هذا يوم جميل ويصلح للرقص. رئيس الحكومة يرقص مع حفيده في فيديو على إيقاع الدبكة، وحكيمة ونور في نقاش عميق حول الرقص الخليع والرقص المحترم، نقاش عرف بعض التشنج بين الفنانتين، وهي مسألة صحية في موضوع حساس كهذا، فالاختلاف رحمة، ومدارس الرقص متعددة، والإيجابي أننا في يوم واحد، تعرفنا على بنكيران وهو يرقص، كما أخذني الفضول، أنا شخصيا، إلى صفحة حكيمة في الفيسبوك، وشاهدتها وهي تقضم تفاحة حمراء، فسال لعابي، ورأيتها في صورة أخرى تركب تمساحا، مع ما تحمله رمزية التمساح، لدى رئيس الحكومة، وما تحمله من إيحاءات أخرى، فنية، بالنسبة إلى الأشخاص العاديين أو المهتمين بالرموز.وللأمانة، فأنا لم أخرج بعد من صفحة الفنانة حكيمة، ولن أخرج، إلا بتدخل أجنبي أو اعتداء من طرف قوة غاشمة. أهم ما في هذا اليوم، أننا اكتشفنا أننا كلنا نحب الرقص، وأنه ممتع وإنساني وطبيعي. الإسلاميون والعلمانيون واليمين واليسار، الكل يحب الرقص، رغم أن البعض يحرمه ويدعي أنه فعل من أفعال الشيطان. هناك منا من يرى رقصة بنكيران جميلة، ويشجعه عليها ويصفق، ويقول إنه الأروع. وهناك من عبر أنه في صف نور. وهناك من قال إنه مع حكيمة. المسألة في نهاية الأمر تتعلق بالأذواق، ولكل منا رقصته المفضلة. بعضنا يحب التانغو، والبعض يحب السالسا، والبعض الآخر تفقده رقصة البطن صوابه، والبعض يهيج مع رقصة القعدة، والبعض يحب الزومبا، والبعض يحب أن يطير ويدوخ مع الدراويش في رقصتهم الشهيرة. ومهما منعنا الرقص، فهو كامن فينا، وقد شاهدت أكثر من مرة إخوان العدالة والتنمية يرقصون على الميجانا والدبكة، رغما عنهم يرقصون، يقولون الرقص حرام ويرقصون، لأن الرقص يشفي، وهو علاج نفسي، ويبعث على الراحة، ومن المفيد لنا جميعا أن نرقص، لأنه جيد وصحي ويحارب الاحتقان وضد البغض والتشدد والقرف، فالراقص محب وغير أناني، ويمنح نفسه وحضنه وخصره وكفه للطرف الآخر، وحين يرقص الواحد منا، فإنه يضع الصغينة والأحقاد جانبا، ويستسلم للمتعة التي منحها لنا الله. ولتسمح لي حكيمة ونور أن أتدخل بخيط أبيض، أنا أحبكما معا، ولست مع أي طرف، وأنصحكما بمواجهة في التلفزيون، أينك يا جامع كلحسن، لترقصا أمام المغاربة، لنعرف الحقيقة من مصادرها الحقيقية، فنتفرج وتنمتع ونستفيد، ونبحث في نفس الوقت عن حل للمشكل، لتتضح الرؤية، ويزول اللبس والغموض وسوء الفهم. الرقص المغربي يحتاج إلى وحدة صف، وليس إلى مزيد من الخلافات، فكم لنا من حكيمة وكم لنا من نور، نحن نريدكما معا، وليس من حقكما أن تتشاجرا أمام الملأ. للمصريين عبارة حكيمة، يدبرون بها مثل هذه الخلافات حول الرقص الشرقي، ويقولون دائما على وحدة ونص، أي أنهم مع وحدة الصف، ولكل راقصة جمهورها وعشاقها، والذي يحب بنكيران وهو يرقص، ليس هو الذي يحب نور أو حكيمة، فالناس مذاهب، وليس مفروضا أن نحب جميعا نفس الرقصة. في نظري المتواضع وغير المختص، فإنه لا يوجد رقص خليع ورقص غير خليع، وأرى أن الرقص تحرير للجسد، وهو حالة، والجسد يتصرف من تلقاء نفسه، حسب حاجته ورغابته وشوقه إلى تحرير جسده وإلى الشعور بالحرية الذي يمنحه الرقص، ويمكنك أن تتوقع العجب العجاب من أشخاص يرفضون الرقص ويرون أنه حرام، وكل من يقمع هذه الرغبة، فإنه معرض يوما ما لأن يتفاجأ بنفسه وهو يرقص، ثم وهو يفضح نفسه، ويستسلم لجسده ولرغباته الطبيعية. لقد تفاجأ البعض من بنكيران وهو يرقص، ونسوا أن الإنسان حيوان راقص. إن بنكيران، مثلنا جميعا، ومثل حكيمة ومثل نور، ولا علاقة لذلك بتوجه سياسي ولا بموقف من الرقص، ولن تندهشوا يوما إذا رأيتم الريسوني أو أفتاتي أو مولاي عمر بنحماد يرقصون، فهذا سلوك طبيعي ومرتبط بالفرح وبالرغبة وبالفوز بالانتخابات، فالمغاربة يقولون إن الشخص الذي يرقص لا يخبىء لحيته. لكن الفرق أن ليس كل إنسان فنان في الرقص. وليس أي امرأة حكيمة حكيمة لوحدها وصاحبة موقف وصاحبة مبدأ وإذا تكلمت أقنعت وإذا رقصت أفحمت وقد قالت مرة ما ذنبي أن جسدي مثير أنا معك يا حكيمة، لا ذنب لك بالمرة، إنه ذنب الذين لا يقدرونك ذنب الذين يفضلون رقصة بنكيران على رقصتك هؤلاء لا ذوق لهم يا حكيمة ولا يستلذون طعم التفاحة الحمراء في فمك حتى التمساح أسلم إليك قياده في الوقت الذي تعذر فيه ذلك على رئيس الحكومة وهذا هو سر الرقص، إنه يروض حتى الوحوش ويجعلهم طوع بنانك.