ضحكات وقهقهات كترافق العرض الفكاهي لفنان من هواة "فن الشارع" اعتاد تقديم وصلاته بتقليده "شارلي شابلن" الشخصية السينمائية الشهيرة بعدة مدن مغربية خاصة بطنجة، حيث يختار بها فضاءات ذات رمزية تاريخية وثقافية مثل سور المعجازين أو ساحة سوق الداخل بالمدينة العتيقة. يبدو أن ساكنة المدينة القديمة وزوارها بينهم مرتادو المقاهي المحيطة بالسوق الداخلي، يفضلون عرض "شارلو" على عروض موسيقية وبهلوانية أخرى ألفوا مشاهدتها خلال ليالي الصيف، ذلك لأن فقرة شارلو المغرب تعرف حماسا ومتابعة من قبل الجميع. وأهم فقرة تميز عرض شارلو المغرب هي عندما يعمل على تقليد مشيات الناس، حيث يتبع أحد المارة ويقلد بإتقان كبير مشيته وحركاته، ما يجلب ضحكات المتفرجين الذين يجدون في حركات الممثل متعة وإبداعا. لكن تقليد الممثل للمارة لا يمر دوما مرور الكرام، فإذا كان عدد كبير منهم خاصة الشباب يتفاعلون بإيجابية مع العرض الذي يستعملهم دون إرادتهم، فإن آخرين، سيما من فئة كبار السن والنساء لا يقبلون فكرة تقليدهم ومنهم من يغضب ويصرخ في وجه الممثل، بل آخرون يهمون بضربه، وهو ما يدفع الجمهور إلى التصفير والاحتجاج داعمين بشكل جماعي للعرض الفكاهي. لو تخيلنا نفس العرض الفكاهي في لندن أو كوبنهاگن، فإن عدد المارة المتجهمين المحتجين على فكرة تقليدهم سيكون أقل بكثير من ذاك المسجل بالسوق الداخل بطنجة، لأن أغلب أهل شمال الكرة الأرضية تحرروا من عقد كثيرة لا زالت تسكن فئات واسعة من مجتمعات الجنوب. في مجتمعاتنا، المواطن يغادر بيته متجهما بالضرورة (par défaut)، مستعدا للشجار مع أي كان، وفي أول فرصة خلافية ممكنة يشرع في سرد رصيده اللغوي من عبارات السب والشتم، ثم بعدها يرتاح، كما لو أنه أدى للتو دينا كان على عاتقه منذ استيقظ من النوم. أغلب المغاربة يحتفظون بابتساماتهم بعيدا عن الآخرين الغرباء الذين لا يستحقون، في نظرهم، سوى العبوس في وجهمم حيث يعتبرونهم أعداء إلى أن يثبت العكس.