جددت "فاجعة السعيدية"، التي راح ضحيتها شابان مغربيان تعرضا للقتل على يد خفر السواحل الجزائريين خلال ممارستهما الرياضة المائية على متن "جيت سكي"، دعوات نشطاء مغاربة لمنظمي الحفلات الفنية، سواء الرسمية أو الخاصة، إلى مقاطعة سهرات الفنانين الحاملين للجنسية الجزائرية، وقطع العلاقات معهم وعدم الترحيب بهم أو استضافتهم للغناء بالمغرب، كرد على الأساليب العدائية التي تنهجها دولتهم في حق المغرب والمغاربة. وأطلق مغاربة عبر منصات التواصل الاجتماعي حملة رقمية جديدة يدعون من خلالها منظمي مهرجان "تيميتار" بأكادير في دورته ال18 لإلغاء سهرة المغني الجزائري أمين بابيلون، المبرمجة على هامش ليالي المهرجان يوم 9 شهر شتنبر الجاري، رافعين شعار "لا لاستقبال أبناء الجزائر بعد قتل أبناء المغرب الأبرياء". وطلب المعلقون المغاربة من المسؤولين عن القطاع الفني قطع العلاقات مع كل الفنانين الجزائريين وعدم استقبالهم بالمغرب، على غرار ما قام به أحد الملاهي الليلة بمدينة الدارالبيضاء الذي استجاب للحملة وألغى حفل المغنية الجزائرية "الشابة وردة شارلومنتي"، تضامنا مع ضحايا فاجعة السعيدية وأسرهم. وقالت إحدى الناشطات المنخرطات في الحملة: "لا يعقل استضافة الفنانين الجزائريين، الذين هم في الأصل يهاجمون المغرب في تصريحاتهم، في حين إن الدولة الجارة تقاطع الفنانين المغاربة وأغلقت الحدود وقتلت شابين من أبناء الوطن". ودعت الناشطة ذاتها، في حديث مع هسبريس، إلى "تشديد الرقابة على الأسماء التي تتم دعوتها للمشاركة في الحفلات المغربية، خاصة التي تسرق التراث المغربي وتنسبه لنفسها، وكذلك كل من هو ضد القضية المغربية الأولى التي هي الصحراء المغربية، والتي دافع عليها الأجداد، أولهم الملك الحسن الثاني رحمه الله"، مضيفة: "اليوم وصلنا إلى مرحلة: وطني وملكي وشعبي أولا، من يريدنا مرحبا به ومن لا يريدنا فبلاده أمامه يغني ويستمتع فيها". في هذا السياق، قال المنتج المغربي مدير أعمال الفنانين مفيد السباعي، في تصريح لهسبريس، إنه لطالما طالب المدراء الفنيين المغاربة بخفض عدد الفنانين الجزائريين الذين يتم استدعاؤهم لإحياء حفلات فنية بالمغرب أو إلغائه تماما، "لأن المغاربة يستقبلونهم بحفاوة دائما، ويمرون خلال زياراتهم في محطات الراديو والتلفزيون والإعلام المغربي، بينما يحدث العكس عندهم فيبغيب نجوم المغرب عن التظاهرات الجزائرية". وتساءل: "هل هم ضد حضور الفنانين المغاربة أم لديهم مشكل مع المسؤولين والمتعهدين الفنيين أم هذا يدخل في سياستهم؟"، موردا أنه على "هذا الأساس، يجب أن يكون التعامل بالمثل على الرغم من أن المغرب سيبقى دائما معروفا بالكرم ويرحب بكل شخص كيفما كانت جنسيته ويساعده". من جهته، قال عادل خزيز، مدير أعمال الفنانين مسؤول عن تنظيم التظاهرات الفنية، إنه مع ألّا يتم استقبال فنانين جزائريين أظهروا العداء للمغرب أو أدلوا بتصريحات ضد السيادة المغربية أو أي شيء يمس بالوطن، مضيفا أنه ضد مشاركتهم وعملهم في المغرب، مشددا على أن "من أخذ موقف الضد فليظل فيه". في المقابل، كشف خزيز، في تصريح لهسبريس، أنه "مع حضور الفنانين الجزائريين الذين لم يكونوا يوما ضد المغرب، بل محبين له ويدلون بتصريحات جميلة في حق البلد"، وأنه "مع أن يحييوا حفلات بالبلد؛ لأن هذا يتماشى مع خطاب الملك محمد السادس الذي يمد دائما اليد للجزائر ويحاول إصلاح كل المشاكل"، على حد تعبيره. وتابع بأنه "إذا تم القيام بخطوة منع أي جزائري من إحياء سهرات بالمغرب، فهذا سيكون ضد الرؤية السامية للملك، وأنا أرى أنه يجب السير وفق هذه الرؤية الملكية؛ لأن هناك الكثير من الفنانين من الدولة الجارة الذين استقروا في المغرب منذ سنوات لا يمكن منعهم من الاشتغال أو طردهم، وهناك مجموعة من الفنانين الذين يشتغلون منذ سنوات بالمغرب ويقدمون حفلات كبرى فيه ولم تصدر منهم أي إساءة في يوم من الأيام". وأردف: "إذا تم منع الفنانين الجزائريين من الغناء في المغرب، سيكون هذا الأمر عدوانيا لا يصب في التوجهات الملكية"، مشددا على أنه "كل ما قمنا بتحسين وتوطيد العلاقات المغربية الجزائرية، فإننا نسير صوب التوجه السياسي للمغرب. وإذا ألغينا ذلك، فسنكسر كل جهود الديبلوماسية المغربية الرامية إلى تكسير هذا الجليد بين البلدين". وختم عادل خزيز بالقول: "إن الفن رسالة لها أهداف ثقافية وإنسانية (...) أتمنى أن يبقى دائما بعيدا عن السياسية لكي نظل إخوة، ولا ننسى أن الفنانين الجزائريين الذين يستقرون بالمغرب يشكلون خير سفير له في بلادهم الأم؛ لأنهم يصححون النظرة التي يقدمها الإعلام والصفحات الجزائرية لمواطنيهم عن المغرب".