تفاصيل المؤتمر الوطني السادس للعصبة المغربية للتربية الأساسية ومحاربة الأمية    بنعبد الله: نرفض أي مساومة أو تهاون في الدفاع عن وحدة المغرب الترابية    بيدرو سانشيز: إسبانيا تثمن عاليا جهود صاحب الجلالة الملك محمد السادس من أجل الاستقرار الإقليمي    قضايا المغرب الكبير وأفريقيا: المغرب بين البناء والتقدم.. والجزائر حبيسة سياسات عدائية عقيمة    البنك الدولي يولي اهتماما بالغا للقطاع الفلاحي بالمغرب    تثمينا لروح اتفاق الصخيرات الذي رعته المملكة قبل تسع سنوات    مجلس الأمن: بلينكن يشيد بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    ألمانيا: دوافع منفذ عملية الدهس بمدينة ماجدبورغ لازالت ضبابية.        مباراة الزمامرة والوداد بدون جماهير    أكادير: لقاء تحسيسي حول ترشيد استهلاك المياه لفائدة التلاميذ    استمرار الاجواء الباردة بمنطقة الريف    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    خبير أمريكي يحذر من خطورة سماع دقات القلب أثناء وضع الأذن على الوسادة    استيراد اللحوم الحمراء سبب زيارة وفد الاتحاد العام للمقاولات والمهن لإسبانيا    تبييض الأموال في مشاريع عقارية جامدة يستنفر الهيئة الوطنية للمعلومات المالية    حملة توقف 40 شخصا بجهة الشرق    "اليونيسكو" تستفسر عن تأخر مشروع "جاهزية التسونامي" في الجديدة    ندوة تسائل تطورات واتجاهات الرواية والنقد الأدبي المعاصر    دورية جزائرية تدخل الأراضي الموريتانية دون إشعار السلطات ومنقبون ينددون    ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب في قطاع غزة إلى 45259 قتيلا    القافلة الوطنية رياضة بدون منشطات تحط الرحال بسيدي قاسم    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء    هجوم ماغدبورغ.. دوافع غامضة لمنفذ العملية بين معاداة الإسلام والاستياء من سياسات الهجرة الألمانية    ترامب يهدد باستعادة السيطرة على قناة بنما على خلفية النفوذ الاقتصادي المتنامي للصين    تفكيك أطروحة انفصال الصحراء.. المفاهيم القانونية والحقائق السياسية    مجموعة بريد المغرب تصدر طابعا بريديا خاصا بفن الملحون    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    الأستاذة لطيفة الكندوز الباحثة في علم التاريخ في ذمة الله    السعودية .. ضبط 20 ألفا و159 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    المغرب أتلتيك تطوان يتخذ قرارات هامة عقب سلسلة النتائج السلبية    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    سابينتو يكشف سبب مغادرة الرجاء    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    التقلبات الجوية تفرج عن تساقطات مطرية وثلجية في مناطق بالمغرب    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    علوي تقر بعدم انخفاض أثمان المحروقات بالسوق المغربي رغم تراجع سعرها عالميا في 2024    جلسة نقاش: المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة.. الدعوة إلى تعزيز القدرات التمويلية للجهات    بطولة انجلترا.. الإصابة تبعد البرتغالي دياش عن مانشستر سيتي حوالي 4 أسابيع        دراسة: إدراج الصحة النفسية ضمن السياسات المتعلقة بالتكيف مع تغير المناخ ضرورة ملحة    بريد المغرب يحتفي بفن الملحون    اصطدامات قوية في ختام شطر ذهاب الدوري..    العرض ما قبل الأول للفيلم الطويل "404.01" للمخرج يونس الركاب    جويطي: الرواية تُنقذ الإنسان البسيط من النسيان وتَكشف عن فظاعات الدكتاتوريين    مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مسرحية : نحن أحفاد ماسينيسا
نشر في أريفينو يوم 25 - 08 - 2012


د.جميل حمداوي
الفصل الأول: الأسلاف
اللوحة الأولى: في قصر ماسينيسا
المشهد الأول: ) قصر ماسينيسا(
الحاجب: هنا نوميديا، الملك ماسينيسا نصره الله قادم إليكم، ليخبركم بمستجدات الأمور.( الحاشية في القصر تنتظر الملك ماسينيسا)
الحاشية: أهلا وسهلا بملكنا الشجاع ماسينيسا، موحد قبائل بني أمازيغ، وصاحب شعار:” إفريقيا للأفارقة”، ومحقق التنمية والازدهار الاقتصادي والاجتماعي في مملكة نوميديا المستقلة والقوية. باسم الثورة الزراعية الخضراء، وباسم العملة البرونزية المنقوشة بتيفيناغ، نهنئ سيادتكم الموقرة، ونتمنى لكم عمرا طويلا وعيشا كريما بين أحضان شعبكم الأمازيغي. ( الحاشية تقف إجلالا وتعظيما للملك).
ماسينيسا: تفضلوا بالجلوس! لقد دعوتكم لأستشيركم في أمر مهم.
بوغود: ما هو هذا الأمر أيها الملك الجليل؟
ماسينيسا: أنتم تعلمون جيدا أن أخانا الملك صيفاقس الأمازيغي يهددنا دائما، إذ يوجه إلينا ضربات موجعة، وخاصة ما تتعرض له عاصمتنا سيرتا. ما رأيكم في هذا الأمر أيها السادة؟
بوغود: اسمحوا لي أيها السادة الأمازيغيون الأحرار أن أتكلم نيابة عنكم!
الحاشية: سمحنا لك بذلك أيها الوزير الحكيم!
بوغود: شكرا لكم يا عقلاء العاصمة!…أيها الملك الجليل نرى أن نتحالف مع الفينيقيين، و نتصل بهم في عاصمة قرطاجنة، لمواجهة هذا المفتري المتغطرس صيفاقس، الذي يتحصن في عاصمته العتيدة أرشقول، مثل فأر جبان يخاف كل يوم من قط كاسر، ينشب فيه أنيابه السامة.
ماسينيسا: فكرة هائلة يا بوغود، اتصل بقرطاجنة الحليفة، وجهز يا كاندا الجيش العتيد لمواجهة صيفاقس، واجعل يوم السبت يوم اللقاء الأحمر، واخبر الملك فارمينا على ما نحن قادمون على فعله.وإن رفض فارمينا، ولم يبد استعداده للتعاون، فاجعلوا رأسه طعاما للنسور والصقور.
الحاشية: نحن معك يا أيها الملك العظيم. إن صيفاقس يحتاج إلى درس لا ينسى، لكي يعود إلى رشده ووعيه.
الملك: لنخرج جميعا إلى ساحة الحرب! وعلينا أن نسرع للوصول إلى جبال الأوراس، كي نتحصن به، قبل أن يسبق عدونا إلى قممه، وتكون النتيجة معكوسة.
المشهد الثاني: قصر ماسينيسا مرة أخرى
( بعد يوم من المعركة يعود الجيش منتصرا من المعركة)
الملك: أشكرك يا بوغود على ما قمت به من سعي متواصل لدى مملكة قرطاجنة، كما أشكرك ياكاندا على ما بذلته من شجاعة خارقة في ساحة المعركة، إذ كنت فارس الميدان، وأسد المعركة.
بوغود: لا شكرا على واجب، هذا عمل يستوجبه الوطن يا سيدي العظيم!
كاندا: ويستوجبه كذلك الضمير، وحب الأرض، وتمثل قانون العدالة.
الملك: سأقوم بترقيتكما بعد هذا النصر المظفر إلى شخصيات وطنية بطولية، وأجعل منكما تماثيل أسطورية ونماذج بارزة ، يقتدي بها الشباب الأمازيغي في حب الوطن والهوية.
بوغود وكاندا: نشكرك أيها الملك المفدى شكرا جزيلا، وسنبقى وفيين لك، وحارسين مخلصين لهذا البلد.
