رسالة تهنئة من الملك محمد السادس إلى رئيس المجلس الرئاسي الليبي بمناسبة يوم الاستقلال: تأكيد على عمق العلاقات الأخوية بين المغرب وليبيا    مجلس الأمن.. بلينكن يشيد بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    مباراة نهضة الزمامرة والوداد بدون حضور جماهيري    جرسيف .. نجاح كبير للنسخة الرابعة للألعاب الوطنية للمجندين    رحيل الفنان محمد الخلفي بعد حياة فنية حافلة بالعطاء والغبن    زاكورة تحتضن الدورة الثامنة لملتقى درعة للمسرح    لقاء مع القاص محمد اكويندي بكلية الآداب بن مسيك        بسبب فيروسات خطيرة.. السلطات الروسية تمنع دخول شحنة طماطم مغربية    الرباط.. مؤتمر الأممية الاشتراكية يناقش موضوع التغيرات المناخية وخطورتها على البشرية    روسيا تمنع دخول شحنة طماطم مغربية بسبب "أمراض فيروسية خطيرة"    نادي المغرب التطواني يقيل المدرب عزيز العامري من مهامه    اتهامات "بالتحرش باللاعبات".. صن داونز يعلن بدء التحقيق مع مدربه    مقاييس الأمطار المسجلة بالمغرب خلال ال24 ساعة الماضية    دشنه أخنوش قبل سنة.. أكبر مرآب للسيارات في أكادير كلف 9 ملايير سنتيم لا يشتغل ومتروك للإهمال    ندوة علمية بالرباط تناقش حلولا مبتكرة للتكيف مع التغيرات المناخية بمشاركة خبراء دوليين    "التقدم والاشتراكية": الحكومة تسعى لترسيخ التطبيع مع تضارب المصالح والفضاء الانتخابي خاضع لسلطة المال    غزة تباد: استشهاد 45259 فلسطينيا في حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة منذ 7 أكتوبر 2023    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    تثمينا لروح اتفاق الصخيرات الذي رعته المملكة قبل تسع سنوات    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    قضايا المغرب الكبير وأفريقيا: المغرب بين البناء والتقدم.. والجزائر حبيسة سياسات عدائية عقيمة    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    دورية جزائرية تدخل الأراضي الموريتانية دون إشعار السلطات ومنقبون ينددون    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    ترامب يهدد باستعادة السيطرة على قناة بنما على خلفية النفوذ الاقتصادي المتنامي للصين    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    السعودية .. ضبط 20 ألفا و159 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    المغرب أتلتيك تطوان يتخذ قرارات هامة عقب سلسلة النتائج السلبية    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    سابينتو يكشف سبب مغادرة الرجاء    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025        مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كرة القدم في المغرب.. «جوكير» الانتخابات
هكذا يبسط السياسيون «هيمنتهم» على النوادي الرياضية
نشر في المساء يوم 01 - 02 - 2015

دائما كانت العلاقة وثيقة بين السياسة والرياضة، فقد ألغيت بطولة كأس العالم ودورة الألعاب الأولمبية لسنوات بسبب الحربين العالميتين، واستغل موسوليني استضافة كأس العالم سنة 1934 في إيطاليا للدعاية لنظامه الفاشي، وكذلك فعل هتلر مع أولمبياد برلين عام 1938، وعوقبت ألمانيا المنهزمة في الحرب بتغييبها عن البطولات العالمية التي تلتها. وفي عام 1972 تم احتجاز رهائن إسرائيليين أثناء دورة الأولمبياد التي أقيمت في ألمانيا، وهي العملية التي نفذتها منظمة أيلول الأسود، وكان مطلبها الإفراج عن بعض المعتقلين في السجون الإسرائيلية. وبسبب الغزو السوفياتي لأفغانستان عام 1979 دعا الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر إلى مقاطعة الألعاب الأولمبية في موسكو. وأربع سنوات بعد ذلك أجريت دورة الألعاب الأولمبية التالية صيف 1984 في لوس أنجلوس، وفيها حدثت مقاطعة أخرى، لكن هذه المرة قادها الاتحاد السوفياتي.
في المغرب أيضا كانت الرياضة دائما ذات علاقة وثيقة بالسياسة، وإذا كان الملك محمد السادس خصص استقبالا خاصا للمنتخب الذي بلغ نهائي كأس إفريقيا للأمم سنة 2006 واستقبالا مماثلا لفريق الرجاء بعد بلوغه نهاية كأس العالم للأندية، فإن الحسن الثاني كان خص منتخب 1986 باستقبال لم يتكرر أبدا، وأيضا كانت غضبته كبيرة حين خسر المنتخب المغربي في سبعينيات القرن الماضي ضد نظيره الجزائري، إلى درجة أن نتيجة المباراة عصفت بمسؤولي الجامعة. وبين الحدثين كانت الرياضة دائما محط اهتمام من قبل الملك. هذا الأخير الذي كان يستضيف لاعبي المنتخب والطاقم التقني لعرض الخطة المثلى التي يجب تطبيقها خلال المباراة، بل اتصل بلاعبي المنتخب في مونديال مكسيكو 1986 لينبههم إلى ضرورة تهدئة أعصابهم تفاديا لإنذارهم من قبل حكم المباراة، وهو كذلك الذي أمر بإعادة رشيد الداودي إلى تشكيلة مونديال 1994، بعدما كان اللوزني، الناخب الوطني آنذاك، قد أبعده.
أيضا دائما حاول السياسيون المغاربة أن تكون الرياضة وسيلتهم لإعلاء مكانتهم ولتوسيع القاعدة الشعبية التي يحظون بها. وفي هذا الصدد ارتبط فريق الرجاء بأسماء قادة نقابيين بارزين ووزراء، ضمنهم عبد الواحد معاش، الأمين العام السابق لحزب الشورى والاستقلال الذي سبق له رئاسة الفريق، كما كان شغل المهمة نفسها الوزير الأول الراحل المعطي بوعبيد وزميله في حزب الاتحاد الدستوري المرحوم عبد اللطيف السملالي، وزير الشباب والرياضة الأسبق والمرحوم عبد العزيز المسيوي كاتب الدولة لدى وزير الخارجية مكلف بالعلاقات مع اتحاد المغرب العربي. وبصرف النظر عن هؤلاء فقد ظل اسم عبد اللطيف العسكي (شقيق الراحل أحمد، الذي تقلد حقائب مختلفة في حكومات متعاقبة خلال فترتي الستينيات والسبعينيات، والرئيس الأسبق لمجلس النواب وأحد مؤسسي حزب التجمع الوطني للأحرار)، حاضرا في المكاتب المسيرة للرجاء، وتكرر الأمر مع مصطفى أبيض، شقيق محمد أبيض، الأمين العام لحزب الاتحاد الدستوري...وآخرون.
