بحضور وزير الشباب والثقافة والتواصل وعدد من المسؤولين ورؤساء البعثات الدبلوماسية بالمغرب، احتضن موقع شالة الأثري، عشية الجمعة، فعاليات عرض "نوستالجيا-عاطفة الأمس"، الأول من نوعه في المملكة، الذي سافر بزوار الموقع في رحلة عبر الزمن إلى عصر الحضارتين الرومانية والفينيقية اللتين مرتا من المغرب، من خلال مشاهد تمثيلية وعروض مسرحية سلطت الضوء على أحداث ووقائع تعود إلى فترات مهمة من تاريخ المغرب كان موقع شالة شاهدا عليها. في اليوم الأول من هذا العرض الذي تستمر فعالياته إلى غاية ال27 من الشهر الجاري، وعلى مدار أكثر من ساعة من الزمن، استمتع الزوار بمشاهدة عروض ومشاهد مسرحية سلطت بداية الضوء على نمط عيش الرومان داخل مدينة شالة من خلال اللباس والطعام ونوع الأنشطة التي كانوا يمارسونها، إضافة إلى تمثلهم للسلطة والحكم، قبل أن ينتقلوا إلى العصر المريني الإسلامي حيث كانوا على موعد مع عروض جسدت شخصيات طبعت تاريخ هذه الفترة وتاريخ مدينة شالة، على غرار ابن بطوطة والسلطانة شمس الضحى، زوجة السلطان المريني أبي الحسن، دفينة مدينة شالة. محمد مهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، قال في كلمة له بهذه المناسبة إن "الوزارة حريصة على العمل مع مختلف الشركاء لبلورة رؤية جديدة للحفاظ على المآثر المغربية والتعريف بالتراث المادي الوطني، وتحفيز الجمعيات الثقافية بالبلاد على الاستثمار في هذا النوع من الأنشطة، إذ يعد هذا النشاط الذي احتضنه موقع شالة اليوم الأول من نوعه على مستوى البلاد". وحول أهمية هذه التظاهرة الثقافية التي تهتم بالتاريخ والتراث المغربيين، أبرز المسؤول الحكومي عينه أنها تكمن في "قراءة التاريخ بطريقة جديدة، خاصة بالنسبة للأجيال الصاعدة"، كما أنها "تقوي إقبال السياح على زيارة المآثر في بلادنا"، مضيفا أن "أكثر من 300 مواطن اشتغلوا على إنجاح هذا النشاط بمختلف عروضه. وبالتالي، فإن هذه التظاهرة، وبالإضافة إلى دورها التنويري، تخلق أيضا حركية اقتصادية واجتماعية". وأثار بنسعيد أهمية هذا النوع من التظاهرات في تسليط الضوء على الحضارات التي مرت من المغرب، والمرتبطة بتاريخ مجموعة من المناطق في العالم، على غرار الحضارتين الرومانية والفينيقية اللتين يعد موقع شالة شاهدا عليهما، مؤكدا أن الوزارة ستعمل على "تنظيم تظاهرات أخرى مشابهة في مجموعة من المآثر التاريخية الأخرى التي تزخر بها المملكة في عدد من الأقاليم". من جهته، أورد أمين ناسور، مخرج عرض "نوستالجيا-عاطفة الأمس"، أن "هذا العرض الذي يعد تجربة جديدة في المغرب، يدخل في إطار الأنشطة الكبرى لوزارة الشباب والثقافة والتواصل، قطاع الثقافة، كما يدخل في إطار ما يسمى بمسرح المواقع"، مضيفا أن "العروض المتنوعة التي جرى تقديمها اليوم شارك فيها أكثر من 130 فنانا، منهم خريجون من المعهد العالي للمسرح والتنشيط الثقافي، وفنانو السيرك، إضافة إلى مسرحيين ومسرحيات من مدينة الرباط ومن مدن أخرى". وأردف بأن "هذا العرض يقود الزائر في رحلة من الحضارة الرومانية إلى الحضارة الفينيقية، من خلال فنون مشهدية ووقائع وأحداث تاريخية يجسدها المشاركون في هذا العرض، بغية تعريفهم بالتاريخ العريق والضارب في القدم للمملكة المغربية الذي لا يسعنا إلا أن نفتخر به". ويعد موقع شالة الأثري، الذي تعاقبت عليه عدد من الحضارات، واحدا من أهم المواقع والمآثر التاريخية في مدينة الرباط التي تختزن أسوارها صفحات مهمة من تاريخ المملكة، إذ يضم آثارا رومانية وفينيقية وإسلامية، يعود بعضها إلى قرون ما قبل الميلاد، فيما وضعته منظمة اليونسكو في العام 2012 ضمن قائمة التراث العالمي.