الحاشية: يحتفل الشعب الأمازيغي بهذا اليوم السعيد، يوم النصر والتحالف مع قرطاجنة، كما يشيد بعظمتك، حينما وضعت أسس الكتابة الأمازيغية، وأرسيت خط تيفيناغ. إن شعوب نوميديا وموريطانيا وليبيا، وحتى وليلي، فرحة بهذا العمل الجليل. وقد أرسل إليك يوبا الثاني من موريتانيا الطنجية كتابا، يهنئك فيه بهذا الإنجاز العظيم.
الملك: اجعلوا هذا اليوم السعيد يوما وطنيا، نحتفل به كل سنة، ونشرب فيه نخب الفوز والانتصار.
الحاشية: فكرة هائلة أيها الملك السعيد، دمت خادما وفيا لهذا الوطن.
الحاجب:( يدخل الحاجب حزينا، وبيده كتاب): أيها الملك هناك خبر غير مفرح لك في هذه اللحظة.
الملك: ما بيدك أيها الحاجب؟
الحاجب: رسالة من ملك ماغون القرطاجني.
الملك: اعط هذه الرسالة للوزير الحكيم، و اقرأها علينا يا بوغود لننظر ماذا كتب فيها؟
بوغود: ( يفتح الرسالة الجلدية بنوع من الخوف والحزن…) ويقرأ بصوت مرتفع، يشوبه الروع والرهبة:” من ملك ماغون، ملك قرطاجنة العظيم، إلى حليفه ماسينيسا. من اليوم فصاعدا، لن نتحالف معكم؛ لأن لاحق لك في حكم نوميديا، ولا تستحق عرش أبيك، فهناك من هو أحق به، وجيشنا التونسي العظيم لا نستخدمه إلا في الحروب العادلة، لا لزهق أرواح بريئة؛ لأسباب تافهة، ونزوات رخيصة. وقد أرسلنا حانون وحملكون بسفنهما الجبارة عبر الساحل المتوسطي، ليسحبا جيوش قرطاجنة من عاصمتكم سيرتا، نزولا عند رغبة ملك نوميديا الكبير، فارمينا العظيم، ولنعلن لكم بأننا لا نعترف بسلطتكم وسيادتكم” توقيع: ملك قرطاجنة العظيم ماغون.
ماسينيسا: ياله من ملك وقح هذا الذي يسمى ماغون! ماذا يظن نفسه هذا المستبد الوقح؟ هل يعتقد أننا ضعفاء، ننتظر مساعدته لمواجهة صيفاقس، فجيشنا أعظم من جيشه المقهور بالجوع والعطش والطمع؟!
بوغود: ما رأيك أيها الملك أن نتحالف مع الرومان، ونشكل معهم حلفا قويا لمجابهة أعدائنا؟
الملك: فكرة جيدة يا بوغود، أرسل إليهم هدايا نوميديا، ألفا من أكياس الذهب والنحاس، وألفا من أجمل إمائنا وسقاتنا، واختر لهم أحسن الخيول والأحصنة والجياد، ومليونين من عملتنا الأمازيغية الجديدة التي سكت في مصانع سيرتا.
بوغود: سأقوم بهذه المهمة بسرعة، وعلى أحسن وجه أيها الملك الكريم والبطل الجواد.
( بعد أسبوع ينعقد الاجتماع الملكي مع حاشيته)
بوغود: أيها الملك السعيد! لقد وافقت روما على هذا التحالف، وباركته، واعتبرته ميثاقا عظيما، ستلتزم به، وستعطي لممالك نوميديا وليبيا وموريطانيا أهمية كبرى، واهتماما استثنائيا، كما أخبرني بذلك وزير المخابرات الأسبق لنيرون الأعظم، وملك كاليگولا، صاحب المهابة والصولجان.
الملك: أنوه بك يا بوغود، وأفتخر بك كثيرا في عاصمتنا سيرتا، أيها الوزير الفطن!
الحاجب: ( يدخل بسرعة):أيها الملك، أيها الملك، الجيش الروماني على أبواب نوميديا، إنه يدك مدننا وأسوارنا، ويقتل أطفالنا وشيوخنا، ويسبي نساءنا، ويهتك أعراضنا.
الملك: كيف، كيف…. الجيش الروماني على الأبواب، على الأبواب، آه آه آه!!! قلبي يكاد يتوقف، يتوقف، قلبي، قلبي، قلبي…..!( يسقط ماسينيسا على الأرض.)
اللوحة الثانية: الملك يوغرطة:
المشهد الأول: ) مجلس الشعب(
مجلس الشعب: بعد وفاة ملكنا العزيز مسيبسا الذي كرس حياته لخدمة نوميديا، و السهر على تحقيق السلام في مجتمعنا الحر، وتحقيق نهضة تجارية وملاحية بين مملكتنا الفتية ودول البحر الأبيض المتوسط، قررنا أن نعين بطريقة ديموقراطية، قوامها الانتخاب، والشورى، والكفاءة، يوغرطة ملكا على نوميديا، عاصمتها سيرتا.
أفولاي: لقد أحسنتم الاختيار؛ لأن يوغرطة جندي شاب، وفارس مغوار، وكله وقار، وفطنة، وذكاء، وحماس منقطع النظير.
بويا: لقد رأيناه يسابق الطرائد، ويصيد الوحوش بدقة فائقة، ويحرض الشباب الأمازيغي على الفروسية، ويعلمهم ركوب الخيل لمقاومة الرومان الذين يحاولون إذلالنا، ويطمعون في استغلال ثرواتنا، ونهب خيراتنا.
يارا: إن جميع نساء نوميديا يحبون هذا القائد الشجاع الوسيم، ويرغبون في التقرب إليه، أو الزواج منه، ويحلمون به يقظة ومناما، وحتى الأمهات يتمنين أن ينجبن مثل يوغرطة الشجاع ، والفارس الصنديد الذي لا ينهزم في الحروب والمعارك.
رئيس مجلس الشعب: نحن في حاجة ماسة إلى تعيينه في أسرع وقت ملكا ، وقائدا لمملكتنا، مادام الرومان على مشارف أبواب نوميديا، يريدون إخضاعها، والاستيلاء عليها ، وذلك بعد وفاة جدنا الأكبر ماسينيسا المغدور. هل أنتم مع مبايعة ماسينيسا ملكا علينا؟
مجلس الشعب:( بصوت واحد): نعم، نعم! بكل تأكيد ويقين.
رئيس مجلس الشعب: لنترك مقرر المجلس وأمينها يقرأ علينا صك قرار التعيين!
مقرر مجلس الشعب: انتهى مجلس الشعب الأمازيغي إلى ما يلي: نحن -مجلس الشعب، ونواب مملكة نوميديا في عاصمة سيرتا، وممثلي المدن والقرى- كلنا نبايع يوغرطة ملكا علينا، ونجعله أميرا على مملكتنا القوية، بشرط أن يدافع عن البلاد والعباد، و يواجه أعداءنا في الداخل والخارج، و يحافظ على استقلال البلاد، وسيادة الوطن، ولا يفرط في هويتنا، وكينونتنا الأمازيغية، وحريتنا الوجودية.
المشهد الثاني: يوغرطة ملكا على سيرتا
يوغرطة: أشكركم أيها المجلس الموقر على الثقة التي وضعتموها في شخصي المتواضع. ولكن قبل أن أبدأ مهمتي الجسيمة، لابد من تحقيق شرط أراه مهما؟
أفولاي: وماهو هذا الأمر المهم يا ملك يوغرطة؟
يوغرطة: إنه المصالحة الوطنية.
أفولاي: وما المقصود بها أيها الملك القائد؟
يوغرطة: علينا أن نوحد القبائل الأمازيغية لمجابهة قوة الرومان الطاغية، و نقوي اقتصادنا الصناعي والزراعي لمقاتلة الرومان الأشرار، الذين يريدون أن يجعلوا من نوميديا، و عاصمتها سيرتا، بمثابة مزرعة خصبة لأطماعهم الدنيئة.
