في مفاجأة سيئة للغرفة الثانية للبرلمان، قام المجلس الدستوري، الذي يمارس مهام المحكمة الدستورية إلى حين تنصيبها، بتوجيه صفعة مدوية لمجلس المستشارين، وذلك عبر رفضه للنظام الداخلي المحال عليه جملة وتفصيلا، ورفض فحصه وتدقيق مواده. فقد اعتبر المجلس الدستوري، في قراره الأخير رقم 828، النظام الداخلي الذي صوت عليه مجلس المستشارين يوم 29 أكتوبر الأخير، مخالف في مجمله للدستور.
ورفض المجلس الدستوري فحص مواد ومقتضيات النظام الداخلي على اعتبار أن قيام مجلس المستشارين بتقديم المواد المعدلة دون تقديم النظام الداخلي برمته يعتبر عملية غير دستورية، خاصة وأن المواد التي لم يتم تبليغها للمحكمة الدستورية بلغ 83 مادة، وهذا الإجراء الذي أقدمت عليه الغرفة الثانية للبرلمان يعتبر تحايلا واضحا على الدستور، ويمنع المجلس الدستوري من فحصها وتدقيق مدى مطابقتها للدستور الجديد.
كما اعتبر بأن الفصل 69 من الدستور يلزم مجلسي البرلمان بوضع نظام داخلي جديد ومتكامل بناء على أحكام الدستور الجديد، وبالتالي لا يمكن فحص جزء من هذا النظام وبقاء جزء آخر غير خاضع لدستور 2011. وبناء على هذا القرار يوجد مجلس المستشارين في وضع لا يحسد عليه، فإلى جانب وضعه النشاز ومطالبة الجميع بحله، وبعد صراعه السياسي مع مجلس النواب، أصبح بدون نظام داخلي يسمح له بممارسة مهامه التشريعية والرقابية وفق الدستور الجديد.
وهو مطالب اليوم بإعادة صياغة نظام داخلي متكامل ومطابق للدستور الجديد، ثم التصويت عليه وعرضه على المجلس الدستوري لفحصه، وفي انتظار ذلك سيعرف تخبطا كبيرا في وظائفه وهياكله، وهي صفعة قاسية لرئاسة المجلس "ولخبرائه القانونيين" الذين اجتهدوا للتحايل على الدستور ولم يحيلوا 82 مادة أغلبها مخالف لدستور 2011، لعلمهم المسبق أن المجلس الدستوري سيرفضها كما رفض مثيلاتها بالنسبة لمجلس النواب السنة الماضية.