لا يمكن لأحد إنكار المستوى الذي ظهر عليه الوداد في الموسمين، الحالي والماضي، مباشرة عقب تسلم سعيد الناصيري مهام رئاسة "وداد الأمة"، وارتدائه قميص التألق والإبداع مقابل نزع جلباب التواضع، الذي هيمن على صورته بين باقي الأندية الوطنية، وتَحَوُّله تبعا ل"مخططات" الرئيس الأسمر إلى معادلة صعبة داخل الدوري الوطني، في انتظار امتداد هذه الاستفاقة الكروية إلى القارة الإفريقية عبر منافسة "العصبة" أو "الكاف". غير أن النقطة السوداء التي ما فتئت تشوه صورة النادي "البطل" وتسير في الاتجاه المعاكس لنهج الإصلاح، الذي تبناه الناصيري خلال السنتين الأخيرتين، تظل "غياب التواصل"، ذلك أن مسؤولي "النادي الأحمر" حولوا الفريق إلى ناد مغترب ببلده، مُنزَوٍ عن عالمه وبعيدا عن جمهوره ومحبيه، الذين يحصون بالآلاف والملايين داخل المغرب وخارجه، والذين ضاقوا بهم درعا من سياسة النادي التي أبعدت عنهم شيئا أساسيا في حياتهم اليومية. سعيد الناصيري أقر في أكثر من مناسبة في رده على أسئلة "هسبورت" أنه اختار عمدا "التعتيم" وتقليل نسبة الأخبار المسربة من قلعة الفريق "الأحمر"، مشيرا إلى أن الجمهور "الودادي" لا يكترث لمثل هاته الأمور بقدر ما يهتم للنتائج فقط، ورؤية فريقه ينتصر كل أسبوع. غير أن الواقع يظهر عكس ذلك بالنظر إلى عدد الاحتجاجات اليومية من جمهور الفريق على عدم اعتماد سياسة تواصلية جيدة والانفتاح على المحبين، واعتبار أخبار الوداد سرا من أسرار "الدولة". جمهور نادي الوداد ورغم تنفسه الصعداء عقب نهاية مباراة أمس، بتأهل فريقه إلى الدور الأول من منافسات "العصبة" رغم خسارته بهدفين مقابل هدف واحد أمام نادي الجمارك من النيجر، وهي النتيجة التي تابعها عبر وسائل أخرى، في وقت تجاهل فيه الموقع الرسمي وصفحته على موقع التواصل الاجتماعي "فايسبوك" المحبين مكتفيا بكتابة معلومات مقتضبة ومتأخرة بشكل مستفز، إلا أنه صب جام غضبه من خلال تعليقات، تظهر مدى تناقض تصريحات الناصيري السابقة مع الواقع. الغريب في الأمر هو عدم إدراك رئيس الوداد لأهمية التواصل، وما قد يتركه من صورة احترافية عن الفريق إذا ما وضعت سياسة صحيحة لذلك، إضافة إلى خلق رابط مستمر مع الجمهور داخل أرض الوطن وخارجه، وكسب متعاطفين ومحبين جدد وتوسيع قاعدة الجمهور، وهي تفاصيل سيكون المستفيد الأول منها والأخير هو النادي نفسه. وحول سعيد الناصيري مسؤولي الوداد إلى مجرد "ديكور" يؤثث به الفضاء، في وقت ينفرد فيه باتخاذ كل القرارات وينوب عنهم في القيام بعديد المهام، إذ يشغل الرئيس منصب الناطق الرسمي إذا اقتضت الحاجة، مع وجود أنور الزين للقيام بالمهمة ويضع سياسة التواصل في النادي رغم شغل محمد طلال لهذا المنصب. ويعجز الناطق الرسمي والمسؤول عن التواصل في النادي الأحمر في الكثير من الأحيان، عن الرد على استفسارات الصحافيين، رغم أن مهمة الأول تحتم عليه إعطاء المعلومة الصحيحة ووجهة نظر المكتب المسير في العديد من الأمور المتعلقة بالنادي، إلا أن الرد يكون غالبا واحدا مما يلي "أعتذر ليس لدي معلومة. لا علم لي صراحة، الرئيس لم يخبرنا بشيء. المرجو توجيه السؤال إلى سعيد الناصيري". ويظل كل من أنور الزين ومحمد طلال أمام فوهة بركان الانتقادات التي تطالهما غالبا من قبل الجمهور وبعض الصحافيين، بفعل هيمنة سعيد الناصيري على كل لجان الفريق وتدخله في كافة التفاصيل الصغيرة منها والكبيرة، إلا أن المسؤولين المذكورين يتحملان بدورهما مسؤولية هذا الوضع، لعدم فرضهما طريقة اشتغال معينة وفق ما يتطلبه منصبهما، وكذا استسلامهما التام للوضع الحالي وموافقتهما على لعب دور "الكومبارس".