أفولاي: وما العمل أيها القائد الهمام، والفارس الشهم! فنحن معك في كل ما تراه نافعا لمملكتنا الفتية؟
يوغرطة: سأشكل فيلقين من الجيش، ويتكون كل فيلق من عدة كتائب مجهزة بأحدث الأسلحة والعتاد، سنحصن نوميديا بقلاع وحصون متينة، سنجعل جبال الأوراس والأطلس متاريس عتيدة، نحتمي خلفها، لرصد العدو، والإيقاع به. سيتكلف باخوس بالفيلق الأول، بينما الفيلق الثاني سيتولى أمره كودا، ذلك البطل المغوار الذي أظهر كفاءة في مبارزة وحوش الصحراء الكبرى.وأما أنت يا أفولاي، فستشاركنا في تسجيل الأحداث، وتصوير بشاعة الرومان، وتذكر شباب المستقبل بأمجادنا وشرف بني أمازيغ ، واكتب ذلك في الجزء الثاني من روايتك العجائبية ” الحمار الذهبي” أو” أغيور ن وارغ”.
باخوس وكودا وأفولاي: نشكرك أيها الملك المناضل على ثقتك بنا! ونتمنى أن نكون أوفياء لإلهنا ووطننا وملكنا.
المشهد الثالث: معركة سوتول
يوغرطة: أيها الجيش الأمازيغي العتيد إننا في ساحة المعركة سوتول قرب مدينة گالمة، إننا هنا للدفاع عن حوزة أرضنا، واستقلال بلادنا، والتشبث بهويتنا الأصيلة. وهاهم الرومان ذوو القلوب السيئة قدموا إلى بلادنا، وهم يجرون الحديد، ويمتطون جيادنا للسيطرة على كنوزنا، ونهب خيراتنا. وإنني متأكد أنكم ستواجهون أعداءكم بكل بأس وشجاعة. وستكون نوميديا فخورة بكم، إذا حققتم النصر على هؤلاء المتوحشين الغزاة.
باخوس: أيها الملك القائد! إني وضعت خطة لهذه المعركة، بعد أن استفدت من توجيهاتك السديدة. سأرسل كتيبة تفقدية لتجر العدو إلى ساحة سوتول، بينما وزعت الكتائب الأخرى على الجبال المجاورة للمدينة، وستلحق بنا، ريثما تشتد المعركة.
يوغرطة: أحسنت فعلا، وأنت أيها القائد كودا! ماذا أعددت من خطط عسكرية؟
كودا: أيها الملك العظيم! إن الجيش الروماني في حاجة إلى مؤن وعتاد وطعام وشراب، بعد أن قطع مسافة كبيرة في البر والبحر، وقد طلبت بعض الكتائب برصد الأعداء عند الأنهار والوديان والحقول والمزارع، واستعمال الرماح، والأسهم الحادة، والتسلح بالسيوف والفؤوس، ناهيك عن منجنيق الدولة، إذا التجأ الرومان إلى التحصين في الأبراج والمعاقل المصفحة. كما طالبت بعض الكتائب الأخرى باللجوء إلى حرب العصابات في المسالك، والممرات، والطرق المؤدية إلى نوميديا.
يوغرطة: أشكركما يا باخوس وكودا على خططكما الحربية الرائعة! وأعدكما بمكافآت وترقيات عديدة في سلم الدولة، ومراتبها الإدارية والعسكرية. وأعد الجيش بحياة الهناء والسعادة، إذا تحقق لنا النصر والظفر.
كودا وباخوس: شكرا يا قائدنا العظيم! فهل هناك من أوامر لتنفيذها، فالعدو قريب من سوتول، وعلينا أن نكون مستعدين للمجابهة، ومقاومة أعداء الأرض؟
يوغرطة: تأهب أيها الجيش لخوض المعركة! الرومان أمامكم، والوطن ينتظركم! إن فزتم في هذه المعركة، فقد نلتم المجد والشرف، وإن انهزمتهم فيها، فقد أهلكتم تهلكة العار والخزي. لذلك، استعدوا لهؤلاء الأعداء أيما استعداد، لقطع رقابهم، ونحر أجسامهم ! أيها الجيش الأمازيغي النبيل! لننطلق إلى الهيجاء الفاصلة، إلى المعركة الحاسمة بنصر الآلهة! إلى المعركة بنصر الآلهة! باسم آلهة كنعان! باسم آلهة قرطاجنة!
( تنشب المعركة بين الفريقين، وينتصر جيش يوغرطة).
المشهد الرابع: الانتصار
الحاجب: ملكي الهمام، رئيس مجلس الشعب الأمازيغي في باب القصر، يريد أن يهنئكم على نصركم العظيم.
يوغرطة: أدخله أيها الحاجب بسرعة!
رئيس مجلس الشعب: السلام عليكم ياملك نوميديا المظفر! إن القبائل الأمازيغية جميعها تتمنى لكم السعادة، والعمر المديد، والعيش الرغيد، بعد انتصاركم العظيم في معركة سوتول المجيدة. وقد تسابق المؤرخون والشعراء في تصويرها، وتسجيل أحداثها.
يوغرطة: أشكرك يا ممثل الأمة! اخبر شعبي بأني سأبقى وفيا له، أدافع عن كل شبر يغتصب منه، ولن أستسلم أبدا مهما عظمت قوة الرومان، وسأجابههم كلما حاولوا تكرار غزوهم. واخبر شعبي الحر، والعزيز علي، بأني سأوجه جهودي كلها لنشر العلم، وخدمة تيفيناغ، وتوحيد القبائل، وتنمية الاقتصاد، والحفاظ على البيئة، والمجال الأخضر، وزرع الزيتون، وعصر زيت الأرگان، والاهتمام بالگرگاع واللوز والبرقوق، وتصدير الجلود والنسيج والنحاس والفوسفاط والأشجار إلى الدول المجاورة، وسنهتم أيضا بصنع الكسكس، وحياكة البرنوس، وحلق الرؤوس. وسأبني سدودا ضخمة قرب وديان جبال الأوراس وجيجل والأطلس، علاوة على تشييد مكتبة أمازيغية عظيمة في سيرتا، سأجمع فيها كل كتب العالم، ولاسيما كتاب ليبيكا أو رحلات يوبا الثاني، وسيحضر إلى منتداها العلمي والإبداعي فلاسفة اليونان، ومهندسو مصر، وكتاب بلاد الرافدين، و فقهاء أهل كنعان، وشعراء سومر.
رئيس المجلس: نشكرك أيها الملك العظيم على هذه المنجزات الضخمة! وسأبلغ نواب نوميديا بعظمة هذه المشاريع الجبارة التي ستجعل من مملكتنا في مصاف الدول المتقدمة في هذه الكرة الأرضية. وقبل أن أنصرف يا حضرة الملك، أحضرت معي شاعرا كبيرا ليشيد بهذا النصر المظفر، فهل ستسمح له بالدخول أيها الملك الجليل؟
يوغرطة: انصرف أنت، وأطلب من الحاجب أن يدخله علينا لنسمع قصيدته الشعرية!
( يدخل الحاجب الشاعر، ويقف أمام الملك)
يوغرطة: من أنت أيها الشاعر الفنان؟
أوبلا: أنا الشاعر أوبلا، أمذياز ن – نوميديا، قصدت قصركم لأعبر عن فرحتي بانتصاركم الخارق على جيش روما المنكسر في سوق أهراس، وعين الدفلة، وبورج بوعريريج.
يوغرطة: انشد أيها الشاعر الفاضل!
