عبد السلام بوطيب المعتقل اليساري فس سنوات الرصاص، والذي كان من مؤسسي حزب الأصالة والمعاصرة، أعلن ترشحه بعدما كان في البداية يرغب في دعم الشيخ بيد الله، لكنه تنصل لاخقا وأعلن أنه سيترشح للامانة العامة للحزب، عن دوافع القرار والازمة التي يمر منها البام طرحت كود مجموعة أسئلة على القيادي البامي. 1- أعلنت ترشحك للأمانة العامة ضد مرشحي التيارين، وهبي مرشح تيار المستقبل وبيد الله مرشح الشرعية، ما الذي جعلك تتخذ هذه الخطوة؟ – نعم، اكيد، لقد كنت رئيس لجنة الورقة السياسية في اللجنة التحضيرية التي ناشدت الشرعية ، أرجو الانتباه جيدا الى الكلمات التي استعملها في هذا الحوار، و ساهمت في عدة لقاءات كانت تبتغي المصالحة في حزب استثنائي يتلمس هويته و كينونته التي لم يستطع قادته الذين سبقوا الأخ حكيم بن شماش تحديدها و بلورتها سياسيا، وذلك بسبب نقص معرفي على مستوى مناهج و مخرجات العدالة الانتقالية التي ارتضاها المغرب للقطع مع سنوات الجمر والرصاص، و بسبب عدم معرفة صيغ التنفيذ السياسي لتوصيات و مخرجات هيئة الانصاف و المصالحة. و لعل أهم لقاء ساهمت فيه آنذاك والذي جمعني بأحد أبرز قادة ما نسميه تجاوزا ب”تيار المستقبل” ان لم أقل أنبلهم و أذكاهم ، بعد موافقة الأخ الأمين العام بطبيعة الحال ، و قد عقدنا هذا اللقاء بفندق بمدينة القنيطرة مباشرة بعد صدور الحكم الابتدائي لصالح التيار الذي كان ينشد الشرعية و وصلنا الى اتفاقات مهمة جدا ومتقدمة على التي انتهي اليها “التيارين” معا بعد صدور حكم الاستئناف، الا أن تأخر تفاعل الأخ الأمين العام معها، إضافة إلى تسرع الاخوة ب “تيار المستقبل” الى طلب حكم استئنافي ساهما في إعدام هذا الاتفاق الذي كان ينشد المصالحة بين أبناء الحزب الواحد ، ومنذ ذلك الحين لم أعد أعير أي اهتمام بشكل مباشرة لملف المصالحة احتراما لنفسي أولا وصونا لكرامتي ثانيا. ما يهمني الان أن هذه المصالحة قائمة على حكم قضائي، وباعتبار احترامي الشديد الذي أكنه للقضاء واحكامه بغض النظر عن طبيعة ملاحظاتنا عليها، من خلال اقتناعي العميق بكون القضاء عماد الديمقراطية و أن إصلاحه مرتبط بصيرورة بناء الديمقراطية و دولة الحق والقانون، اجدني منخرطا في هذه المصالحة، و مندمجا في اللجنة التحضيرية، لأن هاجسي الوحيد هو اثارة الانتباه الى أن أزمة الحزب ليست أزمة ذوات كما ذهب الى ذلك الشيخ بيد الله بل هي أزمة هوية مرتبطة أساسا بأسئلة من نحن وماذا نريد؟ 2 أعلنت ترشحك للأمانة العامة ضد مرشحي التيارين، وهبي مرشح تيار المستقبل وبيد الله مرشح الشرعية، ما الذي جعلك تتخذ هذه الخطوة؟ لقد تابعت بدقة تصريحات الرجلين معا، و انتبهت الى أنهما لم يفهما جوهر أزمة الحزب، هما معا يردان الازمة الى صراع الذوات داخل حزب الاصالة والمعاصرة، الأول يشخصها في فلان و فلان من القادة السابقين و الحاليين، و الثاني لم يكلف نفسه الغوص فيه الازمة و ردها الى الذوات، و نفى عنها كل الأسباب الأخرى، و الحال ان “الذاتية” في هذه الحالة هي من تمظهرات أزمة الحزب و ليس سبب أزمة الحزب. و عندما يكون التشخيص للأزمة والصراع القائم منذ البداية خاطئا فلا يمكننا أن تنتظر منه أن يقدم حلولا في المحصلة النهائية، تماما كما هو الامر لما يحدث مع التشخيص الطبي. اما ما يتعلق بتشخيصي لأزمة الحزب، ، فسأعلن عنه بدقة واسهاب في رسالة _ أنا منكب على تحريرها _ سأقوم بتوجيهها بداية الأسبوع المقبل الى عموم منخرطي ومنخرطات الحزب وعبرهم الى عموم المغاربة. 3- بسبب اصولك الريفية ألا يعتبر ترشحك استمرار لمسلسل سيطرة الريفيين على الحزب؟ أنا ريفي ب ” des fichiers spéciaux et personnalisés ” ، هاجر والدي بداية الستينات من القرن الماضي الى مدينة الحسيمة من المناطق المحاذية لمدينة مليلية المحتلة بحثا عن العمل، و منذ ذلك الوقت لم يعد الى قريته، و بقي معروفا هناك باسمه مقرونا بالقرية التي هاجر منها، تجدني حتى اليوم مسكونا بذاكرة عائلتي، و بتفاصيلها، و لعل هذا ما جعل مني اليوم انسانا كونيا، متغلبا على المنطق الجغرافي، و حائزا على جائزة “ايميليو كاستلار” لحقوق الانسان و الدفاع عن الديمقراطية و الحريات ، و هي جائزة مالها قبلي شخصيات مهمة عالميا و منها الرئيس خوسي البيرتو موخيكا ، الرئيس السابق للأوروغواي .أنا هو أنا، و باقي الريفيين هم هم. وفي اعتقادي أن الذي يقبل بممارسة العمل السياسي عليه أن ينسى ما تمليه عليه القبيلة وحساباتها الضيقة، من منطلق رغبتنا في خدمة قضايا الوطن عموما والريف جزء لا يتجزأ من وطننا الكبير والممتد. 4- إذا فزت بالأمانة العامة، هل ستتحالف مع البيجيدي أو الأحرار خلال الانتخابات القادمة؟ هذا السؤال سابق لأوانه، ما يهني الان هو أن يجيب المؤتمر المقبل بوضوح كبير عن السؤال الذي يؤرقني الا وهو : من نحن ؟ و ماذا نريد؟ . أنا أعرف من نحن، و ماذا علينا فعله، لذا فكرت في الترشح للأمانة العامة للحزب، لكن علينا ان نعمق النظر في الموضوع مع النخب الفكرية للحزب، و مع من هم مؤهلون لفهم هذا، لأننا حزب استثنائي، لسنا من اليمين و لا من اليسار، بل نحن حزب ولد من رحم الصراع التناحري من أجل السلطة الذي عرفه المغرب. لذا علينا أن نحدد موقعنا بكل شجاعة، و نحدد أهدافنا بكل وضوح: هدفنا الأساسي ان نسير بالمغرب الى ما كانت تريد تجربة الانصاف و المصالحة ان يصل اليه : و هو المغرب الحداثي الديمقراطي المعتمد على الذكاء الجماعي و المتسع للجميع. مغرب بجودة أكثر في التعليم، والصحة، وبعدالة تحفظ كرامة وإنسانية الناس أكثر ، وبشغل كريم لأبنائه. و هدفي الثاني أن نجد لنا عائلة عالمية مكونة من الأحزاب التي لها نفس أسباب الوجود مثلنا، و التي لها نفس الأهداف. لقد تناولت الموضوع بإسهاب مع الرئيس