله إلا هو . فقال عيسى أمنت بالله وكذبت عيني . أي حتى ولو نر علينا أن نصدقهم ونكذب أعيننا لأنهم يتحدثون باسم الله . وقد كنت في مقال سابقا تناقضات الإسلام السياسي وأشرعت لصراع السقيفة واحتج الكثيرون ضدي . وأتمنى أن لا يغيروا مواقفهم أيضا ويحتجون ضد البخاري الذي أورد في الحديث 3467 اجتمعت الأنصار إلى سعد بن عبادة في السقيفة بعد موت الرسول فذهب إليهم أبو بكر وعمر وأبو عبيدة بن الجراح فقال أبو بكر بعدما قالوا منا أمير ومنكم أمير نحن الأمراء وأنتم الوزراء فقال حباب بن المنذر : لا والله لا نفعل .. والحديث طويل هنا من السهل الرجوع إليه لمعرفة أن الاختلاف كان حادا وليس كما يدعي البعض وأنه كاد يتطور لمعركة دموية . وما يبعث على التسلية أحيانا في كتاب البخاري أنه يفوق ألف ليلة وليلة في بعض تخيلاته . فها البخاري يقول في الحديث 3636 أن عمرو بن ميمون قال رأيت في الجاهلية قرد إجتمع قردة قد زنت فرجموها . فرجمتها معهم . فالرجم في الزنى وصل إلى الحيوانات أيضا . وحقيقة لا أعرف كيف من يقول مثل هذا الكلام أن يؤخذ على محمل الجد . وكلما قرأنا هذا الكتاب الغريب العجيب إلا وتعترينا المفاجأة كيف بقي بعيدا عن النقد من داخل الإسلام السني حتى لو افترضنا مدى الهالة القدسية الذي أضفته عليه سلطة الإسلام السياسي . فها هي عائشة في الحديث 3999 تقول في فتح خيبر الآن نشبع التمر . ففتح خيبر لا يعني لها سوى أن تحصل على كثير من التمر . هذه ليست أقوال يهود أو علمانيين أو مستشرقين . هذا البخاري بشحمه ولحمه يقول ذلك ، إلا إذا اعتبر البعض أن البخاري عميلا لأمريكا بدل العمالة للإسلام السياسي ، وفي كلتا الحالتين سنشاطره الرأي ويشاطرنا الرأي ، لأننا نقول أن صحيح البخاري ليس صحيحا وهذا ما يهمنا ، أو ليشرحوا للعالم قول عائشة . والحقيقة أنها ليست وحدها من قال ذلك . فالحديث 4000 يقول أن ابن عمر قال : ما شبعنا حتى فتحنا خيبر. ولنأتي لأحد مظاهر الهوس الجنسي أي ممارسة الجنس مع المرأة من الشرج ، فالسيد البخاري في الحديث 4254 يقول : قال جابر رضي الله عنه : كانت اليهود تقول إذا جامعها من وراءها جاء الولد أحول . فنزلت : نساؤكم حرث لكم فآتو حرثكم آنى شئتم . فها هم اليهود يعيبون الجنس من الدبر عند البخاري ولو بفانتزام أيضا ، بينما يقر جابر ويبدو أنه كان من المطبقين للآية السابقة الذكر والله أعلم بأن ممارسة الجنس مع امرأة من دبرها حلال شرعا . أنا لست ضد رأي البخاري أو جابر طبعا ، فأنا من أنصار الحرية الشخصية ، وتلك حياتهما في السرير ولا يهمني الأمر . ولكنني أستغرب كيف لا يكذب أنصار الإسلام السياسي كتاب البخاري إلى الآن وهم الذين يهاجمون المثلية الجنسية بضراوة ويبرهنون أن الممارسة من الشرج فاحشة وتجلب الأمراض ؟؟؟؟ وأتمنى أن لا يغيروا مواقفهم ويبرهنون للبخاري أن ممارسة الجنس من الدبر حيوانية فكيف يسمح بها الله ؟؟؟؟ ويواصل البخاري كلامه الطبي في الحديث 5362 و5363 حين يقول عن التداوي بأبوال الإبل ، وأن الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا من السام . فهل ستعمل الأحزاب الإسلامية عندما تصل إلى السلطة على تزويد المستشفيات بأبوال الإبل والحبة السوداء ؟ هل هذا ما يعدون به الشعوب الفقيرة المغلوبة على أمرها ؟؟؟ ويمكن أن يعطينا البخاري صورة واضحة عن المغزى من كل تلك السوريالية في الكتاب في الحديث 6645 من كره من أميره شيئا فليصبر ، فإنه من خرج من السلطان شبرا مات ميتة الجاهلية ، إنه عمق ما يريده الإسلام السياسي هو الاستبداد وقمع الحريات دونما انتفاضة أو قول كلمة حق في وجه السلطان . وأتمنى أن تكذب جماعات الإسلام السياسي هذا الحديث وتطلب حذفه من البخاري وتهاجم البخاري بلا هوادة لأنه يفتري على الإسلام . وأن تقول أن هذا الحديث غير صحيح . أو فلتبدل مواقفها وتشرح معنى الحديث للعالم . الحقيقة. ثمة الأحاديث التي ذكرتها والكثير منها أضعاف يجب على جماعات الإسلام السياسي أن توضحها للناس ، فهذه الأحاديث لم يقلها يهودي أو علماني أو مستشرق ، بل أوردها البخاري في أقدس كتاب بعد القرآن كما تحاولون تقديمه . فإن كنتم تريدون الدفاع عن البخاري ، فرجاء اشرحوا لنا تلك التناقضات المرعبة لأننا لسنا أميين ولا تحيلوننا على كتب لأننا نعرف ماذا تقولون . اشرحوا للشعب ذلك مباشرة . وجازم أنكم لن تقنعوا أحدا خارج مجال الخرافة والترهيب والتكفير . أما إن كنتم تريدون موافقتنا أن صحيح البخاري هو غير صحيح ، فلنضع أرضية جديدة للحوار . المرجو قراءة صحيح البخاري [email protected]