أوبلا: يافارس الأوراس[1]
أراك فوق قمم الجبال تمتطي
جوادا من نحاس
أراك فوق الأطلس الجبار
تصارع المغول والتتار
بقبضة الفولاذ والحديد
تحطم القيود
أراك في القرى وفي مدينة الأحرار
وحولك النساء والشيوخ والأيتام
وفي أياديهم أكاليل الورود
تجمعوا – يزغردون
ويهتفون
بألف موال حزين
يباركون
جيل التحدي والفداء
أراك في عيون إخوتي الصغار
وفي دم الثوار
في كل قرية وفي كل مكان
تطوف في مدينتي الصباح والمساء
أراك في غدي
وفي معارك الخلاص والفداء
تقود جيش الأنبياء
جيل التحدي والفداء
تقود جيش الأنبياء
جيل التحدي والفداء
أراك تمتطي
جوادك الصباح والمساء
بسيفك البتار
تسابق البروق والرعود والرياح،
تحطم الحصون، والقلاع، والأسوار.
وفي مدينتي لك انتصار
أراك في المساء والصباح،
خيالك الحبيب مرّ من هنا.
يوغرطة: جزاك الله خير جزاء أيها الشاعر النابغة!أيها الحاجب! أيها الحاجب!
الحاجب: نعم يا ملكي الجليل!
يوغرطة: أعطه من خزينة الفن والآداب ألفا من عملتنا الذهبية الجديدة.
أوبلا: شكرا جزيلا أيها الملك الجواد، أيها السيف البتار!
المشهد الخامس: الخطة
نيرون:( يتحدث في مجلسه مع حاشيته وقادة العسكر): تبا لكم! تبا لكم! كيف انهزمتم أيها القواد أمام حفنة من البربر، كيف استطاع يوغرطة أن يسحقكم، وينتصر عليكم بسهولة؟ كيف ترضون لأنفسكم الهروب والفرار والذل والعار؟
ريكاردو: أيها الإمبراطور العظيم، إنهم رجال أقوياء، وأبطال أشاوس شجعان، لا يخافون الموت، إنهم يسترخصون أرواحهم من أجل هويتهم وبلادهم، ويريدون أن يعيشوا أحرارا مستقلين في بلدانهم.
نيرون: اسكت أيها الجبان! إن البربر همج متوحشون كحيوانات الغاب، رعاة وبدو لا حضارة لهم. يتحصنون في الجبال، ويتيهون في الغابات والصحاري كالوعول التائهة. أريد أن أسحق ممالك البربر، وأريد كذلك ملك يوغرطة حيا أمامي لأنشب فيه مخالبي الحادة. ولكن كيف الوصول إليه؟ كيف الوصول إلى هذا اللعين؟!!!
ريكاردو: اسمح لي يا مولاي أن أسرد لك خطة سديدة للإيقاع به!
نيرون: لك ذلك!
ريكاردو: لدينا حلفاء من البربر وهما القائدان السيدان: يوبا الثاني ملك وليلي، وبوگوس ملك موريتانيا. سنحملهما على الغدر بيوغرطة، والقبض عليه، حتى نستطيع التمكن منه.
نيرون: كيف سيتحالفان معنا، وهم برابرة، فلا أظن أنهما سيخونان إخوانهم من هؤلاء الهمج؟
ريكاردو: إني أعددت الخطة بإحكام، قررت أن نزوج يوبا بماريا الحسناء، و بوگوس بكليوباترا الشقراء، لكي يكونا تحت طاعتنا، كما فكرنا أن نغدق عليهما بعض الأموال، و نسوفهما بالوعود العرقوبية، حتى نتخلص منهما؛ لأن الخائن لبلده يبقى دائما خائنا، لا ثقة فيه إطلاقا.
نيرون: أحسنت يا ريكاردو، نفذ الأمر بسرعة، وأرسل إلى يوبا وبوگوس من يتدبر أمرهما، ويقنعهما بما تم الاتفاق عليه. أريد أن أعرف الجواب في أقرب الأوقات!
المشهد السادس: الخيانة
( تبكي مملكة نوميديا أسيرها يوغرطة. سيلتقي كاندا مع بوخوس في معسكر ما، ويكون هذا الحوار بينهما)
كاندا: ( غضب ممزوج بالبكاء): فعلها الأوغاد الخونة يا صديقي بوخوس! بوگوس ويوبا باعا مملكة نوميديا لإمبراطور روما، باعاها لنيرون اللعين الذي أحرق عاصمته روما، وبقر بطن أمه ؛ لأنه أنجبته مشوها وقبيحا. يريد نيرون أن يمص دماء الأمازيغ، يريد أن يجعلنا أذلاء وعبيدا. سرقا سبارتاكوس الذي حرر قبائلنا الأمازيغية.
بوخوس: لاتبك يا أخي كاندا! كل الأمازيغيين يبكون بطلهم الشهم يوغرطة، وهاهو يوغرطة أسير لدى الروم، يجلده نيرون كل لحظة، بينما يوبا وبوگوس اللعينان يشربان نخب الخيانة، ويتذللان عند عشيقتيهما ماريا وكليوباترا.
كاندا: سمعت يا أخي بوخوس من مصدر موثوق به في روما أن يوغرطة مات في سجنه من شدة الأسر، وكيد الخديعة.
بوخوس: وأخبرني كذلك أبوليوس( صديقنا أفولاي) أن القائد ريكاردو سيتولى الانتقام من الخائنين، و ينتظر الفرصة السانحة للقضاء عليهما، كما فعل قيصر بيزنطة مع الشاعر العربي ذي القروح: امرئ القيس.
اللوحة الثالثة: تاكفاريناس
المشهد 1: )في المعبد ، حيث القديس أوغسطين، يقيم صلواته المسيحية. يدخل القائد والفارس الأمازيغي هامبسال، ليخبره بنتائج ثورة تاكفاريناس، ليدونها في كتابه: (مدينة الإله)(.
هامبسال: ( يطرق الباب بشدة ): طق…طق….طق….افتح الباب بسرعة أيها القديس! افتح بسرعة!
أوغسطين:( يفتح له الباب، ويطلب منه الدخول إلى الدير): أهلا ياهمبسال! أيها البطل الشجاع والفارس المساعد لتاكفاريناس!
هامبسال: أهلا بك يا أبي القديس أوغسطين!وأستسمحك أنني أتيتك في وقت غير مناسب. يبدو أنك تقيم صلواتك الإنجيلية، أو ربما تكتب شيئا؟
أغسطين: نعم، كنت أكتب اعترافاتي، وأدون تاريخ الأمازيغيين، وأنقح كتاب : (مدينة الإله). أي: نوميديا الحرة. وكنت كذلك أدعو لملكنا القائد البطل تاكفاريناس بالنصر والتوفيق، وأطلب المسيح أن يسانده في معاركه ضد الظلم والجور، وكنت أطلب له السلام والأمان الدنيوي والأخروي.
هامبسال: سيدي القديس! سأخبرك بخبر حزين جدا! ثقيل عليك، وعلى نفوسنا أيضا.
أوغسطين: ماهو هذا الخبر المفجع يا هامبسال، أيها القائد الفاضل؟
هامبسال: قتل أعداؤنا الرومان تاكفاريناس في ساحة المعركة قرب جبال الأوراس، وأظن أنه قتل غدرا وخيانة.
أوغسطين: ياله من حدث سيء! ويالها من فاجعة مأساوية تنزل على أهالي نوميديا المسالمين، والمحبين للحرية، ولبطلهم المغوار تاكفاريناس!
همبسال: لقد كان موت تاكفاريناس شرفا عظيما يا أغسطين للممالك البربرية! لقد بقي سبع سنوات، وهو يقاتل الرومان الأشرار في كل بقاع إفريقيا الشمالية. نعم الجندي المقاتل تاكفاريناس!نعم الجندي المناضل تاكفاريناس!إنه يستحق أن تكتب حوله صفحات وصفحات في اعترافاتك، وذلك في مدينة الإله.
