رغم كل الأموال التي أغدقت علي. ورغم كل الشيكات التي أتوصل بها مع كل مقال أكتبه خدمة لأسيادي. فقد هزمتني أيها الشعب. يا خير شعب أخرج لهذا المغرب. ولا رأي يؤثر فيك. ولا حملات ممولة من الأوليغارشيا. ولا مواقع مسخرة. وكم أدهشتني أيها الشعب المغربي. وأدهشني ذكاؤك بالخصوص. ووعيك الحاد. ومن كان يتوقع هذا. من كان يتخيل يوما أن الشعب المغربي سيصل إلى هذه الدرجة من اليقظة ومن النضج. وأقرأ تعليقاتك على مقالاتي في صفحة كود على الفيسبوك أيها الشعب المقاطع، فأستبشر خيرا. وأفرح. وأفتخر بأني أنتمي إليك. يا شعبا عظيما. يا شعبا ليس مثله شعب آخر. ومنذ أن بدأت حملة المقاطعة وأنت ثابت على موقفك. ولا تتزحزح. وقد رأيتك أيها الشعب ترفض شرب المياه المعدنية في المقاهي. وشاهدتك وأنت تمتنع عن التزود بوقود محطات إفريقيا. ثم وأنت ترفض شراء حليب سنترال. وشاهدات النساء المقاطعات. والأطفال المقاطعين. والعاطلين عن العمل. يا شعبا رائعا. فتأكدت بالملموس أنك شعب واقعي. ومن لحم ودم. ولست افتراضيا كما يدعون. وقد رأيتك بأم عيني. يا شعبا نادرا تحسدنا عليه الشعوب الأخرى. ومن يشك في وجودك. فليدخل معي إلى صفحة كود في الفيسبوك. وفي هذه الصفحة توجد عينة منك أيها الشعب المغربي. وفيها يمكن التعرف عليك بشكل أفضل. ومن الطريقة التي تكتب بها. ومن ردودك. ومن تعليقاتك. يظهر نبوغ الشعب المغربي. وصدقني أيها الشعب. وليس مجاملة مني أن أقول لك إنك أفضل من النخبة. وأفضل من رجال الأعمال. ومثقف زيادة. ومفكر. وقد تجاوزت الجميع. وتفوقت على الدولة. وعلى نخبها. وعلى المستفيدين منها. حتى أنني صرت أتضامن معها. حتى أنني صرت أشفق عليها. وأتساءل ماذا ستفعل الدولة مع شعب بكل هذا الذكاء. وبكل هذا النضج. وبكل هذا الوعي. ماذا ستفعل مع أيتام حميد شباط الذين التحقوا بالشعب. ماذا ستفعل مع القائد عادل الميلودي. وصرت أفكر في مستقبل الدولة. وصرت خائفا عليها. لأن شعبا مثلك. لن تهزمه أي سلطة. ولن تقدر عليه أي دولة. ولا أي شركة. ولا أي أوليغارشيا. ومن باب التضامن مع الضعيف. ومع المغلوب. صرت أرى الدولة مغلوبة على أمرها. وصرت أرى الشعب قويا. ولا حل معه. وفي أي لحظة يمكنه أن يقضي عليها. ويقضي على اقتصادها. وعلى توازناتها. فلم ينفع مع الشعب كل هذه الأموال التي تقاضيناها. ويسكبونها في جيوبنا فلا تجدي نفعا. ولا تؤثر في الشعب. ولا تحبط عزيمته. وإصراره. ويواجهنا الشعب بيقظته. ويواجهنا بوعيه. ومن كان يظن أن الشعب المغربي سيتغير إلى هذا الحد. من كان يتوقع هذا التحول. وكل من لا يزال لديه شك. وكل من لا يزال نائما في الطمأنينة. فليدخل إلى صفحة موقع كود في الفيسبوك. وسيكتشف بنفسه كم نضج الشعب المغربي. وسيتأكد أنه عازم على إفلاس الشركات الثلاث التي يقاطعها. وبعد أن ينهي مهمته بنجاح. سيشرع في حملة مقاطعة شركات أخرى. إلى أن تفلس كل الشركات. ولا يبقى ثري في المغرب يزايد علينا بثروته. ولا تبقى ثروة. وإلى أن لا يبقى إلا الشعب. الشعب وحده. الشعب الذي عبر بنضج عن قدرته على إيجاد البدائل للحليب. الشعب الذي سيحلب الأبقار. الشعب الذي سيعود إلى الطبيعة. وإلى عالم نقي. وإلى الأصل. وإلى عالم لا شركات فيه ولا رجال أعمال. ولا أحد يستغل أحدا. ولا نخبة فيه. ولا طبقة مسيطرة. ولا أقلية تحتكر الثروة. كما كان يحلم الأناريشت. وكما كانوا يكتبون عن المِلكية. شعب كله فقراء. ولا فرق فيه بين فقير وفقير. شعب كله أنارشيست. شعب قنوع. وذكي. وواع. وناضج. شعب الطبيعة. شعب يرفض الانتقال إلى الثقافة. شعب كما خلقه الله. شعب أكد أنه سيكون شوكة في حلق هذه الدولة. وهذه السلطة. وأنه سيعذبها كثيرا في السنوات المقبلة. شعب خرج من رحم الربيع العربي. شعب لم تعد تنطلي عليه أي حيلة بمجرد أن أصبح له ويفي. شعب أصبح له صوت. وهاتف ذكي. فأصابته عدوى الذكاء. وقد أعلن عنها الشعب مدوية. فهذه ليست إلا البداية. والدور قادم على الشركات الأخرى. وعلى كل رجال الأعمال. ولن ينجو من وعي وذكاء هذا الشعب أحد ومن يشك فإطلالة واحدة على صفحة كود في الفيسبوك كافية لتكوين نظرة شاملة عن الشعب. ولن ينفع معه مال تغدقونه علينا. لا شيء لا شيء بمقدوره أن يقف أمام عظمة الشعب المغربي ويقظته وبما أن لا إصلاح تعليم حقيقي في الأفق ولا صحافة اقتصادية بالعربية الفصحى ولا أحزاب موجودة فإننا وفي أي لحظة نحن المستفيدين من الوضع القائم مهددون بحكم الشعب ولا أخطر على مصالنا من شعب له كل هذا الوعي. وكل هذا الذكاء ويهدد المتحكمين بشرب حليب البقر. ومباشرة من ضروعها. الشعب الذي يحن إلى براءة الطبيعة وإلى مغامرات ماوكلي فتى الأدغال الشعب الذي يؤمن بأن العقل كان”صفحة بيضاء” وها هو بذكاء حاد وبنضال مستميت ينظفها من كل ما علق بها من كتابات وأفكار ومصالح وسلط. ويعود بها إلى نقائها الأول وإلى الأصل.