بدأت المؤشرات تظهر حول الدوافع الحقيقية لزيارة الرئيس الجزائري إلى البرتغال؛ فبعد أن كانت زيارة غير معلنة، أقحم تبون الصحراء المغربية في اجتماعه مع نظيره البرتغالي، وتحدث عن "توافق في الرؤى بين الطرفين حول القضية". وعلى الرغم من نفي الرئيس البرتغالي مارسيلو ريبيلو دي سوزا وجود تغير في موقف بلاده من قضية الصحراء المغربية، والذي سبق أن أكد عليه خلال اجتماع القمة الثنائية بين الرباط وبرشلونة؛ فإن تبون سعى، على النقيض من ذلك، إلى الحديث عن وجود توافق بين البلدين حول القضية وإقحام لشبونة في أطروحته. وجاءت الزيارة، حسب مصادر متطابقة، من أجل تجاوز مخرجات القمة الثنائية بين الرباطولشبونة، والتي تم الحديث فيها عن تعزيز الشراكة ودعم مخطط الحكم الذاتي وفك العزلة في المضيق المتوسطي بعد تدهور العلاقات مع مدريد. وانتقدت أوساط جزائرية "التهميش" الذي تلقاه تبون خلال وصوله إلى مطار لشبونة، إذ لم يجد في استقباله أثناء نزوله من الطائرة نظيره البرتغالي ولا وزير الخارجية،؛ بل مجرد مسؤولين دبلوماسيين. كما تناقل نشطاء جزائريون معارضون بالبرتغال مقاطع فيديو تظهر رشق موكب تبون بالبيض الفاسد، رافضين استقبال نظام العسكر. خطة مسبقة الحسين كنون، رئيس المرصد المغاربي للسياسات الدولية، قال إن "إقحام تبون لقضية الصحراء المغربية في زيارته للشبونة كانت في الأساس ضمن خططه لتجاوز القمة الثنائية التي جمعت المغرب والبرتغال، والتي تم فيها ذكر دعم لشبونة لمخطط الحكم الذاتي؛ وهو ما أغاظ قصر المرادية". وأضاف كنون، في تصريح لهسبريس، أن "البرتغال لم تُخف دعمها للموقف المغربي من قضية الصحراء. كما أعادت التأكيد على احترامها للقرارات الأممية الأخيرة، التي أشادت بالمبادرة المغربية للحكم الذاتي". واعتبر رئيس المرصد المغاربي للسياسات الدولية أن "زيارة تبون كانت مهينة للنظام العسكري الجزائري، حيث لم يتلق استقبالا رسميا. كما تعرض موكبه لهتافات الجالية الجزائرية بالبرتغال الرافضة لشرعية حكمه؛ وهي المؤشرات التي تبين أن الزيارة لم تكن رسمية، بل جاءت كرد فعل على مخرجات القمة الثنائية بين الرباطولشبونة". وتابع المتحدث سالف الذكر: "لا تقتصر عزلة النظام الجزائري في المنطقة المتوسطية، بل تصل إلى المحيط الإقليمي المغاربي والمنطقة العربية"، مبينا أن "غياب تبون عن القمة العربية بجدة كان دليلا واضحا على نسب العزلة الكبيرة التي وصلها إليها، بعدما فشل بكل الوسائل في تحييد الموقف الإسباني من قضية الصحراء، والصفعة التي تلقاها من الرئيس البرتغالي الذي شدد على أن موقف بلاده لم يتغير". وخلص كنون إلى أن "مخطط الحكم الذاتي المغربي يواصل كسب تأييده من قبل المنتظم الدولي، ولن ينجح نظام تبون أو غيره في تغيير الأمر الواقع، مهما تعددت الوسائل والمحاولات الفاشلة". دبلوماسية رد الفعل من جانبه، شدد وليد كبير، الصحافي الجزائري المعارض، على أن "غالبية الجزائريين بالخارج والداخل يمتعضون من نظام الحكم العسكري بالجزائر؛ وهو ما لاحظناه في البرتغال، إذ شدد غالبيتهم هناك على رفضهم لزيارة تبون". وأضاف كبير، في تصريح لهسبريس، أن "زيارة تبون كانت في إطار دبلوماسية رد الفعل على التقارب البرتغالي المغربي الأخير، الذي خلص إلى دعم لشبونة لمقترح الحكم الذاتي للمغرب؛ وهي المؤشرات التي زادت من قلق نظام قصر المرادية". وأورد الصحافي الجزائري المعارض أن "أعداد الجزائريين المعارضين بفرنسا هم أكثر من أولئك بالبرتغال؛ وهو ما يخيف نظام تبون، إذ من المرتقب أن يواجه أعدادا كبيرة في طريقه لقصر الإليزيه". واستطرد المتحدث سالف الذكر قائلا إن "محاولات تبون للتأثير على موقف البرتغال من قضية الصحراء باءت بالفشل؛ فلشبونة صامدة في موقفها، كما جاء على لسان رئيسها خلال المؤتمر الصحافي المشترك". وخلص كبير إلى أن "تصريحات الرئيس الجزائري خلال المؤتمر الصحافي مع نظيره الجزائري كانت متناقضة إلى حد كبير؛ فحديثه عن دعم قرارات مجلس الأمن يعاكس موقف وزارة خارجيته التي استنكرت القرارين الأخيرين للمجلس. كما أن حديثه عن دعم تسوية القضية الفلسطينية في إطار حل الدولتين يؤشر على رغبته في الاعتراف بإسرائيل".