من أهداف تدريس الثقافة المغربية لأبناء الجالية المغربية المقيمة بالخارج، تعريفهم على تاريخ وطنهم الأم، وربطهم بجذورهم التاريخية و تهييئهم لاقتسام، عن قناعة، لتوابث الأمة المغربية، خاصة الوحدة الترابية للمملكة المغربية و اعتبار سبتة و مليلية مدينتين محتلتين، ... أولا: لأي فئة عمرية توجه حصص تاريخ المغرب؟ يستحسن أن تقدم دروس التاريخ بشكل مباشر للتلاميذ الذين لا تقل أعمارهم عن عشر سنوات، و ليس من الالزام تقديم هذه الدروس باللغة العربية، و لإن استحسننا ذلك، فالهدف ليس تعليم القراءة و الكتابة بالعربية، ولكن تكوين وعي تاريخي لدى هؤلاء الأطفال، لذا يمكن تقديم الدروس باللغة التي يجيدها المتلقي. ثانيا: مقترح برنامج ناريخ المغرب. من أهم المواقف الصعبة التي تواجه تدريس تاريخ المغرب بأرض المهجر، وجود متلقين، رغم أقليتهم، ضمن جماعة الفصل بنحدرون من بلدان غير المغرب، كتونس ومصر و الجزائر و لبنان و النيجر و السينغال... وفي هذه الحالة، يجد الأستاذ نفسه أمام خيارين: تقديم الدرس للجميع بمن فيهم (الأجانب) أو تهييء درس مواز خاص بهؤلاء التلاميذ. أقترح أن يتم تكوين برنامج مكون من قسمين، يدرس للمتلقين على امتداد سنتين دراسيتين: القسم الأول: برنامج متسلسل بطريقة كرونولوجية أو تحقيبية، تشمل المحطات الكبرى لتاريخ المغرب بدءا بالمغرب قبل الاسلام بما فيه الممالك الأمازيغية، المغرب عند الفتح الاسلامي، الدول الاسلامية الكبرى بالمغرب: الأدارسة، المرابطون، الموحدون، المرينيون، السعديون ثم العلويون، المغرب في القرن العشرين. القسم الثاني: برنامج مناسباتي يرتبط بالأعياد الوطنية للمغرب، يقدم خلال سنة دراسية واحدة، 6 نونير: المسيرة الخضراء 18 نونبر: الاعلان عن استقلال المغرب، وخلاله يتم الحديث عن نفي المغفور له محمد الخامس. 11يناير: ذكرى تقديم وثيقة المطالبة بالاستقلال، وخلاله يتم الحديث عن رموز المقاومة المغربية السابقين عن التوقيع كمحمد بنعبدالكريم الخطابي، عسو باسلام، موحا أو حمو الزياني، الشيخ ماء العينين و أحمد الهيبة و اللاحقين للتوقيع كمحمد الزرقطوني و حمان الفطواكي و علال الفاسي.... 9 أبريل: الزيارة التاريخية لمحمد الخامس رحمه الله إلى مدينة طنجة، و التركيز على أهمية هذه الزيارة لاظهار وحدة المغرب الجغرافية و البشرية... كما لا يجب إهمال الحديث عن الأعياد و المناسبات الدينية باعتبارها جزءا من تاريخ المغرب الذي لا ينفصل عن تاريخ الاسلام، و يمكنه إدراجها ضمن دروس التربية الاسلامية 1. السنة الهجرية 2. عاشوراء 3. ذكرى المولد النبوي 4. رمضان 5. ليلة القدر 6. عيد الفطر 7. عيد الأضحى.... ثالثا: ما الغاية من هذه الدروس؟ أبناء الجالية المغربية بالخارج، منفتحون، كباقي أطفال العالم، على نوافذ معرفية كثيرة، خاصة الاعلام الغربي الذي ينظر إلى المغرب كبلد خلفي لأوربا، يصدر إليهم العمال و الطلبة و الشباب الراغبين في عيش أفضل.... و قبلة لقضاء فترة استجمام للسياحة و الترفيه، و عندما يهتم هذا الاعلام بالمغرب، فقط، لاظهار بعض الآفات الاجتماعية، أو بعض الغرائبيات، خاصة بجامع الفنا كمروضي الأفاعي و القردة... أوربا تستعمل خريطة المغرب مجتزأة من صحرائها، و تعتبر سبتة و مليلية جزءا من التراب الاسباني و تولي اهتماما ثانويا للإصلاحات الجارية في المغرب... إذن، دروس التاريخ ستصحح الكثير من الكليشيهات الراسخة في أذهان أطفال المهجر، الذين قد يكونون، مستقبلا، أكبر المدافعين عن الحقوق التاريخية للمغرب في الهيئات التقربرية القطرية والقارية في أوربا. هذه الدروس ستظهر القيم الحضارية للمغرب من خلال تعرفهم على المظاهر العمرانية للمغرب: فاس، مراكش، الرباط، سلا، طنجة،... البنايات القديمة كجامع القرويين، صومعة حسان، الأبواب العتيقة في فاس و مكناس... ترسيخ خريطة المغرب الكاملة بصحرائها المسترجعة، و إظهار أن سبتة و مليلية مدينتان مغربيتان، تحتلهما إسبانيا. رابعا: الصعوبات أهم هذه الصعوبات هي الوثائق، فالمصدر الأساسي يبقى هو الأنترنيت و ما قد يسربه هذا المصدر من مغالطات تاريخية، قد لا ينتبه إليها، عن غير قصد، الأستاذ الملقي بسبب عدم الاختصاص و غياب المراجع الكتابية. خامسا: مقترحات حلول تعتبر مادة التاريخ من المواد الأساسية في بناء شخصية طفل المهجر، و جعله يرتبط بوطنه الأم ارتباطا صادقا و ينظر إليه كجزء من هويته، فدرس التاريخ يحظى بمتابعة و اهتمام كبيرين من طرف هؤلاء المتلقين، و أحيانا يفاجأ التلاميذ عندما يتعرفون على التاريخ العريق لبلدهم خاصة عندما ساد المغاربة الأندلس: المرابطون و الموحدون، أو عندما ساد السعديون بلاد السودان، و يزداد اعجابهم عند معرفتهم أن علماء كبار ينتسبون إلى المغرب كابن رشد و ابن خلدون... إذن، لنعط درس التاريخ قيمته في تعليم أبناء المهجر حتى لا تترسخ لديهم معلومات خاطئة و خطيرة عن المغرب، فالكثير منهم يعتبر أن لاسبانيا حدودا برية مع المغرب.... لذا على الجهات المسؤولة عن نشر الثقافة المغربية بأرض المهجر، تزويد الأساتذة و الجمعيات و المشتغلين بالشأن الثقافي بالمادة التاريخية اللازمة، خاصة و أن المغرب و بلجيكا يستعدان لتخليد الذكرى الذهبية: 50 سنة على توقيع الاتفاقية بين المغرب و بلجيكا فيما يخص تصدير العمالة المغربية إلى بلجيكا: 17 Février 1964: Accord bilatéral relatif au recrutement de main d'œuvre marocaine pour les besoins de l'économie belge. هذه مجرد آراء مستقاة من تجربة عملية، أتمنى أن يتم إغناؤها بنقاش علمي هادف، بعيدا عن القذف والتعصب أستاذ اللغة العربية والثقافة المغربية في بلجيكا [email protected]