هل سيقوم الإتحاد الأوربي بإقرار توزيع عادل في سياستها تجاه المغرب؟ وسيعترف الإتحاد الأوربي بالمجهود المبذول من طرف المغرب لمكافحة شبكات تهريب المخدرات الدولية؟ وهل سيتجاوب الحكم الاشتراكي مع مبادرات المغرب من أجل التخلص من تأثيرات هذه الشبكات التي تنامنت زمن الحكم اليميني؟ وهل يؤشر لقاء مدريد بداية فعلية ل"التعاون الكامل" رغم أن إسبانيا مدت يدها متأخرة؟ "" شكل ملف المخدرات محورا هاما في اللقاء الذي جمع بمدريد بين وزيري داخلية المغرب وإسبانيا. وقد توج هذا اللقاء بإعلان عن ارتياح مغربي للتعاون الكامل مع الجارة الشمالية في عدة قضايا في مقدمتها التهريب الدولي للمخدرات. وكانت اللجنة المشتركة المغربية الاسبانية لمكافحة المخدرات، قد عقدت الأسبوع الماضي، اجتماعا بالرباط للتحضير إلى هذا اللقاء. وتضمن جدول أعمال هذا الاجتماع، بحث التعاون الثنائي، خاصة ما يتعلق بالتحقيق المشترك ودعم وسائل مكافحة تهريب المخدرات، وكذا آليات تبادل المعلومات. وترأس الوفد الإسباني في هذا الاجتماع فرانسيسكو خافيير فيلاسكيز، المدير العام للشرطة والحرس المدني، في حين ترأس الجانب المغربي، خالد الزروالي، العامل، مدير الهجرة ومراقبة الحدود. ومعلوم أن الدولة المغربية استنفرت، في الآونة الأخيرة، مجهوداتها للتصدي لشبكات المخدرات فوق الوطنية، حيث نجحت السلطات الأمنية بالناظور في اعتقال أحد العناصر الأساسية داخل شبكة لها امتدادات على صعيد عدة دول أوربية، كما نجحت في متابعة مجموعة من العناصر المنتمية لقطاعات الأمن والدرك والقوات المساعدة... هذا المجهود لم تستسغه بعض الأوساط الإعلامية الاسبانية التي سخرت بعض المنابر الإعلامية المقربة منها للتشكيك في هذا المسلسل، معتبرة إياه مجرد مسرحية الهدف من ورائها ذر الرماد في عيون الرأي العام المحلي والأوربي على وجه التحديد. لكن لقاء مدريد الذي جمع مؤخرا وزيرا داخلية الجارتين فتح صفحة جديدة تؤشر على انطلاق مسلسل"التعاون الكامل" بين المصالح الأمنية للبلدين في مجال مكافحة الإرهاب والاتجار في البشر. العوامل الخفية: يتضح أن المقاربة التنموية وحدها غير كافية للقضاء على شبكات تهريب المخدرات رغم ما يبدل في هذا الإتجاه من مجهود كبير، كما يتضح أن المقاربة الأمنية محدودة في نتائجها رغم ما وصلت إليه في سقفها من اعتقالات أسقطت في مناسبات متفرقة كبار الرؤوس في قطاعات الشرطة والقوات المساعدة والبحرية الملكية، وأبناء فاعلين سياسيين..، مع العلم أن الدولة رفعت بشكل واضح شعار "التسامح على درجة الصفر". والسبب في ذلك يعود إلى عدة عوامل في مقدمتها أن مشكل المخدرات ليس وطنيا، بل تفاقمه يعود لأزمة تعاون دولي بين الجارتين. إضافة إلى استمرار تزايد الطلب الإسباني على المخدرات، حيث تحولت إسبانيا على سبيل المثال إلى معبر حقيقي لسوق دولية شاسعة..