أوغسطين: فعلا يا صديقي القائد! كان تاكفاريناس في البداية جنديا في الجيش الروماني؛ لكن هويته الأمازيغية دفعته ليوحد القبائل البربرية المتناحرة، وبدأ ينصب الشراك للعدو، ويهاجمهم على الرغم من خط الليمس الذي وضعوه جدارا عرقيا عازلا، ليرصدوا به الأمازيغيين.
هامبسال: قاتلت معه الرومان في كل منطقة، وكنا أسودا ذات أنياب دامية، نترك الموت بين صفوف فيالق الجيش الروماني، وكنا ننتقل بين الصحراء الكبرى وجبال الهگار والأوراس والأطلس، ونشكل عصابات في ليبيا، ونوميديا، وموريتانيا، وجبال الأطلس الشامخ.
أوغسطين: كان تاكفاريناس شابا مؤمنا يرفض الرومنة، لا يريد أن يتطبع بالهوية الرومانية، كما فعل الروائي أبوليوس، والمسرحي ترنتيوس، أو ما يسمى عندنا بآفير أو الإفريقي. لقد صارا عبدين لأسيادهم الرومان، وهاجرا نوميديا نحو عاصمة اللاتين: إلى روما الجميلة، حيث السلطة، والجاه ، والنساء الشقراوات.
هامبسال: سيبقى تكفاريناس قائدا مغوارا في تاريخ بني أمازيغ الأحرار، نحن لسنا بربرا ولا همجا، بل نحن أمازيغيون أحرار، نحب الشمس ، والطبيعة، ونور الحرية، ونكره السواد، والاستعباد، وقسوة القلوب، والنفوس الدنيئة، مثل: الرومان القساة.
هامبسال: سيكتب التاريخ يوما صفحات مجيدة وبيضاء عن شموخ تاكفاريناس، وعن شجاعته الخارقة، حتى مقتله مغدورا على قمة جبل الهگار. سبع سنوات! سبع سنوات! سبع سنوات! وهو يجابه الروم في السهول والوديان والجبال والأنفاق، يصيد من الأعداء ما يصيد. لكن إخوانه غدروا به وشاية وخيانة، وباعوه للرومان القتلة الذين لا رحمة لهم ولا شفقة.
أوغسطين: لا تحزن ياهمبسال! فهناك كثير من الثوار مستعدون لمحاربة الروم العتاة، ألم تسمع بالبطل الأمازيغي في منطقة الريف إيديمون الذي انطلق بثورته من الريف نحو جبال الأطلس، ليهدد وليلي، ويزعزع عرش الإمبراطور الطاغية كاليگولا الذي أرسل حصانه سفيرا إلى الدول المجاورة، وقتل ملكنا الأمازيغي بطليموس. لقد لقن إيديمون هذا المريض نفسانيا درسا في المقاومة الشرسة مدة أربع سنوات.إنهم أمازيغيون أحرار ! لا يرضون بالذل والمهانة، ويصبرون على الجوع والعطش والحر والبرد، وذلك من أجل هويتهم واستقلالهم.
هامبسال: وسمعت عن ثائر آخر يا أغسطين! إنه مثلك رجل أمازيغي ديني مخلص، وهو القس دوناتوس الذي يرفض تعاليم الكنيسة المسيحية الرومانية، التي تريد أن تجعل من نوميديا بقرة حلوبا، ومقاطعة للإمبراطور تيودوز. وتشبه هذه الثورة الدينية التي قادها دوناتوس بثورة مارتن لوثر التي وقفت في وجه الظلم، والاستغلال، والنهب، والسيطرة، والأطماع الطبقية في أوربا نفسها، وفي روما عينها.
أوغسطين: لا تيأس يا أخي هامبسال !أقول بكل صدق: سينتصر الأمازيغيون بلا شك، مهما استبد الطغاة، وتفرعن الجبارون، وتكبر قادة الظلم، ماداموا يتنفسون بأشعة الشمس، ويستظلون بجبال الأوراس والهگار والأطلس، ويحبون بعضهم البعض، ويمجدون إلها واحدا، ويدافعون عن هويتهم ووطنهم وملكهم وحضارتهم وكينونتهم.وقد صدق الشاعر الإنجليزي شكسبير حينما قال: ” كن أو لا تكن: ذلك هو السؤال!”.
الفصل الثاني: الأبناء
اللوحة الأولى: كسيلا
المشهد الأول: كسيلا وعقبة بن نافع:
(يلتقي عقبة بن نافع مع الملك الأمازيغي كسيلا عند سهل تهودا قرب بسكرة بنوميديا ( الجزائر اليوم )، وذلك استعدادا للمعركة الحاسمة):
عقبة بن نافع: أرجوك يا كسيلا أن تضع السلاح، وتأمر جندك بالرجوع إلى منازلهم؛ لأنني ما أتيت غازيا، بل هاديا، وناشرا لرسالة الإسلام التي كلفنا بها نبينا ورسولنا العربي محمد (ص) بتبليغها إلى كافة الناس بشيرا ونذيرا.
كسيلا: نحن لا نثق فيكم، بل نراكم غزاة قساة على غرار الرومان، والوندال، والقرطاجنيين، والإغريق، تريدون كنوزنا وخيراتنا، أتيتم من الصحراء القاحلة لتبحثوا عندنا على الخضرة، وصفاء المياه، ورغد العيش.
عقبة بن نافع:أنت واهم يا كسيلا! إننا نجاهد في سبيل الله من لا يريد الدخول في الإسلام، و يمعن في الإشراك بالله الذي خلق هذا الكون، واستخلف فيه الإنسان لكي لا يفسد فيه.
كسيلا: نحن نراكم مثل الرومان: تظهرون النوايا الحسنة، ولكنكم تبطنون أطماعكم. فعندما تسيطرون على ممالكنا، وتدخلون قرانا، تجعلون أهلنا أذلة، وتستعبدوننا مثل العبيد والخدم، وتصبح نساؤنا عندكم مثل الإماء والجواري، كما فعل بنا الرومان.ولكننا لم نستسلم لهؤلاء الأوغاد، فقد أذاقهم جدنا ماسينيسا الأكبر، وأحفاده البررة الأبطال، كيوغرطة، وتكفاريناس، وإيديمون، كؤوس الموت و العذاب والانتحار. وسنفعل بكم، كما فعلوا بهم.
عقبة بن نافع: قلت لك يا كسيلا ما أتيت غازيا، بل هاديا وناصحا، وقد أحضرت معي ألف فقيه ليعلم الأمازيغيين الأحرار اللغة العربية وعلوم الدين. رسالتنا دينية وأخلاقية هادفة.حملت معي القرآن الكريم لأخرجكم من الظلمات إلى النور. فلا تدفعنا يا كسيلا إلى لغة الحرب والجهاد؛ لأن الإسلام دين الرحمة والموعظة الحسنة، ودين اليسر والفلاح والسلام. وقد قال مولانا جل شأنه:” وجادلهم بالتي هي أحسن”. وقال أيضا” وإن جنحوا للسلم فاجنح لها وتوكل على الله”. فماذا ترى ياكسيلا؟
كسيلا: لقد قررت إحراق كل غابات نوميديا والأطلس، وإبادة حيواناتها ومواشيها، والقضاء على كل أخضر ويابس، لكي لا أترك لكم ما تطمعون فيه أيها الغزاة الطامعون! ويا أيها الأعراب الجفاة !ويا أيها القواد الحفاة! ولا أريد إسلامكم الذي تنشرونه بالسيف، والسبي، والبحث عن الأنفال والغنائم والأطماع.
عقبة بن نافع: تعقل ياكسيلا !إنك تهيننا، وتسب ديننا! فقد قلت لك ألف مرة بأننا لسنا بطامعين، ولا بمرتزقة، ولا بقساة. إنني وجندي هنا في أفريقيا لنشر الإسلام من الشرق إلى الغرب، حتى أصل إلى بحر الظلمات، فإن كانت هناك أصقاع وبقاع أخرى في الدنيا، عبرت البحر إليها بفرسي هذا.
