تأملوا الصور جيدا. تأملوا صور ادريس لشكر وشلته المتصالحة في بيت محمد اليازغي. ودققوا في الوجوه. وفي الملامح. تأملوا الإخراج الفني للمصالحة. وأين يجلس الكاتب الأول. وأين يجلس المالكي. تأملوا قميص عبد الحميد الجماهري. فالملابس غير بريئة. وتتكلم. وكما لو أن موعدا آخر له بعد الخروج من بيت اليازغي. ومن أجلهه يرتدي ذلك القميص. القميص المعبر. القميص المتحرر من الرسميات. القميص المختبىء تحت البذلة. تأملوا لون قميص حنان رحاب الأبيض غير المكوي. وكما لو أنها تعتذر لسي محمد. وكما لو أنها خائفة. وجاءت على عجل. لتذهب بعدها إلى مكان آخر. وكما لو أنها لم تكن مستعدة لهذه المصالحة. تأملوا فرحة المهدي مزواري والسعادة البادية عليه. وهو يتنقل من بيت إلى آخر. ومن خلال مراحل المصالحة. ومن خلال الزيارات التي تمت إلى حد الآن. تبدو المصالحة تليق بالمهدي مزواري أكثر من غيره. ويبدو أنه متحمس لها أكثر من الجميع. وكما لو أنهم خلقت من أجله. وكما لو أنه طفل صغير يغمره الكبار بالهدايا. ويريد مزيدا من المصالحات. ويحبها. ويريد أن لا تفلت منه مصالحة. تأملوا عدم شعور ادريس لشكر بالراحة. تأملوا أين يجلس كل واحد في الصالون. تأملوا عدم اهتمام اليازغي بحضوره. وكأنه غير موجود. تأملوا غياب صورة جماعية مع اليازغي. تأملوا خصوصا حسن نجمي. وبصعوبة يلتقطه المصور. بعد أن جعله المخرج خارج الكادر. وكأن النار تحته. وكأنه يستعجل الانصراف. تأملوا أين أجلسوه. وكيف أبعدوه عن محمد اليازغي. وكيف انتبذوا به مكانا قصيا. وتشعر وأنت تتأمل الصور أنهم جروه من ياقته ليشارك في هذا المصالحة. وأنه لم يأت عن طيب خاطر. وأنهم تعسفوا عليه وأرغموه كي يتصالح. وأنه جيء به رغما عنه. وأنها مصالحة قسرية. وأن حسن نجمي لم يأت عن طيب خاطر. وقد تكون المصالحة بين الاتحاديين خطوة إيجابية في اتجاه لم شمل الحزب. لكن لا يجب أن تكون تحت الإكراه. ولا يجب أن تكون مهينة. ولا تحترم حقوق الإنسان الاتحادي. ولا اختياراته. وقد كان بإمكان المتصالحين إعفاء حسن نجمي وتعويضه بمتصالح آخر. وقد كان بمقدورهم تجنب إحراجه. وتصويره كشخص منبوذ. وبعيد عن المتصالحين الكبار. ومقحم في الصورة. وقد كان الجميع سيصفق لهذه المصالة لو لم تتم تحت الإكراه ولو لم تخرج حسن نجمي إلى العلن ولو لم تظهره وهو في صف ادريس لشكر بعد أن كان مختبئا. ويخجل من الظهور. ومن ارتباط اسمه بالكاتب الأول. وإن كانت من حسنة تحسب لادريس لشكر فهي هذه وإن كان من إنجاز له فهو أنه أعاد حسن نجمي إلى الواجهة السياسية وإلى الالتزام السياسي كما أنه أرغمه على الظهور. وعلى الخروج إلى العلن. بعد أن ظل كل هذه السنوات يشتغل في العمل السري الاتحادي. قبل أن يظهر في الصورة مراجعا قناعاته. وجالسا رغما عنه في صالون بيت اليازغي مع ادريس لشكر وحنان رحاب.