، ثم أن المغرب لم يجد الدعم الأوربي في المستوى المطلوب. فإسبانيا كانت تسعى من خلال إستراتيجية عدم التجاوب مع المبادرات الوطنية الحصول على صفة دركي الإتحاد الأوربي وبالتالي الاستفادة من منافع هذه الصفة في مجال مكافحة شبكات المخدرات. شكل بلاغ وزارة الداخلية الذي سبق أن تحدث عن كون الشبكة كانت تعتمد على وسائل مالية ولوجيستكية وبشرية هامة في توفير وتعبئة ونقل المخدرات، استفزازا لبعض الأوساط الاسبانية، حيث سارعت هذه الأخيرة إلى تكثيف حملتها الممنهجة ضد المغرب وإمطاره بوابل من الاتهامات والتشكيك والتظليل.. خاصة بعد الحديث عن تحول جزيرة "ليلى" إلى نقطة عبور وملجأ لمهربي المخدرات... وأمام غياب موقف رسمي إسباني وانطلاق هذه الحملة، رد المغرب بشكل قوي وسريع، إذ انتقل وضع المتهم إلى وضع الفاعل والمبادر. وهو الأمر الذي دفع بالدولة عبر بلاغ لوزارة الداخلية صدر بتاريخ 19 من الشهر الجاري إلى تجديد التزامها بتحمل مسؤوليتها في مكافحة شبكات الاتجار الدولي في المخدرات، وتطوير التعاون بشكل أفضل، على أساس مبدإ المسؤولية المشتركة. وأبرز بلاغ الداخلية أنه "عقب تكثيف، بالمغرب، مكافحة شبكات الاتجار الدولي في المخدرات، فإن وسائل الإعلام الإسبانية تحاول زرع الشك بشأن عزم السلطات المغربية وتحويل الانتباه عن هذا الموقف، وذهبت إلى حد اختراع مسارات وهمية". وأضاف نفس المصدر أن "الوسائل التكنولوجية لمراقبة السواحل التي وضعتها السلطات الإسبانية تستطيع توفير معلومات محددة، حول أماكن نقل المخدرات، بما فيها الطرق البحرية ونقط التفريغ الخروج عن الصمت: تفيد العديد من المؤشرات تورط أوساط إسبانية في ملف المخدرات، فالطائرات المعدة أساسا لنقل هذه المواد تقلع من مطارات إسبانية ودون أن ترصدها أو تخبر بها السلطات المغربية.. أكثر من ذلك أن هذه الطائرات الخفيفة تخرق المجال الجوي المغربي، هذا فضلا عن ما يحظى به رموز هذه الشبكات فوق الوطنية من حماية قانونية إسبانية سواء عبر صفة الجنسية أو غيرها من الأشكال. ومن هنا نتساءل: ماذا تستفيد الجارة الشمالية من عملية احتضان وحماية رموز هذه الشبكات؟ وجدير الإشارة في هذا الباب أن الحملات الأخيرة اكتشفت نسبة كبيرة من الاسبان الذين جرى اعتقالهم في نقط العبور( الموانئ والمطارات)، حيث سجل اعتقال 148 إسبانيا خلال السنة الماضية!؟ وكانت السلطات المغربية قد تقدمت بمعلومات أمنية عبر وساطة "الانتربول" حول مجموعة من رموز شبكات دولية للمخدرات، إلا أن السلطات الأمنية الإسبانية تلكأت في القبض عليهم.. والخطير في الأمر أن هذه الشبكات لم تكثف بخلق مفسدين داخل بعض الأجهزة الأمنية المغربية، بل خلقت عملاء ومفسدين في الحرس المدني والجيش الاسبانيين. ومن هذا المنطلق يتساءل المتتبعون والمهتمون بهذا الملف: هل سيعطي لقاء مدريد انطلاق التعاون بين البلدين على اعتبار أن المجهود الرسمي المبذول حقق مؤخرا نتائج هامة؟ إن المغرب أصبحت له إرادة سياسية قوية في مجال محاربة شبكات المخدرات، وأيضا ثقة كبيرة في الدفاع عن هذه الإستراتيجية وعدم التسامح مع المتورطين في هذا الملف، ولعل الاعتقالات الأخيرة تؤكد بالواضح والمرموز أن هذا الخيار لا رجعة فيه خاصة وأن ايجابياته بدأت تبرز بشكل ملموس. فالإتحاد الأوربي مجبر على التفكير في إعادة توزيع عادل في سياسة الدعم مع مراعاة المجهود الكبير المبذول من قبل الدولة. إن إسبانيا، اليوم، في ظل الحكم الاشتراكي توجد أمامها فرصة ذهبية للتخلص من تأثير لوبيات ومافيات المخدرات وإصلاح ما أفسده الحكم اليميني في هذا الباب، وهي اليوم مدعوة إلى تجسيد هذا هذا التعاون من خلال مبادرات ملموسة تساعد المغرب في حربه الشرسة ضد شبكات الاتجار في المخدرات. [email protected] على هامش لقاء وزيري داخلية المغرب وإسبانيا