مغاربة الألفية الثالثة يقتسمون وسيلة نقل واحدة في آيت عبدي رغم كل الضجات الإعلامية التي أثارتها الصحافة الوطنية حول معاناة ساكنة أيت عبدي الواقعة جنوب شرق أزيلال والتي تتمثل في العزلة و الفقر والتهميش و الأمية والجهل و المرض والإقصاء والحرمان و....... ، لازالت الأوضاع على حالها : انعدام أي طريق يصل المنطقة بالعالم الخارجي ،توقف الدراسة منذ 2005 ، غياب المرافق الإدارية والمرافق الصحية إذ يمكن اختزالها في افتقارهم للدواء الأحمر أرخص وصفة طبية على وجه البسيطة و بشكل عام تغيب كل الأشياء في أيت عبدي التي ترمز لوجود الدولة . "" ومما زاد الطين بلة، تعرض المنطقة لعاصفة ثلجية مع مستهل الشهر الجاري حيث حوصرت أيت عبدي ووصل علو الثلوج ثلاثة أمتار فعزلها عن العالم الخارجي ،ومن أبشع المظاهر اللإنسانية غياب وسائل الإغاثة ونقل المرضى والحوامل لتبقى وسيلة النقل المتاحة هي النعوش التي يقتسمها المرضى والحوامل والموتى و حتى في هذه الحالة لا يعدو الأمر هينا و النموذج من حالة الأم المصابة في حادث انهيار منزلها بسبب الثلوج هلك فيها ستة من أطفالها، انتظرت خلالها الأم المكلومة ومعها القبيلة تدخل السلطات الوصية واستبشر الجميع في أيت عبدي عندما حلقت طائرة الهلكبتر التابعة للدرك الملكي ظنا منهم أن الفرج قريب وبدؤوا يلوحون بالأواني اللامعة و المرايا و الأغطية الحمراء لإثارة انتباه طاقم الطائرة علها تحط لإغاثتهم أو بالأحرى لنجدة الأم المصابة ! لكن هيهات إذ خاب ظنهم حيث عادت الحوامة أدراجها دون أن تحط لأسباب قيل أنها تتعلق بالارتفاع الشاهق (3171متر)، و رور تيار هوائي قيل انه شكل خطرا على حمولة الطائرة و كذا سمك الثلوج الكبير الذي يجعل من هبوطها و إقلاعها بعد ذلك أمرا مستعصيا. وأمام خيبة الأمل التي أصابت الساكنة أضحت تبحث عن سبيل لإغاثة الأم المصابة في جسدها والمنهارة نفسيا بعد أن فقدت ستا من أطفالها دفعة واحدة . و رغم صعوبة الالتقاء بين أفراد القبيلة بسبب علو الثلوج تحقق لهم ذلك ففكروا في المغامرة بأرواحهم لإنقاذ الأم ، و قد روى أخوها أحمد الصادق أن القبيلة قررت فك هذا الحصار بالخروج في موكب من حوالي أربعين شخصا وحمل الأم على النعش رغم صعوبة الخطوة بسبب الارتفاع و سمك الثلوج و صعوبة ضبط اتجاه الطريق وسط البساط الأبيض ، فكانت انطلاقة الموكب المكون من 40 نفرا في السابعة صباحا من دوار تمجيارت وقد تناوبوا على حمل النعش في الطريق التي كانت صعبة جدا ، و كان وصولهم في السابعة مساء إلى ماسكاو الموضع الوحيد لالتقاط الريزو . وتضامنت القبيلة في ماسكاو لاستضافتهم في منزل المستشار الجماعي الحسين ، ومن الموضع ذاته قال سعيد أعبدي :" لقد وجهنا نداء استغاثة لبعض الجرائد الوطنية و السلطة المحلية لإنقاذ الأم المصابة ، و أضاف : بعد إشراقة شمس اليوم الموالي 12 فبراير واصلنا المسير عند السابعة صباحا حاملين الأم على النعش ووصلنا في الواحدة زوالا إلى الطريق الرابطة بين زاوية أحنصال و تيلوكيت ، لنكون قد قطعنا في المجموع 16 ساعة مشيا على الثلوج و وجدنا في انتظارنا سيارة إسعاف و طبيبين من المستشفى الإقليمي بأزيلال" . وفور وصول الأم المصابة وزوجها إلى المستشفى وضعا تحت العناية المركزة وقد حاولت وسائل الإعلام الوصول لمتابعة حالة المصابين لكن الإدارة الإقليمية للصحة و دارة المستشفى منعت الإعلاميين و في مقدمتهم القناة الثانية ، وإلى حدود كتابة هذه السطور لازال المصابان يتلقيان العلاج بالمستشفى و لازال الطوق عليهما قائما .! فإلى متى تستمر معاناة أيت عبدي التي يحمل أحياؤها وأمواتها على النعوش على حد سواء في حين تستخدم الدولة كل طاقاتها و تقيم الدنيا و تقعدها حينما يتعلق الأمر بإصابة سائح أجنبي كما وقع مرارا بتنگارف أربعاء أقبلي و زاوية أحنصال .....و البقية تأتي .. صور تبين فداحة وضعية سكان أيت عبدي : [email protected]