انتقدت فعاليات رياضية تزايد أعمال الشغب في ملاعب كرة القدم بالمغرب خلال الفترة الأخيرة، حيث شهدت بعض مباريات الدوري الاحترافي في الموسم الحالي حالات شغب أثارتها الجماهير المُشجعة للفرق المتنافسة سواء داخل مدرجات الملاعب أو حتى في المناطق المحيطة بها. وشدد المنتقدون على رفض السماح للأطفال والمراهقين دون السادسة عشر سنة خاصة بولوج الملاعب، وهم في حالة هياج غير طبيعي بسبب تناول أقراص المخدرات أو نتيجة الشحن النفسي غير السليم، ليقوموا بتخريب تجهيزات الملعب أو الاعتداء على الآخرين، أو إشعال الشهب الاصطناعية “الشماريخ”.
وبالرغم من سن قانون مكافحة الشغب في الملاعب المغربية والبدء بتطبيقه خلال الموسم الجاري من دوري كرة القدم، فإن نسبة حالات الشغب الرياضي استفحلت بشكل ملحوظ، كان آخرها ما حدث أخيرا قبل وبعد المباراة التي جمعت فريقي الوداد البيضاوي والنادي القنيطري. الرعب في الملاعب وشهدت مقابلة الوداد ضد القنيطرة بمناسبة إجراء الدورة المنصرمة من البطولة الاحترافية بالمغرب إصابات متفاوتة الخطورة في صفوف مشجعي الفريقين معا، وفي عناصر الأمن أيضا نتيجة التراشق بالحجارة، مما زرع الرعب والهلع وسط الجمهور الذي جاء ليستمتع بطبق كروي ممتع بين الناديين الكبيرين، غير أنه تفاجأ بسلوكيات خطيرة من لدن قلة من مشجعي الفريقين عاثوا في المدرجات فسادا. ولم يتوقف شغب الجمهور، خاصة الشباب صغار السن، عند حدود مدرجات الملعب الذي حطموا كراسيه وبعثروا معداته وتجهيزاته، بل انتقل العنف المجاني والهستيري إلى خارج الملعب بعد المباراة، حيث أثار المشاغبون الفزع لدى سكان الأحياء المجاورة للملعب نتيجة تماديهم في عمليا التخريب وسرقة الممتلكات العمومية، الشيء الذي دفع بالسلطات المحلية إلى القبض على بعض الذين أحدثوا الشغب بالملعب، وتم تقديمهم للمحاكمات القضائية. وأعرب فؤاد الصحابي، مدرب نادي أولمبيك خريبكة، عن قلقه من تزايد حالات الشغب المُسجلة في الدوري الاحترافي الجاري، وفي السنة الماضية أيضا، والذي تنجم عنه خسائر بشرية ومادية جسيية يصعب تعويضها، كما يُفضي إلى نفور عدد من الجمهور للحضور إلى الملاعب، مشيرا إلى أن تاج كل مباراة وحلاوتها هو الجمهور، فإذا أدى الشغب إلى غيابه فلن تكون لمنافسات كرة القدم أية جدوى. وقال المحلل الرياضي بأنه يجب ردع وزجر الجمهور الذي يأتي للملعب متعمدا إحداث الشغب وإفساد المتعة الكروية عن قصد بدون سبب، مشيرا إلى أن قانون مكافحة الشغب الذي اعتمده الاتحاد المغربي لكرة القدم يستوجب بعض الوقت لتلمس ثماره ونتائجه الجيدة مع مرور الوقت. خطورة شغب الصغار وبدوره اعتبر عبد المجيد الكارح، صحفي رياضي، بأن الفئة العمرية التي تنزع اكثر إلى إثارة الشغب والفوضى داخل الملعب، كما في الحافلات والشارع بعد المباراة خاصة عند انهزام فريقهم المفضل، هي الفئة العمرية دون سن الخامسة عشر عاما، بدليل أغلب حالات الشغب التي تم تسجيلها في ملاعب الكرة بالبلاد. وأفاد الإعلامي الرياضي بأن قانون مكافحة شغب الملاعب الذي يجري تطبيقه حاليا يمنع من حيث المبدأ الشباب دون سن 16 من دخول الملعب، مضيفا أن الواقع شيء آخر تماما، حيث يتم السماح لهم في أغلب الأحيان بالدخول سواء عند بداية المباراة أو في بداية الشوط الثاني من المباراة، وهو الأمر الذي يجب متابعته من طرف المسؤولين من أجل تطبيق القانون بحذافيره بهدف سلامة المباريات من إحداث الشغب. وقال الدكتور سعيد بنسالم المختص في علم النفس إن الشغب الذي يحدث في ملاعب الكرة بالمغرب، وحتى في بلدان أخرى، ينتج عن أسباب نفسية وأخرى ترتبط بالتنشئة الاجتماعية، شارحا بأن المتفرج خاصة صغير السن تنقلب شخصيته رأسا على عقب عندما يدخل مدرجات مليئة بالحشود البشرية. وأردف الأخصائي بأن شخصية هذا المتفرج تتكيف وتخضع لعقلية ونفسية الجماعة، فإذا كانت الجماعة هستيرية في تشجيعها ارتفعت جرعة الميل إلى العنف لدى هذا المراهق، والعكس صحيح أيضا، مما يبرز أن التربية التي تلقاها المتفرج داخل أسرته ومجتمعه تلعب دورا حاسما في انخراطه في عملية الفوضى والشغب، أو عدم حدوث ذلك.