منذ سنوات والإسلاميون يصرخون الإسلام هو الحل، وفي الوقت الذي وصلوا فيه إلى السلطة لم يجدوا الحل بالمرة، واكتشفوا أن الإسلام يساعد فقط على النجاح في الانتخابات، وربما لهذا السبب لم يعد أحد منهم يرفع هذا الشعار، بعد أن أساؤوا إلى الدين ووظفوه في معترك السياسة. لقد اختفت رايتهم وهم في السلطة، ولم يعد الشعار رائجا ومغريا. غريب، من يكون قد فعل ذلك، وخبأه في مكان ما. والمثير أكثر في الأمر أن الإسلاميين ظهروا في كل الدول وصعدوا إلى السلطة في تونس ومصر والمغرب، واكتشفنا أنواعا كثيرة منهم، بينما لا أحد منهم مازال مصرا على القول إن الإسلام هو الحل.
يصلح الإسلام هو الحل في الحملات الانتخابية وفي المعارضة، أما في تدبير شؤون الدولة فهو يختفي، ولا يذكره أحد، ويتنكر له أصحابه الذين فازوا بفضل توظيفه. يبدو أن المسألة صارت تخجلهم، وسيأتي زمن سيقولون لنا فيه إن المشكلة ليست في الإسلام هو الحل، بل في تطبيقه، أي أن بنكيران ومرسي والغنوشي هم الذين لم يعرفوا كي يطبقوا الإسلام ولم يعثروا على الحل، وهي نفس الحكاية التي مازال يرددها الشيوعيون، الذين يؤمنون بأن انهيار الأنظمة الاشتراكية ليس بسبب الاشتراكية في حد ذاتها، بل في الأشخاص الذين تبنوها، ووصلوا إلى السلطة وحكموا وقمعوا وقتلوا باسمها.
كل الذين يمتلكون اقتناعا وإيمانا بأن الحل السياسي والاقتصادي والمجتمعي يوفره دين ما أو إيديولوجية ما، فإنهم بذلك يسيئون إلى دينهم وإيديولوجتهم، فالحلول نسبية وغير جاهزة وتتغير وتحتمل الخطأ والصواب وليست معدة ومرسومة بشكل قبلي، بينما الدين مطلق وأحكامه مطلقة، وتوظيفه في السياسية يعني تعريضه للخطأ ولأهواء الناس وصراعاتهم ومصالحهم.
لا يؤدي ادعاء امتلاك الحل والحقيقة إلا للاستبداد وحب السيطرة على كل من يختلف معك وإقصائه وتكفيره، كما حصل لتلك الطالبة والمناضلة الاتحادية في مدينة أكادير، التي هاجمها شخص واعتدى عليها، قبل أن يبلغها رسالته ويخبرها بأن الإسلام هو الحل.
المغاربة يريدون حلا لمشاكلهم، وكيفما كان هذا الحل، ولا يشترطون أي شيء، كل ما يرغبون فيه هو أن يعثروا على عمل، وعلى سكن لائق، وعلى تعليم جيد لأبنائهم، واحترام لكرامتهم، لقد جربوا كل الحلول دون نتيجة، وآخرها ذلك الحل الذي كان يبشرنا به الإخوان في حزب العدالة والتنمية، والذي يبدو أنهم ضيعوه ولم يعثروا له على أثر، وبعد أن تعبوا من البحث ولم يجدوه، صمتوا صمتا مطبقا ونسوا لازمتهم الشهيرة، وأصبح النوم بالنسبة إليهم في عسل الوزارات هو الحل، إلى حين اقتراب الانتخابات، كي ينفضوا الغبار عن شعاراتهم القديمة، وكي تعود للشعار والراية إياها راهنيتهما وقدرتهما الخارقة في جلب الأصوات.