وبالمقابل فإن الوداد الذي ظل يوصف بأنه الفريق الذي ظل بعيدا –مقارنة بمنافسه التقليدي الرجاء- عن السياسة والسياسيين ما فتئ يتحول إلى قبلة لهم، على حد وصف المتتبعين. فقد استقطب سعيد الناصري، النائب البرلماني عن حزب الأصالة والمعاصرة إلى الفريق وجوها حزبية من «البام» وأحزاب أخرى، بل كان واضحا كيف أن الرجل (سعيد الناصري) استفاد من علاقاته الحزبية ووفر سيولة مالية مهمة، مباشرة بعد انتخابه.
وقبل ذلك كان صلاح أبو الغالي، عضو المكتب السياسي للحزب ومنسقه الجهوي بمدينة الدار البيضاء، يشغل أيضا عضوية المكتب المسير للفريق.
في هذا الملف نسلط الضوء على كيف يبسط السياسيون هيمنتهم على النوادي الرياضية، وكيف تصبح العلاقة بين الرياضي والسياسي ملتبسة، إلى الحد الذي يصبح فيه السؤال الأكثر آنية، هل تصبح الرياضة وسيلة تستغلها السياسة؟ وهل من الضروري أن تكون ثمة علاقة بينهما؟ وإن وجدت تكون علاقة طبيعة أم زواج مصالح؟
هل تستغل الرياضة من طرف السياسيين؟
وجوه سياسية معروفة اقتحمت عالم الكرة
قبل بضعة أيام فسر امحمد نجمي، وهو أحد المدربين العارفين بخبايا الكرة، عدم حماس مسؤولي الفرق المغربية خلال فترة الانتقالات الشتوية بالتعاقد مع لاعبين جدد، بالرقابة التي بات يفرضها الجمهور والإعلام على بعض الصفقات المشبوهة، على حد ما قال في تصريحات إعلامية. ومن وجهة نظر امحمد نجمي فإن الانتماءات الحزبية لبعض مسؤولي الأندية تفرض عليهم التريث في موسم الانتخابات. ونقل عنه قوله:"هؤلاء المسؤولون يخشون عقد صفقات قد تضر بمصالحهم الانتخابية، وبالتالي فهم يتريثون قبل التعاقد مع أي لاعب خوفا من رد فعل الجمهور". هناك أيضا من يشبه كرة القدم في المغرب ب"الجوكير" الذي يستغله رجال السياسة لصالحهم كلما دعت الضرورة إلى ذلك.
في المغرب كثيرا ما يطرح السؤال، هل تستغل الرياضة من طرف السياسيين لغاية في أنفسهم؟
لكن مع أن السؤال يكون صعبا في بعض الأحيان يسهل تقديم إجابة جازمة حوله، فقد حضرت –على غير عادتها- شرفات أفيلال، الوزيرة المنتدبة لدى وزير الطاقة والمعادن والبيئة والمكلفة بالماء نهاية الموسم الكروي الماضي المباراة التي جمعت فريقي المغرب التطواني والرجاء. كانت المباراة حاسمة، ففوز الفريق التطواني بها كان يعني تتويجه بلقب البطولة في قلب ملعب محمد الخامس بمدينة الدار البيضاء، لكن لسوء حظ الوزيرة أن فريقها المفضل لم يخسر فقط المباراة. بل خسرها بحصة خمسة أهداف مقابل لاشيء، مما كان أضحى مهددا بفقدان اللقب، وأكثر من ذلك لم يتأخر رئيس الفريق البيضاوي محمد بودريقة في أن يقدم لها أمام الجمهور الذي ملأ جنبات الملعب «هدية مسمومة»، حين وضع على كتفها شعار الرجاء، وهو الموقف الذي أحرجها، لكنها لم تجد كيف تتخلص من هذا الموقف، على حد ما كانت قالت بعد نهاية المباراة.
الكرة..جوكير الانتخابات
وعلى عكس الوزيرة عرف مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات كيف يتخلص من «الورطة» التي وجد نفسه فيها حين سئل عن الفريق الذي يميل إليه، حيث قال إنه أب لتوأم، وأن أحدهما متيم بحب الرجاء بينما شقيقه «ودادي».
أما مصطفى الخلفي، وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة، فلايخفي أنه يميل إلى فريق النادي القنيطري، وهو الفريق الذي يبدو أنه يحظى بمكانة خاصة لدى بعض قادة حزب العدالة والتنمية. فهل للأمر علاقة ب عزيز الرباح، وزير التجهيز والنقل وأحد قياديي الحزب نفسه يرأس الجماعة الحضرية للقنيطرة؟ وهل يريد الحزب تكرار تجربة الاتحاد الدستوري الذي ظل قياديوه يتناوبون على رئاسة فريق الرجاء؟
لكن رغم هذا «الميل» يقول الوزير نجيب بوليف، الوزير المنتدب لدى وزير التجهيز والنقل واللوجستيك أنه من محبي فريق اتحاد طنجة، ولاغرابة في ذلك فهو يتحدر من المنطقة نفسها.
وعلى ذكر اتحاد طنجة، فهناك قناعة راسخة لدى محبي هذا الفريق، في أنه ينجح دائما في تحقيق نتائج ايجابية عندما يكون البلد على أبواب الانتخابات. وفي الموسم الجاري إذا كان الفريق يحقق نتائج إيجابية فإن ذلك مرده إلى عودة بعض الوجوه المعروفة إلى إدارة الفريق. علما أن الفريق يظل تحت رئاسة القيادي في حزب الاتحاد الدستوري عبد الحميد أبرشان. هذا الأخير وإن كان يلوح دائما بقرار الاستقالة فإنه لا يضعها إلا ليعود من جديد لقيادة الفريق. وهكذا يجد الرجل الوقت الكافي للجمع بين مهامه الحزبية كعضو بالمكتب السياسي للحزب ورئاسة رئيس مجلس عمالة طنجة-أصيلة، وتمثيل مدينة طنجة في مجلس المستشارين...إلى غير ذلك من المهام.
