أثار فيديو معروض على اليوتوب صيحات التهليل والتكبير كتلك التي تلت حذف الصحفي العراقي منتظر الزايدي لجورج بوش بحذائه خلال ندوة صحفية معقودة على أرض دجلة والفرات، حيث أنّ الرابط بين الحدثين، زيادة على الانتشاء الصاخب، يعود أيضا إلى كون الأمر يتعلق من جديد برئيس أمريكي يحمل اسم باراك حسين أوباما هذه المرّة، وهو الذي أقدم على الانحناء بشكل مبالغ فيه وهو يصافح ملك السعودية، انحناءة جعلت المشاهدين للفيديو يوردون إمكانية إقدام أوباما على تقبيل يد الملك السعودي، أو فرضية وجود خلط لدى الرئيس الأمريكي بين تحية العرب وتحية الجنس الأصفر. "" إلاّ أنّ أغلب المتتبعين ربطوا بين انحناءة أوباما المبالغ فيها ورغبته التي أفصح عنها أكثر من مرّة في تمرير رسالة مفادها ألاّ وجود لعداء أمريكي إسلامي في توجّه إلى بناء علاقات مبنية على المنفعة المتبادلة في تغييب لوجود حملة صليبية كما ورد في تصريحاته المغازلة للدول الإسلامية من تركيا، طالبا "التْسْليمْ" وللأظافر قاصدا التقليم.. لكن ما يحزّ في القلب هو أن نتحوّل إلى فرحين بمحطات نصر افتراضي تجعلنا كمن يهيم في عالم "البْلاَيْ سْتِيشْنْ"، متناسين بأنّ مثل هؤلاء الزعماء وراءهم مخطّطون لا يجعلون حركاتهم تستجيب لرغبات الهوى والاجتهاد، إذ أنّ أي حركة من أخمص أقدامهم تجعل المراد تمريره هو الكائن بقوّة التجلّي ولا يمكن تحليل حقائقه الدفينة من قبل علماء النفس ومسخّريهم، "البْقّ مَا يْزْهْق".. والأجدر منّا ونحن نشاهد مثل هذه الانحناءات الطوعية المدروسة، يغيب عنّا استذكار انحناءاتنا اليومية أمام عواصف التهاب الأسعار، وانبطاحنا القسري أمام التعليمات والأزمات السياسية، وتقوّسات الأعمدة الفقرية لأغلب مواطنينا في سنّ مبكّرة جرّاء سوء التغذية وكثرة "الدّْمِيرْ" في سوق البشرية. انحناء أصبح يلازمنا حتّى صرنا نصرفه عنّا فيزيائيا ونستحضره في سياق معاملاتنا اليومية الوظيفية والأسرية والسياسية والتدبيرية، قد يمتدّ حتى إشعالنا السجائر وتحدّثنا بالهاتف.. نليهَا بمَا مفادُه "كَايْنَا ظُرُوفْ..". ومن أشدّ الأدلّة على ملازمة الانحناء لنا هو ما أقدمت عليه جريدة الشروق الجزائرية في عددها 2531 ليوم 12 فبراير 2009 بردّها المحتشم على مقال أوردته أحد المنابر الإلكترونية المغربية حول مغالطات الجريدة الجزائرية في حقّ جمعية ضحايا الطرد التعسفي من الجزائر، تعلّلت خلاله بصورة للملك محمّد السادس وأمامه ثلّة من "التْوَارْكَة" في وضع انحناء، فأرغت وأزبدت، متناسية أنّنا اكتسبنا سلوكا "بَافْلُوفِياً" مَا أنزل الله ولا الملك به من سلطان. ولا أستبعد أن يكون إقدام "الدَّا الحُو" الأمريكي على التحدّب أمام أحد ممثلي المسلمين إلاّ من سماعه، احتمالا، لرواية ذاك الرجل الذي مَا يفتأ يلج بيته حتّى يجد زوجته ممدّدة، ومَا إن تلمحه حتّى تشرع في إبداء الطلبات، "عْلَى وْقْفْتْكْ.. شِي كَاسْ دْلْمَا آزْمَانِي.."، مَا دُمْتَ وَاقِفاً.. أطْفِئ الفرن يا حبيبي، "عَافَاكْ الوَاقْفْ دِّي الدْرِّي لْلْفِيسِي وْكُبّ المَا.."، فمَا كان منه إلاَّ أنْ يغيِّر سلوكه بأن بدأ يدخل البيت منبطحا، ويغادره مغادرة الأفعى لجحرها.. فهل كانت بذلك انحناءة أوباما كقوله "هَا العَارْ مَا تْطْلْبُونِي.." أو "هَانَا مْطَاطِي بْحَالْكُمْ.. يَاكْ كَاعْ وْلاَدْ حُرْمَة.."؟. فيديو أوباما والملك عبد الله بن عبد العزيز