اهتمت الصحف المغاربية، الصادرة اليوم الخميس، بالشأن الاجتماعي بالجزائرº لاسيما أزمة الحليب التي تعرفها، ومسار المصادقة على فصول الدستور بتونس، والأجواء المحتقنة المواكبة لمناقشة المؤتمر الوطني العام لمقترح إقالة الحكومة في ليبيا، وكذا انطلاق النسخة الرابعة لمهرجان المدن القديمة بمدينة ولاتة (موريتانيا). ففي الجزائر، تناقلت صحف مبررات وزارة التجارة بخصوص الاختلالات التي عرفتها بعض المواد الأساسية وعلى رأسها الحليب، إلى مشكلة التوزيع وتذبذبه. وعلاقة بمادة الحليب، كشف مصدر رفيع من وزارة الفلاحة لصحيفة (الشروق) أن الأرقام الرسمية بشأن إنتاج الجزائر من حليب الأبقار الطازج والمقدرة بحوالي 3 مليارات لتر، "لا أساس لها من الصحة"، مضيفا أن الإنتاج الفعلي لا يتجاوز 600 مليون لتر في أحسن الحالات". وأضاف المتحدث أن تضخيم الأرقام هو "من أجل الاستحواذ على أموال الدعم الذي تخصصه الدولة للمنتجين ومربي الأبقار ومحولي الحليب الطازج وشركات جمع الحليب الطازج الذي أصبح يوجه نحو صناعة مشتقات الحليب من طرف ماركات عالمية معروفة"، مشيرا إلى أن "الأموال التي خسرتها الجزائر خلال العشرية الأخيرة بدون أن تتمكن من تحقيق اكتفاء في مجال الحليب، تجاوزت 15 مليار دولار منها 5 مليارات دولار وجهت لدعم حليب البودرة الذي يذهب في النهاية إلى جيوب المربين والمنتجين في أوروبا وأستراليا ونيوزيلندا على غرار 10 مليارات دولار التي تمثل فاتورة استيراد الحليب خلال العقد الماضي". وربطت صحيفة (الخبر) أزمة الحليب وكذا الخبز بالوضع السياسي العام في البلاد. وكتبت "ولأن الحكومة تظل تتحكم في كل القطاعات، بما فيها الحليب والخبز، فالأزمة لن تكون بمعزل عن سياستها والتي ترتبط أساسا بالموعد الانتخابي المصيري". وقالت "الغريب أن الهزات الاقتصادية التي حذرت منها منظمات عالمية الجزائر، لم تتحدث يوما عن أزمة حليب الأكياس، أم أن هذه التقديرات والدراسات لم تتفطن إلى أن الجزائر قد يربكها كيس حليب، وهي الدولة التي بإمكانها أن تغرق العالم بحليب طبيعي، فهل يعقل أن تهتز الجزائر بأكملها بسبب كيس حليب، تعود أزمته كل سنة تقريبا¿". وخلصت "يبقى لسان حال المواطن اليوم يقول .. أبعدونا عن هم العهدة الرابعة وحسابات الانتخابات الضيقة، واتركوا لنا الحليب والخبز حتى لا نموت قبل أبريل¿". وفي تونس، تابعت الصحف رصدها لمسار المصادقة على فصول الدستور وما أثاره من تجاذب سياسي. وكتبت صحيفة (الصباح)، في افتتاحيتها، أن "ما تشهده مداولات المجلس الوطني التأسيسي من تعثر بلغ حتى الآن حد المأزق في التوصل إلى اتفاق حول البنود المتعلقة بالسلطة القضائية، ويطرح تساؤلات عما إذا كانت هناك نية صادقة فعلية من بعض القوى السياسية في بلادنا للاستجابة لمتطلبات المرحلة ومطالب الثورة في إحلال ديمقراطية حقيقية تقطع مع ممارسات العهد البائد". وبدورها، كتبت صحيفة (الشروق)، في افتتاحيتها، أن "إغراق مضمون الدستور بالتجاذب السياسي أخرجه من سياقه القانوني ليدخله في سياسة لي الأذرع، ومحاولة بعض الأطراف وضع بصمتها في مضمونه، وهذا ما جعل الولادة القيصرية لهذا الدستور مازالت متعسرة إلى الآن". وفي نفس الاتجاه، كتبت الصحيفة أنه "لأول مرة تجمع الأسرة القضائية على موقف موحد بخصوص محاولة تمرير نص دستوري، معتبرة أنه يمس باستقلال القضاء". وتحت عنوان "هل يكون باب السلطة القضائية العائق أمام إتمام التوافق على الدستور¿"، كتبت صحيفة (الضمير) متسائلة "هل ينجح الفرقاء السياسيون في تجاوز الخلافات حول هذا الباب على غرار ما حصل في كل مرة، أم أن ملف القضاء أكبر من التوافق وسيعصف به ليكون الاحتكام إلى الشارع عبر