غير أنه إلى جانب الرئيس عبد الحميد أبرشان يحوز فؤاد العماري (حزب الأصالة والمعاصرة)، منصب الرئيس المنتدب للفريق. ولأن الأخير يشغل أيضا رئاسة مجلس المدينة. وفي وضع كهذا كثيرا ما تحدثت الكثير من الأطراف عن تحول الفريق إلى «وزيعة»، حيث كل طرف يدافع عن مصالحه والموالين له، بل إن المدرب محمد أمين بنهاشم صرح أخيرا أنه وإن كانت نتائج الفريق تسير على نحو جيد، حيث يحتل اتحاد طنجة مركز الصدارة، بعد نهاية الشطر الأول من البطولة وبفارق مريح من النقط، إلا أن هناك من تحدث عن وجود جهات في الفريق -لم يسمها- تدافع عن مصالحها الشخصية، بينما يؤدي الفريق الثمن غاليا، على حد قوله.
عصا سحرية
وبدوره فإن شقيق فؤاد العماري، والذي ليس سوى إلياس، عضو المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة وأحد الوجوه البارزة في الحزب، ليس سرا أن «يديه» كانت بيضاء على فريق شباب الريف الحسيمي. فالفريق الذي تأسس ثلاث سنوات قبل نيل المغرب استقلاله، ظل يمارس بالأقسام الشرفية لأزيد من نصف قرن، قبل أن يتأتى له الصعود، لكن فقط بعد أن أصبح يترأسه إلياس. صعد الفريق إلى القسم الثاني (موسم 2006 2007). وفي أول موسم له احتل المركز الرابع، قبل أن يحقق الصعود إلى القسم الأول موسم 2010/2009. وبخلاف الكثير من الفرق فإن الفريق نجح في الحفاظ على مكانته بالقسم الأول (البطولة الاحترافية).
وليس سرا أن إلياس، حتى وهو يترك رئاسة الفريق ويحتفظ فقط بمنصب رئيس شرفي، هو الذي يحدد الخطوط العريضة التي يجب أن يسير عليها الفريق. وبتعليمات منه وقع المكتب المسير للفريق شهر أكتوبر الماضي عقودا احترافية مع لاعبي فريق الأمل، وهو ما لا يقع في فرق أخرى كالرجاء والوداد. وأثناء أشغال الجمع العام الذي عقده الفريق شهر غشت الماضي رسم إلياس العماري، خارطة طريق الفريق حين قال إن على الفريق البحث عن موارد مالية قارة «لا يجب أن نبقى إلى الأبد نمد أيدينا للآخرين، في الوقت الذي تبلغ فيه نسبة مساهمة الشركات والمقاولات المحلية 0 درهم، وهذا أمر مخجل بالنسبة لنا»، يقول الرئيس الشرفي للفريق قبل أن يضيف:»يجب أيضا استثمار وبناء البقع الأرضية التي توجد في ملك الفريق من أجل إنشاء مساكن للاعبين توفر على الفريق الميزانية الضخمة التي تصرف في كراء مساكن للاعبين، واستثمار مبلغ 6 ملايين درهم التي تلقاها الفريق كدعم في هذا المشروع (..) ويجب إنشاء مدرسة قوية تمد الفريق بلاعبين محليين أبناء الفريق بنسبة 90 في المائة في الثلاث سنوات القادمة بدل 30 في المائة خلال هذا الموسم».
ثمة أيضا حادث آخر يجب الإشارة إليه، ففي الجمع العام للجامعة الملكية المغربية حضر إلياس العماري، أشغال الجمع العام دون أن تكون له الصفة التي تخول له الحضور. حدث ذلك في الوقت الذي ظل فيه مقربون من الرئيس فوزي لقجع يروجون أنه مرشح «جهات عليا»، علما أن الرئيس لقجع، حضر بعد ذلك بصفته رئيسا للجامعة، أشغال الجمع العام لشباب الريف الحسيمي، دون بقية الجموع العامة لباقي الفرق...فهل يحتاج الأمر لتعليق؟
مصالح هنا وهناك
وكذلك فإن فاطمة الزهراء المنصوري، رئيسة مجلس مدينة مراكش والقيادية البارزة في «البام» لا يخفى تدخلها في الكثير من شؤون فريق الكوكب المراكشي.
وفي هذا الصدد كان لافتا كيف أن العمدة انتصرت الصيف الماضي لزميلها في حزب الأصالة والمعاصرة سعيد الناصري، رئيس فريق الوداد، حيث أثمرت ضغوطاتها موافقة الفريق على صفقة انتقال اللاعب عبد الجليل اجبيرة لحمل قميص فريق الوداد، غير أن اللاعب بدل رأيه في آخر، وفضل اللعب للرجاء، وهو ما تم في النهاية، لكن بعد صدام كاد يتطور إلى اشتباك بالأيدي.
وفضلا عن ذلك انتقل الصراع بين حزبي الأصالة والمعاصرة والعدالة والتنمية بمراكش من المجلس البلدي إلى الرياضة. وهكذا بدا واضحا كيف أن حزب العدالة والتنمية أصبح يسعى إلى كسر هيمنة خصمه السياسي، بسعي يونس بنسيلمان، أحد قادة حزب العدالة والتنمية، إلى رئاسة فريق الكوكب المراكشي للجمباز، علما أن «البام» يكاد يبسط سيطرته بمراكش على جميع الأندية الرياضية.
أما في الدفاع الحسني الجديدي فإن حزبي الاستقلال والاتحاد الاشتراكي يحوزان «مقعدا دائما» بالمكتب المسير للفريق.
وإذا كان رجل الأعمال الحبيب سيدينو يقود منذ يوليوز 2013 فريق حسنية أكادير لكرة القدم فإن ذلك لا يعني أن لحسن بيجديكن، أحد الوجوه البارزة في حزب التجمع الوطني للأحرار، لن يعود إلى الفريق يوما ما. فقد جرت العادة أن ينسحب الرجل من تسيير الفريق، لكن يعود إليه دوما «كلما دعت الضرورة إلى ذلك».
مليار سنتيم
أما في فريق الرجاء فقد انضم أحمد بريجة، وهو أيضا وجه بارز في حزب الأصالة والمعاصرة، إلى المكتب المسير للفريق.
