يعول على أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب، الذي وقعت المملكة المغربية وجمهورية نيجيريا الاتحادية والمجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (سيدياو) على مذكرة تفاهم للمساهمة في تفعيله، لحل أزمة الغاز المتوقعة خلال السنوات القادمة في ببلدان إفريقية وأوروبية. في هذا الإطار، قال محمد جدري، باحث محلل اقتصادي، إن "خط أنبوب الغاز نيجيريا-المغرب يعد مشروعا استراتيجيا من شأنه أن يغير من ملامح غرب إفريقيا؛ هذه المنطقة الجغرافية التي تعرف أقل معدل للكهربة في العالم الذي لا تتجاوز نسبته المتوسطة 50 في المائة على أقصى تقدير، بل إن دولا مثل غينيا بيساو، النيجر وبوركينا فاسو لا تتجاوز نسبة الكهربة فيها 15 إلى 20 في المائة". وأضاف جدري، ضمن تصريح لهسبريس، أن "المشروع من شأنه أن يساعد في تحسين نسب النمو عن طريق تحسين البنيات التحتية والتسريع الصناعي، بالإضافة إلى خلق آلاف مناصب الشغل". وحسب المحلل الاقتصادي ذاته، فإن "المشروع هو نموذج متفرد للتعاون جنوب-جنوب، يهدف إلى علاقة رابح-رابح بالنسبة لكل الدول التي سيمر منها الأنبوب ويأتي في سياق دولي مختلف نوعا ما عن لحظة الإعلان عنه عام 2016، ويتعلق الأمر بالأزمة الأوكرانية الروسية التي أظهرت بالملموس حاجة أوروبا إلى بديل للغاز الروسي، وقطع الغاز الجزائري عبر الأنبوب المغاربي الذي أظهر حاجة المغرب إلى هذه المادة". وأوضح جدري أنه "تم المرور اليوم إلى مرحلة ثالثة من هذا المشروع الذي سيجيب عن حاجيات أوروبا من الغاز في أفق 25 سنة مقبلة"، معتبرا أن "التحدي الحقيقي اليوم هو البحث عن تمويل لهذا المشروع الذي تقدر تكلفته الإجمالية بحوالي 25 مليار دولار". وقالت وكالة "بلومبرغ" الاقتصادية إن خط أنبوب الغاز نيجريا-المغرب يزيد من احتمال إنشاء طريق جديد لإمداد الطاقة إلى غرب إفريقيا وأوروبا، ويأتي في وقت تتعطش فيه الدول الأوروبية بشكل متزايد لمصادر جديدة للغاز بعد الهجوم الروسي لأوكرانيا. ويأتي هذا بعد قرار روسيا وقف ضخ الغاز عبر خط "نورد ستريم1" إلى أجل غير مسمى، ما يهدد بتصاعد أزمة الطاقة في أوروبا وقد يدفع الاقتصاد إلى حالة ركود. وقالت الوكالة إن القناة التي يبلغ طولها 5600 كيلومتر على طول ساحل غرب إفريقيا، من شأنها أن توفر الغاز ل15 دولة في المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا، التي وقعت أيضًا على الاتفاقية، وتسمح بشحن الوقود إلى إسبانيا وبقية أوروبا. وتمتلك نيجيريا أكبر احتياطيات مؤكدة للغاز في إفريقيا بحوالي 200 تريليون قدم مكعب، معظمها غير مستغل أو يعاد حقنه في آبار النفط. وتقول الحكومة إنها تريد تسييل المزيد من هذا المورد لاستبدال النفط الخام باعتباره السلعة الرئيسية في البلاد. ويأتي ذلك في وقت "يشهد إنتاج النفط في نيجيريا انخفاضًا حادًا بسبب السرقة الهائلة لخطوط الأنابيب ونقص الاستثمار في السعة الجديدة"، وفق "بلومبرغ". وأوضحت وكالة الأنباء ذاتها أنه "إذا تقدم خط الأنابيب بين نيجيريا والمغرب، فسوف تمر سنوات عديدة قبل أن ينقل الغاز". وقالت الحكومتان المغربية والنيجيرية، اللتان وقعتا اتفاقية سابقة في 2018، إن "المشروع قد يستغرق 25 عامًا حتى يكتمل". وتحدثت "بلومبرغ" عن تكلفة المشروع التي تقدر بمليارات الدولارات، قائلة إنه من غير الواضح من أين سيأتي هذا الاستثمار. وقال نائب وزير النفط النيجيري، في يونيو، إن "السعر النهائي لن يتحدد حتى يتم تصميم المشروع". وخصص البنك الإسلامي للتنمية وصندوق الأوبك للتنمية الدولية ما يقرب من 60 مليون دولار لتمويل دراسات الجدوى والهندسة للخط الذي سيكون أحد أطول خطوط الأنابيب التي تم بناؤها على الإطلاق، بحسب إفادة "بلومبرغ". وكان المغرب ونيجيريا قد أعلنا عن هذا المشروع الضخم سنة 2016 لربط آبار الغاز الطبيعي في نيجيريا بالمغرب عبر دول عدة. وفي سنة 2018، دخل المشروع مرحلة جديدة بتوقيع اتفاقيات للتعاون الثنائي.