كسيلا: استعد للحرب- يا عقبة! يا ناصر الإسلام !-لأرديك طريحا في هذه المعركة، يبدو لي أنك جبان مثل الفأر الذي يخاف من مخالب القط. هيا أيها الخطيب المفوه العاجز عن الانتصار. استعد للمعركة الفاصلة!
عقبة بن نافع: إنني لا أريد محاربتك ومقاتلتك. وبما أنك قد بدأت الحرب، وعزمت، وصممت، وألححت عليها، وأنا مجبر عليها، فليس لي من كلام سوى أن أقول لجنودي: علينا أن نقاتل في سبيل الله.
كسيلا: أيها الجنود الأمازيغيون الشجعان! باسم آلهة كنعان، وآلهة قرطاجنة، سنقاتل هؤلاء الأعراب. أعدوا سيوفكم ورماحكم، لسفك دمائهم، ونحر أعناقهم!
عقبة بن نافع: أيها الجيش العربي المسلم !إننا نجاهد هؤلاء المشركين المعاندين في سبيل الله. استعدوا لملاقاتهم، وأحسنوا القتل! هلموا بنا جميعا صفا واحدا! لمبارزة هؤلاء المتجبرين في الأرض! الله أكبر! الله أكبر!الله أكبر!
( تدور المعركة بين الجيشين، حيث ينتصر كسيلا وجيشه بأعجوبة)
كسيلا: لقد انتصرنا عليكم، أيها القائد العربي! وانهزمتم هزيمة نكراء في معركة تهودا التي ستبقى شاهدة عليكم، وعلى أطماعكم.وسيرتد كل بربري عن إسلامكم، ومن رفض ذلك، سأقتله شر قتلة، وسأعاقبه عقابا شديدا، أو لأعدمنه في ساحات الموت والهلاك الأبدي.
المشهد الثاني: معركة ممش
( يلتقي جيش كسيلا مرة أخرى مع جيش زهير بن قيس البلوي)
زهير بن قيس: اسمع يا كسيلا أنا زهير بن قيس البلوي، أرسلني أمير المؤمنين عبد الملك بن مروان – نصره الله- إلى إفريقيا بجيش جرار، يتكون من أربعة آلاف جندي عربي، وألفين من البربر المسلمين، لأحارب المرتدين عن الإسلام، والمشركين من البربر المعاندين، مثلك يا كسيلا.
كسيلا: ماذا تظن أنك ستفعل بي؟ سأحاربك إلى آخر قطرة من دمي، دفاعا عن هويتي، وكينونتي، وبلادي. ولن أعتنق إسلامكم أبدا، ولو فرض علي بالسيف.
زهير بن قيس: لم نأت إليك من أجل الانتقام، ولا لسفك الدماء، وإنما نطلب منك أن تترك الأمازيغيين، يعتنقون ما يشاؤون من ديانات وملل ونحل، ولا تفرض عليهم جبروتك، وطغيانك، وتهديداتك المستمرة، حتى أصبحت مع جندك محاربا، وقاطع طريق، مع عصابتك الأوغاد.
كسيلا: سأحاربك كما حاربت عقبة، وسأنتصر عليك بحق الآلهة، وسأمزق لحم جندك إربا إربا ، سأرمي الأشلاء لصقور جبال الأوراس، ونسور الأطلس الأشم.
زهير بن قيس: أيها الجيش العتيد – باسم الله- سنحارب هؤلاء المشركين المعاندين، الذين يسفكون الدماء زورا وبطلانا. وسنهب جميعا بسيوفنا إلى ساحة ممش، وهي ساحة المعركة التي حمي وطيسها برؤوس هؤلاء البرابرة المتمردين. فهللوا وكبروا!فالنصر آت، إن شاء الله تعالى!
كسيلا: تعالوا أيها الأعراب الغزاة لنلقنكم دروسا في التحدي والنضال والاستماتة.( تبدأ المعركة الفاصلة بين الجيشين). ماهذا! ما هذا! زهير بن قيس يريد مبارزتي؟ ياله من قائد ضعيف! خذ هذه الضربة يا زهير! لقد أخطأته. آه ! آه! آه! يا عنقي!أصابتني ضربتك يا زهير، وأرديتني طريحا على فرسي، وانتصرت علي أيها اللعين العربي.
اللوحة الثانية: ديهيا وحسان بن نعمان
(يقبض جند حسان بن النعمان على الثائرة ديهيا، ويأتون بها أسيرة ذليلة، ليحاكمها القائد العربي الذي أرسل من عاصمة دمشق لفتح المغرب العربي، ونشر الإسلام بين البرابرة.)
حسان بن النعمان: السلام عليكم يا ديهيا! لقد حاربت جيشي في جبال الأوراس، وقتلت منه الكثير، وفعلا كنت داهية وكاهنة نوميديا العظيمة. لك جاذبية خاصة متميزة ، كنت سريعة التأثير على سكان البربر.
ديهيا: إنني أدافع عن بلادي وهويتي مثل أخي الملك كسيلا. أنتم أتيتم بجيوشكم لنهب ثرواتنا، واستغلال ممتلكاتنا على غرار الروم. تبحثون عن العيش الرغيد، والماء النمير، والفيء الوفير. كنتم رعاة وبدوا في جزيرتكم القاحلة، فقصدتم ممالكنا، لتنعموا بالفردوس الأخضر الأمازيغي. ولكنكم لا تعرفوننا بأننا أحرار وأسياد، لا نقبل الضيم والظلم والذل إطلاقا.
حسان بن النعمان: لقد عفونا عنك باسم الإسلام؛ لأن العفو والصفح عند المقدرة، ومن الآن فصاعدا، فأنت لست أسيرة لدينا، ولكن بشرط واحد، ألا تعودي إلى حرب العصابات، وأرجوك أن تتعلمي مبادئ الإسلام، قبل أن تحكمي عليه. وها هو العالم ابن مسعود سيفقهك في تعاليم الإسلام، وسيقرئك القرآن، ويفسر لك مناسك السنة؛ لأننا أتينا هداة، ولم نأت طغاة جباة، ولا غزاة طامعين.
ديهيا: شكرا يا حسان بن النعمان! لم أكن أتصورك بهذه الأخلاق الدمثة، والفضائل الحسنة. نعم القائد العربي أنت! ونعم الدين الإسلام! وإن شاء الله سأكون عند حسن ظنكم مسلمة مؤمنة.
الفصل الثالث: الأحفاد
اللوحة الأولى: محمد الشريف أمزيان
المشهد الأول: بوحمارة وإسبانيا
( يتفاوض الإسبان في مليلية مع بوحمارة على مناجم وكسان وأفرا.إذ يستدعي الجنرال مارينا القائد المغربي الفتان بوحمارة أو الجيلالي الزرهوني.)
الجنرال مارينا: Bienvenido señor Bohmara في مدينة مليلية!نريد أن تتفاوض معكم حول مناجم الحديد ببني بويفرور. نرغب في شراء كل المعادن التي تتوفر عليها المنطقة. ماذا تقول أيها الأمير المحترم؟
بوحمارة: أنا موافق على ذلك. فماهو المقابل؟
الجنرال مارينا: أعطيكم mucho dineros y armas من أجل أن تواجه سلطان فاس، وتمول جيوشك التي في حاجة إلى مؤن وعتاد وأموال.
بوحمارة: إذا، هيا نوقع الاتفاقية بسرعة، ونشرب نخب التعاقد والشراكة بين الحليفين ضد كل أعدائنا.
الجنرال مارينا: إن إسبانيا فخورة بكم وبصنيعكم! ولن تنسى هذا اليوم الذي حققنا فيه هذه الشراكة الرائعة. سنستغل مناجم وكسان وأفرا مدة قرن من الزمن ، وذلك لصالح البلدين: المغرب وجارته إسبانيا التي أتت إلى الريف لنشر la civilización, cultura y cristianismo.