ويشغل أحمد بريجة مهمة الرئيس المنتدب للفريق النسوي وفاء سيدي مومن. كما أنه بصفته نائبا لرئيس مجلس مدينة الدار البيضاء محمد ساجد، فإنه اقترح خلال إحدى دورات مجلس المدينة صرف منحة قدرها مليار سنتيم لفائدة فريقي الوداد والرجاء، لكن مقترحه قوبل بمعارضة شديدة، حيث تمت الموافقة في النهاية فقط على 200 مليون سنتيم لكل فريق، فهل كان بريجة يستغل منصبه للترويج لاسمه، كما قال بذلك بعض زملائه المستشارين؟ أم دافع الرجل بحسن نية عن حاجة الفريقين إلى منحة ضخمة؟
وهل حين فعل ذلك لم ينتبه إلى حاجة باقي الجمعيات الرياضية للدعم؟ أم فعل ذلك سهوا، علما أن العديد من المتتبعين يدافعون عن الفكرة التي مفادها أن فريقي الرجاء والوداد ليسا في حاجة إلى الدعم الممنوح للجمعيات، على اعتبار أن ميزانية تسييرهما تفوق ميزانية تسيير بعض الشركات.
لهذه الأسباب تبادل «البام» والاستقلال الشتائم بسبب كرة القدم
في العام 2010، وفي حمأة تسخينات حميد شباط ليصير أمينا عاما لحزب الاستقلال، وجد الرجل الفرصة مناسبة لضرب «الوافد الجديد» كما كان يطلق حينها على حزب «الأصالة والمعاصرة»، أو بالأحرى لرد الدين لغريمه السياسي، إلياس العماري.
خرج الرجلان بتصريحات صحفية نشرت هنا وهناك. هاجما بعضهما البعض، تارة بالإشارة واللمز وأحيانا كثيرة بشكل مباشر، ولأن حرب الرجلين القويين في حزبي «البام» والاستقلال كانت قوية، وكان لا بد من استعمال جميع الأسلحة، فقد لجأ، عادل بنحمزة، المقرب من حميد شباط، وهو أيضا برلماني وعضو بالمكتب المسير لفريق الاتحاد الزموري للخميسات إلى صفحات «العلم»، حيث نشر حينها مقالا هاجم فيه إلياس العماري. وفي هذا المقال تطرق للصراع حول رئاسة مجلس جهة تازة الحسيمة تازة تاونات، وكيف أصر والي الجهة على تأجيل عملية الانتخاب لعدة مرات، بسبب أن الوزير عبو كانت لديه الأغلبية..وقال بنحمزة أيضا: «نحن مع الشباب والرجاء الحسيميين، فقط نتساءل هل كان شباب الريف الحسيمي سيتمكن من توقيع عقد احتضان مع مؤسسة عملاقة ك«العمران» وهو الصاعد لتوه إلى القسم الوطني الأول لو لم يكن على رأسه شخص اسمه إلياس العماري؟ نطرح هذا السؤال بصفة غير بريئة، لماذا؟ لأن هناك فريقا آخر صعد إلى القسم الوطني الأول أيضا وهو شباب قصبة تادلة، لكنه ظل دون الحظوة التي توفرت لفريق إلياس، مع العلم أن الأمر يتعلق فقط بكرة القدم وأن الفريقين معا من المغرب العميق».. قبل أن يكمل: «كما لا يفوتني هنا التذكير بما تعرض له فريق آخر نزل إلى القسم الوطني الثاني وهو فريق الاتحاد الزموري للخميسات الذي لعب أدوارا طلائعية في القسم الأول وبلغ مركز وصيف البطل أمام الجيش الملكي في الموسم قبل الماضي، وشارك السنة الماضية في عصبة الأبطال الإفريقية وكان يتوفر على نخبة من اللاعبين والمدربين الذين يصنعون اليوم أمجاد فرق أخرى كالفتح الرباطي والمغرب الفاسي، ومع ذلك لم يستطع الحصول على محتضن...أمر الاحتضان والكرة يذكرني بفرق أصبحت جزءا من الذاكرة هي ومن كان يقف وراءها ولا حاجة للتذكير بأمجاد اتحاد سيدي قاسم مع الدليمي ولا النهضة السطاتية مع إدريس البصري، حيث كانت الخطوط الملكية المغربية تحتضن فريق النهضة».
حين وضع حزب الاستقلال يده على الرياضة بفاس
يعيش فريق المغرب الفاسي لكرة القدم، الذي يحتفل العام المقبل بالذكرى 70 لتأسيسه أزمة مالية خانقة. فالفريق الذي حاز أربع بطولات وثلاثة ألقاب لكأس العرش. إضافة إلى تتويجه بلقبي كأس الاتحاد الإفريقي وكأس السوبر الإفريقي. هذا الفريق الذي كان أول فريق مغربي يصل إلى دور ثمن نهاية كأس فرنسا، يعيش وضعا يتأسف له كثيرون.
في الموسم الماضي هدد مروان بناني رئيس الفريق بوضع استقالته، ثم دخل على الخط مرشحون، من بينهم رجال أعمال لتولي الرئاسة، غير أن الأمور كانت تعود سريعا، إلى الصفر. فقد ظل الرئيس السابق يطالب بتحصيل ما يقول عنها إنها أموال دفعها من جيبه لفائدة الفريق. وفي الوقت نفسه ظل الفريق يعاني، ليس فقط بسبب سوء التسيير ولكن أيضا بسبب رغبة الكثير من الأطراف في أن تكون المتحكمة في الفريق.
في وضع كهذا اختار حميد شباط، عمدة فاس، أن يوقف الدعم الذي دأب مجلس المدينة على تخصيصه للفريق. ومع أن المبلغ لا يتعدى 150 مليون سنتيم سنويا، إلا أن هذا القرار كان الغرض منه زيادة الضغط على الرئيس السابق، وهو ما حصل في النهاية.
