يبدو أن دبلوماسيتنا العزيزة لم تستوعب الدرس جيدا ، رغم الندم الذاتي والحسرة الخفية و النتائج السلبية التي تفرزها بعض القرارات . "" فالعلاقات مع إيران متشنجة وتمر فعلا بأزمة عميقة ، بسبب سوء التقدير وقصر النظر والتسرع غير المبرر فتصريحات مسؤول إيراني محسوب على مرشد الجمهورية حول تبعية دولة البحرين لإيران أثارت العديد من ردود الفعل الغاضبة و المنددة و المتضامنة مع البحرين ملكا و حكومة و شعبا .فغالبية الدول التي سارعت إلى تأكيد التضامن و التآزر مع البحرين من دول الخليج و البلدان المغاربية و مختلف دول العالم ، لم تتجاوز ردود أفعالها حد كيل الاتهامات لإيران أو الخروج عن السياق الطارئ أو افتعال أزمة أخرى لا داعي لها . الدبلوماسية المغربية كعادتها سارت في الاتجاه المعاكس ، و بدل أن تكتفي في بياناتها و بلاغاتها عند حدود التضامن مع البحرين و مساندته ، خرجت عن المألوف و راحت تصف التصريحات الإيرانية بعبارات قوية و قاسية ( العبثية ، الهجينة ....) و فتحت جبهة جديدة مع بلد شقيق هو إيران ، الذي بدأت علاقاته مع المغرب تتطور و تتعزز في أكثر من مجال ، و بدأت ملامح تقارب وطيد تتلاءى في سماء العلاقات الثنائية ، خصوصا مع الزيارات الأخيرة للمسؤولين الإيرانيين و الأنشطة الإيرانية المنظمة فوق التراب المغربي ، زد على ذلك ، التصريحات الإيرانية الأخيرة التي جددت قطع إيران لعلاقاتها تماما مع البوليساريو .هذا المكسب – مع الأسف الشديد - لم نعطه حق التقدير و لم نعرف كيف نحافظ عليه ، و صرنا نكرر الأخطاء تلو الأخطاء ، تماما كما حصل مع السينغال ، حيث استدعى المغرب سفيره هناك لمجرد أن مسؤولا في حزب معارض أدلى بتصريح بخصوص وحدتنا الترابية ، و هو لا يتحمل أي مسؤولية حكومية و لا يشارك البثة في تقرير السياسة العامة السينغالية ، لنستفيق بعدها من غفوتنا فنجري ونتودد ونمدح ونغدق ؟؟ فنحن لا نضبط النفس متى يلزم ضبطها ، و نضبطها متى لا يلزم ضبطها ؟ لا نعرف ماذا جرى لدبلوماسيتنا في الآونة الأخيرة ؟ هل الأمر له علاقة بتغيير المشرف عيلها ، أم له علاقة بأشياء أخرى نجهلها لكننا نعلم تداعياتها ؟المهم أن العالم يتفرج على خارجيتنا ، و كذلك الداخل يتفرج على خارجيتنا ، كما لو أننا دولة حديثة العهد بالممارسة الدبلوماسية ، لا نفقه شيئا في الأعراف والقواعد المرعية . الآن انتهت الأزمة بين البحرين و إيران ، حيث زار وزير داخلية هذه الأخيرة البحرين و بدأت الأجواء تعود إلى طبيعتها بين البلدين في أعقاب تأكيد إيران احترامها لاستقلال و وحدة البحرين ، بل وزار وزير خارجية البحرين إيران وربما ستعزز العلاقات الثنائية أكثر بين البلدين في قادم الأيام ، ليبقى المغرب في النهاية المتضرر الأول من أزمة لا تعنيه و لم يعرف كيف يتدبرها .