بوحمارة: وأنا سعيد جدا بمحالفتكم ومناصرتكم لي. وأتمنى أن أكون عند حسن ظنكم. وسأبقى عميلا وفيا لإسبانيا و لفرنسا كذلك. سأقدم لكم كل المعلومات التي تريدونها مني، بشرط أن أقبض عليها عمولة أو مكافآت بالبسيطة أو الفرنك.
الجنرال مارينا: Gracias Bohmara. أنا متأكد بأنك رجل وفي ومخلص لحكومتنا الإسبانية. سأتركك الآن، فلدي اجتماع عسكري هام، وسآمر القائد Pinto لكي يوصلك بسيارة جيب إلى عاصمتك سلوان.
بوحمارة: Adiós general Marina ! Hasta Luego !
الجنرال مارينا: أوه!إنك تتقن الإسبانية بكل طلاقة أيها الداهية الماكر.
بوحمارة: Un poco general.
المشهد الثاني: الشريف أمزيان والإسبان
(يحمل المقاومون على أكتافهم نعش المجاهد الشريف أمزيان، بعد استشهاده في المعركة. وكل أهالي قلعية يبكونه مدحا وشعرا.)
الحاج حدو: أيها الأمازيغيون! يا أحفاد ماسينيسا! لقد استشهد محمد الشريف أمزيان من أجل الحفاظ على بلادنا وكينونتنا وكنوزنا. وإذا كان بوحمارة اللعين قد باع للعدو مناجم وكسان و جبل إحارشاون، فإن الشريف أمزيان لم يرض بهذه المقايضة الدنيئة، وقرر أن يحطم كل السكك الحديدية التي وضعتها شركات إسبانيا، بعد أن يقضي على شوكة بوحمارة الخائن.
حلومة: أين أبي سي الشريف؟ أين أبي المجاهد؟ أين أبي، أريد أبي أيها الناس؟ من غدر به أيها الخائنون؟ لقد استرخص روحه فداء لكم، من أجل أن تعيشوا أحرارا، بدون ذل ولا عار. حارب الإسبان بسلاحه المتواضع، ووحد القبائل، ورفع قبيلة قلعية إلى سماء المجد والرفعة والسمو. أحضروا لي أبي أيها الناس! أحضروا لي البطل المغوار يا بني بويفرور!
حازنانت ءاثيعالاثين
وارتقنانت ثازوغي
وارتياظانت ثازدي
الحاج حدو:
ءاذران ن- وكسان يازانزيث محمد
يابناذايس ءورومي
ءيصوظاد ءوصاميظ ذي ثغالاشت ءورومي
ءيناداد خاس ءارابي ءاقارعي ياوادي
نتا سيذي موحاند ءيذ جاهذان ءارومي
سيذي محمد ءامزيان ءايا مجاهد ءاحوري
ياشاثان سوزارماظ، ءيتعاوذاس س- ءوفوسي
ياجا ماوسا ن- حذيذ ثاسراقا ثي ماسّي
حلومة:
ءيغاب ءويور، غابان ءيثران ءاوارناسّ
ءيغاب سيذي محمذ يظهار ءوييس ناسّ
سيذي محمذ ءامزيان ،ءايا مجاهاذ ءاحورّي
خاك ءي گاحزان ءونزار عاماين واياوثي
خاك ءي گاحزان ءويور واياسشين ثازري
الشاعر:
سيذي محمد ءيموث غاروعشي
ءيكسيثيذ ءورومي ياكسيث ذي كاروسا
ءيواظ غا ءوزروهمار، يوثا ذي كانيطا
ءومي دغايا وكحان ءاكوحاند ذي خامسا
ثرقاثاند حبيبا ثناسان ماني ءيجا بابا
ناناس بابام قاياموث، ثانغيث حاراقا
ءومي ذا ستغاينين ثاسغوي ءوشاثوظا
ءيقيم ءوور ذابارشان ءيخبشيث ءومطاو.
اللوحة الثالثة: محمد عبد الكريم الخطابي
المشهد الأول: تفاوض
( محمد عبد الكريم والكولونيل موراليس أثناء لقاء تفاوض في خيمة عبد الكريم بأجدير).
الكولونيل موراليس: أهلا صديقي عبد الكريم! أرسلتني الحكومة الإسبانية لأتفاوض معك حول منطقة الريف. فماذا تريد أيها الأمير؟
عبد الكريم: صديقي الكولونيل موراليس! أنا لا أريد أي شيء سوى أن ترحلوا من منطقة الريف، و تتركونا في حال سبيلنا وإلا……
الكولونيل موراليس: وإلا ماذا……
عبد الكريم : نحن أحفاد ماسينيسا الأكبر، سنبقى أحفاده ، مادمت تجري في عروقنا دماء أمازيغية. نحن نكمل مسيرة يوغرطة، وتاكفاريناس، وطارق بن زياد، والشريف أمزيان… هذا ريفنا وبلدنا، علينا أن ندافع عنه، و نحافظ على أعرافه وعاداته وتقاليده، و نتشبث بالإسلام: قرآنا وسنة.
الكولونيل موراليس: سنعطيك كل ما تريده من نقود وهبات وأعطيات، شريطة أن تتنازل عن خليج الحسيمة ومنطقة بني ورياغل، وإذا رفضت العرض، فسنعلن عليك حربا ضروسا لا قبل لك بها، وسنستعمل – إذا اقتضى الحال- الغازات السامة والأسلحة النووية التي استوردناها من ألمانيا. وستكون أنت المسؤول والخاسر فعلا يا أمير الريف، وأسدها المغوار.
عبد الكريم: نحن- الريفيين- لا نهدد بقوتكم، ولا نبيع أرضنا، ولو أعطتنا الحكومة الإسبانية أملاك الدنيا وكنوز الأرض. إننا والله لا نفرط ولوفي شبر واحد من وطننا من الشمال إلى الجنوب، من طنجة إلى الگويرة، سنحاربكم حتى آخر نفس من أنفاسنا، ولن نستسلم لكم، ولو أفرغتم علينا كل قنابل أمريكا وروسيا وألمانيا.
الكولونيل موراليبس: تعقل يا عبد الكريم! إننا سنهزمك شر هزيمة، وستخسر المعركة في بداية شوطها الأول، وستندم كثيرا على قراراتك العمياء؛ لأننا أكثر منكم قوة وجيشا وتنظيما وعدة.
عبد الكريم: علينا أن ننهي هذا النقاش الذي لا فائدة منه. واخبر ياموراليس جنرالات مدريد بأننا نتوكل على الله. وبإذنه ومشيئته سننتصر عليكم، وسنسحقكم وسنترككم عظاما نخرة للغربان والصقور فوق قمم جبال بني ورياغل وتمسمان. وصدق ما أقوله لك يا صديقي موراليس!
موراليس: هذا آخر ما لديك أيها الأمير؟
عبد الكريم: مع السلامة ياموراليس! سنلتقي في جبهة القتال، ونترك للمعركة القول الفصل. فاترك الأمور يدبرها خالقها!
موراليس: وليكن ذلك أيها الريفي العنيد!
المشهد الثاني: فرحة الفوز
اجتمع الناس من أهل الريف للاحتفال بالفرحة الكبرى، وذلك بعد انتصارهم في عدة معارك ضارية، مثل: دهار ءوبران، وجبل عروي، وأنوال.
محمد والقاضي: أيها الناس! سنحتفل اليوم بانتصارنا على الأعداء في معركة دهار أبران، ومعركة أنوال، ومعارك أخرى فوق قمم جبال تمسمان وبني ورياغل. وها هي مدريد، وباريس، وكل عواصم الغرب تندب وتبكي على موتاها التي صارت جثثا نتئة، تترك رائحة كريهة عفنة، تهرب منها الحيوانات.
