بسطت الشابة الصحراوية خديجتو محمد شهادتها من داخل البرلمان الأوروبي في بروكسل ضد مغتصبها إبراهيم غالي (زعيم انفصاليي البوليساريو)، خلال جلسة استماع بعنوان "العنف الجنسي والاغتصاب باعتباره شططا في استغلال السلطة". حالة خديجتو ونساء أخريات تخللت أشغال "جلسة استماع عمومية" للجنة الأوروبية المكلفة بحقوق النساء والمساواة بين الجنسين (FEMM)، المنعقدة أمس 13 أكتوبر في البرلمان الأوروبي بالعاصمة البلجيكية بروكسيل، إذ جرى استعراضها من طرف ويلي فوتري، رئيس المنظمة غير الحكومية HRWF ("حقوق الإنسان بدون حدود")؛ ذاكراً أن "إساءة استعمال السلطة والشطط في استغلالها يؤديان إلى العنف الجنسي والاغتصاب الذي يمكن أن يحدث في سياقات عديدة". النشاط ذاته تضمن فضح الانتهاكات الجسيمة التي تتعرض لها النساء في مخيمات تندوف على أيدي قادة وانفصاليي "البوليساريو"؛ لاسيما الاعتداءات الجنسية وجرائم الاغتصاب، في ظل غياب القانون وانعدام الحق في الولوج إلى العدالة. يأتي هذا تزامنا مع اعتراف الانفصاليين، في تصريح رسمي، بممارسات التعذيب ضد المحتجزين داخل المخيمات، فضلا عن ممارسات حاطة بالكرامة الإنسانية تم نقاشها أمس ببروكسل. وأبرز المتدخلون خلال هذه الندوة، التي نظمت من قبل منظمة "حقوق الإنسان بلا حدود" حول موضوع "العنف الجنسي والاغتصاب كإساءة لاستعمال للسلطة"، أن المعطيات التي ترد من المخيمات تفيد بأن الاعتداءات الجنسية ومظاهر العنف ضد المرأة أضحت أمرا شائعا، ما يستدعي تعبئة قوية من طرف الهيئات والمنظمات الدولية لإماطة اللثام عن المآسي التي تتعرض لها النساء المحتجزات. وعادت خديجتو في شهادتها التي أدلت بها حول جريمة الاغتصاب التي كانت ضحيتها سنة 2010 على يد زعيم الكيان الانفصالي، المدعو إبراهيم غالي، إلى تفاصيل قرارها متابعته بعد الاعتداء الذي تعرضت له، لكسر حاجز الصمت والتوجه إلى العدالة، ليس دفاعا عن نفسها وحسب "بل عن جميع النساء اللواتي يعانين من شتى ضروب الإهانة والتعسف والقهر في المخيمات"، وفق تعبيرها. ولم تخف خديجتو محمد، التي سبق لها أن اشتغلت كمترجمة لدى "البوليساريو" خلال الفترة ما بين 2005 و2010، شعورها بالإحباط والاستياء العميق عندما ترى الشخص الذي قام باغتصابها يتنقل بحرية، رغم كونه موضوع متابعة قضائية ترتبط بالدعوى التي سبق أن رفعتها ضده. من جهة أخرى، أوضحت الشابة الصحراوية ذاتها أن "مظاهر العبودية والوصاية مازالت قائمة بقوة في مخيمات تندوف، التي لا تستطيع النساء المحتجزات داخلها التنقل بحرية من دون الحصول على إذن من عناصر البوليساريو"، لافتة إلى أن "هناك نساء يتم ابتزازهن جنسيا مقابل الحصول على الأغذية واللوازم الضرورية، التي تتعرض هي الأخرى للاختلاس الممنهج". وقالت المتحدثة ذاتها إن "الوقت حان لكي يعلم الجميع، بمن فيهم البرلمانيون الأوروبيون، ما يجري في المخيمات، حيث يعيش شباب من دون أمل أو مستقبل"، مضيفة أن هدفها يتمثل في جعل الشباب والنساء المحتجزين يدركون أن هناك حياة أرحب وراء المخيمات. من جهتها، أوضحت المحامية البلجيكية صوفي ميشي، في مداخلة لها، أن الوضعية الملتبسة حول الأبعاد القانونية والاجتماعية والإنسانية السائدة في مخيمات تندوف توفر غطاء لقادة "البوليساريو" من أجل اقتراف جرائمهم ضد النساء المحتجزات، اللواتي يتعرضن للاعتداءات الجنسية وسوء المعاملة. وأوضحت المحامية، التي سبق لها التنديد سنة 2019 لدى الأممالمتحدة بتحويل المساعدات الإنسانية، أن نساء المخيمات يجدن صعوبة كبيرة في التحدث بصوت مرتفع، بسبب شعورهن بالعار والخوف مما قد يلحقهن من اعتداء، إلى جانب الخشية من انتقام المعتدي. وفي هذا الصدد، دعت ميشي إلى إحداث محكمة دولية مختصة، تمكن من البت الفعال في شكاوى النساء ضحايا الاضطهاد والاعتداءات الجنسية.