مستحيل يغلب الفيروس اللعين واحد بحال حكيم عنكر. ابتسامته وضحكته كفيلتان باش الفيروس يقلب عليه.. لكن اللعين تسرب إليه أو خطفو منا.. حكيم عنكر من الناس اللي عمرك تندم على أنك متفائل.. كان نبيل وكريم ووفي وصديق ورفيق.. ومحب للناس والوطن.. واخا متر وتسعون سنتميترا ووزنه الذي تجاوز المائة كيلوغرام.. وطلعته بشاربه الدكالي الأصيل.. هو شاعر.. معجون من حب ورقة ووفاء.. شاعر يغزل الكلام دون تكلف.. بحال ديك الابتسامة.. أو ديك الضحكة الرقراقة ديالو.. عندما تبدي ملاحظة تعجبه بأحد مقاهي .. توين سانتر أو مقهى لاشوب.. حكيم شاعر كبير .. وصحفي متخصص في الشأن الثقافي.. لكنه كاتب مقال سياسي رفيع..فالكتابة على السياسة، ما كيشغلش راسو بالآني والعاجل.. كيشوف الرهانات العميقة ديال اللاعبين فالحقل السياسي.. يتعامل معهم دون حكم مسبق، ينظر إلى السياق والإمكانيات..وفي الكثير مما كتب كان مسكون بتوضيح الأمور للأجانب.. للعرب.. في آخر مقال سياسي له، كتب عن " واقعة الكركرات"، تحدث عن الظاهر والخفي.. وعاد لأصل الحكاية.. استحضر بيريز ديكويار والحسن الثاني وعبد الرحيم بوعبيد..وذكر بأن جيش التحرير كانت انطلاقته من الجنوب، حيث ف" من هناك بنى استراتيجيته لتحرير البلاد مع القوى المغربية الأخرى في الشمال والوسط".. فجميع التجارب التي خاضها فالمغرب أو الخارج.. كبر المنبر الإعلامي أو صغر، كان يعمل بنفس الروح.. الانتصار للحقيقة.. ويعلم الله كم كان سفيرا يشرف به المغرب والمغاربة في الإمارات وقطر.. فقد حرص على الدفاع عن بلده دون صراخ.. لا يريد جزاء ولا شكورا.. يوضح ويفسر ديك الخصوصية المغربية فمجموعة من القضايا. تحدث إلى القريبين من صانعي القرار كي يوضح ويفسر.. كي يرفع " سوء الفهم" الناجم عن نقص المعلومة أو الأحكام المسبقة.. دون أن يكلفه أحد أو يعرض خدماته على أحد. لقد كان يتصرف كمغربي.. فآخر بلد عمل فيه، كان يقيم في فندق، كان دائما مستعدا للعودة إلى المغرب اللي كان كيعشقو. و كما كل الرحالة اللي كان كيكتب عليهم، كان كيبحث ليه على ما يقوي لديه الانتماء لهذا البلد.. وقد شاءت الأقدار أن يوارى الثرى في بلده. عاد للدار البيضاء حيث زوجته وابنه علاء.. وصادف إغلاق الحدود بسببب الفيروس اللعين، وبقي بيننا يعمل لصحفيته، متخذا جميع الاحتياطات.. وسعيدا بالتواجد رفقة زوجته وابنه وعائلته.. يعمل ويكتب ويغني ويلعب ويطبخ.. يستمتع بالحياة.. كما فعل دائما.. رغم كل شيء.. إنه الوفاء الذي تقويه المعرفة.. أدى الثمن سجنا بسبب حلمه بمغرب " الكرامة أولا وأخيرا"..لكنه عندما يتحدث عن تلك التجربة، التي تأتي عرضا في حديثه، يتذكر الإنساني فيها. يتذكر سجناء الحق العام، الذين ربط معهم صلات طيبة.. ويحكي عن سجين ثري، كان يكرمه ورفاقه .. لأنهم " قارين".. لم ينل ما ناله من "عقاب" بسبب حلمه بالحرية للجميع من قناعاته، بل تحولت إلى قيم راسخة تبحث عن المشترك وعما يوحد.. ويفتح آفاقا ممكنة للكرامة التي لم يساوم عليها يوما. إلى كان البعض يتذكر الخايب فالتجارب المهنية ديالو، حكيم دائما يركز على الإيجابي ويضحك.. داز فبزاف ديال المنابر.. من "المشهد" إلى" المساء".. وكان " العربي الجديد" آخر تجربة له.. بعدما خاض تجربة بالإمارات قبل سنوات.. لكن كان يعجبني أن أعيده إلى سنوات جريدة " أنوال" التي كان تصدرها منظمة العمل الديمقراطي.. كانت تجربة غنية لأنها كانت حاملة لمشروع وطني- يساري.. وكان يضحك كثيرا عندما يتذكر اجتماعات هيئة التحرير. كان يستحضر المجاهد محمد بنسعيد أيت إيدر، الذي تنقل ذات انتخابات جماعية كي يدعمه عندما ترشح حكيم للانتخابات الجماعية بقريته بدكالة.. كان حدثا كبيرا.. يتذكر تفاصيله.. وقد كان حكيم على شفا أن يصبح مستشارا جماعيا.. يحلو له الحديث عن اجتماعات هيئة تحرير " أنوال" ..تطول تلك الاجتماعات.. تدوم ساعات.. فحكايات أيت إيدر لا تنتهي. كل حدث يستدعي حكاية.. كان يحب ابتسامة أيت إيدر التي حسمت الكثير من المواقف.. كان يقول إنه وراء تلك الابتسامة وذلك الطربوش.. سياسي صلب..عركته الحياة.. محيط وملم ومدرك للسياقات والنوايا حتى الأكثر خفاء.. كان يحبه كثيرا.. كما يحب كل الوطنيين..فلافضل ليساري أو يميني أو إسلامي إلا بحث الوطن والدفاع عن الكرامة. سنبكيه ونفتقده.. لاشىء يعوض مثل حكيم.. صباح اليوم سأل عنه حتى من لم يكونوا يعرفونه، لكنهم أحس بأن ما حدث خسارة.. ولو عرفوه لأحبوه كثيرا.. ولشعروا بأنه فقدوا أخا وسندا.. عزاؤنا لابنه علاء الذي كان سعيدا بالتعرف عليه أكثر إبان الحجر الصحي.. عزاؤنا لرفيقة عمره.. عزاؤنا لعائلته الكبيرة ولأصدقائه.. ومحبيه.. الله يرحمو ويرزق الجميع الصبر..