افتتحت قطر كأس العالم 2022 بأغنية وافقت كلماتها حال دولة عربية صغيرة ربحت تحدي تنظيم منافسة رياضية كبيرة. غنى المغني "انظر من نحن.. نحن الحالمون"، فاستمتع الجميع باللحن وبالكلمات، بالرقص وبالإشارات، بالأضواء والألوان، وتعالت الأصوات والابتسامات. كان هناك في جانب آخر من التقط الكلمات، وأنزلها من مقامها الموسيقي، وحولها من نوتة عُزفت لتأثيث حفل وكفى إلى حقيقة أكسبت كأس العالم لونا آخر، وشعورا آخر، وباتت مدلوله في الذاكرة والتاريخ. قال وليد الرگراگي، مغربي الجذور والهوى والهوية، نحن هم الحالمون، سنجعل من كلمات هذه الأغنية وصفا لمنتخبنا، لا مجرد شعر أو شعار، سنجعل من هذه الأغنية جرس تذكير لشعبنا ولأمتنا ولقارتنا بأن الإنجاز والنجاح ينطلقان حتما بحلم ثم فكرة ثم عمل ثم ثقة، ثم بر بالوالدين، وقبل ذلك وبعده، سجدة شكر لله وتوكل عليه عز وجل. قال الرگراگي نحن الحالمون، ونحن المتميزون ونحن الناجحون ونحن الفائزون. قال الرگراگي نحن الحالمون، وإذا لم نحلم فإننا لن نكون، وذكر كيف يمكن لابن بنّاء أن يحقق شيئا إذا لم يحلم ونساعده على الحلم. حلم كل الغافلين المستسلمين مع الرگراگي، فحطموا أغلالا من وهم كبلت عقولهم وكبحت حركتهم. نحن المغاربة كنا مع كل حديث للرگراگي، ومع كل تصريح له، وقبل أن ينزل جنوده إلى الملعب، نتلذذ بانتمائنا الذي أيقظه بعفويته وبصدقه في حب وطنه وشعبه، لم يكن متصنعا ولا متزلفا ولا مدلسا ولا مضللا، لذلك اجتمعنا على كلماته المحفزة التي جعلت طاقة عظيمة تفوح منها رائحة المجد والسؤدد، المتراكمين عبر التاريخ، تسري في العروق، وكأن أحدهم كان يخنقها، وكاد أن يحبس بخنقها نفسنا الجماعية. فرحنا كمغاربة، وفرح معنا أقاربنا في الهوية وفي الجغرافيا وفي الامتداد، وكانت الفرحة نفضا للغبار على نسختنا الأصلية، التي أصابها الصدأ. وبينما ما يزال صدى قول الرگراگي "نحن الحالمون" يتردد في الأرجاء، خرج علينا الصدأ بعينه، وبعينين جاحظتين، فصاح بأوداج منتفخة بلا خجل، وبلا مراعاة لرهبة اللحظة، لكم الحلم ولنا الحكم، أنتم الحالمون ونحن المتحكمون، أنتم الحالمون ونحن "المحامون"، أنتم... من أنتم؟ نحن الذين "لا باس علينا"، ونحن من نحس بأبناء المحميين، وأنتم لا حامي لكم ولا إحساس لكم سوى الاحتقار والتهميش والاذلال. سيستمر الحلم على كل حال، وسيحاول المتربصون تحويله إلى كابوس، أو سيسرقونه، إذا كان ممنوعا من الصرف والتحويل، لكنهم لن يستطيعوا وقف زحف الأمل والحق، مهما قطفوا المناصب والمواقع المدرة للأموال والثروات. قم أيها المغربي، وابق قائما كما كنت، واستلهم من الرگراگي، أعد مشاهدة المباريات، والتصريحات، وتأمل في قسمات وجوه اللاعبين، وتأمل في دموعهم، وفي لمعان أعينهم التي تحكي أمرا بالغ الأهمية، وهو أنهم وصلوا إلى ما وصلوا إليه بكدحهم وبجديتهم وبحبهم لوطنهم واعتزازهم وافتخارهم بتمثيله أحسن تمثيل، ولم يكونوا هناك في قطر لأن آباءهم وزراء "لا باس عليهم"!. المجد للبسطاء.. المجد للأوفياء.. المجد للحالمين بالعدل والإنصاف وبالمساهمة في أن يظل ذكر المغرب على كل لسان... المجد للمغرب.