ألقى بطموحاته في حقول إفريقيا، وزرع مشاريع في ملاعبها وكبرى ملتقياتها، فكان لتكوينه في مجال الزراعة الأثر الكبير في عمله التسييري في مجال الكرة، جاعلاً من نفسه جناناً يغرس فيه مختلف التجارب المهنية، ومن حصاد كل ثمرة جزاءً لقدرته على الجمع بين مختلف المهام، حيث استثمر ذلك لخدمة استراتيجيات البلاد، ومصالحه المهنية أيضاً. هو فوزي لقجع، الفتى البركاني الذي رأى النور في 23 يوليوز 1970، كما كل أقرانه وقع في حب المستديرة وهو طفل بالكاد تستطيع قدماه مداعبة الكرة ليصارحها بعشقه لها، لكنه حسم في مسألة تركيزه على الدراسة تلافياً للجوانب الغادرة للعبة تزن أقل من نصف كيلوغرام، حتى أن ذلك المهندس الفلاحي وخريج المدرسة الوطنية للإدارة، قبل أن ينصب مديراً للميزانية التابعة لوزارة المالية، لم يكن ينتظر أن يغدو يوماً على رأس الجهاز الوصي على الكرة في المغرب، ورئيساً للجامعة الملكية المغربية للعبة. ولأنه مرتبط بأبجديات الفلاحة، ويؤمن بمبدأ "من زرع حصد"، فإن انتخابه رئيسا لجامعة الكرة لم يأت عبثاً، بل كان قطافاً لسنوات من العمل في الظل داخل المجال الرياضي، قبل أن يسطع نجمه في عالم التسيير عندما قاد نهضة بركان إلى قسم الأضواء موسم 12-2011، فلفت إليه الأنظار من خلال حسه "الحكامي"، ونال ثقة سابقيه من المسيرين ليتسلم مقاليد تدبير شؤون الكرة وطنياً، ويطلق مشاريع ضخمة ويتبنى إستراتيجيات جديدة قطعت مع الخلفية القديمة لطريقة التسيير الجامعي، فكانت أبرز انتفاضاته في المجال تهم بشكل أساسي الاهتمام الفعلي بتطوير البنيات التحتية في الوسط الكروي، وخلق ثورة في مجال التواصل الذي كان مجرد "إشاعة" لدى مكاتب جامعية سابقة. بذور عمله في الجامعة، ووقوفه على كل كبيرة وصغيرة داخل الفريق البركاني، تنامت بتراكم التجارب والاحتكاك بالعراقيل والمطبات التي تعرفها الكرة الوطنية من كل الجوانب، لتكبر معها مشاريع الرجل الذي تناسلت بعض الأخبار عن ترشيحه لشغل منصب وزير المالية المقبل، ليس هذا فقط، بل تقدم باندفاع منقطع النظير بترشحه لنيل كرسي داخل المكتب التنفيذي للكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم، بعدما تعالت أصوات الشارع الكروي في مناسبات عدة بضرورة وجود تمثيلية ثقيلة للمغاربة في تنفيذية الكاف، للدفاع عن قضايا الكرة الوطنية وخدمة مصالحها التي ظلت في وضع مقموع أمام وجود تمثيليات تونسية وجزائرية ومصرية في ردهات الاتحاد الإفريقي. ويتحرك فوزي يميناً وشمالاً للفوز بمنصبه في تنفيذية الكاف، وسط منافسة شرسة مع الجزائري، محمد روراوة، الذي اعتمد حملةً انتخابية "حقودة".. "يائسةً".. لإخماد حماس لقجع، الذي لم يجتهد كثيراً لنيل تعاطف رؤساء اتحادات الكرة تمهيداً لانتخابات ال 16 من مارس المقبل، فأبى إلا أن يقتفي آثار الملك محمد السادس ويتخذ من إستراتيجيته في إحياء العلاقات مع بلدان إفريقيا نموذجاً، فوقع هو الآخر حوالي 35 اتفاقية مع اتحادات كروية إفريقية مختلفة، نتاج لقاءات مباشرة مع رؤسائها، في أفق توقيع اتفاقيات أخرى في الأيام المقبلة ليرتفع عددها قبل اليوم المنتظر علماً أن العدد الإجمالي للاتحادات الكروية العضو في الكاف يبلغ 54. وفي انتظار نتيجة تصويت استحقاقات الخميس المقبل يرى المراقبون أنه سواء نجح فوزي لقجع في انتزاع كرسي له في تنفيذية الكاف أو "فشل"، فعمله خلال حملته الانتخابية سيكون له الأثر الإيجابي على وضعية المغرب، سياسياً، ورياضيا أيضاً، خاصةً وأن العلاقات التي تم توطيدها ما أكثر من اتحاد كروي قد تكون حاسمة بشكل كبير في مصير ملف ترشيح المغرب لاستضافة كأس العالم 2026.