الاستفتاء¿". ووفق (الشروق)، فإن "ما فازت به تونس، اليوم وبعد ثلاث سنوات من هبة الشعب العارمة، طلبا للكرامة الوطنية والتشغيل والاستقلال السيادي، هي هذه العقلية التي استقرت بين ظهراني بلادنا، عقلية المراجعة وعدم التسليم بما يقدم من أطباق سياسية وخيارات اقتصادية.. إن هذا الحراك الذي نشهده اليوم في شكل مجادلات بين الأطراف الفكرية والسياسية، وعلى منابر الإعلام والصحافة، هو الذي يجعل للتغيير نحو الأفضل معنى". وفي ليبيا، توزع اهتمام الصحف بين الأجواء المحتقنة المواكبة لمناقشة المؤتمر الوطني العام مقترحا بإقالة الحكومة، وتطورات الوضع الأمني في الجنوب، والحوار الوطني. وأفادت صحيفة (ليبيا الإخبارية) بأن دوي إطلاق نار سمع، أول أمس الثلاثاء، أمام مقر المؤتمر الوطني العام في الوقت الذي كان الأعضاء يناقشون مذكرة لحجب الثقة عن الحكومة، مشيرة إلى أن الرصاص أصاب جزءا من واجهة المقر. ونقلت الصحيفة عن عضو المؤتمر الوطني، الشريف الوافي، قوله إن هذا الحادث كان مدبرا "الأمر الذي جعل الأعضاء يغادرون المقر من البوابة الخلفية"، مؤكدا أن الكتلة التي ينتمي إليها والتي تضم 94 عضوا "لن تحجب الثقة عن الحكومة تحت تأثير القوة ولن تكرر سيناريو فرض قانون العزل السياسي بالقوة". وبخصوص موضوع الحوار الوطني الذي دعت إليه الحكومة المؤقتة قبل أشهر، أوردت صحيفة (ليبيا) تصريحات رئيس الهيئة التحضيرية للحوار الوطني، فضيل الأمين، أكد فيها أن هذه الأخيرة شكلت هيئة استشارية تضم 73 عضوا يمثلون مختلف مناطق البلاد. وأكد الأمين، حسب الصحيفة، أن الحوار "يعد لبنة أساسية لإرساء الاستقرار ورسم ملامح مستقبل مشرق ومزهر للدولة الليبية"، مبرزا أنه "سيجمع كل أطياف المجتمع من مواطنين وتيارات سياسية لتقديم رؤاهم لبناء الوطن". وفي الشق الأمني، تطرقت صحيفة (ليبيا اليوم) إلى تطورات الوضع جنوب البلاد إثر الاشتباكات المسلحة التي شهدتها مدينة سبها، معتبرة ان "الجنوب يدخل بدوره، بعد بنغازي، دوامة الفوضى والاقتتال بالرغم من خطورة موقعه". وحذرت الصحيفة، في افتتاحيتها، من أن "إهمال الأوضاع في الجنوب سيجرنا إلى تدخلات إقليمية ودولية تهدد سلامة ووحدة ترابنا الغالي". وفي موريتانيا، انصب اهتمام الصحف على انطلاق النسخة الرابعة لمهرجان المدن القديمة بمدينة ولاتة. وفي هذا الصدد، ركزت صحيفتا (الشعب) و(أخبار نواكشوط) على الكلمة التي افتتح بها الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز، الدورة والتي لاحظ فيها أن مدينة ولاته (1300 كلم شرق نواكشوط) التي كانت من أهم مراكز الإشعاع الحضاري بالمنطقة، عانت من النسيان والتهميش على مدى عهود طويلة، مشيرا إلى أن التغيير الذي عرفته وسائل التجارة العالمية والإهمال وعوادي الزمن من بين أمور أخرى تضافرت ل"حجب تلك الصورة الناصعة لهذه المدينة وربطها بواقع مرير من النسيان والتهميش وهو ما جئنا اليوم لنضع له حدا". ونقلت الصحيفتان عن الرئيس الموريتاني قوله إن استعادة مدينة ولاته لدورها التاريخي ومكانتها العلمية الرفيعة يتطلب من الجميع تكاثف الجهود من أجل تحقيق تنمية متكاملة من شأنها أن تنهض بالمدينة وساكنتها من خلال التوظيف الأمثل لما تمتلكه من إمكانيات سياحية واقتصادية وعلمية. ولم يفت الصحيفتين، في معرض حديثهما عن المقال الذي كتبه أحد الشبان الموريتانيين، مؤخرا، والذي يسيء فيه إلى خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، التذكير بتأكيد الرئيس الموريتاني في ولاته على أن "الديمقراطية وحرية التعبير والفكر تتوقف عندما تصل حدود معتقدات الدين الإسلامي الحنيف"، وأن موريتانيا "دولة إسلامية وليست علمانية".