عمر أفقير: نعم سي محمد والقاضي! لقد أبلى أميرنا المجاهد بلاء حسنا. وكان نعم القائد والبطل المسلم. وكان أمازيغيا نقيا، يحب الإسلام والشريعة الإسلامية الربانية. وبذلك، يستحق كل ثناء وتمجيد وتعظيم.
محمد والقاضي: سنخصص هذا اليوم لمدح الأمير، وتهنئته بهذا الفوز المظفر، والانتصار العظيم، ونطلب من الشعراء والمنشدين والمغنين أن يتحفوننا بأشعارهم وقصائدهم وأمداحهم لنشيد بهذا البطل الهمام.
عمر أفقير: هاهو شاعر أمازيغي قد نظم في البطل المجاهد قصيدة رائعة بعنوان: يا عبد الكريم! سأترككم لتسمعوها يا أهل الجهاد والمغنى والشعر:
سلام عليك أمير الجبال
سلام عليك أمير التلال
هنيئا بمجد و عز الهمام
ترفل ذكرا و صيت الخيال
لقد أشرقت شمس ريفك نورا
وبان البهاء بحسن الجمال
أشيدوا بمرء تنور علما
أشيدوا كثيرا بفذ الشمال
لقد فاح عطرا وصار شهابا
ينير الدياجي بخد الهلا ل
وكان أمير الحسام جهادا
يخوض ببأس غمار النضال
وكنت صلاحا تداعب ريفا
وتحضن شمسا و بدر الدلا ل
وكنت إماما كثير الخشوع
وكنت عليا عظيم الخصال
شعارك وحي ونهج السلام
خطابك حق وصدق المقال
فما كنت إلا سهام الممات
تبارز أسدا بحد النبال
ألست سليل الكرام عطاء
ألست إماما بشهد الخلا ل؟
نزلت القلوب صفاء وحبا
وصرت مثالا لكل الرجال
أهيبوا بليث السباع أهيبوا
يهز الرؤوس بسيف النصال
أهيبوا بعبد الكريم سراجا
وحيوا شجاع الجبال الطوال
أضيئوا البلاد بعبد الكريم
فقد صار شمسا وخير مثال
و حيوا الأمير تحية نبل
قفوا للعظيم وأحصوا المعالي
قفوا للكريم وحيوا الهمام
إذا هب بالنفس نحو القتال
متى سار نحو العدو عراكا
أتاه الصحاب برمح النزال
تراه يسابق خيلا أغر
يحث الجياد حيال النكال
يهز النفوس بيانا و علما
يثير القلوب بحسن المقال
فأعظم بعبد الكريم نضالا
فأعظم بسيف وليث الجبال
تذكر معارك” أنوال” حربا
فأنوال رمز وأس الكمال
فجاء العداة بكل الشرور
يريدون سهلا و أرض الحلال
و عبد الكريم بأنوال يلقي
خطاب الجهاد و درس النضال
يحث الصحاب، يهز القلوب
لتنشد أنوال شعر الخيال
لتسمو الجبال و تنمو البطاح
وتزهو الشموس بثغر الجمال
أتته “إبريا”تنازل خصما
تريد جنانا وأرض الهلا ل
فجاء الصليب يجر دمارا
و يلقي الدماء بعنف الخبال
وجاء السواد يهد البياض
وهب الهلال كبرق النصال
أتته الشرور بحقد المنايا
تريد لأرضي هلا ك الزوال
أتوه يجرون فخرا حديدا
يريدون ريفا و كنز المنال
أتوه بجمع الحشود جيوشا
و هاج الغبار و صلد الجبال
وثارت عليهم نسور الجبال
و كبت عليهم رياح الشمال
فدوت رعود السماء بروقا
فهدت بعنف صليب الضلا ل
وهاجت صقورالأشم جياعا
تعض العداة بظفر النبال
ففر الصليب يجر هوانا
يريد النجاة و ركب الرحال
ومدريد تبكي وترثي الضحايا
و تصرخ ذلا جنود الخبال
و عبد الكريم يصول حصادا
و يشدو بزهو نشيد النضال
وأنوال تخضر حمرا دماء
فكانت شرابا لكل النهال
فسالت تخضب أرض الأسود
وترسم شمسا بضوء الآلي
رأيت رؤوس العداة تفوح
عفونا و عارا وذل الزوال
ومدريد تندب شؤم المصير
وتبكي سوادا بقايا الجفال
وتبكي فرنسا ضحايا الهوان
وتنعي بحزن مصير المآل
فلا تنس أنوال نصرا وعزا
إذا جئت ريفا وأسد الجبال
فلا تنس شهم الصقور نزالا
إذا زرت “نكور”وادي الظلال
وما “تمسمان”بأنوال إلا
ذكاء تنير سراة الشمال
وتهدي البلاد وتشفي الفؤاد
وتحيي الزمان بشمس المعالي
ألست بحطين نصرا ومجدا
ألست بيرموك أرض السجال؟
أليس أمير النسور عليا
يمزق نصلا نفوس الرعال
هنيئا لعبد الكريم هنيئا
فأنت الفلاح ورمز الكمال
هنيئا لأمير الجهاد سموا
ومجدا وفخرا لسيف النصال
فصبرا فؤادي لفقد الأمير
فصبرا قريضي لفقد الوصال
فنم يا أميري قرير العيون
سعيدا بكل جنان الخيال
وداعا وداعا شهيد السلام
فذكراك فخر و عز الجلا ل
محمد والقاضي: والآن، سنترك الفرصة لشاعر أمازيغي ليشدو ملحمته الشعرية ” دهار أبران”:
أيا دهار أبارن أيا سوس أيا خسان
ويزاياك ءيغاران ءيغار زايس زمان
ماني يادوقاز رباروذ ماني سغويان يايسان
ماني يقيم رعاسكا ءيساذ أميسارمان
أثيشوشاي ناس أمارفارفار ياوان
أرقبطان” ويلبا” ثاضيشاگد ءيحالقا
ماياكارعاسكاناش راذيج مايادّا
” أعوما أوافقي” خ – سراك ءيگوضا
……………………….
شاك أرامقادام ذا باراح ماروخا
كانيوأيت تمسمان ذيمجاهدان زيربدا
تجاهذام سوفوس نوام جاهذانت راتينيبا
سيقا ذواح ن- وامان تاريانت أكيسورا
أثاقبيتش نتمسمان گاخ أبريذ أناعذا
………………………………
أناح غاومازاورو أيادشا ناجناذا
ثوريد طايارا أذ سيذي براهيم ءيثاوثا
ثاوثيث ساربومبا ثاند ريطند زاوجنا
ثاوثا المجاهدين ثاوثا صوحوبا
أثافبيتش نتمسمان گاخ أبريذ أنا عدا
أناري غا أيث عازا ثاموث ناجنادا
أيارحاكم أما قران يطزامان باطاطا
أرعاسكا ناش لآ واحد ما يبقا
أمازيان أما قران كورشي ءيوادا
أما كارونسان ذي رحمام ءيگاوضا
ثاعاساست أبويمجان ثاكاذايس شاريرا
…………………………….
كانينت أسويث وانوار ذاجوارو ماروخا
هاييه أموراي موحاند
أربي ذاناخ ثغايجان أذيادا
حوما واديتيذاف أرومي أخاناخ إيعادا.
عمر أفقير: والآن، نسمع بعض الأغاني الأمازيغية التي تشيد بعبد الكريم الخطابي.( تختار بعض الأشرطة الريفية التي تشيد بعبد الكريم مثل أغاني أياوان وآخرين….. ويمكن الاستعانة بأغاني إيدير الجزائري لتضمينها سينوغرافيا داخل المسرحية، ولاسيما في الفصل الأول).
(انتهت المسرحية بحول الله وقوته ومشيئته)
1
[1] – إدريس الملياني: تانيرت، المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، الطبعة الأولى سنة2005م، ص:30.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.