لا يبدو يوسف من النّوع القلق أو الباحثِ عن الشهرة، وأصرّ أثناء حديثنا معه على وضع كل نقطة على الحرف الذي يناسبها؛ فهناك فرق، بالنسبة له، بين الاختراع والابتكار، وبين الابتكار وتطويره؛ لهذا، كان أوّل ما فعله هو أن صحّح اعتقادنا بأنه ابتكر دراجة ثلاثية العجلات بمواصفات خاصّة، إذ أوضح أنه لم يبتكرْ، وإنما طوّر ما هو موجودٌ فعلا، حتى يتلاءم أكثر مع ذوي الاحتياجات الخاصة. وُلد يوسف الهوّاس بحيّ مرشان بطنجة، وحصل على البكالوريا بثانوية بمولاي رشيد، قبل أن يلتحق سنة 1987 بأحد معاهد التكنولوجيا بفرنسا، حيث نال شهادة تقني متخصص في الهندسة الميكانيكية، ليعود إلى طنجة بعدها، حيث بدأ يحاول تحقيق حلمه بتطوير وتصنيع ثمّ تسويقِ نوعٍ خاصّ من الدراجات ثلاثية العجلات، بما يتناسب مع جلّ أنواع التضاريس والطرقات، بحيث يستطيع مُستعملوها من ذوي الاحتياجات الخاصّة أن يتجاوزوا عددا من صُعوبات الطريق. يقول يوسف: "اعتمدت في تطوير ابتكاري على تقنية جديدة لما يعرف ب"التطعيس"، إذ يمكن للشخص ذي الإعاقة أن يتعامل مع الدراجة ويقودها كما الآخرين دون صعوبات أو عقبات". صُمّمت الدراجة بشكل مريح جدّا، بحيث لا يجد مُستعملها أيَّ صُعوبة أو مشقة في استعمالها، ويشعر أنه يقود دراجة عادية. طوّر يوسف إلى حدّ الآن دراجتين من هذا النوع، تشاركان في قافلة المواطنة التي انطلقت في الثاني من ماي الجاري من مدينة كلميم، وستنتهي في 13 منه بالخميسات، مرورا عبر عدد من المراحل، قاطعةً مسافة مجموعها 1076 كيلومترا. القافلة يشارك فيها درّاجون من مختلف المدن المغربية، بينهم درّاجٌ من ذوي الاحتياجات الخاصّة، استعمل ابتكار يوسف المُطوّر، إلى جانبِ يوسف نفسه، واللذين لازالا يواصلان التحدّي مع القافلة من مدينة إلى أخرى. والقافلة تتوجّه – لحظة كتابة هذه السطور – من الصويرة إلى آسفي. ويصف يوسف شعوره قائلا: "لا يمكن إلا أن يقشعرّ بدنك من التضامن الذي تعرفه القافلة بين أعضائها. الجميع لُحمة واحدة، وهناك دعمٌ كبير من طرف المشاركين لأخينا الذي يخوض هذه التجربة معنا بكلّ إصرار وعزيمة ومثابرة". وعرضت مؤخرا شركة باكستانية على يوسف تصنيع وتسويق مُنتجه، كما كتبت مجلة متخصصة مقالا عن تطويره للدراجات ثلاثية العجلات. ويبدو أن طموحات يوسف لا تتوقف عند هذا الحدّ، إذ يخطط حاليا لتزويد دراجته بمحرك كهربائي وبعض الألواح الشمسية، لتزداد سهولة استعمالها، وتكون صديقةً للبيئة أيضا، كما يخطط للقيام برحلات دولية يقطع من خلالها آلاف الكيلومترات.