وأنت تمر في شوارع الرباط، قد تجد المقاهي مزدحمة بالرواد، وفجأة تسمع لهم دويا كهدير الموج. هكذا تعرف أنهم يتابعون مباراة لكرة القدم، لكنها غالبا مباريات الدوري الأوروبي. أما الكرة المغربية، فهجرت الجماهير أغلب مبارياتها، إلا من مراهقين يثار الحديث عن شغبهم بين حين وآخر. ما الذي جعل الشباب المغربي يطلب اللجوء الكروي عبر شاشات التلفزيون، أو تذاكر السفر نحو مدريد وبرشلونة بالنسبة للميسورين؟ متعة مفقودة "جمهور كرة القدم يبحث عادة عن المتعة، يريد مشاهدة فريق جميل، يلعب بتقنية عالية، وهذا هو المفقود في ملاعبنا اليوم"، هكذا علق خليفة العبد، المدافع الأيمن السابق للمنتخب المغربي، والنادي القنيطري، حين كان في أزهى فتراته. خليفة أوضح ل"هنا صوتك" أن مستوى البطولة الوطنية لكرة القدم، "أصبح ضعيفا جدا، بسبب سوء الإدارة". وأضاف: "أغلب المسيّرين اليوم لا علاقة لهم بالمجال، وفي المقابل يتم التخلي عن العديد من الكفاءات الوطنية من أمثال عزيز بودربالة وغيره من اللاعبين الكبار". مفاجأة وكان العبد، لاعبا في النادي القنيطري، الذي فاز بالبطولة الوطنية لسنوات في الثمانينيات، وكان أول فريق مغربي يصل إلى ربع نهائي كأس أفريقيا للأندية. وقال العبد: "للأسف، فرق شاسع بين الجماهير التي كانت تحضر مبارياتنا في السبعينيات والثمانينيات، وتلك التي تحضر اليوم إلى الملاعب؛ كانت المدرجات تمتلئ عن آخرها بجمهور نوعي، يضم موظفين ومثقفين يحضرون مع عائلاتهم، أما اليوم فلم يعد يقصد ملاعب الكرة سوى بعض المراهقين، ممن يرغبون في التنفيس عن كبتهم بعيدا عن الثقافة الكروية". وفجر العبد مفاجأة في ختام حديثه ل"هنا صوتك": "أنا شخصيا لم أعد أتابع الكرة المغربية، ولا أبنائي". عقدة الأجنبي ويرى عبد الرحيم طالب مدرب نادي المغرب الفاسي، أن هناك تقدما ملموسا تشهده البطولة المغربية، ويقول: "لدينا الآن بطولة احترافية، ولاعبون ومدربون بمستوى تقني عال، لكن للأسف هي عقدة الأجنبي.. نحن، في المغرب، نحتقر بعضنا البعض، نحتقر اللاعب والمدرب المحليين، كما نحتقر المنتوج الوطني عموما". ويتساءل طالب: "كيف يمكن أن نقارن الفرق المحلية بفرق كرة القدم الأوروبية التي تفصلنا عنها سنوات ضوئية من الاحتراف؟!". ويضيف: "الجمهور مطالب بالعودة إلى الملاعب الوطنية لدعم البطولة المحلية، فهو اللاعب رقم 12 لأي ناد، وغيابه سبب رئيسي في تراجع مستوى الكرة المغربية". للإعلام دور الموقف نفسه يذهب إليه مجد الدين الجيلاني لاعب نادي أولمبيك خريبكَة، الذي يعتبر أن "المقارنات الخاطئة بين كرة القدم المغربية والأوروبية، هي السبب في هروب الجماهير". ويضيف أن "النوادي الأوروبية لديها إمكانيات ضخمة، وصناعة كروية حقيقية، لذا لا تستقيم المقارنة مع وجود الفارق". الجيلاني قال أيضا إن "الإعلام مسؤول بدرجة كبيرة عن هجرة الجماهير نحو البطولات الأوربية"، موضحا أن "الإعلام الدولي يجعل المباريات الأوروبية أكثر متعة وإثارة؛ من خلال جودة الصورة والتعليق، وهو ما نفتقده في المغرب". * ينشر هذا التقرير بالاتفاق مع إذاعة هولندا الدولية