سحر المكان الذي يحمل الزائر إلى عبق التاريخ ما أن تطأ قدماك موقع شالة الأثري حتى تأخذك الدهشة وسحر والمكان الذي يحمل الزائر الى عبق التاريخ، متجولا بخياله في حقب مختلفة من تاريخ المغرب العريق، من الفترة الفينيقية، مرورا بالمورية فالرومانية ثم المرينية. ويعتبر موقع شالة الأثري من أهم المعالم الأثرية والتاريخية بمدينة الرباط فهو يجسد لأربع حقب تاريخية مهمة من تاريخ المغرب، تمتد أولاها إلى القرن السابع أو السادس قبل الميلاد والتي كان فيها الموقع عبارة عن محطة بحرية رابطة بين موقعي ليكسوس وموكادور (الصويرة). أما الحقبة الثانية فترجع إلى العهد الموري الذي يصعب ، كما يقول نائب محافظ موقع شالة وموقع الأوداية، مصطفى رمضاني، في ضوء النتائج والأبحاث الأثرية الراهنة، تحديد بداياته الأولى، لكن الثابت أن الموقع ازدهر، خلال أواخر القرن الأول قبل الميلاد وفي بداية القرن الأول الميلادي، حيث أصبح مدينة مزدهرة، عرفت تشييد مجموعة من البنايات العمومية كما كانت تسك عملة خاصة بها. ويضيف الرمضاني في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء أنه ابتداء من 40 ميلادية وهي السنة التي تحولت فيها المملكة المورية إلى ولاية رومانية، أصبحت المدينة تعرف باسم سلا كولونيا. وخلال هذه الفترة عرفت المدينة تغيرات عمرانية مهمة تجسدت أساسا في بناء مجموعة من المرافق العمومية كالمعبد والساحة العمومية. وقد استمرت مدينة سلا (شالة) تحت النفوذ الروماني إلى غاية القرن الخامس الميلادي. وخلال القرن العاشر الميلادي تحول الموقع إلى رباط يجتمع فيه المجاهدون الذين كانوا يحاربون قبيلة بورغواطة. وانطلاقا من أواخر القرن الثالث عشر الميلادي عرف الموقع انطلاقة جديدة مع أسرة بني مرين التي جعلت منه مقبرة لملوكها وأعيانها، وقد تميزت هذه الفترة من تاريخ شالة ببناء مجموعة من المعالم العمرانية المهمة أبرزها ضريح أبي الحسن المريني، مدرسة أبي عنان والحمام المريني. وحسب الرمضاني فأهمية الموقع التاريخية والحضارية تتضح من خلال معالمه التي تضم بنيتين مختلفتين، الأولى تجسدها البنايات الرومانية التي من خلال طرق بنائها يستشف منها ازدهار الحضارة الرومانية التي اعتمدت على الحجارة في تشييد مدنها. أما المعالم المرينية فتبين بجلاء الازدهار الذي وصلت إليه الحضارة في عهد الأسرة المرينية وخاصة في جانبها المعماري. وما مدرسة أبي عنان وضريح أبي الحسن إلا نموذجان يجسدان الأوج الذي عرفته الحضارة في هذه الفترة. كما يكتسي الموقع أهمية كبيرة على المستوى السياحي إذ يعد من أهم المزارات السياحية بالعاصمة الرباط بالنظر لكونه يزخر بمجموعة من الخصائص التاريخية والطبيعية. فأغلب زوار الموقع -يقول الرمضاني- هم من الأجانب الذين يتوافدون عليه بكثرة طيلة أيام السنة، وهم صنفان: بعضهم يهتم بالموقع وبتاريخه وآخرون يهتمون بالوسط الطبيعي والإيكولوجي الذي يتواجد به الموقع وذلك من خلال الاهتمام بطائر اللقلاق الذي اتخذ من الموقع سكنا دائما له. ووعيا منها بأهمية الموقع التاريخية والسياحية والاقتصادية، وضعت وزارة الثقافة في هذا الإطار مخططا تدريجيا يهدف إلى النهوض بالموقع وجعله نقطة جذب وذلك من خلال توفير الحراسة اللازمة وتهيئة مجاله الأخضر وكذا تهيئة جزء من مسار الزيارة الخاص بالموقع كما تعتزم الوزارة ترميم بعض الأجزاء من سور الموقع. ويعد موقع شالة التراثي فضاء ملائما لاحتضان العروض الفنية، التي تراهن على الأصالة والجدية والتفاعل الحميمي مع الجمهور، مثل سهرات مهرجان الجاز، الذي اختتمت فعالياته مؤخرا، و سهرات مهرجان موازين السنوي، فضلا عن بعض العروض المسرحية والفنية التي تقام بالموقع على امتداد السنة.