فهمتك أيها الشعب. وأعترف لك أنهم غرروا بي. وقد اقتنعت الآن أن لا وجود لي إلا إذا كنت مقاطعا. وأنه لا يمكن لأي فرد أن يعيش لوحده. وأن يظل منبوذا. وخارج الإجماع. وخارج مجتمعه. وخارج الحقيقة. وخارج الواقع. فأجلس في المقهى ولا أجد إلا المقاطعين. وأتجسس على واتساب صغيرتي. وأجد رسالة قد توصلت بها. تخبرها بأن الحليب المقاطع فيه مادة تهدد بانتشار خلايا سرطانية في الدم. ولا شعب لي الآن. وأسرتي ضدي. وفلذة كبدي. وجيراني. وقرائي. ولا حل لي كي يقرأني الشعب إلا أن أهاجم بدوري مصطفى الخلفي. وأشتم الحكومة. وأن ألتحق بكم. وأصدق تلك الرسالة. ولا أقسى على الإنسان من العزلة. بينما الذين اخترت في البداية الدفاع عنهم قلة. ولا أصادفهم في حياتي العادية. والكارتيلات لا تجلس في المقاهي. ولا تتجول في الأسواق. ولا أصادفها عند البقال. كي أتجاذب معها أطراف الحديث. وكي أشعر أنها معي. وأنا معها. والأوليغارشية بعيدة ومترفعة. ولا أعرف أين هي. كي أشعر بأني لست وحيدا. وفي كل مكان لا توجد إلا أنت أيها الشعب المقاطع. وفي الفيسبوك. ودون أن أدري وجدت نفسي معزولا في غيتو. ومضطهدا. وقد فكرت في الأمر مليا. وقلت مع نفسي ماذا ستخسر يا حميد. إن خضت أنت أيضا حملة المقاطعة هذه. لا شيء. لا شيء. بل بالعكس سترتفع أسهمي. وسينهال علي المديح من كل صوب. وسأصبح مشهورا. ومحبوبا. وعظيما. ومقروءا. ومناضلا يشار إليه بالبنان. ولا أجمل من أن أكون مع الشعب. وياله من إحساس رائع. وسأربح من المقاطعة ما لن أربحه من الوقوف ضدها. ومن أجل مصلحتي قررت الانضمام إليك أيها الشعب وعفا الله عما سلف. وقررت أن أجاريك. وهدفي الحقيقي هو أن أربح منك. وأن أشتغل على صورتي. وعلى سمعتي. التي يبدو أنها بلغت الحضيض. وتضررت كثيرا بحكم دفاعي المستمر عن الدولة وعن الأغنياء. ومنذ هذه اللحظة أنا معك. ومنذ اليوم أنا مع الشعب. ومع الفقراء. وها أنا أتدرب على تغيير خطي التحريري. ليتناسب مع ما ترغبون في سماعه مني. وكل ما تحبونه سأكتبه لكم. كي ترضوا عني. وكي تغفروا لي مواقفي السابقة. والمتخاذلة. والتي اخترت فيها صف الأقوياء وتخليت عنكم. وصراحة أنا ندمان. وغبي. وقد كنت حمارا. لكني استيقظت من غفوتي. وأستغلها مناسبة لأعتذر لكم جميعا عن كل كلمة غير لائقة صدرت مني. فالإنسان بطبعه خطاء. وأن الآن مستيقظ.بعد أن زالت تلك الغشاوة عن عيني. وأتعلم من أخطائي. فما أصعب ألا تكون مقاطعا هذه الأيام في المغرب. حتى أن المقاطعة صارت دينا جديدا. وكل من لا يؤمن به هو كافر. ومنبوذ. وأنا لا أريد أن أعيش منبوذا. وسأمارس التقية. وسأصلي معك أيها الشعب. وكل ما ستقاطعه. سوف أقاطعه معك. ومستعد أن أكون لسانك. وبوقك. ومستعد أن أسقط معك في الهاوية. وهذا أفضل بكثير من أن أبقى وحدي. معزولا. ومحروما من هذا الإحساس وهذا الشعور بالأهمية. وبالتأثير. الذي تشعر به الآن أيها الشعب العظيم.