ومقابل إصرار حميد شباط على رهن تمديد عقد الشراكة الذي يربط الفريق بمجلس المدينة برحيل الرئيس بناني، فإنه سعى بعد ذلك، وبالضبط في شهر دجنبر الماضي إلى ترؤس حملة لجمع التبرعات لفائدة الفريق، حيث جلس إلى طاولة بمقر الجماعة الحضرية لمجلس المدينة وخلفه وأمامه شعار الفريق، ليعلن أن الجماعة
ستقوم بتوقيع شراكة مع النادي سيحصل من خلالها على 450 مليون سنتيم على مدى ثلاث سنوات. وفعلا أعلن أن الأمين العام لحزب الاستقلال، نجح في جمع 5 ملايين سنتيم. فهل فعل شباط ذلك بسبب اقتراب موعد الانتخابات المحلية ورغبته في استقطاب واستمالة ناخبي المدينة من الرياضيين ومحبي الفريق الأول من فئة الشباب على الخصوص، وهو الذي ترك مدينة فاس وغيّر الإقامة صوب العاصمة الرباط منذ انتخابه أمينا عاما للحزب؟ وهل تعمد شباط أن يفعل ذلك، بالضبط في الوقت الذي كان يمر فيه الفريق من أسوأ حالاته؟ هل كان يسعى إلى أن يظهر في الصورة بصورة «المنقذ» الذي نجح في انتشال الفريق من أزمته الخانقة؟ ثم لماذا لم يفعل ذلك سابقا؟ ولماذا انتظر إلى الآن؟
أليس شباط هو من رفض دعم الفريق، حين كان «الماص» يوقع على حضور باهر، بحيازة كأس الاتحاد الإفريقي وبعده كأس السوبر الإفريقي؟
وما يقال عن حميد شباط يقال عن أولئك الذين «قدموا» أموالهم إلى الفريق؟ أليس مروان بناني أيضا قال إنه ظل يساعد الفريق، قبل أن يطالب بإرجاع كافة ما ادعى أنه صرفه من أجل الفريق؟
من جانب آخر فإن هيمنة السياسيين لا تقتصر على الفريق الأول بمدينة فاس، بل تتعداه إلى فرق الهواة. ولذلك ليس غريبا أن فرق الوفاء الفاسي ورجاء بنسودة والنصر الفاسي، توجد على رأسها أسماء محسوبة على حزب الاستقلال. وأكثر من ذلك أن الوجوه «الاستقلالية» عرفت كيف «تستحوذ» على العصب بدل الاقتصار على الفرق والجمعيات، ويمكن الاستدلال على ذلك بحالة عصبة كرة السلة، التي يرأسها فريق النجم الفاسي، وعصبة رياضة التيكواندو والملاكمة فضلا عن فرع السباحة للمغرب الفاسي.
وإذا كان حزب الاستقلال يكاد يبسط هيمنته على الفرق الرياضية بالعاصمة العلمية، فإن الاتحاد الاشتراكي كان سبقه إلى ذلك قبل سنوات خلت، في الوقت الذي يبحث فيه حزب العدالة والتنمية عن مساحة على الخريطة الرياضية. وفي هذا الصدد فإن الحزب الذي بقي بعيدا عن الرياضة، نجح في الوصول إلى عصبة الكراطي وفريق الوئام الفاسي لكرة القدم، لكن ذلك كلف الفريق حرمانه من دعم المجالس المنتخبة، على حد ما كان أعلن مسؤولون بالفريق.
«الطاس».. قصة فريق أسسه اليوسفي تتقاذفه اليوم أرجل السياسيين
بعد 19 شهرا فقط على تأسيسه، وقبل أن يستكمل تأسيس باقي فروعه، اختار أعضاء من المكتب السياسي لحزب «الديمقراطيون الجدد» الانضمام إلى فريق الاتحاد البيضاوي (الطاس)، غير أن قصة انضمامهم أصبحت حدثا في حد ذاته، بعد أن رفضت اللجنة المؤقتة طلبات انخراطهم.
يخص الأمر 14 عضوا قالوا إنهم تقدموا للانخراط بالفريق غير أن طلبهم قوبل بالرفض بدون سند قانوني، بينما بررت اللجنة المؤقتة التي تضم في عضويتها فاعلين حزبيين، من أبرزهم عبد اللطيف حرشيش، الوجه البارز في حزب الاتحاد الدستوري (بررت) قرار الرفض بأنه تم خارج الآجال القانونية وأنه أتى به شخص واحد، وهو ما يخالف القوانين المعمول بها بحسب اللجنة نفسها، والتي تنص على ضرورة وضع طلب الانخراط بصفة شخصية، على أن تتم المصادقة عليه من طرف عضوين من المكتب المسير، وبعد ذلك يسلم له رقم الحساب البنكي لإيداع واجب الانخراط، وذلك بشكل شخصي. في حين رد المعنيون بالأمر بأن الشخص السالف الذكر كان يحمل توكيلا معه وأنه تم تقديم طلبات الانخراط في الآجال القانونية..
على أي فإنه ضمن الأسماء التي رفضت اللجنة انخراطها بالفريق اسم عبد الله ضريف، شقيق رئيس حزب «الديمقراطيون الجدد» وعبد الرزاق المنفلوطي، رئيس مجلس صيادلة الجنوب، الذي كان طرد من حزب الأصالة والمعاصرة بعد أن اتهم بالاعتداء على وزير الصحة الحسين الوردي بمجلس النواب.
اليوم أصبح عبد الرزاق المنفلوطي عضوا بالمكتب السياسي لحزب «الديمقراطيون الجدد»، فهل صدفة أن يكون اسمه إلى جانب سميرة رشيد، الصيدلانية بمدينة فاس وعضو المكتب السياسي للحزب نفسه، ضمن لائحة المنخرطين الذين سعوا إلى وضع طلبات الانخراط ب»الطاس»؟
في الأصل أن فريق «الطاس» الذي يحظى بشعبية تضاهي شعبية الوداد والرجاء كان تأسس من طرف عبد الرحمن اليوسفي، الوزير الأول الأسبق.
هذا الأخير الذي كان كلف منتصف عقد الأربعينيات من القرن 20 بتقديم دروس لمحو الأمية لعمال «كوزيمار» أسس أولا فريق «كوزيمار» لكرة القدم، بعد أن وافقت إدارة المصنع على تخصيص مساحة فارغة كملعب للفريق، وبعد ذلك مباشرة أسس فريق «الاتحاد»، حيث تم تحديد أرض خلاء بدرب مولاي الشريف كملعب للفريق الثاني. يقول عبد الرحمن اليوسفي في مذكراته التي سبق أن نشرتها الزميلة «الاتحاد الاشتراكي»: «رسمنا خريطة الملعب وقمنا بتسطيرها على الأرض، وصارت تلك الأرض ملعبا لفريق «الاتحاد» يلعب فيها مبارياته الأسبوعية. وعينا العامل المغربي امحمد العبدي رئيسا للفريق، كان يعمل بشركة الإسمنت القريبة «لافارج». وهو غير العبدي المقاوم الشهير الذي أسسنا معه مدرسة الاتحاد. وكان يساعده في تسيير فريق كرة القدم إبراهيم أوليازيد، الذي هو من المهاجرين المغاربة ببلجيكا وزوجته بلجيكية وأنجب منها بنتا. فانطلقت رحلة فريق «الطاس» وفريق «كوزيمار العمالي» الرياضية والوطنية، لأن الرياضة كانت واجهة للتأطير الوطني وشحذ همم الشباب لجعلهم ينخرطون في المعركة من أجل الاستقلال. علما أنني –يضيف اليوسفي- كنت عضوا بالعصبة المغربية لكرة القدم التي أسسناها ضدا على العصبة الفرنسية للمستعمر، كان الرئيس هو الوطني عبد السلام بناني وكنت أنا الكاتب العام. ونحن الذين أسسنا مسابقة كأس العرش واخترنا مباراة النهاية أن تكون يوم 18 نونبر من كل عام، الذي كان يصادف ذكرى عيد العرش. وابتدأنا ذلك في موسم 1946/ 1947. وكانت البداية بفرق الأحياء بالدار البيضاء، ثم توسعت لتشمل فرقا وطنية أخرى من مختلف المدن المغربية.
