أثار صدور قرارات عن وزارة العدل موجهة إلى عدد من القضاة، تفيد بتعيينهم للإشراف على الحراسة في اختبار الانتقاء الأولي لمباراة الملحقين القضائيين فوج 47، المقرر إجراؤها يوم الأحد، غضبا في صفوف القضاة الرافضين لهذه التعيينات من طرف السلطة التنفيذية. وعبر العديد من القضاة على الصعيد الوطني، من خلال صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، عن تذمرهم من محاولة وزارة العدل، باعتبارها سلطة تنفيذية، إلزامهم بالحضور والإشراف على هذه الامتحانات. وسجل القضاة أنهم يمثلون السلطة القضائية وفق القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية، مؤكدين أن "وزير العدل ليست له أي سلطة لانتداب أو تعيين أي قاض إلا بإذن من المجلس، وعدم مراعاة ذلك يعتبر تجاوزا للاختصاص". ولفت بعض القضاة المنتمين إلى صفوف "نادي قضاة المغرب" إلى أن الأسلوب الذي حررت به الرسالة الموجهة إلى زملائهم بالمحاكم فيه نوع من التعليمات الصادرة من رئيس إلى مرؤوسيه، مشددين على أن القاضي "يمارس القضاء ومستقل عن جميع السلط". وأوضح عبد الرزاق الجباري، رئيس نادي قضاة المغرب، أن قرارات تعيين مجموعة من القضاة للقيام بمهام الإشراف على الحراسة في اختبار الانتقاء الأولي لمباراة الملحقين القضائيين "صادرة عن سلطة حكومية تجاه قضاة يمثلون السلطة القضائية، وفق التحديد المنصوص عليه في المادة 2 من القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية". واعتبر الجباري، ضمن تصريح لهسبريس، أن هذه القرارات "تخاطب القضاة مباشرة دون المرور على قناة المجلس الأعلى للسلطة القضائية، مع أن الفصل 107 من الدستور ينص على استقلاليتهم عن السلطتين التنفيذية والتشريعية"، مؤكدا أنها "تنطوي على أوامر واضحة تحثهم على تنفيذ ما جاءت به من مقتضيات تعيينهم للقيام بالمهام المذكورة، علما أن روح الفصل 109 من الدستور تمنع إصدار أي أوامر أو تعليمات للقضاة". واستغرب رئيس النادي صدور هذا السلوك الإداري تجاه ممثلين للسلطة القضائية، مذكرا وزير العدل بكون الدستور قطع مع تبعية القضاء للوزارة منذ حوالي اثنتي عشرة سنة، ونص على أن القضاء مستقل عن السلطة التنفيذية كما التشريعية، ومشددا على أنه "لا يجوز له، بل يمنع عليه، دستوريا وقانونيا وأخلاقيا، أن يوجه أوامر للقضاة كيف ما كانت، ولا أن يخاطبهم مباشرة، لأن اختصاص وزارته في علاقته بهم ينحصر فقط في توفير الموارد المالية واللوجيستيكية والبنايات، بما يضمن حسن سير عمل المحاكم وتدبير منظومة العدالة". كما شدد القاضي الجباري على أن قرارات وزارة العدل التي توصل بها مجموعة من القضاة "خرقت بشكل واضح وصريح المادة الأولى من المرسوم رقم 400-22-2 المؤرخ في 18 أكتوبر 2022 المتعلق بتحديد اختصاصات وزارة العدل؛ ذلك أن هذه المادة تحصر الاختصاصات العامة للوزارة في تنفيذ سياسة الحكومة في مجال العدالة بما لا يتنافى مع استقلال السلطة القضائية، وما دام القضاة مستقلين عنها فقد وقعت في هذا التنافي ولا شك".