الكولومبي السابق عندما زارنا في مركز الذاكرة المشتركة من أجل الديمقراطية و السلم، الذي أتشرف برئاسته ، لنيل الجائزة التي نقدمها سنويا للواتي و الذين يساهمون في التأسيس لعالم يتسع للجميع، و أخبرني أن سياسيون من نفس المدرسة يحاولون التأسيس لهذه العائلة الكونية ، التي سوف تخرج عن الإطارات التقليدية للعائلات الكونية : أي يمين يسار. 5 هل يستطيع الحزب في وضعيته الحالية التي تمزقها الصراعات أن ينافس الاحزاب القوية في الانتخابات؟ نعم يستطيع، ففي الحزب طاقات كبيرة لم تستطع خلال المرحلة السابقة التعبير عن نفسها، على الأمين العام المقبل أن يفكر من الان في مهندس يعيد تنظيم الحزب – و باستعجال – وفق ضوابط جديدة، 6- من هو القيادي أو القيادات التي أوصلت البام للحالة التي يعيشها اليوم؟ “القيادي ” الوحيد الذي أوصل الحزب الى الحالة التي يعيشها اليوم هو الجهل بطبيعة الحزب وسياق تأسيسه وأهدافه و دوره ، هو الجهل بأن البام حزب استثنائي، و أن دوره مختلف عن الأحزاب التقليدية العادية ، هو الجهل بأن هذا الحزب وليد سياسي لتجربة الانصاف و المصالحة التي تعتبر من اوراش مغرب العهد الجديد الذي دشنه الملك الشاب محمد السادس بمساهمة أحد اعمدة النضال الديمقراطي في المغرب الأستاذ “ادريس بنزكري” رحمه الله . و أن مهامه ليست سهلة و تتطلب قدرة كبيرة جدا و عالية جدا على التحليل و التركيب. 7- رغم انتهاء الصراع بين تياري الحزب، لكن صفقة تنظيم مؤتمر البام أثارت مشاكل داخلية بسبب طرق تمريرها وعدم علم بعض القادة من تيار المستقبل بالامر، هل ترى أن هذا سيجعل الصراع يتأجج مرة أخرى داخل البام؟ اذا لم نجب عن سؤال الهوية بوضوح خلال المؤتمر، و اذا لم نحدد ما نريده بالدقة المطلوبة، و اذا لم نفكر في مهندس تنظيمي محترف يفهم جيدا الأداة التنظيمية للحزب، فالصراع سيعود حتما، ربما سيأخذ تمظهرات أخرى لكنه سيسمي صراعا داخليا . أنا هنا لا أتحدث عن الصراع الطبيعي داخل الأحزاب الحية، و الذي هو ضروري للتقدم. بل اتحدث هنا عن الصراع الذي لا يعرف “جنوده” عما يتصارعون و الذين ينطبق عليهم قول الشاعر محمود درويش: لأن ألوفاً من الجند ماتت هناك من الجانبين، دفاعاً عن القائِدَيْنِ اللذين يقولان: هيّا . وينتظران الغنائمَ في خيمتين حريرَيتَين من الجهتين… يموت الجنود مراراً ولا يعلمون إلى الآن مَنْ كان منتصراً ! 8- هناك قياديون داخل البام يرون بأن المؤتمر قد يتم تأجيله مرة أخرى بسبب الصراعات التي بدأت تتأجج ما تعليقكم على ذلك؟ الصراعات التي بدأت تتأجج اليوم هي حول عدد المؤتمرين من كل إقليم ، فالحزب حدد واحد على خمسين و الشباب خاصة يطالبون بأكثر ، ليس هو صراع أفكار ولا صراع تنظيمي ، بل هو صراع من أجل حق الحضور الى مؤتمرمن عدمه و فقط . و هذا بدوره من تمظهرات أزمة الهوية و الوجود التي سبق أن أشرنا الى ذلك سلفا.