الثعلب الذي يظهر ويختفي
مثل «الثعلب الذي يظهر ويختفي».. ظل إلياس العماري، الرجل الذي لا يتم القبض عليه إلا لماما.
ظهر الرجل في بداية العهد الجديد شغوفا بتجربة الصحافة المستقلة، وحينها استمر في التنقل بين مقرات إداراتها سعيا لاقتناء أسهم في هذه الجريدة أو تلك، ثم أصبح في وقت لاحق أحد الفاعلين في «هيئة الإنصاف والمصالحة»، قبل أن يصبح «عراب» حزب الأصالة والمعاصرة، ويظهر اسمه كواحد من الوجوه التي يمكن أن يجدها المتتبع، أينما ولى وجهه.
إلياس العماري ليس فقط الرئيس الذي نقل فريق كرة القدم بمنطقة الريف من قسم الهواة الذي ظل به طيلة خمسين عاما ونيف إلى القسم الأول، بل هو أيضا الرجل الذي جاء بمؤسسات اقتصادية لاحتضان الفريق. وبعظمة لسانه قال العماري في الجمع العام للفريق إن كل الأموال التي يحصل عليها الفريق، هي من خارج المنطقة.
ومثلما حير إلياس العماري، من ظلوا يطرحون السؤال، من يكون الرجل الذي أصبحت له كل هذه المكانة في بضع سنوات، فإن متتبعي الرياضة يسألون، من أين لإلياس كل هذه السلطة، على الشأن الرياضي؟
منتصف العقد الماضي، حين كان المغاربة يتابعون توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة ويتداولون في كيف يمكن جبر الضرر الذي لحق منطقة الريف، كان الرجل، وهو أحد أبناء المنطقة يرتب في صمت لوصول «شباب الريف» إلى دائرة الضوء. وهكذا فإن الفريق الذي تأسس ثلاث سنوات قبل نيل المغرب استقلاله، والذي ظل يمارس بالأقسام الشرفية لأزيد من نصف قرن، تأتى له الصعود إلى القسم الثاني، بعد أن أصبح يترأسه إلياس. حدث ذلك في موسم 2006 2007. وفي أول موسم له احتل المركز الرابع، قبل أن يحقق الصعود إلى القسم الأول موسم 2010/2009. وبخلاف الكثير من الفرق فإن الفريق نجح في الحفاظ على مكانته بالبطولة الاحترافية، بل أكثر من ذلك نجح في الظفر بعقود استشهارية مع مؤسسات، بعضها عمومية. واليوم تزين قميص الفريق علامات خمس مؤسسات اقتصادية، وهو أمر ليس متاحا أمام جميع فرق البطولة.
إلا أن وجود إلياس العماري لم يقتصر على فريق شباب الريف الحسيمي، ففي الجمع العام الاستثنائي لجامعة كرة القدم (انعقد يوم 31 غشت 2014)، فوجئ الحاضرون بولوج إلياس العماري قاعة الجمع العام، ورغم أن صفة الرئيس الشرفي لفريق شباب الريف الحسيمي لا تخول له المشاركة في أشغال الجمع، أو حتى ولوج القاعة، فإن لا أحد بادر بطرح السؤال، ماذا يفعل إلياس هنا، بمن فيهم علي الفاسي الفهري، رئيس الجامعة آنذاك. وعلى العكس من ذلك توزعت تخمينات الحاضرين بين قائل إن إلياس العماري سيقدم نفسه مرشحا لخلافة علي الفاسي الفهري، ورأي آخر ذهب إلى أن جلوس العماري إلى جانب فوزي لقجع، فيه إشارة قوية إلى أن هذا الأخير سيصبح رئيسا للجامعة خلفا للفهري، رغم أن عبد الإله أكرم، كان مرشحا أيضا آنذاك لشغل هذا المنصب.
فهل من الصدفة أن يكون فوزي لقجع، غادر مكتب الجامعة في مناسبتين. في المرة الأولى ليحضر أشغال الجمع العام لفريق شباب الريف الحسيمي، مع أنه لم يحضر أي جمع عام آخر، سواء قبل أو بعد ذلك. وفي المرة الثانية ليشارك الأسبوع الماضي في احتفالات فريق الفتح الرباطي بعد أن توج بلقب كأس العرش، علما أن فريق الفتح الرباطي يرأس مكتبه المديري، منير الماجيدي، الكاتب الخاص للملك محمد السادس؟
هكذا جر الناصري الوداد إلى «مستنقع» السياسة
وفر سيولة مالية ضخمة واستقطب وجوها حزبية إلى الفريق
رغم أن محبي الفريق يصرون على أن الوداد تأسس بخلفية سياسية، حين كان وطنيون مغاربة يبحثون على أن يجعلوا من الرياضة وسيلة سياسية للتعبير عن رفضهم القاطع للاستعمار، إلا أن الفريق ظل بعيدا عن السياسة والسياسيين، بخلاف الرجاء الذي ارتبط بأسماء زعماء أحزاب سياسية وبقادة نقابيين، لكن تبدل الأمر في الفترة الحالية. فإذا كان صلاح أبو الغالي، عضو المكتب السياسي ل»البام» ومنسقه الجهوي بمدينة الدار البيضاء، شغل عضوية المكتب المسير للفريق إبان الولاية الماضية، وكان أحد الأسماء التي تم ترشيحها لرئاسة الفريق خلفا لعبد الإله أكرم، فإن سعيد الناصيري، النائب البرلماني (حزب الأصالة والمعاصرة) أصبح كذلك فعلا. وليس هو فقط الذي يجمع بين صفته الحزبية ومهمته كنائب برلماني والرياضية كرئيس للوداد، بل إن محمد غياث، عضو المكتب السياسي ل»البام» هو نائبه الأول، في حين أن أنور الزين القيادي في الشبيبة الدستورية، والذي أعلن أخيرا أنه مرشح للأمانة العامة لحزب الاتحاد الدستوري يوجد أيضا ضمن أعضاء المكتب المسير. إلى جانب رقية الدرهم، الوجه النسائي الاتحادي وزميلها في الحزب المهدي مزواري والمستشار الاستقلالي فؤاد القادري، رغم أنهم ظلوا بعيدين ليس فقط عن الفريق، ولكن عن كرة القدم. فهل صدفة أن يجتمع كل هؤلاء في المكتب المسير للفريق؟
من هنا بدأت الحكاية
إلى حدود نهاية الموسم الماضي ظل عبد الإله أكرم رئيسا لفريق الوداد، رغم الحملة القوية التي كان قادها مناوئون له حين نجحوا في تنفيذ وعيدهم، من جهة بمقاطعة مباريات الفريق ومن جهة أخرى بطلاء كل الأمكنة الممكنة بعبارة «أكرم..ارحل». ومع أن مناوئيه نجحوا في تنزيل فكرتهم وتحويلها إلى واقع، إلا أن الرجل ظل مصرا على قراره بعدم الرحيل، بل كان اشترط أن يقولها له «جمهور الفريق الحقيقي» على حد تعبيره.
