لا فرق أبدا بين لاعبي الكرة المغاربة وبين بعض الصحفيين والإسلاميين الذين يذهبون أفواجا إلى قطر. تخيلوا معي أحمد الريسوني يلعب في السد القطري . تخيلوه مهاجما محترفا. وتخيلوا ذلك الصحفي المستقل الذي يمدح الإماراتوقطر في نفس الوقت هل سبق أن رأيتم صاحب جريدة مغربية يكتب افتتاحية عن معرض سينظم في الإمارات . عجبي. تخيلوه في الخريطيات أو الخويا أو الغرافة. لنختر له فريقا لنضعه مثلا في الغرافة الغرافة فريق رائع ويلعب كرة حديثة. ولا بد أنه سيتألق هناك. تختلف طبعا أسماء أندية الكرة عن أسماء أندية الإسلاميين، وبدل أم صلال مثلا هناك ناد كبير في قطر اسمه اتحاد العالمي لعلماء المسلمين، يقوده المدرب الناجح والداعية والداهية يوسف القرضاوي، أين منه مورينيو وكابيلو، ويساعده أحمد الريسوني. لقد كان الريسوني مجرد لاعب في الاتحاد، أما الآن فهو مساعد مدرب. ويقولون إن المسؤولين في الدوحة يهيؤونه للإشراف على منتخب قطر. إنه مفخرة للكرة الإسلامية المغربية، وومثلتنا في هذه البطولة التي تجلب أبرز اللاعبين الإخوان في العالم. لقد صارت قطر مغناطيسا يجذب الصحفيين والسياسيين والإسلاميين وجنة للديمقراطية وللكرة ولحقوق الإنسان وستنظم كأس العالم. نعم ستنظم كأس العالم. المشكل أن اللاعبين الجيدين يذهبون إلى قطر من أجل الاعتزال، لقضاء سنة أو سنتين قبل نهاية المشوار، والعودة بعد ذلك بثروة محترمة، والحال أن صحفيينا يحترفون في قطر وهم في عز عطائهم. ذهب راوول مثلا إلى قطر بعد أن شبع كرة وألقابا، ولم يقل لأحد إن الغرافة أقوى من ريال مدريد. ذهب عموتة لأنها فرصة ذهبية وذهب حجي وكاد أن يخصوه ويتحول إلى عبد يشتغل في حريم أحد الأمراء ذهب وادو ومازال لحد الساعة مصدوما ويحتاج إلى علاج نفسي أما عند الريسوني والصحفي الذي يمدح في كل الاتجاهات ولا يفرق بين الإخوة والأعداء، فقطر جنة الديمقراطية ونصيرة الربيع العربي إنها دولة محترفة وعاصمتها أهم من باريس وواشنطن ولندن الحضارة والتقدم يأتيان في هذا العصر من قطر . يلعب فيها النجم الفلسطيني عزمي بشارة الذي كان يمدح بشار الأسد وصار اليوم يشتمه، لأنه اكتشف الفرق بين الهواية والاحتراف. ويلعب فيها مصريون تحولوا إلى مدافعين عن الشرعية لأن الاحتراف في قطر مهني. ويلعب فيها عرب تصنع لهم قطر جرائد في بلدانهم. لا تغرنكم الدول المسلمة الكبيرة لقد ارتكبت خطأ ولم تجرب الاحتراف ولا يمكن لأحمد الريسوني أن يذهب إلى السودان مثلا، إنها لم تخرج بعد من إسلام الهواية ولا يمكنه أن يذهب إلى أندونيسيا، فما هذا الإسلام الغريب والمشبوه والمخلوط بالصوفية والارتجال لا إسلام إلا إسلام قطر إنها كعبتنا الجدية إنها أرضنا المقدسة وحتى السعودية لم تنجح في تطبيق الاحتراف وبطولاتها لا شيء مقارنة بالبطولة القطرية. ويدعي الحاقدون أن هناك عبودية في قطر يموت النيباليون مثلما يقتل الذباب في قطر وما العيب في ذلك ما العيب في أن تقتل قطر الآسيويين
هذا غير مهم حسب الفقيه أحمد الريسوني إنها مسألة اختلاف ثقافي وخصوصية ولا يمكن انتقادها إنها ضريبة الاحتراف إنها دولة عظمى رغم أنها صغيرة فهي مؤثرة ومن حقها أن تستبعد من تشاء
ولا دولة مثل قطر يمكن أن يذهب إليها لاعب كرة من أجل جمع المال ليجد نفسه ممنوعا من مغادرتها فالدخول إلى قطر ليس مثل الخروج منها وليس سهلا أن تحترف بها اسألوا لاعبي الكرة واسألوا حجي ووادو اسألوا لاعبين فرنسيين وجدوا أنفسهم بلا جواز سفر وممنوعين من مغادرة الجنة اسألوا رئيس مراسلين بلا حدود السابق روبير مينار اسألوا الذي جاء بعده الهولندي يان كولن الذي طردوه شر طردة ومن حسن حظه أنهم لم يسجنوه اسألوا عن الصحفي الذي حكموا عليه بالإعدام اسألوا عن الشاعر القطري الذي ذهب ضحية قصيدة كلهم ذهبوا إلى قطر من أجل المال والمال طبعا جميل والناس جميعا يرغبون في الحصول عليه لكن من الأفضل أن تحصل عليه في قطر حين تشعر بأن مشوارك الاحترافي انتهى إنها دولة تصلح لإعلان الاعتزال ولا يمكن لعاقل أن يعتقد أنه يمكنك أن تقدم خدمة للديمقراطية أو لفلسطين أو لحقوق الإنسان من الدوحة أو الجزيرة فالحياة صعبة في قطر والحرارة مرتفعة والمجتمع يعيش في القرون الوسطى وأمريكا تسير كل شيء هناك، ويوما ما سيقبضون على عزمي بشارة، أو الريسوني، أو ذلك الصحفي المستقل، فلا شيء مضمون في قطر، وفي رمشة عين يمكنك أن تتحول من نجم أو مفكر أو عالم مقاصدي إلى عبد ممنوع من السفر. إلى عبد يستجدي عفو الأمير المعظم إنها ضريبة الاحتراف، في بلد كل شيء فيه يشترى بالمال، والذي اشترى زلاتان وتياغو سيلفا،لن يعجز عن شراء الإخوان المسلمين والصحافة. لذلك لا تستغربوا إنه موسم الحج إلى قطر. ونتمنى صادقين أن يكون حجهم مبرورا وسعيهم مشكورا.