خلفت الحرائق التي اندلعت في مناطق غابوية عدة نواحي تازة والعرائش خسائر كبيرة في المنازل والمحاصيل الزراعية والماشية، وبات عدد من السكان المتضررين بدون مأوى وبدون مصدر رزق. ولم تنجح التدخلات التي قامت بها السلطات لتفادي وقوع خسائر مادية، نظراً لصعوبة التضاريس وهبوب رياح الشركي التي كانت عاملا مسرعا لانتشار ألسنة اللهب. وأثار عدد من المواطنين في المناطق المتضررة من هذه الحرائق مطالب بتعويضهم عما خسروه، خصوصا أن عددا منهم خسر محاصيله وماشيته ومسكنه، وبات لا يملك شيئا. وفي إقليمتازة حيث أتت النيران على مساحة شاسعة من الغابة نواحي إقليم الصميعة، يناقش عدد من أبناء المنطقة ضرورة تفعيل القانون 110.14 المتعلق بإحداث نظام لتغطية عواقب الوقائع الكارثية. وأفاد عدد من المواطنين في المناطق المتضررة بإقليمتازة بأن هناك تحركا من طرف السكان من أجل الترافع لإصدار قرار يعتبر الحريق الغابوي واقعة كارثية لتعويض المتضررين منه. وأحدث المغرب سنة 2016 نظاما لتغطية عواقب الوقائع الكارثية، هذه الأخيرة يعرفها القانون رقم 110.14 بكونها كل حادث تنجم عنه أضرار مباشرة في المغرب يرجع السبب الحاسم فيه إلى أن فعل القوة غير العادية لعامل طبيعي أو إلى الفعل العنيف للإنسان. ويشكل عامل القوة غير العادية لعامل طبيعي واقعة كارثية إذا توفرت فيه شروط الفجائية وعدم إمكانية التوقع، وفي حالة إمكانية توقع الحادث يشترط ألّا تمكن التدابير الاعتيادية المتخذة من تفادي الحادث أو تعذر اتخاذ هذه التدابير، وأن تشكل آثاره المدمرة خطورة شديدة بالنسبة للعموم. وتنص المادة 6 من القانون سالف الذكر على أن الإعلان عن حدوث الواقعة الكارثية يتم بموجب قرار إداري يتخذ بعد استطلاع رأي لجنة تتبع الوقائع الكارثية، وينشر في الجريدة الرسمية، يحدد المناطق المنكوبة وتاريخ ومدة الواقعة الكارثية. ويترتب عن نشر القرار الإداري المتعلق بالواقعة الكارثية عملية تقييد الضحايا في سجل التعداد ومنح التعويضات من طرف صندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية. ويغطي نظام التغطية ضد الوقائع الكارثية الأشخاص المتوفرين على التأمين؛ حيث يمكن طلب التعويض لدى شركة التأمين المشتركين فيها، أما بالنسبة للمواطنين الذين لا يتوفرون على تأمين، فيمكن ذلك بطلب موجه إلى صندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية. وبموجب القانون، إذا تعلق بواقعة كارثية يرجع السبب فيها إلى عامل طبيعي، فإن السقف الإجمالي للتعويض لها سيكون في حدود 3 مليارات درهم. وإذا تعلق الأمر بواقعة كارثية فيها السبب إلى الفعل العنيف للإنسان، فتعويضها الإجمالي لن يتجاوز 300 مليون درهم. وإذا كانت المقتضيات سالفة الذكر تمكن من اعتبار الحريق الغابوي واقعة كارثية لتعويض المتضررين منه، فإن قرارا صادرا عن وزارة الاقتصاد والمالية سنة 2019 حدد الوقائع الكارثية في ستة أشكال: الزلزال، الفيضان، ارتفاع مستوى المياه، ارتفاع المد البحري (تسونامي)، فعل إرهابي، فتن أو اضطرابات شعبية، وهو ما يطرح مدى إمكانية تطبيق هذا القانون على الحرائق. خلال السنة الماضية، أتت النيران على آلاف أشجار النخيل ورؤوس من الماشية في الجنوب الشرقي، كما عرفت مناطق عدة حرائق متعددة خلال السنوات التي تلت دخول قانون التعويض عن الوقائع الكارثية حيز التنفيذ، لكن لم يحدث أن تم الإعلان بقرار رسمي عن واقعة كارثية لمباشرة تعويض المتضررين. عدد من الأساتذة الجامعيين المتخصصين في القانون أفادوا، في تصريحات لهسبريس، بأن تعريف الواقعة الكارثية في المادة 6 من القانون 110.14 ينطبق على الحرائق، حيث يتوفر فيها شرط الفجائية وعدم إمكانية التوقع وعدم إمكانية اتخاذ التدابير لتفادي الحادث، وأوضحوا أن تحديد ستة أشكال من هذه الوقائع يبقى على سبيل المثال، ويمكن للحكومة الاعتماد على التعريف العام لاعتبار الحريق واقعة كارثية موجبة للتعويض. نص القانون أيضاً على إحداث لجنة "تتبع الوقائع الكارثية"، تتولى مهمة تتبع تنفيذ نظام التعويض ضد عواقب الوقائع الكارثية، ويعهد إليها جمع كل المعلومات لدى الإدارات ومصالح الدولة أو الجماعات الترابية أو أي هيأة أخرى. وتتكلف هذه اللجنة بإبداء الرأي للحكومة بشأن الطابع الكارثي للواقعة المعروضة على أنظارها، ومساعدة صندوق التضامن ضد الوقائع الكارثية في تقييم الأضرار اللاحقة بضحايا الواقعة، لكن لا معلومات إلى حد الساعة حول ما إذا كانت اللجنة قد أحدثت.