يحكي مقربون من الرجل أن سبب رحيله هو أنه كان دعي إلى عقد جلسة عمل مع أحد قادة الأحزاب السياسية «النافذة»، وأنه في تلك الجلسة دعا القيادي الحزبي رئيس الوداد السابق للانخراط في الحزب، لكن رئيس الوداد رفض الدعوة، بعد أن قال لجليسه إنه ليس ضمن اهتمامه «السياسة». وبعدها كان قرار تنحيته مسألة وقت، لكن وإن كانت هذه الرواية في حاجة إلى تأكيد، فإنها تحمل في طياتها بعضا من الحقيقة.
على أي وقبل أن يرحل أكرم، كان إدريس الشرايبي يخوض سباقا شرسا من أجل الجلوس على كرسي الرئاسة. وفي الندوة الصحفية التي عقدها شهر ماي الماضي لتقديم برنامجه الانتخابي، كان نجح في أن يستقطب إلى صفه نوال المتوكل، نائبة رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، والتي سبق لها الحصول على مقعد وزاري باسم حزب التجمع الوطني للأحرار الذي يشغل إدريس الشرايبي عضوية لجنته المركزية، كما نجح في الحصول على دعم صلاح الدين مزوار، رئيس الحزب، لكن رغم كل ذلك فشل في أن يثبت أنه منخرط بفريق الوداد، مما فسح الطريق أمام سعيد الناصري مرشح حزب الأصالة والمعاصرة لرئاسة الفريق، دون عناء.
وعود الرئيس
في الوداد، كما في باقي الفرق. وفي المغرب كما في الخارج. هناك حقيقة عرفت منذ القدم، وهي أن من يملك المال يملك النفوذ، إلا أنه في العصر الحديث لم يعد يكفي امتلاك المال لبسط النفوذ، ولكن أصبح تسخير الرياضة ضرورة لخدمة السياسة، ولأجل تحقيق هذا الغرض يكون من الواجب ضخ المال واستغلال النفوذ لخدمة الرياضة. ففي بلد كالمغرب، يسمح التنافس الانتخابي بتدفق أموال مجهولة أو معلومة المصدر، للتأثير على الناخبين، ولتمويل دعايات انتخابية ضخمة، بهدف إيصال أو إفشال مرشحين وأيضا لتمويل مشاريع ضخمة، والأمثلة على ذلك كثيرة.
قبل أن يصل سعيد الناصري، إلى منصبه الحالي كرئيس للفريق. كان أعلن أن أزمة الفريق لا يمكن حلها بالمشاريع البعيدة المدى، وأنه من الواجب تضافر جهود كل «الوداديين» لإنقاذ النادي من السكتة القلبية التي بات مهددا بها، بفعل تراكم الديون وهي عبارة عن متأخرات مالية للاعبين والمؤطرين والمستخدمين، إضافة لمبالغ مالية ناتجة عن أحكام من نزاعات مع مدربين ولاعبين وصلت إلى الاتحاد الدولي لكرة القدم وغرفة المنازعات بالجامعة.
وكان قال أيضا:»إنه من غير المنطقي أن يؤدي المنخرط 20 ألف درهم لنيل صفة منخرط ويقتصر حضوره على المباريات الداخلية والمشاركة في الجمع العام، بينما يقوم عضو المكتب المسير بإصدار القرارات والتحكم في مصير الفريق بالسومة نفسها، أي 20 ألف درهم، وقال:»أشترط على من يرغب في ولوج المكتب المسير للوداد أداء 100 مليون سنتيم، مقابل منصب داخل تشكيلة المسيرين، أما الراغب في الرئاسة فعليه أن يسلم النادي شيكا بقيمة 500 مليون سنتيم، وهي مبالغ يجب أن تؤدى سنويا للوداد حتى يتجاوز الأزمة المالية بأبناء الوداد، وهو نوع من الاكتتاب الذاتي الذي يوفر للفريق سنويا حوالي ملياري سنتيم من شأنها أن تخفف من حجم الديون التي تثقل كاهل الفريق». فهل التزم الرئيس بما وعد به؟
عندما تتبخر الأزمة
جرت العادة أن لا يؤخذ كلام رؤساء الفرق الرياضية دائما على محمل الجد. ففي الجموع العامة للفرق الرياضية كما في الاستحقاقات الانتخابية، لا أحد يقدم حصيلة ما تم إنجازه. وهكذا فإن كلام رئيس الوداد الحالي ذهب أدراج الرياح..فغداة وصوله إلى رئاسة الفريق، لم يكشف عن مصدر الأموال التي جاء بها، وهي على كل حال لم تكن من جيوب منخرطي الفريق أو أعضاء المكتب المسير، بل كل ما قدمه هؤلاء كان هو واجب الانخراط. وأكثر من ذلك لم ينتظر تشكيل المكتب المسير الذي قال إنه س«يساهم» في حل أزمة الفريق المالية، بل سارع إلى تعيين مدرب جديد للفريق، وقبل أن يبدأ الأخير مهامه، كان سعيد الناصري، بدأ فعلا في التعاقد مع لاعبين جدد. فهل تبخرت أزمة الوداد المالية، بمجرد وصول الرئيس الجديد إلى كرسي الرئاسة؟
وقبل أن يغادر عبد الإله أكرم رسميا رئاسة الفريق، ظل الفريق يعاني من أزمة سيولة مالية، فكثيرا ما فشلت إدارة الفريق في تسديد رواتب اللاعبين، وحينها ظل الرئيس السابق يعلن أن العديد من المستشهرين المتعاقدين مع الفريق أخلوا بالتزاماتهم، والنتيجة أن التقرير الذي تلي خلال الجمع العام العادي أشار إلى عجز في ميزانية الفريق بلغ مليار سنتيم. فكيف فتحت صنابير الدعم مباشرة بعد وصول الناصري للرئاسة؟ علما أنه تم التعاقد مع المدرب السابق لريال مدريد الإسباني، جون طوشاك، لموسمين وبراتب شهري يصل إلى 45 مليون سنتيم، وهو بالمناسبة أعلى راتب مقارنة مع باقي مدربي البطولة الاحترافية. إضافة إلى التعاقد مع أجود اللاعبين. فضلا عن تسديد مستحقات اللاعبين العالقة.
ولماذا سارعت شركة «لاسامير» إلى توقيع اتفاق جديد مع الفريق يقضي بضخ 800 مليون سنتيم في ميزانية الفريق؟ وهل توقيع الاتفاق أسبوعين فقط بعد انتخاب الناصري وقبل أن يشكل المكتب المسير، كان منطقيا؟ ألم يكن هناك خرق للقانون، على اعتبار أن الرئيس الجديد للفريق لم يكن قد استكمل بعد الإجراءات القانونية التي تخول له مباشرة مهامه على رأس الفريق (لم يتشكل المكتب المسير للفريق إلا في منتصف شهر غشت 2014)؟
وهل كان للسيد محمد غياث، نائب رئيس الوداد الأول، دور فيما جرى، على اعتبار أنه هو مدير الموارد البشرية بشركة «لاسامير»، إضافة إلى كونه يشغل عضوية المكتب السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة؟ وهل كل ذلك مجرد صدفة أم زواج مصالح؟ أليس كل شيء له علاقة بالسياسة من الاقتصاد وحتى الحرب، وبالتالي فالرياضة ليست استثناءً.
سياسيون يلبسون جلباب الرياضة
الواقع أن ذلك ليس الخرق الوحيد، بل تم خرق شرط أساسي ضمن النظام الأساسي لتشكيل الجمعيات الرياضية. وإذا كان القانون الأساسي للجمعيات الرياضية يشترط أن يتوفر في أعضاء المكتب المسير، الانخراط على الأقل لعامين، فإن ذلك لم يتم احترامه في حالة المكتب المسير للفريق، حيث أقحم الناصري مجموعة من الأسماء المعروفة بانتمائها الحزبي إلى المكتب المسير للفريق، دون أن يتوفر فيها هذا الشرط، مستفيدا بصفة خاصة من الوضع الاستثنائي الذي عاشه الفريق على عهد الرئيس السابق، حين أغلق باب الانخراط في وجه مجموعة من معارضيه، قبل أن تتكلل مساعي بعض «الوداديين» بإعادة فتح باب الانخراط.
وهكذا يمكن الانتباه إلى أن سعيد الناصري، أقحم ضمن أعضاء مكتبه المسير وجوها حزبية معروفة، في مقدمتها زميله في «البام»، والذي أصبح نائبه الأول في الوداد. ويتعلق الأمر بمحمد غياث، الذي كلفه برئاسة لجنة الموارد المالية. إضافة إلى المستشار الاستقلالي فؤاد القادري، الذي يشغل مهمة رئاسة اللجنة التأديبية، ورقية الدرهم التي تم تكليفها بالفريق النسوي، بينما تم إسناد مهمة الكاتب العام للمهدي مزواري. وترأس لجنة الشؤون العامة، أنور الزين، الكاتب العام للشبيبة الدستورية.
وفضلا عن هؤلاء اختار سعيد الناصري أمين مداح، نجل مصطفى مداح الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض نائبا للكاتب العام للفريق ورئيسا للجنة القوانين والأنظمة. إلى جانب أسماء أخرى.
وأعلن أنور الزين، الكاتب العام للشبيبة الدستورية يوم الأحد 11 يناير ترشحه لمنصب الأمين العام لحزب الاتحاد الدستوري (يعقد الحزب مؤتمره الوطني العادي الخامس من الشهر المقبل). وكان أنور الزين خلف قبل عامين عبد الله فردوس في منصب الكاتب العام لمنظمة الشبيبة الدستورية. ويعد الزين واحدا ممن سبق لهم الانخراط في الفريق، لكن على العكس من ذلك فإن باقي الوجوه تظل جديدة على الفريق. فرقية فضول، وهي واحدة من النساء الاتحاديات، لا تحضر إلى الآن للاجتماعات التي يعقدها المكتب المسير للفريق. بل إن منخرطين بالفريق وأعضاء بالمكتب المسير لم يسبق لهم أن التقوها من قبل. ورقية هي ابنة الراحل محمد فيضول الدرهم. المقاوم الذي كان له دور بارز ضمن صفوف جيش التحرير بالصحراء المغربية، هو الذي نجح في إقناع المرحوم خطري ولد سيدي سعيد الجماني، بتسليم وثائق غاية في الأهمية حول مغربية الصحراء إلى الملك الراحل الحسن الثاني، قبل أن يهديه الأخير سلهامه، لكن أية علاقة بين رقية وفضول والفريق النسوي للوداد؟
وإلى ذلك كان أول تعليق يورده المهدي مزواري، بعد الكشف عن صفته بالمكتب المسير للوداد إذ كتب على حائطه بموقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك»:»فخور جدا بالتكليف الجديد ككاتب عام لفريق الوداد البيضاوي وسعيد بعملي ضمن فريق من الأطر والكفاءات الوطنية المرموقة طموحه الأوحد إعادة البناء ومصالحة الوداد مع تاريخه وجمهوره وأمجاده... حتماً سنكون في الموعد». وجر التعليق على الرجل الكثير من الانتقاد، على اعتبار أن شغله لعضوية المكتب المسير، من المفروض أنها جاءت بناء على انتخابه، وليس تعيينه، لكن المهدي مزواري، النائب البرلماني الذي أصبح قبل أقل من عام كاتبا إقليميا لحزب الاتحاد الاشتراكي بالمحمدية، لم يكتب سوى الحقيقة، يقول أحد محبي فريق الوداد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.